الجزائر تحتفل بعيد ثورتها وتتطلّع لغد أفضل
سبعون عاماً من المجد
ف. زينب
بحلول يوم الجمعة الفاتح من نوفمبر 2024 تكون سبعون عاما قد مرت على اندلاع ثورة نوفمبر.. تساوي سبعين عاما من المجد.. والوفاء لذكرى الشهداء كيف لا ونحن نتذكر كل نوفمبر بل وفي كل يوم يمر.. نتذكر قوافل المجاهدين الذين رفعوا راية الجهاد في سبيل الله أولا ومن أجل تحرير الوطن ثانيا ونتذكر ملايين الشهداء الذين سقوا بدمائهم الطاهرة أرض الجزائر..
وكيف ننسى رجالا لولا تضحياتهم المشهودة بإذن الله ما كنّا ننعم بالحرية والاستقلال والاستقرار.. إنهم رجال ونساء صدقوا ما عاهدوا الله عليه بعضهم استشهد في الحرب ضد المُستعمِر ومِنهم من كُتب له طول العمر ليرى بعينيه ثمار الجهاد ويشاهد الجزائر وهي تتحرّر..
اليوم بعد سبعين عاما من اندلاع إحدى أعظم ثورات العصر الحديث إن لم تكن الأعظم على الإطلاق نتوقف عند محطات مختلفة فيها مزيجٌ من عبق الذكرى والذاكرة وشيءٌ من مِسْكِ وصايا الشهداء وبعضٌ من البناء.. بناء جزائر جديدة تستلهم روح التشييد من الماضي التليد تحت شعار نوفمبر المجيد.. وفاء وتجديد وسط تطلعات لغد أفضل في جزائر جديدة يريدها الجزائريون منتصرة ومزدهرة.
هنا الجزائر..
هنا الجزائر.. الأرض المسقية بدماء الشهداء والغارقة في القِدم.. بلدٌ تنبض جغرافيتُه تاريخاً.. تاريخ يمتد إلى زمن بعيد جداً.. فحسب ما تشير إليه البقايا المكتشفة في تـيغنيف بالغرب الجزائري يعود تواجد الإنسان بالجزائر إلى حوالي نصف مليون سنة بينما أرّخت الرسوم الصخرية المتواجدة بالطاسيلي إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد أطلقت على السكان الأصليين للجزائر عدة أسماء أشهرها النوميديون ..
النوميديون.. الرحّالة والرجال الأحرار.. شعبٌ يأنف المذلة ويتنفس الحرية..
شعبٌ وقف بالمرصاد لمختلف حملات الغزو والاحتلال من الرومان والوِندال والبيزنطيين وصولا إلى الفرنسيين..
شعبٌ مسلمٌ وإلى العروبة ينتسب مثلما قال شيخ جمعية علماء الجزائر الأول العلامة عبد الحميد بن باديس الذي كان واحدا من أعضاء قائمة طويلة من الرجال والنساء الذين وضعوا بصمتهم في كتاب التاريخ الجزائري..
وانطلاقا من سنة 647 للميلاد التي شهدت الفتح الإسلامي للمنطقة ومنذ وصول عقبة بن نافع.. عاشت الجزائر في كنف مراحل مختلفة صعوداً وهبوطاً إلى غاية وصول الفرنسيين وتدنيسهم هذه الأرض الطيبة بواحدة من أبشع صور الاستدمار الغاشم..
همجية استعمار وانتفاضة ثوار أحرار
.. ولأن الجزائريين لا يرضون بمذلة احتلال صليبي غاشم فقد هبّوا إلى الانتفاضة في وجه الكيان الاستدماري الفرنسي..
وبعد سلسلة من الثورات الشعبية هنا وهناك آن أوان إطلاق الثورة الكبرى..
ثورة تحرير جاءت تتويجا لمسار طويل من المقاومة الشعبية السياسية والمسلحة ضد الاحتلال الفرنسي للبلاد بداية بمقاومة الأمير عبد القادر ثم مقاومة أحمد باي مرورا بمقاومة الزعاطشة ولالّة فاطمة نسومر والشريف بوبغلة.. وصولا إلى مقاومتي الشيخ المقراني والشيخ بوعمامة. إلى جانب حركات شعبية أخرى وبالموازاة تشكّلت ملامح الحركة الوطنية في ثلاثينيات القرن الماضي مع حركة نجم شمال أفريقيا التي تأسست سنة 1926 في باريس بقيادة مصالي الحاج قبل أن تتحول سنة 1937 إلى حزب الشعب الجزائري ثم إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1946 قبل أن تشهد البلاد ميلاد جبهة لتحريرِها من خلال ثورة عارمة.
ثورة انطلقت شرارتها الأولى في الأول من نوفمبر 1954 بعد 124 سنة من استعمار فرنسا للجزائر سنة 1830 وانتهت بإعلان الاستقلال في الخامس من جويلية 1962 لتتوّج بذلك سبع سنوات مجيدات من الكفاح المسلح الذي أسفر عن استشهاد ملايين الجزائريين.
