مستغانم - 08- La guerre de libération

أحداث نوفمبر في عيون مجاهدي دوار أولاد الحاج بمستغانم



أحداث نوفمبر في عيون مجاهدي دوار أولاد الحاج بمستغانم
أحداث نوفمبر في عيون مجاهدي دوار أولاد الحاج بمستغانم


مهما كتبنا وتحدثننا عن جيل الثورة التحريرية الذي صنع ملحمة النصر الكبرى ، وقدّم النفس والنفيس لتحرير هذا الوطن فإننا لن نعطي هؤلاء العظماء حقهم وعزاؤنا الوحيد أن نتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يجزي الأحياء منهم خيرا وأن يسكن الشهداء فسيح جنانه وأن ينزلهم منزلة عباده الصالحين . هذا ما نفتتح به موضوع بحثنا المتواصل حول أحداث شهر نوفمبر الذي ما يزال مرتبطا بانتصارات الجزائريين ، وبعودتنا إلى ذاكرة الشعب الجزائري إبّان الثورة التحريرية العظمى من خلال سرد روايات من حملوا السلاح ووقفوا على جبهات القتال ، نعود مرة أخرى لنكتشف أحداثا تاريخية تزعزع ما تعلمنا ه وتضيء محطات أخرى ربما لا تزال خافية على الكثيرين.3 أفواج لبّت نداء بيان نوفمبر بمستغانم رحلتنا هذه المرة ، حطت في أرياف مدينة مستغانم وتحديدا بدوار أولاد الحاج الكائن بضواحي بلدية بن عبد المالك رمضان " ويليس " سابقا و الذي كان شاهدا على معارك نوفمبر التي صنعها قادة الولاية الخامسة ، يتقدمهم أول شهيد في الثورة التحريرية بن عبد المالك رمضان الذي توفي في 4 نوفمبر 1954 ، حيث يعتبر أول قائد عسكري يسقط في ميدان القتال بعد أربعة أيام من انطلاق حرب التحرير الكبرى وذلك خلال اشتباكات وقعت بمنطقة سيدي علي . وللعلم فإن هذه المنطقة استبقت أحداث الفاتح نوفمبر بحوالي ربع ساعة عن موعد إطلاق أول رصاصة في ساعة الصفر وذلك لظروف قاهرة حتّمت على الأفواج التي جندت للقتال في هذه المنطقة مواجهة الاحتلال قبل الأوان بعدما فضح أحد المعمرين مخططاتهم الهجومية خلال قيام بعض المجاهدين بتقطيع الأسلاك الكهربائية والكوابل الهاتفية بكل من منطقة "رواونة " و دوار أولاد الحاج وهي الفرقة التي كان يقودها الشهيد البطل البرجي أعمر . ولمعرفة حقيقة ما حدث عشية اندلاع الثورة بعاصمة الظهرة ، تنقلت بعثة الجمهورية من وهران إلى مستغانم لتقصي الحقائق التي كانت وراء تعجيل الهجوم على معاقل العدو ببلديات سيدي علي , بن عبد المالك رمضان ودوار أولاد الحاج . البطل بن عبد المالك رمضان شهيد الرصاصة الأولى ولهذا الغرض قصدنا مقر منظمة المجاهدين الكائن بوسط مدينة مستغانم ، حيث استقبلنا الأمين الولائي عمّار بصدر رحب وحضّر لنا موعدا مسبقا مع صنّاع الكفاح الثوري بهذه المدينة .