الجزائريون يستهلكونه لعلاج أمراض السرطان والمعدة والأعصاب
"إذا اختفت النحلة من مساحة الكرة الأرضية لن يعيش الإنسان أكثر من أربع سنوات.. لن يكون هناك تلقيح.. لا نبات.. لا حيوان.. وبالتالي فلا إنسان" هذا أغرب ما قاله أنشتاين عن النحل، ويؤكد هذا القول لمخترع القنبلة الذرية أهمية النحل ليس فقط بالنسبة للنبات بل لوجود الإنسانية ككل.
ويشير مربو النحل إلى أن للنحلة خمسة فوائد يتم استغلالها وتدر عليهم أرباحا لا بأس بها، فهي تنتج العسل، والغذاء الملكي، والشهد، وحبوب الطلع، والعبكر أو صمغ النحل، إلا أن ارتفاع أسعار العسل في الجزائر إلى مستويات قياسية تتراوح ما بين 1600 و3000 دينار للتر الواحد، يجعله في غير متناول المستهلك الذي يلجأ إليه للعلاج من بعض الأمراض بدل الاستهلاك اليومي كما هو الشأن في الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية.
أكثر من 20 نوعا من العسل في الجزائر
ينتشر في الجزائر ما بين 10 و12 نوع في الجزائر حسب النحال رابح فيلالي من قسنطينة، إلا أن هناك من يؤكد بأن هناك عدد أكبر من ذلك بكثير، ولكن أشهرها عسل الكاليتوس الذي ينصح به لأمراض المسالك الهوائية والتنفسية والروماتيزم، وعسل البرتقال المفيد للأنفلونزا والأوجاع المعوية، والذي لا يتجاوز ثمنه 1600 دينار للتر وهو أرخس أنواع العسل لتكلفته المحدودة، وعسل السدر، وعسل الجزر البري وعسل البرسيم الأبيض، وعسل الحلحال أو الخزامة، وعسل اللنج أو الفرولة البرية وعسل الجبل وعسل الغابة وعسل الزهور المتنوعة، والعسل الشوكي المفيد لأمراض الكبد والبواسير.
إلا أن نحالي الصحراء على ندرتهم أشاروا إلى أنهم ينتجون ثماني أنواع أخرى من العسل على غرار عسل الزعتر وعسل الشيح وعسل القرطوفة وأبو نافع واللبينة والحرمل والدرين بالأضافة إلى السدر، مما يرفع عدد أنواع العسل إلى أزيد من 20 نوعا.
عسل السدر الأغلى والأكثر طلبا
وتختلف أسعار العسل حسب نوعها ويتحدد نوع كل عسل حسب نوع الزهور التي والغطاء النباتي الذي تتواجد به خلايا النحل، ويعتبر عسل السدر من أغلى أنواع العسل وأشهرها حيث يصل سعر إلى 3000 دينار للتر، ويختلف مربو النحل عن سبب شهرته وغلائه في نفس الوقت مقارنة بأنواع أخرى، لكنهم يجمعون على أن انتشار نبات السدر أو "السدرة" أكثر في الصحراء مما يتطلب من مربي النحل نقل خلايا النحل إلى مسافات طويلة في مدينة الغرارة بغرداية للحصول على عسل السدر وهو ما يكلفهم مصاريف كثيرة خاصة النقل وكراء أراضي المزارعين والحقول والتي تتراوح ما بين 4 إلى 10 ملايين سنتيم لمدة شهر على الأقل، وهو ما يجعل هذا العسل "الصحراوي" مكلفا وغاليا، ومع ذلك يقبل عليه الجزائريون أكثر من غيره من الأنواع الأخرى.
لكن ما استغربناه أن نحالا من غرداية يبيعه بنفس الثمن رغم أنه لا يكلف كثيرا مقارنة بالنحالين في تيزي وزو والبليدة وتيبازة مثلا، مرجعا ذلك إلى أنه يعاني من تكاليف أخرى.
ويرجع أحد النحالين سبب غلاء عسل السدر إلى فوائده الكثيرة خاصة قدرته على تهدئة الأعصاب ومفيد للاضطرابات العصبية والكثير من الجزائريين معروفون بسرعة الغضب وانفلات الأعصاب مما يجعله خير علاج لهذه الحالات، كما ينصح به لمرضى السرطان مع الزنجبيل، فهو محفز للجهاز المناعي وغني بسكر العنب ولا يحتوي كثيرا على سكر القصب الذي يصعب هضمه.
