Algérie

ما هي صعوبات التعلم ؟ أسبابها و علاجها ؟





- طبيعة عملية التعليم ومحكات التعليم الفعال .


إن التعليم عملية معقدة ، يدخل فيها المعلمون، والدارسون والمواد الدراسية – في تفاعل دينامى – ولقد فشلت دراسات كفاءة المعلم في تحقيق هوية نموذج واحد للتعليم الفعال. فمع أن نماذج تعليم معينة لاشك أفضل من غيرها، قد لا يوجد نوع واحد من التعليم الجيد يصلح في مكان بكافة مواقف التعليم، ولكافة المعلمين، ولجميع الدارسين.
فالتعليم هو " فن مساعدة الأخر علي أن يتعلم بما ينطوي ذلك من إمداد بالمعلومات وتصحيح المواقف والظروف والفعاليات من أجل تيسير عملية التعلم ".


وينطوي التعليم علي اختيار وتنظيم وتقديم وسائل التعلم، وإعطاء التعاليم أو المواد التعليمية ، وقياس النتائج المتحصلة ، وتشخيص الصعوبات والأخذ بالاحتياطات العلاجية . ( كمال دسوقي ، 1977 ،15)
إلا أن هناك شبه إجماع بين الباحثين والمربين على ثلاثة محكات أساسية للتعليم الفعال وهى :




أولا: نواتج التعلم :products :


ويشير إلى ما يتعلمه التلميذ ويكتسبه من خبرات نتيجة للنشاطات التعليمية المدرسية ، ويمكن الوقوف على الناتج التعليمي من خلال مقارنة أداء المتعلم قبل التعليم ، بأدائه بعد التعليم ، أي بالتغيرات المرغوب فيها والقابلة للقياس التي تطرأ على سلوكه ، والتي تتبدى في اكتساب القدرات المعرفية والميول والاتجاهات والقيم وكافة جوانب شخصية الطالب المتعلم . وقد أظهرت بعض الدراسات أثر المعلمين في تحصيل التلاميذ حيث تمكن تلاميذ بعض المعلمين، من إنجاز مستويات تحصيلية أعلى من المستويات التي أنجزها تلاميذ معلمين آخرين .




ثانيا: العملية التعليمية process :


ويشير لأنماط السلوك التفاعلي السائد أثناء العملية التعليمية ذاتها، والتي تنجم عادة من تفاعل أنماط السلوك التعليمي للمعلم مع أنماط السلوك التعليمي للتلميذ والتي يمارسها كل منهما داخل حجرة الدراسة. وتظهر الأنماط السلوكية للمعلم من خلال إدارة الموقف التعليمي كما تتمثل في الاستحواذ علي انتباه التلاميذ واستثارة دافعيتهم والطرق التي يستخدمها مع شرح المادة وتوجيه الأسئلة وإدارة الحوار والمناقشة مع التلاميذ وحفظ النظام داخل الفصل وفى تعزيز استجابات التلاميذ وتقويم أعمالهم ، أما الأنماط السلوكية للتلميذ فتتمثل في مدى مشاركته وإيجابياته في العملية التعليمية وقدرته على التركيز وبذل الجهد والمثابرة والقيام بالأنشطة وإجراء التجارب وإنجاز الأعمال والمهام الدراسية .


ثالثا: الخصائص المعرفية والشخصية للمعلم :


ويشير إلى الاستعدادات والقدرات والعوامل الشخصية التي يتسم بها المعلم والتي يمكن أن تساعد في التنبؤ بفعاليته التعليمية الحالية والمستقبلية ،كقدراته العقلية ، وسماته الشخصية ، وعدد سنوات تعلمه ، ومستواه التحصيلي ، وتفوقه الدراسي . ( محمد عبد المعطى ،2003 ،319).




معنى صعوبات التعلم - Learning Disabilities .


اضطراب في العمليات العقلية أو النفسية الأساسية التي تشمل الانتباه والإدراك وتكوين المفهوم والتذكر وحل المشكلة ، يظهر صداه في عدم القدرة على تعلم القراءة والكتابة والحساب ،وما يترتب عليه سواء في المدرسة الابتدائية أساسا أو فيما بعد من قصور في تعلم المواد الدراسية المختلفة . (نبيل حافظ ،2002 ، 3) .