وما أن وصلنا حتى وجدنا بعض المجاهدين في انتظارنا وهم يحملون في جعبتهم الكثير من مآسي المستعمر التي يحتفظون بها في ذاكرتهم على مرّ الزمن , رغم ثقل السنين, لكننا وجدناهم على أتم الاستعداد لرواية الأحداث التي عايشوها لحظة بلحظة بدليل أننا لمسنا لدى الكثير منهم تمتعهم بالحماس الشديد إلى درجة أنه لو طلب منهم حمل السلاح مجددا من أجل الوطن لن يترددوا أبدا في تلبية نداء الواجب. وهو ما استهل به المجاهد حمو بن زيان ولد عبد القادر من دوار أولاد الحاج حديثه ل "الجمهورية," فالحاج حمو كان من بين الناشطين في حزب الشعب قبل التحاقه بصفوف جبهة التحرير تحت قيادة الشهيد البطل البرجي أعمر قائد فوج أولاد الحاج ، حيث قال الشيخ حمو :" مازلت أحتفظ بذاكرة قوية والحمد لله وحتى إن كان بوسعي حمل السلاح مجددا فأنا جاهز ولن أتردد أبدا في ذلك " ثم عرج محدثنا للتطرق إلى بدايته مع الحركة وكيف تمت عملية تجنيده حيث كان مناضلا في حزب الشعب الذي كان يلّقب بالحزب الواحد آنذاك ، قبل أن ينخرط في صفوف المنشقين عن تنظيم ميصالي الحاج بعد الاجتماع الذي انعقد في جوان 1954 في بلجيكا والذي أسفر عن تكوين أعضاء مجموعة 22 المكونين للثورة ، إذ تبيّن انه لا جدوى من الحل السياسي ما دام أن فرنسا لن تتراجع عن مواقفها ، وأضاف الحاج حمو أن التحضير للعمل المسلح انطلق مباشرة بعد اجتماع بلجيكا لأجل الخروج من السياسة والاستعداد للكفاح المسلّح .التحضير للهجوم بعد اجتماع القادة في بلجيكاوبما أنني كنت مسئول خلية مكونة من 12 مناضلا من حزب الشعب ، اتصل بي القائد البرجي أعمر في هذه الفترة لعقد اجتماع طارئ مع بقية المناضلين والتقينا حسب ما أذكر في منطقة تدعى "واد ايرس" التي تبعد بحوالي 3 كلم عن دوار أولاد الحاج . واتصل البرجي رحمه الله بحوالي 170 مناضلا من اجل الالتحاق بالثورة مع العلم اننا في بادئ الأمر لم نكن نعلم بموعد الفاتح نوفمبر وإنما كان الحديث يدور حول اللجوء إلى حمل السلاح وإعلان الحرب على فرنسا لكن متى ؟ وأين؟ لم نكن وقتها ندري ، واقترح برجي اعمر الذي كان على اتصال دائم بالقائد بن عبد المالك رمضان أحد الأعضاء الفاعلين ضمن لجنة 22 من بعض المناضلين الانضمام للثوار وترك لهم الخيار بين الالتحاق بالجبهة أو البقاء في الحزب شريطة الالتزام بالكتمان , والاحتفاظ بالسر ثم وجه نداءه للمناضلين الميسورين من الناحية المادية حيث اتصل بالمجاهد جواد السبع رحمه الله ,والمجاهد دوال ميلود ومجاهدين آخرين من أجل المساعدة في تمويل الثورة قصد شراء الأسلحة .المجاهد الحاج حمو يكشف أسرار مهمّة عن فوج دوار الحاج ابراهيم واستطرد الحاج حمو قائلا: " لقد قدمنا كل ما نملك لشراء الأسلحة . فهناك من أضطر لبيع مصدر قوته ورزقه لاقتناء بندقية ,أو مسدس ، وكل واحد منّا باع كل ما كان يملكه سواء كانت لديه مركبة أو عربة أو حصان وحتى بقرة أو قطعة أرض إلا وقدمت فداءا للوطن وعلى هذا المنوال قامت الجبهة بتسليح المجندين ,وتكفلنا بتسليح أنفسنا حيث اشترينا مسدسات من حر مالنا للمشاركة في الكفاح , وقام جواد السبع الذي باع عربته وحصانه المفضل لشراء رشاش من نوع " مات 49 "بينما كان يملك قائد فوجنا برجي اعمر سلاح من نوع" ستان" أمريكي الصنع والبقية استنجدت بالمسدسات الالية والسكاكين والسواطير .