عين الرمانة المدينة "الصامتة تستغيث"

بلدية عين الرومانة ... المدينة الصّامتة ..تستغيث؟؟ نقص في بوادر التنمية ، البطالة ، الفقر ،الاصرار و التحدي ،... هي محاور اختارت طريقها لتقود الجزائر الجديدة باتجاه الطريق الولائي رقم 62 المؤدي الى منطقة عذراء تتربع على مساحة101 كيلومتر مربع، هي بلدية عين الرومانة ، المنبثقة عن التقسيم الاداري الاخير لسنة 1984. هذه الاخيرة تحتل المرتبة الثانية من حيث المساحة على مستوى ولاية البليدة، و تحتوي على كثافة سكانية معتبرة تبلغ 12483 ، هي منطقة بحاجة ماسّة الى اهتمام المسؤولين ، باعتبارها قطبا سياحيا يعد بالكثير للمدينة،كما تعتبر منطقة صناعية باحتوائها على تسع مؤسسات اقتصادية ، و لعل اهم ما يميزها هو الطابع الفلاحي الرعوي . تعكس المشاهد التي رصدناها و نحن نزور هذه المنطقة في يوم ممطر و بارد ،الهدوء و الرّتابة التي تميّز سكانها ، صفات نابعة من جمال و سحر طبيعة المنطقة لكونها فلاحية بالدرجة الاولى، على اعتبار عين الرومانة بلدية نموذجية في فلاحة القمح ، الجلبانة ، و اشجار الزيتون اما فيما يخص الزراعة فهي تتميز بالطماطم و الفاصولياء ، و في سياق ذي صلة ، يطالب السكان هناك بايلاء العناية الفائقة للفلاحين ، و تقديم كافة التسهيلات للاستفادة من الدعم الفلاحي لسد حاجياتهم، و اعطاء دفع حقيقي للتنمية الفلاحية. استغليت فرصة تواجدي هناك في الاقتراب من اهالي المنطقة ليأخذنا الحديث عن النقائص التي يعاني منها هؤلاء السكان ، بدءا من حالة الطرقات ، انعدام وسائل النقل و محطة لحفظ كرامة المسافرين على حد تعبيرهم ، نقص في عدد المدارس ، انعدام المرافق الترفيهية وغيرها من المشاكل التي تطبع حياتهم اليومية ، مطالبين في ذلك السلطات المعنية التكفل بالوضعية المزرية التي يعيشونها منذ فترة بعيدة ، بسبب التهميش و الاقصاء من خارطة الاستفادة من مشاريع تنموية . نساء عين الرومانة في الهامش و اطفال بارادة فولاذية ؟؟ اشتكت العديد من النساء الماكثات في البيت اللواتي لم يسعفهن الحظ في اتمام دراستهن او لم يحظين في الحصول على فرص عمل في منطقتهن للجزائر الجديدة عن استيائهن و تذمرهن للوضعية المزرية التي يعشنها بدءا من غياب المرافق الترفيهية و الثقافية التي من شانها تخفيف الملل ،و تنسيهن تعب و شقاء الايام التي يقضونها في البيوت، حيث عبّرن عن أملهن في فتح مركز لتعلم الخياطة و الحلاقة و الحلويات الشرقية على حد قولهن ، و ينسيهن الروتين اليومي الذي تتخبطن فيه بعد عجزهن عن مزاولة دراستهن الثانوية نظرا لبعد المسافة ، و رغبة بعض الاولياء بمقاطعة بناتهن الدراسة باعتبار التقاليد الجاهلة من جهة ،و خوفا عليهن من مخاطر الطريق التي تفرض على البنات المكوث بالبيت من جهة اخرى ، كون المنطقة لا تحتوي على ثانوية و بالتالي يضطر التلاميذ الى قطع مسافة معتبرة للالتحاق بصفوف الدراسة . فبالرغم من توفر البلدية على حافلات النقل المدرسي الا انها لاتكفي العدد الهائل للتلاميذ،و بذكر هؤلاء فانك تلمس فيهم للوهلة الاولى الارادة و حب التزود بالعلم، فلم تؤثر فيهم قساوة المعيشة بالسلب بل زادتهم اصرارا و مثابرة على بلوغ هدفهم المنشود و هو النجاح في الدراسة وتحقيق طموحاتهم الرامية الى تحسين وضعية بلدتهم .