ومن الملاحظ أن المدرسة الابتدائية تحوى بين جدرانها العديد من التلاميذ الذين لا يستفيدون بشكل مباشر من البرامج التعليمية والأنشطة التربوية التي تقدم لهم داخل الفصول ومن بين هؤلاء التلاميذ من يعانون من صعوبات التعلم ، مما يترتب عليه قلق الآباء والمربين والمهتمين بتربية وتعليم الأطفال، هؤلاء التلاميذ في حاجة إلى الرعاية والاهتمام بهم شأنهم في ذلك شأن زملائهم العاديين في الفصل الدراسي ( أحمد عواد،1995 ، 9 ) .



والملاحظ أن أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع بأن يتم تعليم هؤلاء الطلبة في الصفوف العادية، هو أنهم قد أخفقوا في إحراز تقدم أكاديميي ملموس في الصفوف الخاصة حتى عند تنفيذ برامج تطوير مهني مكثفة للقائمين على تعليمهم. ( Klinger& Vaughan,1999 )، ( جمال الخطيب ، 2004، 153 ) .


إلا أن القوالب الجامدة التي يصدرها معلم ما على تلميذ لها من المشاكل التي تعود على التلميذ بالسلب وتؤثر على توافقه بصفة عامة.

ومن عيوب الألقاب والتصنيفات ما يلي:-


1- الألقاب أو الصفات Labels تشكل توقعات المدرس ....تخيل ماذا يكون رد فعلك إذا أخبرك الناظر أن التلميذ الجديد في صفك متأخر عقلياً تأخراً خفيفاً ، ولقد برهنت الدراسات التي أجريت على توقعات المدرس أن ما يعتقده المدرسون عن قدرة التلميذ يتصل اتصالا مباشراً بتحصيله.


2- إن جميع التلاميذ لديهم سلوكيات مزعجة ، وأن الألقاب أو التصنيفات قد تضخم أفعال التلميذ الموسوم بصفة معينة ، وقد يبالغ المدرس في الاستجابة لسلوك الطفل المصنف والذي قد يتسامح معه ويتحمله من تلميذ أخر.


3- أن هذه الألقاب أو الصفات تؤسل رسالة واضحة بأن مشكلة التعلم مصدرها التلميذ وهذه الألقاب أو النعوت تميل إلى أن تلقى بستار من الغموض على أن التدريس والتعلم في جوهره طريق في اتجاهين . وبعض التلاميذ الذين يوضعون في فئة العجز الخفيف لا خطأ فيهم . إنما هم المتلقون غير المحظوظين لمدرس غير كفء.


4- إن هذه الصفات تحافظ على فكرة أن هؤلاء التلاميذ ذوى العجز الخفيف يختلفون اختلافا كيفيا عن الأطفال الآخرين وهذا ليس صحيحاً ، لأن التلاميذ ذوى العجز الخفيف يمرون بنفس مراحل النمو مثل أترابهم على الرغم من أن نموهم يكون أحيانا أبطأ.


5- قد يخلط المدرسون بين التلميذ وصفته أو عنوانه. والصفات قد تعكس فئات من العجز والفئات مجردة، وليست حقيقة واقعية ، والمفاهيم العامة بدرجة كافية تضم كثيرا من الأفراد المختلفين وحوالي مليونين تقريبا من أطفال المدارس يميزون على أن لديهم صعوبات تعلم ، ولكنهم كأفراد يختلف كل واحد منهم عن الأخر ، فأن المدرس الذي يعرف بعض خصائص هذه الفئة قد يعزو كل الخصائص المعروفة لكل طفل بهذه الصفة أو في هذه الفئة وهذا تعميم جامد ، والتعميمات الجامدة تعوق التلاميذ حين يسوغ المدرسون التحصيل المنخفض بالإحالة إلى خصائص الفئة مثال ذلك : المدرس الذي يفسر مشكلة تعليمية بأن يقول :" لا تستطيع في الواقع أن تتوقع أن تتذكر مارى كثيراً من الحقائق الرياضية لأنها متأخرة عقلياً خفيفاً ".