قصة المعمر "فرنسوا لورون "التي أخلطت الحساباتوقبل تنفيذ الهجوم ، أسندت لكل واحد منا مهام خاصة فقد كلّفت رفقة المجاهد بوشارب من منطقة حاسي مماش بتقطيع الأسلاك الكهربائية والكوابل الهاتفية امتدادا من دوار أولاد الحاج إلى غاية منطقة شعايبية تحسبا لقيام المجموعة الثانية المرابضة لمنطقة سيدي علي (كسال سابقا) ودوار "رواونة "بالسطو على مقر قيادة الدرك الفرنسي لكن المعمر فرنسوا لورون من مزرعة ديجانسون تفطن للتحركات لما كان عائدا في نفس الاتجاه يقود سيارة من نوع 4 أحصنة .اشترينا الأسلحة من حر مالنا والبقية ضحت بمصدر رزقهاوفي هذه الاثناء حاول المجاهدون استدراج الحارس للخروج من مقر القيادة الذي كان يحرسه بحجة نشوب حريق في إحدى مزارع المعمرين لكنه رفض أن يفتح الباب وهرب مسرعا ليصاب بطلق ناري على مستوى الذراع من مجموعة دوال ميلود وعلمنا أن المجاهد بن سكارة لخضر هو من أصابه لكنه تابع طريقه مسرعا نحو الكنيسة المتواجدة بسدي علي لدق الجرس قبل أن يرديه زميلي بوقنين الطيب قتيلا ، وكانت عقارب الساعة تشير إلى 11 و45 دقيقة وهو أول معمر يسقط قتيلا عشية تفجير الثورة ، ثم انسحبنا بعد ذلك لنختبئ بالقرب من منطقة "الفنار" وتسللنا نحو الغابة وقضينا الليلة هناك .الشهيد البرجي أعمر قاد كتيبة المسبّلين المكلفين بقطع الكوابل الهاتفيةوفي صبيحة الغد تفاجئنا بمحاصر ة عساكر فرنسا المكان برّمته ، حيث وجدنا صعوبة في التنقل وكنا نتحيّن الفرص للخروج وتغيير المكان في كل مرة اذ علمنا أن فرنسا كثفت من حملات التفتيش ولم تترك منزلا إلا واقتحمته بحثا عنا ، واضطررنا للانتشار في الغابة وهكذا بقينا مختبئين في المغارات وفي وسط الجبال هروبا من العدو و لفترة قاربت الشهرين وكنا خلالها نقوم بعمليات تخريب للأسلاك الهاتفية و حرق أراضي المعمرين ثم ألقي علي القبض في ال 29 من شهر ديسمبر رفقة أربعة من زملائي في مغارة سيدي يوسف.وأحيطكم علما أن قائد الفوج المجاهد البرجي أعمر تعرض للوشاية من قبل عملاء فرنسا حيث القي عليه القبض رفقة البرجي قدور في ال 22 من نفس الشهر قبل أن ينكشف أمري بعد ذلك ,. وعلمت أنه كان ضحية " الخونة " الذين لاحقوه وهو بصحبة بعض المجاهدين ."قابلت الشهيد بن عبد المالك رمضان مرة واحدة بطلب من قائدي" قال عمي حمو أنه قابل القائد بن عبد المالك رمضان مرة واحدة عندما كان بصحبة ابن عمه الذي يقطن بوهران بينما زيارته لمستغانم كانت مخصصة لعقد جلسات سرية مع مسئول الفوج البرجي اعمر حيث كان هذا الأخير بمثابة الخيط الذي يربطهم بقادة المناطق والأفواج الثلاثة على مستوى عاصمة الظهرة ويتعلق الأمر بكل من صحراوي عبد القادر المدعو سي ميهوب الذي كان مشرفا على العمليات الهجومية بدوار البرايكية و بلحميتي محمد المدعو بن ذهيبة بن احمد الذي عيّن في منطقة سيدي علي تحت قيادة مسئول المنطقة الرابعة الشهيد