يشاع في الروايات الشفوية ان اول قادم الى القنادسة هو الولي الصالح سيدي الحاج بن احمد دفين المسجد العتيق الذي تصلى فيه الجمعة والعيدين ويسمى هذا المسجد بمسجد الخطبة ويفضل اهل القنادسة بتسميته مسجد سيدي الحاج بن احمد وهو غير سيدي عبد الرحمن بن احمد الجد المذكور في عمود نسب مؤسس قصر القنادسة وزاويتها سيدي محمد فتحا بن ابي زيان القندوسي الشريف .
تسميتها
كانت تعرف في القديم بالعوينة وبهذه التسمية ذكرها العلامة الرحالة أبو سالم عبد الله بن محمد العياشي صاحب الرحلة العياشية التي يسميها غيره بماء الموائد.
وفي معنى تسميتها بالقنادسة يقول العلامة محمد بن عبد السلام الناصري الدرعي في رحلته الحجية لعام 1199هـ/1784م: " ثم بتنا بواد جير القريب ماؤه من الحاج فوجدناه قريب العهد بالسيلان, ثم منه بعد الفجر فوصلنا القنادسة ضحى يوم الخميس الأول من رجب, وتعرف في القديم بالعوينة. ولعل تسميتها بالقنادسة محدثة تسمية لها باسم من نزلها، بعد أن تلقانا سكانها من المرابطين بني الشيخ ابن أبي زيان مظهرين الفرح والسرور مشاة وركبانا كهولا وشيوخا وصبيانا فتسابقوا وتناصلوا وأخلوا بنادقهم. ونزل الركب على العادة بساحة ديارهم وبالغوا في القرا، ووجدنا جماعة وافرة منهم ومن انضاف إليهم متأهبين للحج، فأقمنا يومين وفي الثالث ارتحلنا. والبلدة منقطعة في صحراء من الأرض بها عيون قليلة الماء جدا مع كونها غير عذبة إلا أن البدن يصلح عليها كالدواب يزعم ذلك أهلها، و بها نخل قليل, والبلد عامر تصلى فيه الجمعة.."
و العوينة هذه هي غير العوينة المذكورة في عقود شراء بعض الاسر القندوسية وهم اولاد بوزيان من غير الاسرة البوزيانية المنيعية العربية وغير المرابطين القندوسيين ذرية العارف بالله سيدي محمد فتحا بن ابي زيان الشريف القندوسي العوينة المذكورة في وثائق الشراء والتي غلطت العديد من المهتمين بتاريخ القنادسة وزاويتها وهي مغالطة متعمدة تقع شمال شرق الزاوية القندوسية اسفل جبل البرقة وبجانب الجبل المسمى بغار الضبع .
الاوضاع الثقافية والدينية والاجتماعية قبل مجيء العارف بالله سيدي محمد بن ابي زيان الشريف القندوسي
ذكرها العلامة احمد الهشتوكي في رحلته سنه 1096 ه والموسومة بهداية الملك العلام الى بيت الله الحرام وزيارو قبره عليه الصلاة والسلام ما صورته " ولم نبت الى العوينة قرب المغرب ووجدناهم يدرسون فاشترينا منهم التبن والشعير لدوابنا وهم ناس لا يبالون بالحجاب يدخل منازلهم العاصي و الفاجر وقد اضطررت لعلف بغلتي فلم اجده عند الرجال ووجدته عند النساء فاشتريته من امراءة انا وبعض اضحابي عشاء وكيلته بنفسها وامرت صاحبي فخلص لها و ذكروا انهم ناس من اهل الخير والصلاح والبركات زالنجاح "
اما سيدي عبد القادر التازي في كتابه يقول " ارضهم لا تنبت ربيعا قط لا فائدة فيها ولا اشجار كغيرها من البلدان و ليس لهم بها قوت الا ما يجلب اليها من المشرق او المغرب " و يضيف قائلا " سالت الشيخ عما كانوا عليه قبل ذلك فاجابني بان كانوا يحملون الملح من بلاد الى بلاد يبيعونها ليستقاتوا بقيمتها "
اما بخصوص اماكن العبادة فيقول سيدي عبد القادر التازي " ومسجدهم دارة من طين "
حتى جاء فتح الله الكبير على القرية واهلها بقدوم الشيخ سيدي محمد فتحا بن ابي زيان الشريف فاعاد بناء المسجد العتيق الذي كان دارة من طين بناءا عجيبا و بناء مسجد اخر والذي هو مقبور فيه الان فاصبح له بزاويته مسجدان مسجد الخطبة ومسجد دارة باب الزاوية
التحولات الثقافية للقنادسة بعد ظهور ابن ابي زيان
قبل ظهور سيدي امحمد بن أبي زيان في القنادسة كان التعليم منعدما الا في مسجد صغير بلا سقف يجتمع
فيه النفر القليل من أهل القرية يأدون فيه صلواتهم .
