بنو سلامــة
ابتداء من تربع سلامة بن علي على إمارة بني يدللتـن ، أصبحت تاوغزوت تدعى قلعة ابن سلامة ، وأصبح أهلها ينتسبـون إليه ، فقيـل : بنو سلامة ، لأنه هو الذي (( استفحل أمره في قومه واختط القلعة تاوغزوت المنسوبة إليه وإلى بنيه )) (2) . أو على حد تعبير مبارك بن محمد الميلي هو الذي(( حصنها وتداول رئاستها بنوه من بعده فدعيت قلعة ابن سلامة ))(3) .
زعم بنو سلامة أنهم من العرب وأنهم دخلاء على بني توجين بمعنى أنهم ينتسبون إلى العرب إذ يرجع نسبهم إلى (( بني سليم بن منصور وجاء جدهم عيسى أو السلطان نازحا عن قومه لدم أصابه فيهم فخلطـه شيخ بني يدللتن من بني توجين بنفسه وكفل بنيه من بعده )) (4) .
تميزت أوضاع المغرب العربي في هذه الفترة بكثرة الفتن والاضطرابات حيث ضربت أطنابها حتى بين أفراد الأسرة الحاكمة الواحدة ، الأمر الذي لم يساعد على الاستقرار السياسي والاجتماعي. ولم يكن بنو سلامة في منآى عن هذه الأحداث التي عرفتها المنطقة ؛ إذ كمـ
ا يلاحظ أنه نادرا ما استقر الحكم لأحد السلاطين أو الحكام لفترة طويلة ، ولذلك نسجل تعاقــــب عدد كبير من الأمراء على سدة الحكم في فترات وجيزة قصيرة لعدة أسباب تأتي في مقدمتهـــا المؤامرات والدسائس التي عصفت بالكثير من حكام بني سلامة المتعاقبين على رئاسة قومهـم .
أول من تولى الحكم على بني سلامة هو سلامة بن علي بن نصر شيخ بني يدللتن عام
"647" وكان فحل قومه ، ففي عهده قويت شوكة بني سلامة واتسع نفوذهم وأصبح يحســـب لهم ألـف حساب ، ثم تولى الإمارة من بعده ابنه يغمراسن الذي وفق ولفترة قصيرة فـي رد هجمات بني عبد الواد بقيادة عثمان بن يغمراسن ، إلا أنه لم يصمد طويلا ؛ إذ قتل بضواحي تليوان أثناء مطاردته لعثمان وجاء على إثره أخوه محمد بن سلامة الذي انضوى تحت لــــواء بني عبد الواد عام" 717 " ، وعن هذا يقول ابن خلدون : (( ولما هلك سلامة بن علي قام بأمرهم من بعده يغمراسن بن سلامة على حين استغلظ بنوعبد الواد على بني توجين بعد مهلك محمد بن عبد القوي سلطانهم الأكبر فكان عثمان بن يغمراسن يتردد إلى بلادهم بالغزو ويطيــل فيها العبث . ونازل في بعض غزواته قلعتهم هذه وبها يغمراسن ، فامتنع عليه وخالفه يوســف بن يعقوب وبنو مدين إلى تلمسان فأجفل عن القلعة وسابق بني مرين إلى دار ملكه واتبعه يغمراسن بن سلامة مغيرا في أعقابه ، فكر إليه بالمكان المعروف بتليوان ودارت بينهما حرب هلك فيها يغمراسـن بن سلامة وقام بالأمر بعده أخوه محمد بن سلامة )) (5)
بعد مقتل يغمراسن واستيلاء أخيه محمد على الحكم ، فر أخوه سعد بن سلامة إلى المغــرب واستنجد بالسلطان يوسف بن يعقوب ، ولعل السبب في فراره يعود إلى الخوف من أخيـه محمد الذي انضم إلى بني عبد الواد ، وأصبح خاضعا لإرادتهم ، ولقد استجاب السلطان يوسف لرغبة سعد ومده بيد العون ومكنه من استرجاع الحكم ، وهذا بعد حصار مدينة تلمسان واستيلائه عليها ، فخشي عندئذ أخوه محمد على نفسه وغادر القلعة باتجاه جبل راشد واستقر هناك إلـى أن توفي السلطان يوسف واسترد بنوعبد الواد المغرب الأوسط وسيطروا عليه .
وعلى إثر وفاة أبي حمو ولي أبو تاشفين الذي عمد إلى عزل سعد وعين أخاه محمدا ، يقــول ابن خلدون : (( ولم يزل سعد بن علي على ولايته إلى أن هلك أبو حمو وولي أبو تاشفين فسخط سعدا وبعث عن أخيه محمد من جبل راشد فولاه ملكه ))(6) .
لم تتوقف الأحداث عند هذا الحد حيث استنجد سعد من جهته بالسلطان أبي الحسن الـذي شن حملة على تلمسان وحاصرها مدة طويلة (7) انهزم فيها أبو تاشفين وقتل فيها محمد بن سلامة واستعاد سعد ملكه ، وعلى إثر وفاته وهو في طريق العودة من الحج ولي السلطان أبو الحسن سليمان بن سعـد على بني يدللتـن والقلعة ، يقول ابن خلدون :(( ولحق سعد بالمغرب وجاء في جملة السلطان أبي الحسن ودخل أخوه محمد مع أبي تاشفين فانحصر بتلمسان ، وولي سعد بن سلامة مكانه ثم هلك محمد في بعض أيام الحصار وحروبه ، ولما انقرض أمر بني عبد الواد رغب سعد من السلطان تخلية سبيله لقضاء فرضـه ، فحج وهلك مرجعه من الحج في طريقه فولى السلطان أبو الحسن ابنه سليمان بن سعد على بني يدللتن والقلعـة ))(8) .
حاول سليمان الصمود أمام هجمات ونزمار بن عريف الذي (( طمع في التغلب على وطن بني يدللتـن ومانعه دونه سليمان هذا ، وبالغ في دفاعه إلى أن ملك السلطان أبو عنان بلاد المغــرب الأوسط ورعى لونزمار وابنه عريف حق انحياشهم إليه وهجرتهم إلى قومه ، فاقطع ونزمار بـن عريف القلعة وما إليها وجباية بني يدللتـن أجمع ، وألحق سليمان بن سعد بن سلامة فــي جنده إلى أن هلك السلطان وعاد الأمر لبني عبد الواد على يد أبي حمو الأخير ، فولى سليمــان على القلعـة وعلى قومه واستغلظ العرب عليه فاستراب سليمان هذا ونذر بالشر منه فألحـق بأولاد عريف ثم رجع الطاعة ، فتقبض عليه واغتاله وذهب دمـه هدرا ثم غلب العرب علـى عامة المغرب الأوسط واقطع القلعة وبني يدللتن لاولاد عريف استئلافا لهم )) (9) . وهذا فــي حدود سنة 753 كما يحدثنا مبارك بن محمد الميلي (( وفي سنة 753 ملكهم أبوعنان فألحـق مسعود بن أبي زيد وسليمان بن سعد بوجوه جنده ، وأفرد نصر بن عمر بأمر وانشريس وأقطع تاوغزوت ونزمار بن عريف )) (10)
-
Votre commentaire
Votre commentaire s'affichera sur cette page après validation par l'administrateur.
Ceci n'est en aucun cas un formulaire à l'adresse du sujet évoqué,
mais juste un espace d'opinion et d'échange d'idées dans le respect.
Posté Le : 08/01/2013
Posté par : benali212
Ecrit par : بن علي