بن عبد المالك رمضان والبرجي اعمر الذي قاد المجموعة 12 بدوار أولاد الحاج وفي ذات السياق أضاف الأمين الولائي عمار متحدثا لل "للجمهورية "أن كتيبة المجاهدين الذين اشعلوا فتيل الحرب ضد العدو بمستغانم عشية الفاتح نوفمبر كانت متكونة من 3 أفواج بقيادة الاسماء السالفة الذكر ولم يتم تقسيم المجموعة اعتباطا وإنما اسندت لكل فوج المهام المنوطة به ، حيث كلف فوج سي البرجي بتقطيع الكوابل الهاتفية وتخريب المحولات الكهربائية وكانت مهام الفصيلتين المتبقيتين هي تنفيذ الهجوم في المناطق التي عيّنها القادة من أجل اقتحام قيادة الدرك والاستيلاء على الأسلحة لتموين جيش التحرير بالذخيرة الحية . المجاهد صحراوي ما يزال يعاني من مخلفات التعذيببحكم طبيعة عملي في المنظمة يضيف الأمين الولائي تمكنت من معرفة بعض الاشياء عن ثوار المنطقة لاسيما الاحياء منهم فهناك مجاهدين كبار سبقوني في النظام ويعلمون الكثير عن أسرار الثورة أفادوني ببعض المعلومات من بينهم سي صحراوي المدعو سي ميهوب الذي يعاني حاليا من الأسقام بفعل تقدمه في السن ومازال متأثرا بمخلفات التعذيب التي افقدته السيطرة على ذاكرته ويتعذر عليه الكلام نتيجة الكدمات التي تعرض لها على مستوى الرأس خلال جلسات الاستنطاق والبحث التي كانت تنتهجها الإدارة الفرنسية لترهيب السجناء,. وكان المجاهد صحراوي -يضيف محدثنا - من بين قادة الأفواج الثلاثة بمنطقة سيدي علي الذي لايزال يملك المزيد من المعلومات التي تستحق التوثيق لكن في بعض الاحيان يصعب عليه استحضار ذكريات الكفاح المسلح كلما عاودته الأسقام , ولا يفوتني ذكر المرحوم سليمان باربار أحد رواد الحركة الوطنية بمستغانم الذي كنت أجالسه رفقة المجاهد بوقدادرة لمعرفة المزيد عن الثورة وكنت أتبادل معهما أطراف الحديث للإلمام بأكبر قدر من الأخبار التاريخية ولعلمكم أن المجاهد سليمان باربار هو أول من أنشأ فوج البطالين بالميناء رفقة عيسات أيدير الذي تحوّل بعد ذللك إلى فرع نقابي ."سي بن عودة" تستر تحث العباءة و"كمبوش" لملاقاة البرجي بشعايبية وواصل المجاهد حمو في سرد مسيرته الثورية التي مكنته من ملاقاة كبار القادة الذين كانوا ينشطون في الغرب الجزائري وأكد أن زيارة الشهيد عبد المالك رمضان لولاية مستغانم جاءت بعد فترة الانشقاق التي عرفها حزب الشعب مضيفا "التقيت به بطلب من البرجي أعمر الذي أخبرني باصطحابه إليه عند قدومه إلى مستغانم واستقبلته رفقة ابن عمي الذي كان يسكن بوهران في منطقة الشعايبية بالقرب من النخلة ثم تستر تحت العباءة و"الكمبوشّ"حتى لا يتبع العدو أثره خصوصا وانه كان مطلوبا لدى البوليس الفرنسي الذي صنفه من بين الخارجين عن القانون. وفي هذه الأثناء تدخل الأمين الولائي لتوضيح بعض الأمور حول تفاصيل زيارة المجاهد عبد المالك رمضان إلى مدينة مستغانم حيث كان يريد ملاقاة البرجي أعمر للتحادث في أمور سرية تتعلق بالعمل المسلح والتحضير