قبل تاريخ انطلاق ثورة التحرير بـ4 أشهر التقى 22 فردا من شباب الحركة الوطنية في منزل بأعالي العاصمة الجزائرية ليطرحوا فكرة الحل العسكري كبديل لما اعتبروه فشلا في المسار السياسي السلمي داخل الحركة الوطنية.
إثر هذا الاجتماع -الذي ترأسه مصطفى بن بولعيد- انبثق قرار تعيين مجموعة مصغرة للقيام بالتحضيرات النهائية لإطلاق الثورة ليكون تاريخ 23 أكتوبر 1954 موعدا للقاء مجموعة الستة (محمد بوضياف مصطفى بن بولعيد العربي بن مهيدي مراد ديدوش رابح بيطاط وكريم بلقاسم) الذين اختاروا اسم جبهة التحرير الوطني لمنظمة تحرّرية تعمل على استقلال البلاد على أن يكون الأول من نوفمبر 1954 على الساعة الصفر موعدا لبداية الثورة.
ثورة الأبرار.. ورضوخ الاستدمار
بتعداد 1200 منخرط في الثورة وبما يقارب 400 قطعة سلاح أطلقت أول رصاصة من جبال الأوراس شرق الجزائر في الموعد المحدد وتواترت العمليات المسلحة في مناطق مختلفة من البلاد مع توزيع المنشورات باللغتين العربية والفرنسية وأحصت الإدارة الاستعمارية ليلتها 30 حادثا أخطرها في مناطق الأوراس القبائل العاصمة الشمال القسنطيني ووهران غربا .
ورغم الآلة الاستدمارية الوجشية واصل الجزائريون ثورتهم التي تمددت عبر الوطني ومن أبرز محطاتها كانت هجمات أوت بالشمال القسنطيني والتي أسهمت في تدويل القضية الجزائرية من خلال حمل الجمعية العامة للأمم المتحدة على تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال دورة 1955.
وجاء مؤتمر الصومام في 20 أوت سنة 1956 ليعيد ترتيب بيت الثورة بعد تضييق الجيش الفرنسي على أهم منافذها في منطقة الشرق الجزائري. وبتوصية من المؤتمر تم تقسيم البلاد إلى 6 ولايات تتوزع بدورها إلى مناطق وكل منطقة على نواح وكل ناحية إلى قسمات تعمل وفق أوامر وتعليمات قيادة الثورة.
وتدريجيا أدخلت جبهة التحرير أساليب جديدة في التعامل مع التضييق الفرنسي على عناصرها في المناطق الجبلية من خلال انتهاج حرب العصابات والضربات الفردية في المدن الكبرى على غرار الجزائر العاصمة التي شهدت بداية من سنة 1957 ضربات مركزة على الأهداف الفرنسية في سياق ما عُرف بـ معركة الجزائر ثم جاء إضراب شامل من (28 جانفي إلى 4 فيفري 1957) دعت إليه قيادة الثورة ولاقى تفاعلا كبيرا من أفراد الشعب.
وفي أعقاب هذا التأثير الكبير الذي أحدثته حرب التحرير على السلطات الفرنسية في القرى والمدن جاء خطاب الرئيس شارل ديغول في 4 جوان 1958 بالجزائر والذي دعا فيه قادة جبهة التحرير علنا إلى المصالحة.
ونجم عن هذا الرضوخ الفرنسي الإعلان في القاهرة عن تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بتاريخ 19 سبتمبر 1958.
هذه الخطوة السياسية لم تمنع السلطات الفرنسية من تمديد عُمر حرب الإبادة التي شنتها ضد الشعب الجزائري 4 سنوات أخرى قبل الجلوس على طاولة المفاوضات والتوقيع على اتفاقيات إيفيان في سويسرا مع قادة جبهة التحرير بتاريخ 18 مارس 1962 لتنطلق أفراح الاستقلال في الخامس من جويلية 1962 ولتبدأ الجزائر فصلا جديدا من تاريخِها المجيد.
وزارة الدفاع تعزز قنواتها الاتصالية في سبعينية الثورة
أعلنت وزارة الدفاع الوطني عن تعزيز قنواتها الاتصالية الرسمية عبر منصات التواصل الاجتماعي بداية من الفاتح نوفمبر 2024 بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة حسب ما أفاد به أمس الأربعاء بيان للوزارة.
وجاء في البيان بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى السبعين (70) لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة تعلم وزارة الدفاع الوطني عن تعزيز قنواتها الاتصالية الرسمية عبر منصات التواصل الاجتماعي باستحداث قنوات رسمية عبر منصة إكس اليوتيوب و تيك توك ابتداء من الفاتح من نوفمبر 2024 .
وأضاف البيان أن هذا المسعى يندرج في إطار مواكبة التطورات التكنولوجية في مجال الاتصال وبما يعزز الإستراتيجية الاتصالية الشاملة لوزارة الدفاع الوطني الهادفة إلى إطلاع وتنوير الرأي العام الوطني والدولي بنشاطات المؤسسة العسكرية وكذا المستجدات الحاصلة في مجال الدفاع الوطني عبر قنوات رسمية .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2024
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum.dz/ar/index.php