برامج تحسين وضع البلدية .... القضاء على البنايات الهشة تحصي بلدية عين الرومانة العديد من البنايات الهشة و القديمة ، لذا عملت السلطات المحلية منذ 2002 التقليص منها عن طريق تخصيص اعانات بقيمة 70 مليون دينار ، لبناء مساكن لائقة . و للعلم استفادت بلدية عين الرومانة سنة 2008 من حصة تقدر ب 411 وحدة سكنية للبناء الريفي موزعة على مداشر و أحياء البلدية ، و التي تعد حصة قليلة بالنظر الى عدد الطلبات المودعة لدى لجنة الدائرة ،لذا تحرص السلطات المعنية الخروج للميدان و الوقوف على الحالات المحتاجة فعلا لمثل هاته الاعانات من جهة ،ومن جهة اخرى طالب السكان بمضاعفة حصص الاعانات الموجهة للسكن الريفي و التي اصبحت لا تلبي جميع الطلبات بعد توجه الكثير من السكان الى طلب هذا النوع من الاعانات للاستقرار في مناطقهم الاصلية بعد استتاب الوضع الامني و رغبة الكثيرين في هجر البيوت القصديرية ، و التي اضحت تشوه المنظر الجمالي للمنطقة ، حيث اعتبر سكان البلدية ، و هم في غالبيتهم من الفلاحين ، و الذين يشتغلون على فلاحة الارض و تربية المواشي ومنهم بدون عمل ، و غير قادرين على بناء مسكن لائق بامكانياتهم الخاصة ، حيث اصبح هؤلاء المواطنين و بالنظر الى غلاء المواد الاولية ، و كذا لقلة ذات اليد و عدم قدرة الكثير من العائلات على الايفاء بمتطلبات الحياة .

رحلة البحث عن قارورات غاز البوتان مستمرة الى حين؟؟؟؟تعرف البلدية وتيرة انجاز جد متقدمة فيما يخص برنامج تمديد شبكة الغاز الطبيعي على كامل ارجاء المنطقة ، و التي فاقت نسبة الاشغال بها 90 بالمائة ،و بالتالي ستنتهي في غضون الاشهر القليلة القادمة لهذه السنة2009 معانات السكان التي لازمتهم طيلة السنوات الفارطة ،في البحث عن قارورات غاز البوتان .
.. وداعا أزمة الماء؟؟ ولأن الماء هو عنصر الحياة، فان قطاع الري هو الاخر يعرف اهتماما من قبل السلطات المحلية ، فبعد النقائص التي عرفها هذا القطاع و المتمثلة في قدم شبكات المياه التي تعود فترة انجازها الى سنوات الخمسينيات ، حيث اصبحت غير صالحة في اغلب اجزائها ، كما ان عدد الخزانات أضحت غير كافية و لا توفر الطلب المتزايد للماء بالمقارنة مع الكثافة السكانية التي تعرفها المنطقة ، لذا حرصت البلدية على تجديد و توسيع شبكات المياه الصالحة للشرب في مختلف الاحياء، منها حي تلابلان و التي بلغت نسبة الانجاز بها 95 بالمائة ، بالاضافة الى تجديد و تحويل قناة المياه الصالحة للشرب من خزان تلاولمة الى حي الشهيد احمد محمود ، و الذي خصص له مبلغ مليارين و مائة مليون سنتيم ،و نسبة الاشغال به جد متقدمة حيث بلغت 99 بالمائة، كما توجد دراسة هي طور الانجاز تخص التقاط مياه الينابيع بواد يسمط و الماء لكحل و التي خصصت لها مبلغ 200 مليون. و اخيرا .... عقود ملكية لسكان حي النحاوة


تستعد السلطات المحلية لبلدية عين الرومانة ، في تسوية وضعية عائلات حي النحاوة التي تفتقر الى عقود ملكية منذ الحقبة الاستعمارية،فهي بصدد اعداد مخطط تجزئة، و اعطاء كل ساكن عقد ملكية ليتم فيما بعد تقديم اعانات ريفية تقدر ب 70 مليون دينار،للقضاء على البنايات الهشة التي فاقت ال 400 مسكنا و التي تشهد حالة اهتراء لقدمها ما عرّض الكثير منها للانهيار المفاجىء بمجرد سقوط الأمطار.كما سيستفيد هذا الحي من قاعة متعددة الخدمات هي طور الانجاز و مشاريع اخرى معتبرة من شانها بعث التنمية في هذا الحي ، هذا الأخير الذي يعد من أفقر الأحياء التي تضمها البلدية وأكثرها عزلة وتخلفا في النمو الاقتصادي والاجتماعي، بسبب ما يشهده من معاناة يومية رسمها غياب كل صور التقدم والتحضر، حيث لم ينعم هذا الحي بحياة العيش الكريم . وأول ما يلحظه الزائر لهذا الحي الفقير هو عزلته الكبيرة، حيث يقع في وسط سلسلة جبلية وعرة والذي يبعد عن مقر البلدية بحوالي 14 كلم، ولا يمكن الوصول إليه إلا بعد مدة زمنية طويلة وذلك بسبب صعوبة المسالك المؤدية إليه التي تعرف بطرقها الضيقة ، و التي تعود فترة إنجازها إلى الحقبة الاستعمارية اين كان فيها حي النحاوة محتشدا عسكريا يضم المئات من الجزائريين . كما يعرف الحي انعدام النشاط التجاري ، حيث لا يوجد سوى ثلاثة محلات تجارية بسيطة يمتهن أصحابها بيع بعض المواد الغذائية الضرورية تتوزع على المجمّعات، و وجود 10 محلات تندرج ضمن إطار مشروع 100 محل في كل بلدية لا تزال متوقفة، بسبب غياب المهنيين هناك الذي سخّر هذا المشروع خصّيصا لهم. لذا لم يطالب سكان المنطقة بها وظل هذا الأخير مجمّدا ينتظر إيجاد حلول أخرى. اضافة الى غياب المؤسسات التعليمية، حيث يتوفر الحي على ابتدائية صغيرة لا تكفي أبناءه، ما يدفع بحوالي200 تلميذ إلى قطع مسافة14 كلم للوصول إلى مقاعد دراستهم المتواجدة على مستوى بلدية موزاية أو حي الريحان . وما زاد من هذه المعاناة حدة هو مشكل نقص وقدم حظيرة وسائل النقل التي ينتظر فيها هؤلاء فترة قد تصل إلى الساعة ونصف ساعة، لذلك فهم يضطرون إلى الخروج من مقر سكناهم على الساعة الخامسة و النصف صباحا لضمان مقعد داخل حافلة مهترئة.