للثورة وبمجرد أن وطأت قدماه عاصمة الظهرة بعدما مر عبر ولايات من الغرب نزل في المحطة البرية الكائنة بمنطقة تيجديت ثم سأل أحد المواطنين عن الحافلات التي تتوجه نحو مناطق سيدي علي العشعاشة وسيدي علي وما إن حاول البحث على من يرشده إلى مكان البرجي حتى لمحه ابن شقيقه المجاهد البرجي ميلود الذي رافقه إلى بيت عمه , وركبا الاثنان في نفس الحافلة التي أقلتهما نحو دوار أولاد الحاج وطلبا من السائق التوقف بالقرب من الغابة المؤدية إلى مكان تواجد البرجي وعندما وصل عبد المالك رمضان إلى دوار أولاد الحاج طلب منه قريب البرجي الانتظار في مكان يبعد حوالي 500م عن المحل التجاري الذي كان يملكه المجاهد البرجي أعمر . في بداية الأمر لم يولي هذا الاخير أهمية للموضوع لأنه كان يجهل عبد المالك رمضان الذي قدم نفسه لابن شقيقه باسم سي عبد الله , ولما مر الرجلان بالقرب من متجره نادهما البرجي واستفسر عن هوية الضيف ولما أخبره الشهيد بن عبد المالك رمضان عن سبب قدومه بأنه جاء من أجل العمل المسلح رحّب البرجي بضيفه , واتفقا في أمور سرية دارت بينهما لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .اجتماعات سرية بمغارة سيدي يوسف وحسب بعض المعلومات يؤكد محدثنا أن البرجي طلب من عبد المالك رمضان ملاقاة المجاهد بلحمتي المعروف ببن ذهيبة بن أحمد في مقهى عمي بن مهل المحاذي لسنيما "كوليزيه " . في اليوم الموالي توجه المجاهد بلحميتي صباحا على مثن دراجته الهوائية من سيدي علي إلى دوار أولاد الحاج، وأخبره عن وجود استعدادات للثورة. وكان ذلك بمثابة بداية سلسلة من الاجتماعات السرية، أغلبها جرت في الغابات بمغارة سيدي يوسف بعيدا عن أعين المستعمر وعملائه في المنطقة ورتّب الشهيد برجي عمر لقاء بين الشهيد ابن عبد المالك رمضان والمجاهد بلحميتي بمستغانم، بذات المقهى بجوار محطة القطار , ودله على علامات التعارف بينهما حيث سيجد بن عبد المالك رمضان حاملا الجريدة وهو يقوم بتلويحها باتجاه رجليه وبهذه الطريقة بإمكانه ان يتعرف عليه لكن بلحميتي سبق له وأن صادف الرجل في احدى الملتقيات السرية التي انعقدت في حسين داي بالعاصمة وما إن لمح بن عبد المالك رمضان حتى ناداه باسمه الثوري "سي بن عودة " والتقيا المجاهدان للتحضير والاستعداد للثورة وحسب علمي أنهما قصدا منزل المجاهد بوجمعة محمد ثم بعد ذلك زار القائد العربي بن مهيدي المنطقة و أشرف على الاجتماعات السرية التي سبقت حرب التحرير, والتي كانت تتم بحضور القادة البارزين على غرار محمد فرانسيس ، بن علا الحاج ، حمادو حسين والعقيد سي عثمان ومن ثم صدر بيان الفاتح نوفمبر لتفجير الثورة في عدة مناطق من بينها مستغانم التي أشرف عليها قادة ثلاث أفواج وللعلم أن التنظيم العسكري كان محكما و عملية تجنيد الثوار تم الترتيب لها مسبقا خصوصا وان المجاهدين الذي أقحموا في الهجومات معظمهم من شريحة الوطنيين الذين تجدرت