"من بوماريا إلى حديقة فرنسا": بورتريه لتضحيات جزائريي المهجر

ينجز الأستاذ " خير الدين مرّاد بودية" في كتابه الصادر مؤخرا "من بوماريا إلى حديقة فرنسا" بورتريها ضخما لجزائريي المهجر، ويخص فئة الشباب الذين ضحوا بأنفسهم فداء لوطنهم الجزائر في سبيل أن تنعم أرضهم بالحرية.
ويشير المؤلف في ديباجته إلى أنّ لكل ثورة مشاهيرها وزعمائها كما لديها ضعفاؤها وحراسها الخفيين، لذا أتى نتاجه من باب الوفاء بواجب الذاكرة تجاه من ظلت أسمائهم غير معروفة رغم أعمالهم الجليلة التي جادوا بها في ثورة الجزائر التحررية الشهيرة (1954 - 1962)، واستعرض الكتاب سيرة هؤلاء الثوار البطوليين، إضافة إلى كوكبة من الفرنسيين تفننوا في مساعدة الثورة الجزائرية، على غرار الفيلسوف الفرنسي الراحل "فرانسيس جانسون" الذي أسّس شبكة حاملي الحقائب.
وقال خير الدين لدى تقديمه كتابه:" لم أكن أطمع وأنا أنجز هذا العمل المتواضع لأن أكون كاتبا لأني افتقر للموهبة ولا لأصبح مؤرخا"، وبتواضع ظاهر اعتبر عمله مجرّد استجابة لمطالبات أبنائه بالتعرّف على مسقط رأس والدهم الذي يتحدّر من "بوماريا" وهو الاسم الروماني القديم لمنطقة تلمسان (800 كلم غرب الجزائر) وأقام بحديقة فرنسا (تور) منذ ولادته إلى غاية استقلال الجزائر.
ويردف خير الدين بتأثر بالغ:"أردت لشهادتي أن تكون بمثابة نشيد أرتلّه وأرويه عرفانا بعطاءات شبان سقطوا في الخفاء وفي ظروف بشعة أحيانا، ودُفنوا جماعيا أو ألقوا في قبور منسية دون تشييع"، تماما مثل أولئك الشباب الذين رحلوا من أحياء و مدن الجزائر، كما يشير المؤلف إلى أنّ الكثير من الشباب الذين عاشرهم وصادقهم ولعب معهم وبكى معهم ليسوا موجودين اليوم، معتبرا أنّ هؤلاء الشباب كانت تحدوهم مثل الحرية والاستقلال، مثلما يقول "منديس فرانس":"كانت لديهم الطاقة للقيام بعمل الكبار".
وأفاد خير الدين أنّه عاد إلى ذاكرته واطلع على كتب بدت له هامة في سبيل وفائه بواجب الذاكرة، وأوضح "حاولت أن أذكر بأنّ فرنسا لم تأت لإدخال الحضارة إلى بلدنا، بل بالعكس استقرت بالجزائر وبعدها في المغرب وتونس لتشيّد إمبراطورية قادرة على تسوية المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي بدأت تظهر على أراضيها، حتى تتمكن من التنافس مع خصمها الأبدي بريطانيا وتلعب أدوارا في العالم.
اللافت أنّ " خير الدين مرّاد بودية" دكتور مختص في أمراض القلب وله عدة مؤلفات حول "إقامة الأطباء بقسم أمراض القلب" و"طب القلب التطبيقي" و"ارتفاع ضغط الدم الشراييني"، كما يعد المؤسس الرئيسي للعديد من الجمعيات التي تنشط في مجال الطب مثل جمعية طب الأمراض القلبية وارتفاع الضغط الشراييني التي يترأسها منذ عدة سنوات.