تلمسان - Mérinides

الدولة المرينية جعلت المغرب نقطة استقطاب فكري



الدولة المرينية جعلت المغرب نقطة استقطاب فكري
أسس أبو يوسف يعقوب بن عبدالحق الدولة المرينية في العام 668 هـ بعد عدة معارك بين بني مرين، ودولة الموحدين انتهت بانتصار المرينيين في موقعة وادي غفو والقضاء على آخر معقل للموحدين في المغرب، وتم إعلان دولتهم التي اتخذوا مدينة «فاس» عاصمة لها، واتسم حكمهم بالفردي الوراثي.
حاصر المرينيون باقي المدن الخارجة عن سلطتهم ومنها سبتة وطنجة حتى استسلمت، ثم شرعوا في التوسع خارج الحدود فضموا المغرب الأوسط والأدنى، وسيطروا على بلاد السوس ومعاقل الصحراء جنوباً إلى مصراتة، واستطاعوا توحيد المغرب الأقصى والعبور إلى الأندلس لوقف زحف ممالك إسبانيا فقاموا بحصار إشبيلية، وحازوا مجموعة من المدن الأندلسية، أبرزها الجزيرة الخضراء وطريف وملقة وقمارش ورندة، وأسسوا مدينة «البُنيَّة» الحصينة، وفتحوا بعض الحصون بالقرب من مدينة الزهراء. أنفقت الدولة المرينية بسخاء على المجالات الاقتصادية والدينية والثقافية والاجتماعية، فبدأ المرينيون بتطوير الجيش واستحداث معداته وإدخال النظم العسكرية، وأعادوا عظمة القوة البحرية فقاموا ببناء الأسطول، وإقامة الأربطة والمحارس لاستطلاع البحر، فكانت بمثابة مراكز دائمة للمراقبة ضد القراصنة على شواطئ شمال أفريقيا، كما أولت الدولة المرينية الحركة العلمية اهتماماً من خلال بناء المؤسسات التعليمية وإحداث المكتبات والإنفاق على العلماء والطلبة.
اتبع المرينيون سياسة عمرانية تقوم على «المدن المزدوجة»، مثل فاس الجديدة بفاس البالي، والمنصورة قرب تلمسان، لترسيخ رموز سلطتهم، وإبراز قوتها، فجاء البناء من خلال ضخامة المنشآت، وقوة الأسوار، ومناعة العناصر الدفاعية، وأدخلوا الرخام والنقوش في بناء وتجديد المساجد والأسواق والمؤسسات الوقفية المختلفة، بالإضافة إلى مشاريع الري كبناء القناطر والرحى الصناعية، وتنوعت الصناعات، ومولت الدولة المؤسسات الصحية وشيدت مراكزها، وشيدوا أول مستشفى للأمراض النفسية في العالم الغربي، وتم استدعاء المهندسين من الأقاليم المجاورة لإنشاء دور الصناعة التي ارتكزت على صناعة القوارب والسفن الصغيرة، كما اعتنت الدولة المرينية بالصناعات اليدوية وأصحاب المهن، فأنشأت الحوانيت والأسواق وأشهرها الصباغون والعطارون والرصيف، واشتهرت مدينة فاس بوجود ثروة معدنية، وعرفت الحواضر الكبرى حركة تجارية مهمة.
أعطى المرينون هامشاً للإبداع والتطور الفكري والحضاري والثقافي، وكانت سبتة أحد مراكز الثقافة العربية الإسلامية الكبرى في الغرب الإسلامي، وتحول المغرب المريني إلى نقطة استقطاب فكري، وبرز في عصرهم كبار الرحالة أمثال ابن بطوطة، وابن رشيد السبتي، والعبدري، والتجيبِي، والبلوي وأحمد زروق، واحتضنت عاصمتهم فاس كبار المؤرخين والأدباء والعلماء في النقد والمنطق والرياضيات أمثال لسان الدين بن الخطيب وابن خلدون والفقيه والمؤرخ ابن جزي الكلبي، وابن البناء المراكشي، وظهر اهتمام الدولة المرينية بالكتب في الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمتها مع الإسبان.
ضعف نفوذ المرينيين بعد أن تولى الحكم سلاطين دون سن الرشد، فدب الخلاف وشرعت القبائل بالانفصال وتبدلت الأحوال وضاعت الثغور فاغتنم الوطاسيون الفرصة واقتحموا المدن المرينية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)