في قلوبهم روح الوطنية باعتبارهم مناضلين ناشطين في صفوف الحركة الوطنية . ومنخرطين ساهموا في تسديد الاشتراكات والبقية منهم عملوا على توزيع جريدة الجزائر الحرة التي كانت تصدر في تلك الفترة لذا كان من السهل على قادة الجبهة استدراجهم للقيام بالعمل المسلح في ظرف وجيز بعد حدوث الانشقاق السياسي بين مناضلي حزب مصالي الحاج وساهمت السرية أيضا في نجاح التنظيم رغم القاء القبض علي جميع المجاهدين الذين دشنوا الهجوم على العدو في ليلة أول نوفمبر. الشهيدان سقطا ضحية الخونة والثوار ثأروا بالتصفية الجسديةوبخصوص التنظيم العسكري الذي تبنته الجبهة فقد وقع الاختيار على الأفراد الموثوقين فيهم لتكوين الأفواج فعلى سبيل المثال هناك 120 مجاهدا مسجلا بمستغانم لكن العمل المسلح اشرف عليه مسئولو الأفواج بينما الجميع غرق في مركب واحد وقبض عليهم دفعة واحدة وما كنت أقصده أن القادة الذين حرروا الوطن كانوا يتمتعون بقوة الملاحظة و حسن تقدير الأمور وتحليهم الحكمة في اختيار الأصلح للدفاع عن الوطن وهذا هو سر تفوق التكتيك الثوري على جنرالات فرنسا .لكن الثوار اصطدموا بالخونة وبعض القادة راحوا ضحية " البياعة " الذي كانوا وراء سقوط الشهيد بن عبد المالك رمضان الذي خطط للعمليات التي تلت الهجوم بمنطقة عشعاشة إلى غاية غابة تنس لكنه استشهد قبل انتهاء المهمة التي جاء من أجلها إلى مستغانم وكشف المجاهد حمو بمناسبة الحديث عن هذا البطل أن الخونة كانوا معروفين في هذه المنطقة بحكم طبيعة عملهم لدى الحاكم مشيرا أن العميلان ميلود جلول وقريبه عبد القادر بن جلول من دوار بواشرية كان وراء سقوط الشهيد البطل بن عبد المالك رمضان حيث قاما بتعقب تحركاته رفقة الفوج الذي كان يقوده خصوصا وأن الحركي ميلود بن جلول المشهور انداك بكبير الدوار من منطقة أولاد خلوف كان يعرف كل كبيرة وصغيرة تحدث في المنطقة لان مهمته نقل أخبار المجاهدين للعدو وبهذه الطريقة الدنيئة وقفت عساكر فرنسا على مجموعة الشهيد البطل في وسط غابة سي العربي وهم حاملين أسلحتهم . وعندما حاول الشهيد بن عبد المالك رمضان إطلاق النار على الجنود تلقى رصاصة أردته شهيدا في نفس المكان الذي ألقي القبض فيه على بقية المجاهدين الذي اعتقلوا أحياءا منهم دوار الميلود الذي كان يحمل سلاح ماد 49 وكان بحوزة الشهيد بن عبد المالك رمضان رشاش من صنع أمريكي .بعض العملاء وقعوا في كمين بمزرعة أولاد بن شيبان لم تمر أيام قليلة على هذه الواقعة يضيف المجاهد حمو حتى وقع الخونة في يد المناضلين بعدما انتشر خبر استشهاد قائد فوج منطقة "ويليس " المرحوم بن عبد المالك رمضان وعلم أن هؤلاء العملاء وقعوا في كمين نصب لهم في مزرعة أولاد بن شيبان عندما أرغم نسيب بن جلول الذي كان متزوجا بابنته على استدراجه إلى منطقة العشعاشة بحجة أن أولاد بن شيبان يعرضون ماشيتهم للبيع وفعلا سقط" الخونة" في الفخ و قام المجاهدون بتكبيلهم ثم