تصنف بلدية فرنـدة ضمن المناطق ذات الطابع الفلاحي الرعوي ؛ إذ تقدر بها المساحة الصالحة للزراعة بـ 15793 هـ ، يقع الجزء الأكبر منها في الضاحية الجنوبية الغربية المعروفـة بسهول وادي التات ذات المردودية العالية في المواسم التي تجود فيها السماء بكمية معتبرة من الأمطار . وتتوزع الأجزاء المتبقية على جهات أخرى من تراب البلدية كتلك التي تقع بضواحـي سيدي عمر والمعروفة عند العامة بأراضي سرسو ، والمخرف شرق جنوب مدينة فرندة وأراضي امداغيس ومرول وبرشة المحاذية للطريق البلدي الرابط بين فرندة وبلدية سيدي بختي وسيدي علال .
تعد هذه المناطق من أخصب الأراضـي التي كانت ولا زالت المصدر الأساسي في اقتصاديات المنطقة ، غير أنها متفاوتة المردودية تبعا للمغياثية ، ومن هنا يبقى الإنتاج متذبذبا من موسم إلى آخر ، فقد تصل مردودية الهكتار الواحد في المواسم الممطرة إلى ما بين 60 و80 قنطـارا من الحبوب ، في حين قد لا يتعدى القنطار الواحد في المواسم الجافة كما هو الحال في السنوات الأخيرة التي تضررت فيها الجهة الغربية من الوطن بفعل الجفاف لدرجة أن اعتبرت مناطـــــق منكوبة ، الأمر الذي انعكس سلبا على الفلاحين ومربي المواشي .
تمتد سهول وادي التات التي تحتل أجزاء من بلدية عين الحديد من الجنوب الشرقي إلى الجنوب الغربي من تراب البلدية ، وفيها يتمركز عدد لا بأس به من سكان الأرياف لما تدره هذه السهول الخصبة من فوائد . تستغل معظم هذه الأراضي في الزراعات المعروفة بالاستراتيجيـــة وفي مقدمتها الحبوب بما فيها القمح اللين والصلب والشعير والخرطال وغيرها ، في حيـــن لا تحضى الحبوب الجافة مثل العدس ، الحمص ، الفصولياء والجلبان والفول وغيرها إلا باهتمام القليل من الفلاحين ، وخاصة في الآونة الأخيرة التي همشت فيها مثل هذه الزراعة .
يتخلل هذه السهول وادي التات الذي ينبع من منحدرات تاوغزوت ويصب في اتجاه الجنوب الغربي من أراضي وادي الأبطال من ولاية معسكر ؛ إلا أنه وبفعل الجفاف فقد تقلص منسوب مياهه بشكل كبير لدرجة الجفاف في موسم الصيف ، الأمر الذي كان له أثره الواضح علـى الفلاحة وتربية المواشي ؛ إذ وبخلاف ما كان عليه الأمر منذ سنوات فقد وجد الفلاحـون والمربون مشقة كبيرة فـي نقص المياه ، الأمر الذي دفع ببعض الميسرين منهم إلى حفر آبار لتعويض النقص والاعتماد عليها في توفير ما تحتاجه أنعامهم من المياه وسقي مساحات محدودة من الأراضي الزراعية ، وخاصة تلك المخصصة لبعض الخضروات والفواكه .
ومن خلال التجارب التي قام بها بعض هؤلاء ، فإن النتائج المسجلة في مردودية الخضـر والفواكه كانت جد إيجابية وخاصة في ما يتعلق بالبطاطا ، الطماطـم ، الجزر ، البصل ، القرعة وكذا الفول السوداني الذي فاقت مردوديته كل التوقعات ؛ إلا أن مثل هذه التجارب ولسوء الحظ
توقفت نظرا للمشاكل التي أعاقت الفلاحين وحالت دون تحقيق غاياتهم ؛ إذ تخلى هؤلاء عـــن أراضيهم واستغنوا عنها بالعمل في بعض المؤسسات التي أنشئت بمقر البلدية ، ذلـك أن وادي
التات الذي كان يجود بمياهه أصبح جافا ، لا أثر للحياة بـه ، إذ وبعد أن كان مصدر خير فــــي عهد قريب غدا في الأونة الأخيرة مصدر وباء بفعل المياه القذرة التي تصب فيه ولوثت مياهه ومع هذا لم يتورع البعض في الاعتماد عليها في سقي محاصيلهم فانجر عن ذلك ظهور بعض الأمراض الخطيرة التي أودت بحياة العديد من المواطنين في صائفة 1986 مثل حمى المستنقعات والكوليرا وغيـرهما .