6- لا يتاح للتلاميذ ذوى العجز الخفيف خدمات التربية الخاصة ما لم يصنفوا وفى كثيرا من الحالات يجيء التدخل متأخرا جدا. والحاجة لتصيف التلاميذ قبل أن تجئ المساعدة يقلل من شأن المدخل الوقائي لمشكلات التعلم الخفيفة.


7- التصنيفات غير موثوق بها، والتقويم التربوي مليء بالمراوغات .


8- وكثيرا ما تلقى هذه الصفات باللوم على الوالدين . وفى كثير من الحالات يكون هذا غير مسوغ لأن التلاميذ قد يساء وصفهم وتشغيلهم .( مارتن هنلى وآخرين ترجمة جابر عبد الحميد ، 2001، 47 : 48 ) .


ويرى( سيد عثمان،1979 ،19 )أنه لمواجهة مشكلة صعوبات التعلم يقتضى الاهتمام المبكر بها عند بداية ظهورها حيث يكون تناولها وعلاجها أفضل وأيسر، ومحاولة مبكرة لتصحيح مسار تعلم التلميذ في بدايته بحيث تقل احتمالات تعرضه لصعوبات تالية. ففي دراسة قام بها "شيفمان ,Schiffman) 1962) على التلاميذ الذين يعانون من صعوبات تعلم في القراءة ، وجد أن التعرف عليهم وعلاجهم مباشرة في الصف الأول يؤدى إلي تحسنهم بنسبة تصل إلى 84%، بينما تنخفض هذه النسبة مباشرة عندما يعالج التلاميذ في الصف الثالث لتصل إلى 46 %، وتنخفض إلى 18% عندما يتم علاجه في الصف الخامس، وتهبط إلى 8% عندما يؤجل العلاج للصف السادس ( سيد عثمان،1979 ،19 ) .


ومن الملاحظ أن الدعوات قد توالت لتنفيذ برامج تدريبية قبل الخدمة وأثناء الخدمة لتعديل اتجاهات المعلمين وتطوير كفاياتهم التعليمية في تعليم ذوى الاحتياجات التربوية الخاصة الأهمية الخاصة.


وقد أكد بيان صادر بشأن المبادئ والسياسات والممارسات في تعليم ذوى الاحتياجات التربوية الخاصة الأهمية الخاصة لأعداد جميع المعلمين على نحو يجعلهم عاملاً رئيسياً من عوامل تعزيز فلسفة التربية للجميع والمدارس الجامعة .


وقد اقترح البيان جملة من الإجراءات فيما يتعلق بإعداد المعلمين ومنها :

1- التركيز في برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة على تطوير المواقف الايجابية من الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة.


2- التأكيد على أن المهارات والمعارف اللازمة لتعليم هؤلاء الأطفال هي ذاتها المهارات والمعارف المطلوبة للتعليم الجيد.


3- الاهتمام بمستوى كفاية المعلم في التعامل مع الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة عند منح شهادات مزاولة المهنة.


4- تنظيم الحلقات الدراسية وتوفير المواد المكتوبة للمديرين والمعلمين ذوى الخبرة الواسعة ليقوموا بدورهم في دعم وتدريب المعلمين الأقل خبرة.


5- تنفيذ برامج التدريب أثناء الخدمة المنظمة والفعالة لجميع المعلمين.


6- دمج برامج التدريب إعداد معلمي التربية الخاصة في برامج إعداد معلمي الصفوف العادية.


7- الابتعاد قدر الإمكان عن التدريب التصنيفي ( الموجه نحو فئة إعاقة بعينها ).


8- قيام الجامعات والمعاهد بإجراء البحوث وتنفيذ البرامج التدريبية التي تعزز من فرص تطبيق مبادئ التربية للجميع ، فضلاً عن إشراك المعوقين المؤهلين في النظم التعليمية ليكونوا نموذجاً يحتذى ومثلاً يقتدى به.




