قبيلة كتامة من القبائل الامازيغية عرفت من قبل الرومان باسم أوكتامنوروم ومن قبل البيزنطيين باسم أوكتوماني، لقد كان لها في العصور الوسطى 909م - 1171م دور حاسم في تاريخ العالم الإسلامي حيث ساهمت بعد دعوة أبي عبد لله الشيعي و الأمير عبيد الله المهدي في تأسيس الدولة الفاطمية وشارك افرادها في فتوحاتها في المغرب الإسلامي ومصر والشام والحجاز فكان الخلفاء الفاطميين يعتمدون في أغلب جيوشهم على أفراد قبيلة كتامة إلى أن أصبحوا فيما بعد ذلك عصبة الحكام الفاطميين وأصحاب دولتهم و حسب ابن خلدون فإن قبيلة كتامة واحدة من أهم بطون البرانس من قبائل الأمازيغ كما يعرفون تاريخيا و تنحدر هذه القبيلة من منطقة القبائل و ماجاورها فيما يعرف بقبائل الحضرة ونطاقها يشمل المنطقة الشرقية من الجزائر الحالية وحسب المؤرخين فإن قبيلة كتامة تفرعـت إلى فرعين رئيسيين هما : غرسن و يسودة ، ومنهما تناسلت كل بطون كتامة المعروفين عند المؤرخين ، وعلى هذا الرأي فهم عناصر محلية أصيلة ، وقد ارتبطوا بهذه البلاد وعرفوا على أديمها منذ فجر التاريخ .
فيما يرى النسابة العرب والمسلمين أن قبائل البرانس الأمازيغية هم أبناء برنس بن بر بن مازيغ بن أمور بن كنعان بن سام ، ومن ثم حسب ابن خلدون فإنهم يلتقون مع الفلسطينيين الكنعانيين في النسب والأصل.
و في التاريخ القديم تدخل منطقة كتامة ضمن إقليم نوميديا القديمة، و في ظل الاحتلال الروماني ألحقت بموريتانيا السطيفية التي مركزها سطيف، و يمتد إقليم كتامة على كامل المنطقـة الواقعة شمـالا مـا بين بجايـة إلى غايـة دلـس غربا وعنابة شرقا، إلى حدود الحضنة والأوراس من ناحية الجنوب والجنوب الشرقي، وقالمة وسوق أهراس شرقا، ولهم مواطن معروفة في مجال هذه المنطقة منها الحواضر الكبرى المعروفة اليوم مثل : قالمة، سوق أهراس القالة، عنابة ، سكيكدة، القل، جيجل ،قسنطينة ،ميلة ،سطيف ،و الحواضر الصغيرة الموجودة بنواحي الأوراس، ولهم مواطن أخرى ذكرت في المصادر التاريخية مثل إقجان أو إكجان بنواحي بني عزيز بولاية سطيف، وهي مركز الدعوة الفاطمية، و بلزمة، وباغايا و غيره و تشتهر كتامة بعراقة أصولها الأمازيغية، ونقاء جذورها وأعراقها، وكثافة فروعها، وكثرة مجالاتها الترابية في جميع مناطق الشمال الافريقي، ابتداء من المغرب الأقصى الى مصر في الشرق حيث توجد في جل بلدان هذه الدول.
وقد كان دورهم حاسما في تأسيس الدولة الفاطمية فكانوا حماتها وجنودها وأصحاب دولتها وقد شارك عـدد كبـير منهم ضمن جيش جوهر الصقلي قائـد الحملـة الفاطميـة علـى مصر ، لكنهم تمكنـوا من دخـول الفسطاط بعـد محـاولات عديدة ، يـوم السـبت 17 شعبان عـام 358 هـ - 969م ، وشاركوا في تأسيس مدينـة القاهرة ، وقد خصص لهم بجـوار القاهـرة مكانـا يتمركزون فيه وظلوا قوة عسكرية هامة في خدمة الخلافة الفاطمية وقد قادوا حملات ضد العباسيين حتى بلغوا دمشق ، ولا تزال كل من القاهرة و دمشق على التـوالي تحتفـظ لهـم بحـواري تسمـى باسمهـم حي الكتاميين بالقاهرة وحارة المغاربة بدمشق وكلمة مغاربة تخص كل سكان دول غرب شمال أفريقيا.