وعليه أصبح وبأمر من السلطات المحلية السقي بمياه هذا الوادي محضورا ، وأمام هذا الوضع فلم يكن من خيار أمام الفلاحين إلا الهجرة نحو القرى والمدن ، فتضاعف بذلك عدد البطالين وعجزت هذه الأخيرة عن تلبية حاجيات الوافدين ، واستعصى على المسؤولين وفي غياب البرامج التنموية إيجاد الحلول لمثل هذه المشاكل التي تضاعفت على مر الأيام ، ويبقى الحل في نظر جل سكان المنطقة ـ إذا ما أريد لسهول وادي التات أن تستعيد دورها وأهميتها ـ في إنشاء سد بالمنطقة ، وهي الفكرة التي راودت السلطات الاستعمارية منذ استيلاء قواتها على الناحية ، إذ من المشاريع المبرمجة آنذاك كما تشير بعض الوثائق إنجاز سد ضخم جنوب غرب قرية تاوغزت لما تتوفر عليه الجهة من مقاييـس طبيعية تساعد على القيام بمثل هـــــذه المشاريع الهامة ، على أن يتم تموينه بمياه وادي خروف إلا أن المشروع بقي مجرد فكرة.
وبعد الاستقلال حاول المسؤولون المحليون على مستوى البلدية والدائرة والولاية إحياء هـذه الفكرة وطرحها من جديد على السلطات المركزية ، وقدم بشأنها ملف مفصل للوزارات المعنية التي قامت بمعاينة ميدانية استطلاعية للمنطقة وأعطت على إثرها موافقتها المبدئية علـى المشروع ، لأنها أدركت ما له من أهمية بالغة في إنعاش المنطقة فلاحيا واقتصاديا واجتماعيا ، لا يقل شأنا عـن المتيجة الكبرى في ضواحي العاصمة ، إذ عن طريقه ستتوسع المساحـات المسقية لتمس بلدية فرندة وجارتها عين الحديد وأجزاء من ولاية غليزان ومعسكر. وفي هذا توفير لمئات إن لم نقل الآلاف مـن مناصب الشغل ، يضاف إلى ذلك التنويع في المنتوجـت الفلاحية وفي مقدمتها الفواكه مثل التفاح الذي اشتهرت به المنطقة منذ زمان بعيد وهـــو ذو جودة رفيعة يكثر عليها الطلب داخل وخارج الولاية ، وتفاح ( صلاص ) معروف عند أهـل المنطقة .
تفاءل سكان المنطقة بهذا المشروع وعلقوا عليه آمالهم وآمال أبنائهم ، لأنهم يرون فيه خير مورد يمكن الاعتماد عليه في رفع الغبن والفقر والحرمان عن كافة أبناء الناحية ؛ لكن سرعان ما تبخر الحلم وعم التشاؤم واستولى اليأس والإحباط على الرؤوس والنفوس لأن طويت الأوراق وأغلق الملف وقضي الأمر وهيهات ما توعدون .
-
Votre commentaire
Votre commentaire s'affichera sur cette page après validation par l'administrateur.
Ceci n'est en aucun cas un formulaire à l'adresse du sujet évoqué,
mais juste un espace d'opinion et d'échange d'idées dans le respect.
Posté Le : 03/01/2013
Posté par : benali212
Ecrit par : بن علي