وللأسف فأن الدراسات التي نفذتها اليونسكو تشير إلى أن دولا قليلة العدد فقط تدخل عنصر التربية الخاصة في برامج تدريب المعلمين العاديين سواء قبل الخدمة أو أثناء الخدمة . وما يعنيه ذلك هو ضرورة تغيير الوضع القائم . وقد بادرت اليونسكو إلى تصميم برنامج تدريبي رئيسي تم تجريبه وجمع المعومات الأولية عنه ، ويستند إلى فلسفة واضحة تركز على أن الصعوبات التعليمية لا تكمن داخل الطالب ولكنها تنجم عن الظروف المدرسية أو تنعقد بسببها.



وقد أجريت عشرات الدراسات العلمية بهدف إلقاء الضوء على عملية التغيير التي تحدث ، حيث تشير إلى أن المعلمين وغيرهم تكون مشاعرهم سلبية في بداية الأمر إلا أن هذه المشاعر تختفي تدريجياً وتحل محلها مشاعر إيجابية وتوقعات واقعية . فقد وجد جيانجريكو وزملاؤه ( Gianfranco et al,1993) في دراسة تمثل أفراد عينتها من معلمين من مختلف المراحل الصفية من الروضة ، وحتى التاسع أن الاتجاهات والتوقعات تغيرت شيئا فشياً بمساعدة ودعم كوادر التربية الخاصة في بادئ الأمر بوصفهم عبئاً، أصبحوا لاحقاً يشعرون بأنهم جزء من الصف وأن العمل معهم ينطوي على إحساس كبير بالانجاز والعطاء.



كما توصلت ساليزبرى وزملاؤها (Salisbury et al , 1993) إلى النتيجة ذاتها . إلا أن التحديات التي تنجم عن وجود ذوى الاحتياجات الخاصة مع العاديين يمكن التصدي لها إذا أصبح معلم الصف العادي ماهراً وقادراً على التعامل معهم ( جمال الخطيب ، 2004 ، 281 : 287) .


وبالتالي يصبح من المهم بالنسبة للمعلم أن يعرف طبيعة صعوبات التعلم ، والأسباب التي يمكن أن تؤدى إليها ، وأساليب تقييمها وعلاجها . كما أن أولئك المعلمين الذين يعملون في الأساس مع طلاب يعانون من إعاقات أخرى كالاضطرابات الانفعالية أو السلوكية علي سبيل المثال يمكنهم أن يستفيدوا من معرفة صعوبات التعلم لأن مثل هؤلاء الطلاب غالبا ما يتسمون فيما يتعلق بالتعلم بسمات شبيهة مما يبدو عليه ذوو صعوبات التعلم . ويري كوفمان Kauffman,2005)) أن أحد الأساليب التي ينبغي أن تساعد في الحد من المشكلات السلوكية إنما تتمثل في تناول الأداء التعليمي الأكاديمي لأولئك الطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم .


وبالنسبة للمعلمين فإن أحد العوائد التي يحصلون عليها من وجود بعض التلاميذ المعوقين في الفصل ، إنما يتمثل في أنهم سيصبحون علي دراية بالبرامج التربوية الفردية ،فإن المعلمين يحتاجون إلى أن يقوموا بموائمة أساليب تدريسهم مع متطلبات ذلك البرنامج حتى يتمكن من تحقيق الأهداف المنشودة.
دراسة صعوبات التعلم تساعد علي فهم التعلم، كما أكد على ذلك دراسة ( جيربر ، 2000 ) على أن فهم التعليم العادي بمثابة مثير لذلك البحث الذي يكون من شأنه أن يعود بالفائدة ليس علي أولئك الذين يعانون من صعوبات التعلم ، ولكن على أقرانهم الذين لا يعانون من صعوبات تعلم أيضا .( دانيال هلالاهان وآخرين ترجمة عادل عبد الله ، 2007 ، 42 ، 43 ).




والله ولى التوفيق


Votre commentaire s'affichera sur cette page après validation par l'administrateur.
Ceci n'est en aucun cas un formulaire à l'adresse du sujet évoqué,
mais juste un espace d'opinion et d'échange d'idées dans le respect.
Nom & prénom
email : *
Ville *
Pays : *
Profession :
Message : *
(Les champs * sont obligatores)