لا شك أن الوزير الأول أويحيى، وهو يتحدث في برنامج ''حوار الساعة''، وقبل أن تلج رجلاه مبنى التلفزيون لتنشيط هذا البرنامج التلفزيوني الأسبوعي، لم ينس مداخلته الطويلة العريضة أمام نواب مجلس الأمة، مطلع شهر جانفي الماضي، وهو يقدم بيان السياسة العامة لحكومته... يومها بدا أويحيى واثقا من نفسه ومن عظمة وأهمية الإنجازات التي حققها، وهي إنجازات بدا وكأنها قد حررت الجزائر من كل مشاكلها وأمراضها وأدرانها... بعدها بأيام قليلة انفجر الشارع الجزائري في عشرين ولاية من ولايات الجمهورية، فاضحا ومسقطا تحت أقدام المحتجين كل ما قاله أويحيى الذي يكون قد شعر دون شك، في تلك الأيام العصيبة، بالندم على كل ما قاله.
شخصيا لم أكن أتصور أن الرجل سيقدم على تقديم استقالته بعد تلك الصورة التي أظهرته عليها انتفاضة الشارع، لأن فكرة الاستقالة معدومة في ثقافة المسؤولين الجزائريين حتى ولو احترق البلد عن آخره. لكن كنت أعتقد أن أويحيى لن يواجه مرة أخرى ولن يظهر ثانية أمام الرأي العام الجزائري، وسيتهرب من الحديث لأي وسيلة إعلامية ولو في الظروف الحالية على الأقل، بعد أن كذبه الواقع بتلك الانتفاضة الشعبية التي كادت تعصف بالبلد كله لولا لطف الله بالجزائر والجزائريين. لكن رغم كل ما حصل، ها هو أويحيى يعود للظهور مجددا ليخاطب الرأي العام الوطني وبنفس الأسلوب وبذات اللهجة. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أهم وأكبر وأخطر من كل هذا... سبق وأصدر أويحيى مرسوم إلزامية استعمال الصك أو الدفع الإلكتروني في كل التعاملات المالية التي يفوق حجمها الخمسمائة ألف دينار جزائري، ثم تراجع تحت ضغط جماعات مصالح حركت الشارع، مثلما قال.
وهو صاحب مشروع محاربة الأسواق الموازية التي تعج بها أحياء معظم المدن الجزائرية، لكن بعد الشروع في تنفيذ هذا الإجراء تم التراجع عنه خوفا من انفجار الأوضاع.
وفي عهده تم تبني قانون المحروقات الذي كان وراءه وزيره للمحروقات شكيب خليل، لكن بعد أقل من عام من تبنيه أسقطه رئيس الجمهورية الذي تبناه بقرار رئاسي.
وفي عهد أويحيى تم تجميد تنفيذ قرارات العدالة المتعلقة بالطرد من السكنات التي شغلها أصحابها بطرق غير قانونية، ودافع التراجع بطبيعة الحال كان الخوف من الشارع.
وفي عهده تم تجاوز وثيقة شهادة الميلاد المعروفة بـ''خ ,''12 بعد أن أقنعت السلطات العمومية الجزائريين بأنها الأداة الوحيدة لمحاربة آفة تزوير وثيقتي جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية.
أخيرا وليس آخرا... أويحيى هو صاحب تلك المراسلة التي وجهها إلى كل من قائدي الدرك الوطني والمدير العام للأمن الوطني، يطلب فيها منهما الإيعاز لمستخدميهما التخلي عن تطبيق قانون المرور إلى إشعار آخر.
بعد كل هذا، يجد أويحيى الشجاعة ويظهر على شاشة التلفزيون مخاطبا الجزائريين... مجيبا عن أسئلة الصحفيين... محللا تارة... ومبديا رأيه تارة أخرى بالرفض لهذه الفكرة وبقبول فكرة أخرى. فأمام أي نوع من البشر نحن؟
أمام شخصية لها كل هذه القدرات الخارقة على التلون والتبدل والتغير... هل بقي لأي كان أن ينفي عن الجزائر صفة بلد الأبطال؟
-
Votre commentaire
Votre commentaire s'affichera sur cette page après validation par l'administrateur.
Ceci n'est en aucun cas un formulaire à l'adresse du sujet évoqué,
mais juste un espace d'opinion et d'échange d'idées dans le respect.
Posté Le : 05/04/2011
Posté par : sofiane
Ecrit par : العربي زواق
Source : www.elkhabar.com