مشاريع طموحة تنتظر التجسيد تعتزم بلدية عين الرومانة خلق نشاط اقتصادي ، يعود بالنفع على المدينة والذي من شانه خلق حركة تنموية. ومن بين اهم المشاريع المقترحة هو مشروع تويوتا الذي يتربع على مساحة 40 هكتار في حي برج الامير عبد القادر، و في هذا الاطار ، افاد رئيس البلدية عبد النور قويدرعياد ، ان مديرية المصالح الفلاحية اعطت الرخصة ، لمشروع انجاز مركز وطني للتنمية و اللوجيستيكية ببلدية عين الرومانة لفائدة تويوتا ، الذي هو في انتظار موافقة اللجنة الوزارية المشتركة كون قطعة الارض خارج مخطط التهيئة و التعمير ، بعد مراجعة هذا المخطط لادخال القطعة لانجاز مشاريع مستقبلية،واضاف ذات المسؤول ، ان البلدية ابرمت اتفاقا مع شركة تويوتا ينص على خلق اكثر من250 يد عاملة و بالتالي ستحد من مشكل البطالة في المنطقة، كما اشترطت البلدية من وجوب تمركز المقرالاجتماعي بمنطقة عين الرومانة لتستفيد من الجباية المحلية، مشيرا ان البلدية و رغم احتوائها تسعة مؤسسات اقتصادية الا ان معظمها لا تدفع الجباية المحلية و ذلك لتمركزها في بلديات اخرى ، التي من شانها تغطية النقائص التي تعرفها هاته الاخيرة ببناء المرافق العمومية ، تهيئة الطرقات ،...و عن شباب المنطقة فانهم يعلّقون امالا على هذا المشروع الذي سيوفرلهم مناصب شغل و يساهم في ترقية المدينة و بعث نهضة تنموية بها ، لموقعها الاستراتيجي. السياحة رهان التنمية المستدامة ، و في سياق ذكرنا للموقع الاستراتيجي، وقفت الجزائر الجديدة على العطاء الرباني الذي امدّه الخالق لمنطقة الضاية المصنّفة ضمن الحظيرة الوطنية للشريعة، فهي تتميز بالتنوع البيئي وكذا احتوائها على حيوانات و نباتات نادرة ، ما جعلها قبلة للعديد من الأجانب علماء البيئة ومحبيها ، وعلى غرار طبيعتها الخلابة فهي تحتوي أيضا على أعلى بحيرة في افريقيا كلها،فالزائر لهذا المكان سيلاحظ الهدوء و الطمأنينة ، فهي منطقة وهبتها الطبيعة ثروة باطنية و اصبحت فضاءا للاستشفاء و الراحة ، لكن ما يعاب عليها عدم توفرها على بنايات و أماكن للاستجمام ، فهي في انتظار من يوليها اهتماما للاستثمار في مجال السياحة ، التي تعد احد الاقطاب و الفضاءات السياحية و الاقتصادية و التجارية ، ومن ثم خلق مصادر رزق الاف العائلات و تحسين ظروف معيشتهم و التقليص من حدة البطالة التي يعاني منها سكان المنطقة. و في انتظار تجسيد كل هذا ،غادرنا المنطقة على أمل العودة مرة أخرى لكن للوقوف على اهم ما انجزته هذه البلدية التي يأمل مسؤولها الأول أن تصبح مدينة نابضة بالحياة ، مصرا في مواصلة ما خططته البلدية لاخراج أهلها من التقوقع و العزلة التي لازمتهم سنين، بتحقيق المشاريع و البرامج التنموية بالرغم من قلة الامكانيات ، و للاشارة ، فان البلدية، بالرغم من تصنيفها ضمن البلديات الفقيرة الا انها استطاعت ان تحقق الاكتفاء الذاتي منذ خمس سنوات .