نشأ المرحوم صـاري عبد السلام بن الحاج مصطفى بن محمد بن الحاج بومدين بن صـاري بتلمسان سنة 1876 بحي القلعة العليا، مسقط رأس عائلة بن صاري من الفلاحين و الحرفييـن.
هجرت عائلته مع ستة أولاد و بنتين إلى القاهرة حيث نشأ أخوه الأصغر أمحمد (الذي أصبح كذلك موسيقار مشهور بآلـة الكامنجة و المتوفي في عام 1966)، ثم رجعت هذه العائلـة إلى البلد الأم.
مند صغره، كان عبد السلام يلازم المدرسة القرآنيـة و في نفس الوقت يساعد أباه الذي كان نجارًا و صانعًـا للبراميل، ثم عمل مساعدًا عند أحد الحلاقين حيث بدأ يستمع إلى المطربين و يحفظ المقاطع من الموسيقى العربية الأندلسية
و تعلم الضرب على جميع الآلات التقليدية (الدربوكة، الناي، الكويترة، العود، الكمنجة) رفقة عدة شيوخ، ثم رفقة ابن عمه الشقيق المشهور الشيخ العربي بن صاري الذي كان يرافقه في السهرات الموسيقية، و في سنة 1900 شارك معه في المعرض العالمي بباريس
و من القاهرة أتى بآلة شرقية تدعى "السنتير" على شكل قانون و التي تحدث أصوات البيانو على طريقة الضرب بمسطرتين و هو الفنان الوحيد المتمكن من هاته الألة بكامل القطر الجزائري.
أسس فرقته الخاصة في وقت كانت تلمسان لا تعد إلى فرق الشيخ العربي بن صاري و الشيخ عمر بخشي و التي أضيفت إليها بعد مدّة فرقـة الشيخ أحمد المدعو رضوان بن صـاري.
و كان للشيخ ولدان هما محمد و كانت حرفته الطرازة و قد اخترع القفطان الذي تلبسه كل عروس تلمسانية ثم أتـى بالكراكـو العاصمـي، و ابنه الثاني هو أحمد المدعو حميدة حرفته أيضًـا الطرازة اختصاصه المجبـود.
و قد احتضن طفلاً في عمره خمس سنوات ببيته فعلمه الدربوكة ثم الآلات الموسيقية الأخرى إلى غاية السن الثالث عشر من عمره و قد أصبح هذا الطفل فيما بعد أستاذًا مشهورًا " مايسترو " ألا و هو الشيخ عبد الكريـم دالـي.
و في المواسيـم الشاغرة، كان عبد السلام يمارس حرفة الحلاق بنهج المنصور قرب سيدي حامد و كان هذا المحل يستعمل كذلك للتدريب، و كان يتعلم الضرب على الدربوكة بومدين بن قبيل منذ السن السادس من عمره.
ثم التحق بصفته مريدًا في الطريقة الصوفية التيجانية التي كانت مقرها بعين ماضي قرب الأغواط.
و كان يتعاطى الموسيقى الصوفية الروحانية حيث كان يؤلف عدة مدائح دينية تكريما لسيدي بومدين الغوت و الشيخ سيدي أحمد التيجاني يقدمها في جميع أنحاء القطر الجزائري و حتى في المملكة المغربيـة و كان يمدح قصائد من بينها لسيدي لخضر بن خلوف و ابن مسايب.
و بعد أن تعب من شدة الرحلات الطويلة و كثرة السهرات الفنية، انسحب من الساحة الفنية قبل الأوان للتقاعد و لتكريس جل أوقاته للعبادة و التأمل و في سنة 1954 قام بأداء فريضة الحج عن طريق البر بالحافلة.
و قـد ترك 50 سنة من عمله الفني و ذكرى رجل حق وذي كرم و سخاء للأجيال القادمة و كان يجمعه في خصاله قيم الأصالة و روح الوطنيـة.
و بعد وفاته في سن ثالث و ثمانون (83) يوم 17 جويلية 1959، فقد وهبت دفاتره المخطوطة و مؤلفاته إلى نبيطـه و هو الأستـاذ الجراح و الاختصاصي في الموسيقى المقيم حاليًا بمدينة هوسطن بالولايـات المتحدة الأمريكيـة و هو يحي الغـول الذي أخـذ بدوره المشعل و أسس مع إخوانه بوهران الجمعيـة الموسيقيـة نسيم الأندلـس.
في ايطار الطبعة 26 من المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية المنعقدة من طرف مجلس الشعبي البلدي بتلمسان بتاريخ 29/06 لغاية 04/07/2005 تم تكريم شيخ عبد السلام صاري الذي يبقى هو أول مهرجان الذي أشرف عليه السيد فخامة رئيس الجمهورية بحضور سيدة معالي وزيرة الثقافة بمدينة تلمسان.
وفي ايطار الطبعة الثالثة من المهرجان الثقافي المغاربي للموسيقى الأندلسية المنعقدة بقصر الثقافة إمامة بتاريخ 27/11/2011 لغاية 04/10/2011 في ايطار عاصمة الثقافة الإسلامية لسنة 2011 سيكرم الشيخ عبد السلام صاري بتاريخ 03/12/2011 برئاسة الجوق كريم بوغازي الذي سيتحفنا بأغاني أندلسية من التراث المدح حول سيدي أحمد التيجاني يليها الجوق الأندلسي بباريس يترأسه أحد أحفاد شيخ أمحمد شقيق شيخ عبد السلام صاري.
تاريخ الإضافة : 02/12/2011
مضاف من طرف : musiquealgerie