ميلة امازيغية بامتياز
كانت ولاية ميلة كبقية الحواضر الأخرى موطن لعدة قبائل بربرية سكنت المنطقة و من أهمها قبيلة مزالة التي سميت باسمها بلدية فج مزالة المختلطة حين تم انشائها في سنة 1880
كما تمركزت قبيلة الزواغة عبر الاقليم الشمالي لولاية ميلة و الذي يضم بلديات الشيقارة و باينان و سيدي مروان و اراس و تسالة و هي منحدرة من قبيلة كتامة البربرية بالإضافة لقبيلة أولاد كباب ببلدية بوحاتم و التي لعبت هي الاخرى دورا هاما في مختلف الحقب التاريخية و خاصة أثناء أحمد باي مقاومة بقسنطينة و تذكر المصادر التاريخية أنها كانت آخر قبيلة تحدثت اللغة الامازيغية و فقد أهلها الحديث بها إلا في سنة 1863 و من جنوب الولاية ظهرت قبيلتين معروفتين لحد الساعة و هما قبيلة أولاد عبد النور و قبيلة التلاغمة و لا تزال عدة شواهد قائمة في عدة مناطق من الولاية تبرز و تؤكد امازيغية ميلة و ما تزخر به من معالم و اسماء و اماكن لازالت تشهد على امازيغية المنطقة بامتياز .
و قد ذكر المؤرخون أن قبيلة كتامة كانت أشد القبائل بأسا ودفاعـا عن أقاليمها وقد قاومت على الدوام كل محاولات الغزو والاحتلال الأجنبي لا سيما الروماني الوندالي والبيزنطـي وحتى الفتح الإسلامي العربي في بداية الأمرو لعبت عدة قبائل منها دور هام اثناء مقاومة احمد باي لقسنطينة سنتي 1836 و 1837 و كذا مشاركة مختلف هذه القبائل في ثورة الزواغة و فرجيوة لعام 1864 و ثورة المقراني لعام 1871 .
اسماء و شواهد امازيغية بالمنطقة :
تنتشر عبر ولاية ميلة عدة أسماء بربرية سواء كانت لبلديات كبلدية تبرقنت والذي يعود أصلها تافركنت باللغة الامازيغية و معناه التربة السوداء و أسماء لمناطقو مداشر و منها اكديان ، ايرمان ببلدية تسدان حدادة و اقارو و تيزي مان – بويغيال- بوحليم – تامولة- تومسالت – توالشت وتفزة ببلدية مينار زارزة و تامدة ببلدية أحمد راشدي و تامطمورت ، تيغراسان و ايلمام ببلدية تسالة لمطاعي وتصافت ، بوغرداين، بويلف ،تغليسة و ملال ببلدية اعميرة اراس و ازلاف ببلدية عين البيضاء احريش و تاراست و بني وكدن ببلدية فرجيوة و دوارتيمطلاس ببلدية المشيرة واد املو ببلدية الرواشد .
تقاليد زالت و لم يبق منها الا الشيء القليل :
لقد فقد سكان ولاية ميلة أغلب تقاليدهم الامازيغية التي كانوا يمارسونها في الماضي حيث كانوا يحتفلون بقدوم السنة الامازيغية بتحضير مختلف الاكلات كالكسكسي و الشخشوخة بلحم الدجاج و البيض و كانوا يقيمون أيضا مآدب جماعية يتقاسمون من خلالها مختلف الاطباق و الاكلات التي تم تحضيرها و لازالت بعض المناطق من ولاية ميلة تحتفل بهذا اليوم و خاصة بمنطقة فرجيوة ، التلاغمة و بوحاتم و تاجنانت و المشيرة غير أن ذلك يقتصر على بعض العائلات التي حافظت على تقاليدها الامازيغية.
وقد بذأ مؤخرا الاهتمام بالاحتفال بهذا اليوم خاصة بعد ترسيم اللغة الامازيغية كلغة وطنية و هذا ما جعل العديد من الجهات الثقافية تولي عنايتها لإحياء هذا الموروث الثقافي الهام الذي يدخل ضمن ثوابتنا الوطنية غير أن هذا لا يكف حسب العديد من المهتمين بالتراث الثفافي فعلى الجمعيات أن تعمل على غرس هذه العادات و التعريف بها خاصة لذى الشباب .
تاريخ الإضافة : 28/06/2019
مضاف من طرف : ToutEstLa
المصدر : جريدة السلام