الحاج عبد الرحمان القنيــــــعي
مؤسس دار الصدقات بالجزائر
مساهمة الأستاذ/ الحسين يختار
مهتم بالتراث الإسلامي ــ مستغانم
الشيخ أو الحاج عبد الرحمان القنيعي واحد من رجالات الجود والكرم بالجزائر ومفاخرها الأسخياء ،حل بقصبة الجزائر مطلع القرن التاسع عشر للميلاد و هو حدث صغير قادما إليها من بني قنيع إحدى قرى الأطلس البليدي ،حذق التجارة وامتهن الحرف في ريعان شبابه حتى نافس تجار القصبة في الحبوب والملابس والجلود والدباغة ، وقاربت ثروة أمواله المليون فرنك فرنسي عند وفاته فيما يذكر مترجموه ،أدرك حكم الدايات العثمانيين بالجزائر وصدم كغيره من الوطنيين الجزائريين بدخول الإحتلال الفرنسي مصحوبا بالحملات الصليبية الحاقدة والعابثة بالتراث والمقدسات على السواء ،فقد لاحظ بمرارة أيادي التدمير الصليبي تمتد إلى المساجد لتحولها إلى كنائس أو مخازن وملحقات لجيوش الإحتلال ، كما لاحظ انتشار الفقر وتفشي الحرمان بين أبناء وطنه نتيجة مصادرة المستعمر للأحباس والإستيلاء على ريوعها وتأثر لذلك غاية التأثير فرأى أنه لن يروق له العيش ولاتقر له عينه إلا إذا سخر نفسه وجميع مايملك لخدمة الفقراء والمعوزين فقرر التنازل على ثروته وأملاكه وفاجأ القاضي والحضور بمحكمة الجزائر عام 1861 م وأشهدهم بأنه حبس جميع مايملك من العقارات والمنقولات وحتى ملابسه والأواني وكل ماسيملكه مستقبلا لصالح فقراء العاصمة والجزائر ومكفوفيها ومعوزيها وطلبة القرأن بسيدي عبد الرحمان والجامع الأعظم وجامع البليدة، وسدا لكل ذريعة قد تؤدي إلى التلاعب بأملاكه المحبسة أوصرفها إلى غير الجهة التي حبست من أجلها ،رسم القنيعي أحباسها من خلال عقد الوقف المحرر عام 1866م وأوكل حماية الأحباس ورعايتها إلى القاضي والمفتي المالكييين وأوصى بأن لاأحد يتصرف في أحباسه سوى هذين الشخصين
توفي الحاج القنيعي في التاسع من جانفي عام1868م بالبليدة ودفن رحمه الله بجوار ضريح سيدي أحمد الكبير تنفيذا لوصيته ،وقدرت أحباسه يوم مماته ماقيمته خمسين ألف فرنك فرنسي ، وقد تنوعت بين عقار و منقول، إلا أن أبرز ماوجد في تركاته من الأحباس دار الصدقات أو دار الفقراء الكائنة بناحية قريبة من مسجد كتشاوة المطلة على الشارع الذي أخذ إسمه فيمابعد.
شدت دار الصدقات إهتمام الكتاب والباحثين الجزائريين والأجانب ونالت من إسهاماتهم رغم تحويل وجهتا من طرف سلطات الإحتلال الفرنسي إلى المكتب الخيري الإسلامي ، فقد خصصت المجلة الإفريقية الصادرة عام1900 م فصلا عن هذه الدار وتحدثت عن مؤسسها ، كما تطرقت أسبوعية صدى الجزائر خلال أعوام 1936ــــ1937 ــ1938 إلى حياة الشيخ القنيعي وأشادت بخصاله وأعتبرته رمزا للمساهمات الخيرية بالجزائر
وفي محاولة منهم لإحياء مؤسسة القناعي ورد الإعتبار لها بإرجاعها إلى طابعها الأصلي المنصوص عليه في عقود الوقف ، اجتمع أعضاء المكتب الخيري الإسلامي لهذا الغرض بصفة سرية تحت إشراف الدكتور تامزالت بتاريخ 23مارس 1945 وقرر الحضور إعادة التسمية الأصلية ( دار الصدقات) أو ( دار الأحباس) تنفيذا لرغبة الشيخ القنيعي مع بعث الدور الوقفي لأملاك المحبس المذكور ، إلا أن المصالح الإدارية الإستعمارية سارعت إلى إجهاض الفكرة والقضاء عليها في مهدها فور بلوغها الخبر ، وسعت إلى عرقلة تكريسها واستمر الحال على ذلك إلى تاريخ الإستقلال.
تاريخ الإضافة : 14/12/2014
مضاف من طرف : aziz27
صاحب المقال : الأستاذ الحسين يختار