إلا أن نحالين آخرين يربطون شهرته بعوامل خارجية ليست لها علاقة بفوائده الطبية، وأضافوا للمستقبل أن عسل السدر مشهور في السعودية التي تحسن تسويقه إعلاميا، كما أنه مذكور في القرآن الكريم "في سدر مخضود" الآية 28 من سورة الواقعة، كما ينصح به في الرقية الشرعية رغم أنه لا يوجد أي حديث شريف ينصح بعسل السدر على وجه التحديد في الرقية الشرعية.
"النحلة الصحراوية" مهددة بالانقراض
لحد الآن لم تشتهر مناطق الجنوب بتربية النحل إلا في حالات نادرة، ويرجع بعض النحالين ذلك إلى نقص الغطاء النباتي وقلة المياه وغياب ثقافة تربية النحل لدى سكان الجنوب ونقص الإمكانيات لديهم، إلا أن النحال مصطفى حمدي أوبالة من ولاية غرداية يعد من القلائل الذين يمتهنون تربية النحل في الجنوب، ويشير إلى أنه تكون نظريا وتطبيقيا في تربية النحل في معهد فلاحي بالجلفة وفي التعاونية الخاصة لتربية النحل في يسر ببومرداس، ثم اشترى عدة صناديق من النحل يضم كل صندوق ثلاث إطارات تحتوي على يرقات النحل، ويبلغ ثمن كل صندوق ألف دينار، حيث قام بتربيتها، والآن أصبح منتجا للعسل ومكونا للنحالين الشباب بل يبيع خلايا النحل إلى سكان المنطقة الذي يرغبون في امتهان تربية النحل.
وحول كيفية تعامله مع الطبيعة الصحراوية القاسية أوضح أومالة أنه يضطر إلى نقل المياه إلى الحقول والأماكن التي يضع فيها خلايا النحل، لكنه أشار إلى أن النحل الصحراوي يمكنه التكيف مع الطبيعة القاسية للمنطقة نضرا لمميزاته المتعددة حيث يستطيع أن يتنقل 15 كم في اليوم مقابل 3 كم للنحل العادي، كما أنه ينتج كمية أكبر من العسل وله حجم أكبر ولون مائل للصفرة.
وكشف أومالة أن النحل الصحراوي في طريقه للانقراض نظرا لاختلاطه بالنحل العادي الذي بدأ ينتشر في الجنوب بفضل مربي النحل الجدد، كما أن الاستفادة من هذا النوع من النحل يتطلب تدخل الدولة ولا يمكن للمرابين استغلاله في المرحلة الحالية، وذكر أن النحل الصحراوي ينتشر بصفة خاصة في الجنوب الغربي في نواحي بشار والبيض والنعامة.
وأوضح المتحدث للمستقبل أن العسل الصحراوي من أجود أنواع العسل في الجزائر نظرا لأن البيئة نظيفة مقارنة بالشمال، كما أن عسل السدر على سبيل المثال نقي بنسبة 95 على الأقل لأنه نظرا لقلة الغطاء النباتي في الصحراء فإن النحل لا يتغذى سوى من زهور السدر دون غيرها على عكس عسل البرتقال مثلا في الشمال فإن النحلة تتغذى من أنواع مختلفة من الزهور لكن ينسب العسل إلى البرتقال أو إلى الكاليتوس عندما تتجاوز نسبته 60 في المئة، لأنك لا تستطيع أن تتحكم في غذاء النحلة.
غذاء الملكة بثمانية ملايين سنتيم
يصل سعر اللتر الواحد من عسل الملكة أو ما يعرف بغذاء الملكة ثماني ملايين سنتيم في الوقت الذي لا يتجاوز اللتر الواحد من العسل العادي 300 ألف سنتيم، ومع ذلك يشتد الطلب على عسل الملكة خاصة من أمراء الخليج لأنه حسب بعض العارفين يطيل الحياة ويقوي الشباب ويبعد الشيخوخة، ويزيد في طاقة الجسم خاصة بالنسبة للمتزوجين.
وأكد حكيم أحفير الأخصائي في تربية النحل أهمية الغذاء الملكي في تقوية جسم الإنسان وإطالة العمر لأنه يمتلك خاصية "تجديد الخلايا الميتة في الجسم" ولإثبات ذلك أشار إلى أن "النحلة العادية لا تعيش أكثر من ثلاثة أسابيع في حين تعيش الملكة 6 سنوات"، معتبرا أن ذلك دليل على قدرة الغذاء الملكي في مقاومة الشيخوخة والهرم.