إعدامهم ليصبحوا عبرة لمن يعتبر . واستشهد البرجي أعمر رفقة البرجي قدور بعد تعرضهما للخيانة ووقعا في اشتباك مع العدو ليلتحقا بالشهيد بن عبد المالك رمضان وبعد وفاة قائدي البرجي يصرح عمي حمو تم توقيف جميع الافواج التي كانت تنشط في مناطق الرواونة . زريفة ، عشعاشة وعصاصقة ولم يبق من عناصر فوج دوار أولاد الحاج سوى أربعة مجاهدين كنت خامسهم حيث قمنا بعمليات تخريبية للأعمدة الكهربائية والكوابل الهاتفية في تلك الفترة ثم نعود للاختباء في مغارة سيدي يوسف وكما هو معلوم أن مستغانم تملك تضاريس جبلية متشعبة وهو ما ساعدنا على التخفي إلى غاية سقوطنا في قبضة الغزاة في شهر ديسمبر كما أسلفت الذكر وبعد سقوط الشهيد بن عبد المالك رمضان انقطع حبل الوصال الذي كان يجمع جميع الخطوط ولم يتمكن فوج دوار أولاد الحاج من الانضمام الى فوج عشعاشة بعد فشل خطة الاستيلاء على السلاح بمقر قيادة الدرك .قافلة سي جبلي التي أعدمت 7 من" الحركى" بدوار قواويةوتزامنا مع ذاك مرت أفواج من المجاهدين عبر أرياف الظهرة على غرار القافلة التي قدمت من منطقة الحدود بقيادة سي جبلي الذي كان يشرف على عمليات الهجوم في المناطق الشاغرة لغرض توسيع نطاق العمل الثوري وبخصوص هذا الموضوع أثرى الأمين الولائي معلومات بحقائق أخرى تتعلق بقيام بعض المجاهدين بعمليات التصفية الجسدية للخونة فعلى سبيل المثال قام المجاهد جبلي الذي قاد العمليات في مناطق متفرقة وحط بمستغانم مرورا ببوزجار تم غابة تنس وكان فوج آخر من المجاهدين مرابضا لطريق الشلف ثم غليزان وأثناء مرور قافلة سي الجبلي عبر مستغانم باتجاه عشعاشة بلغ إلى مسامعه نشاط العملاء وسمعنا أنه قضى على سبعة منهم وعند بلوغه منطقة قواوية تعرض للخيانة من طرف شخص يدعى جقدان .علما أن المنطقة عرفت نشاطا ثوريا كبير بفعل تواجد الأعراش والأقسام والنواحي بقيادة مجموعة من القادة في صورة العقيد سي عثمان وكانت مهمة القافلة التي مرت من هنا هي تنظيم الشعب وتحقيق الاستجابة لنداء الوطن خصوصا وان البعض من الذين التحقوا بصفوف جيش التحرير كانت تجربتهم كافية لحمل السلاح فمنهم من جند من قبل للحرب الصينية والبقية تكونوا في الجيش الفرنسي وأذكر منهم عبد الكريم العياشي الذي هرب في سنة 56 من الإدارة العسكرية واستشهد عندما كان يشغل منصب قائد منطقة ونفس القول ينطبق على المجاهد واضح محمد الذي كان قائدا وغيرهم كثيرون من عظماء الكفاح الثوري المسلح الذين اختاروا الجهاد ولم يأبهوا للتعليم ولا للشهادات العليا ." لولا الخونة و"المراندين" لأخذنا الحرية في سنة 56 "وصدق الحاج حمو الذي ختم حديثه ل" الجمهورية "حينما قال بصريح العبارة " لولا الخونة و "المراندين" ( الذين تراجعوا عن الثورة تحث طائلة التعذيب ) لأخذنا الحرية في سنة 56 وأثناء جلوسنا مع المجاهد القدير الحاج حمو حضر جمع من رفاق دربه لكنهم غادروا القاعة لارتباطات صحية وأخرى عائلية فمنهم من لم يكن قادرا على المكوث لفترة طويلة خصوصا وأن الحاج حمو أخد زمام المبادرة وكان له نصيبا كبير ا في الحديث عن المسار الثوري وأحداث نوفمبر بحكم معايشته للحدث وقربه من قائد الفوج الشهيد البرجي أعمر.