تشد الأحداث السياسية بوجه عام اهتمام الباحثين والكتّاب في مجال الدراسات التاريخية، في حين لا تظفر الناحية الفكرية والعلمية بما تستحق من عناية ولا توضع في منزلتها من مظاهر الحياة الأخرى.
وتزخر تلمسان، بزخم هائل، من المراحل التاريخية المهمة، التي امتدت على مدى فصول الدهر الطويل، بأوصاله البعيدة، التي ترسبت بها أوجه ما تركته أبعاده من تراكمات، تمخضت عنها جملة من الحقب التاريخية المتعاقبة...
لقد شكلت تلمسان رصيداً علمياً وثقافياً تحدث به الرحالة والجغرافيين العرب. وكانت الحركة العلمية والثقافية فيها غاية الأهمية، ولكنها لم تحظ كثيراً بعناية الباحثين، الأمر الذي جعل الكثير من الغموض يكتنف تاريخها خاصة في عصرها الوسيط. وقد أسهمت تلمسان كغيرها من مدن بلاد المغرب في الحركة العلمية والثقافية من خلال مؤسساتها المختلفة، وتنوعت اختصاصات الأعلام الذين وجدوا في تلمسان أو خارجها في مختلف العلوم والفنون.. ولكن مما يؤسف له أن الغالبية العظمى من مؤرخي تلك الفترة والفترة التالية كان اهتمامهم في دراساتهم التاريخية منصباً على تسجيل الحوادث كالحرب والسلام، وتداول السلطة وأخبارها، دون أن يولوا اهتماماً كبيراً للأوضاع العلمية الفكرية..
لقد عُرفت تلمسان في الحضارة العربية الإسلامية بمجالس ومراكز العلم ومنتديات الفكر والأدب، فكان حقيقياً بمثل هذه المدينة العريقة أن تستحوذ على اهتمام المشتغلين بالتاريخ والآثار والفكر والعلوم، ونتيجة لسياسة بعض الحكام المتميزة في تلمسان، وموقعها الجغرافي المتميز، فقد ازدهرت الحركة العلمية فيها، وتمثل هذا الازدهار بوجود جماعة كبيرة من أهل العلم والفكر..، الذين اتخذوا منها مقراً لهم، أو سافروا إلى البلدان الأخرى... فكانوا في مصاف علماء الإسلام في تلك الفترة.. وصنفت في تاريخها المصنفات التي بسطت في طياتها ما تعاقب فيها من أحداث وما قام فيها من حضارة وعمران.. إلا أن الحركة العلمية في تلمسان، لم تكن مستمرة بوتيرة واحدة من التقدم، فقد تعرضت لبعض المعوقات الطارئة...
يهدف البحث إلى إلقاء الضوء على الحركة العلمية في تلمسان خلال حقبة من الزمن القرنين8-9ه/ 14-15 م)، من خلال معرفة مساهمة العلماء المسلمين من أبناء تلمسان (داخلها وخارجها)..، وكذلك إبراز صورة للحياة العلمية في تلمسان خلال تلك الفترة. لأن التاريخ العلمي والثقافي في تلمسان لم يحظ بعناية كبيرة من الباحثين.
تاريخ الإضافة : 17/03/2011
مضاف من طرف : tlemcenislam
صاحب المقال : ALNASSAN M.HICHAM/ أ. د النعسان محمد هشام أستاذ التعليم العالي معهد التراث العالي جامعة حلب سوريا
المصدر : ملتقى دولي حول الإسلام في بلاد المغرب ودور تلمسان في نشره خلال