ويشبه الغذاء الملكي اللبن السميك أو المايوناز وهو ذو لون أبض مصفر وله رائحة قوية ومذاقه حامض وتفرزه النحلات العاملات الفتية من الغدد فوق البلعومية التي تفرز المواد البروتينية ومن الغدد الفكية التي تفرز المواد الدهنية، ويعرف بأنه غني بالفيتامينات والمعادن والأنزيمات والبروتينات والأحماض الأمينية.
ويفيد الغذاء الملكي حسب خبراء العسل في تجديد الشباب وتغذية وتقوية البشرة خاصة بالنسبة للسيدات، وهو مغذي ومفيد جدا للرياضيين ويحصن الجسم من جميع الأوبئة ويغني عن ألف دواء ويقوي الجهاز العصبي وينشط الذاكرة ويزيد القدرة الجنسية ويعالج العقم.
ونظرا لفوائده الكثيرة والنادرة فإن أحد مربي النحل بولاية البليدة يؤكد أن هناك طلب شديد على الغذاء الملكي رغم ارتفاع سعره، وأشار إلى أنه يمكنه التفريق بين النحلات العاملات والملكات منذ خروجها من بيضها وهي لازالت في شكل دودات من خلال طبيعة الغذاء الذي يقدم لها، لأن الغذاء الملكي لا يقدم إلا للملكات فقط.
التسويق أكبر مشكل يواجه النحالين
أعرب عدد من النحالين عن مخاوفهم من انفتاح الجزائر على الأسواق العالمية ومنافسة العسل الأجنبي للعسل المحلي على غرار عسل الشفاء القادم من السعودية أو عسل سان فرانسيسكو الأمريكي، خاصة أن أسعار العسل الأجنبي أقل ثمنا من العسل المحلي ووجه رابح فيلالي نحال من قسنطينة نداء إلى السلطات الجزائرية إلى تنظيم مهنة النحالين وإنشاء مخابر لتحديد الجودة والنوعية، مشيرا إلى وجود صعوبة في الفوز بثقة المستهلك الجزائري في المنتوج المحلي، معتبرا أنه لو وضع مخبر خاص بالعسل وتحديد معايير معينة للجودة لأمكن استعادة ثقة المستهلك الجزائري.
وأضاف فيلالي أن مشكل التسويق يطرح نفسه بقوة وإيصال المنتوج إلى المستهلك ليس بالأمر الهين خاصة أن الأسعار جد مرتفعة رغم أن الدولة تشجع الشباب على تمويل مشاريع لتربية النحل، موضحا أن ارتفاع الأسعار لا يشجع الجزائريين على استهلاك العسل إلا من أجل التداوي بدل الاستهلاك اليومي، أما النحال أومالة فيشير إلى أن قنينة عسل من 250 غ تباع في الجزائر بنحو 650 دينار في الوقت الذي لا يتجاوز العسل في بلدان أخرى 120 دينار، لكنه شدد على أن نوعية العسل الجزائري أفضل بكثير من العسل الأوروبي أو الأمريكي لأن هذا الأخير يأتي من حقول زهور يتم تقويتها بالأسمدة والمواد الكيماوية بينما يتغذى النحل في الجزائر من الطبيعة مباشرة.
أما بالنسبة للأسعار قال أومالة إن الدول المختصة في إنتاج العسل تلجأ إلى المساحات الكبرى للزهور التي يتغذى منها النحل، وتستغل الزهور في إنتاج العطور أما والباقي يستعمل غذاء للأبقار ولذلك فهناك ثلاث فوائد للمساحات الكبرى مما يجعل الأسعار أقل.
ومع ذلك يؤكد نحال غرداية بأنه يفكر لتصدير العسل إلى دول عربية، رغم اعترافه بأن الجزائر لم تحقق بعد الاكتفاء الذاتي من العسل وهو ما يعكسه ارتفاع أسعار العسل بمختلف أنواعه وأذواقه رغم أن عدد خلايا النحل بلغ في 2006 ما يقارب مليون صندوق (964 ألف خلية)، في حين يؤكد بعض مربي النحل أن العدد ارتفع حاليا إلى نحو 1.5 مليون خلية.
-
Votre commentaire
Votre commentaire s'affichera sur cette page après validation par l'administrateur.
Ceci n'est en aucun cas un formulaire à l'adresse du sujet évoqué,
mais juste un espace d'opinion et d'échange d'idées dans le respect.
Posté Le : 06/05/2019
Posté par : Mousara
Ecrit par : Gouvernement
Source : Internet