المجاهد الحاج بلعربي يتحدث عن نشاطه الثوري رفقة العقيد سي عثمان"كلّفت بجمع المعلومات عن العدو وتموين الجيش بالأسلحة " وبقي بصحبتنا المجاهد بالعربي الذي اختصر مساره الثوري في سطور لكونه من جماعة 55 حيث كان من بين المناضلين الذين كانوا يسربون أخبار الجنود الفرنسيين لقادة الجبهة وكان ينشط ضمن فوج العقيد عثمان بمنطقة الخضرا و بحكم المنصب الذي كان يشغله هذا المجاهد كسكرتير عام بمكتب المير استطاع أن ينقل أخبار العدو للمجاهدين وساهم عمي العربي في نشر النظام الثوري بمنطقة فرندة رفقة سي العثمان حيث يقطن بعض من انسابه بعد هروبه من عشعاشة في سنة 54 وجاءت بعدها فترة تولي سي عثمان قيادة المنطقة الرابعة للولاية الخامسة في سنة 55قادمامن بوزجار ثم عين الباردة وأشرف على عمليات هجومية بمعسكر ثم قدم إلى غليزان وواد ارهيوأمّنت ل "سي عثمان "مركزا سريا ببني زنطيش وقال محدثنا أنه في هذه الفترة كان سي عثمان بحاجة إلى مخبأ سري للمجاهدين بمنطقة بني زنطيش واتصل بي نسيبي لترتيب مكان من أجل فتح مركز للمجاهدين وتوليت العملية حيث كنت أعمل مع سي عثمان في نقل الأخبار عن منطقة الخضرا وكنت استعين بخيط لتوصيل كافة المعلومات وهو سي سعيد الذي كان مسئولا على الفوج الذي عملت فيه ومهمتي هي تحذير المجاهدين ورصد تحركات العساكر فضلا على جمع الاسلحة للتموين الحركة بحيث كانت بحوزتي كل القوائم التي حصلت على التراخيص للحصول على الأسلحة وبعد مقتل المير على يد" لواس " وتكثيف عمليات المراقبة والتفتيش وقع احد اصحاب المتاجر الذي كان يعرفني وعلى وقع التعذيب افشى جميع الاسرار ليتم توقيفي في مقر عملي رفقة شقيقي الشهيد بلعربي عبد القادر الذي أسس الاتحاد العام للطلاب المسلمين .اعتقلت رفقة شقيقي الشهيد بلعربي عبد القادر مؤسس" لوجيما"وكان متفوقا في الدراسة حيث نال الدكتوراه في العلوم الاقتصادية وتحصل على شهادة الليسانس في الحقوق و حولت بعدها إلى معتقل سيدي رفقة بركان بومدين أين تعرضت الى أبشع طرق التعذيب وكلما اتذكر هذه المرحلة من حياتي اشعر بالرعشة من شدة الصدمات الكهربائبة التي زلزلت بدني حيث قام السجان بتعذيبي بقسوة شديدة داخل غرف مظلمة مخصصة لتعليق السجناء على الجدار وتركهم لمدة طويلة على هذا الحال فضلا على استعمال أجهزة دوران يوضع بداخلها الاسير وتقوم بحركة دائرية تجعله يفقد صوابه وغيرها من الأساليب المشينة التي يصعب الحديث عنها والحمد لله عشنا لنحيا مجددا في زمن الحرية والاستقلال وأرجو أن يثمن الجيل الحالي ما صنعه الثوار من اجل تحرير البلاد والعباد من الهيمنة الفرنسية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)