وبعد ظهوره في القرية تحولت وأصبحت من المراكز الئقافية الكبرى ولكنها لم تحد عن
النمط الئقافي . الذى كان مرسوما منذ زمن وهم العلوم الدبنية بحفظ القرآن الكريم وانتهاءا بالتصوف
وكان شيخنا يحض على قراء ت القرآن ويحب قارئيه ، وكان يقبل على الكتاب ويقبل رأس حفضة القرآن
من الصبيان ، واذا كان على أحد ختمه واستوجب صدفة لمعلم يناوله إياها .
هذا الحرص من الشيخ على تعليم القرآن وترغيب الصبيان فيه كان أمرا معمولا به في الصحرا ء من زمن
بعيد، لكن الجديد هو أحداث تعليم متقدم ومتطور ما بعد حفض القرآن الكريم وقد هيئ لها الشيخ الضروف
الكاملة والملائمة ولقد بنى مدرسة كبيرة ومسجدا وأنشا بيوتا للطلبة الوافدين من المناطق البعيدة وضمن
لهم رغم كئرة عددهم التعليم العالي والماكل
والمشرب والملبس وكان من عادته أن يصنع لهم في كل بوم أربعاء طعاما خاصا بهم مع تفقد أحوالهم
والإجتماع معهم لتدارس مشاكلهم . _
وأحدث مكتبة مهمة زودها بأعداد كبيرة من الكتب المطبوعة والمنسوخة، وقد كلف عددا
من الطلبة بنسخ الكتب المهمة من بينهم الطالب المربد عبد الرحمان بن محمد اليعقوبي .
وكان الطلبة يقرؤون على يد شيخهم أو علماء آخرون جاءوا الى القنادسة مجموعة من
العلوم منها العلوم النقلية أو الشرعية كالتفسير والقرآت والحديث والفقه والأصول والفرائض .
العلوم العقلية وخاصة منها النطق
العلوم الأدبية وهي العروض والشعر والإنشا ء
كان الطلبة يجتمعون على هذه العلوم في حلقات حول عدد من المدرسين الرسميين او المؤقتين نخص بذكر
منهم سيدي امحمد بن أبي زيان .
إن السنين التي قضاها كطالب في سجلماسة وفاس أ و كمدرس في مكة عند حجته وما أخه من علم في
رحلاته كانت كافية لتؤهله كأستاذ في مركز ثقافي ذا مستوى عال ، وكانت أحب العلوم اليه علم التفسير
وكان يقول لطلابه (علم التفسير رأس كل علم ويتلوه الحديث وقرة عيني سيدي الإمام البخاري وقد قسم
رضي الله عنه يومه الى اجزاء
جزء لربه وجزء لطلبته وجره لزواره وجزء لنفسه وأهله .
فإذا كانت صلاة الصبح اشتغل بالأوراد والإذكار الى أن تحل النافلة قام فصلى الضحى،
اذن بإدخال الأخوان والزوار واستمرا على ذلك الى الزوال يذهب الى أهله يتوضى ويصلي الظهر ويتبعه
بالنوافل ثم يجلس مع الطلبة لقراء ة الحديث الى أن يصل وقت العصر ثم يرجع للدرس الى أن يصل وقت
المغرب فيصلي المغرب والنوافل ويجلس لقرا ءة الحزب ثم لقراء ة الرسالة وما أشبه ذلك الى العشاء ثم
الى أهله وبعدها الى خلوته .
أما طريقته في التدريس فكانت المداكرة والمناظرة إذ كان يلقى الدرس ويفسح المجال
امام الطلبة لناقشة القضايا مع عزة اراء المتقدمين هذه الطريقة في اتدريس لم تكن في متناول أيكان من
المدرسين لأنها كانت أرقى الطرق يختص بها الفحول من العلما ء. وقد كان يقول رضي الله عنه
من اكتفى بالعلم دون الاتصاف بحقيقته انقطع ومن اكتفى بالعبادة دون العلم والتفقه خرج ومن اكتفى
بالفقه دون ورع اغر ومن قام بما يجب عليه من الأحكام نجا . وكان يقول أيضا :
~لا يبلغ أحدكم درجة شريفة الا بملازمة الموافقة ومعانقة الأدب وأداء الفرائض فى أوقاتها.
*معرفة الله عزيزة لا تدرك بالعقل لا تقتبس من الشره ثم تتفرع عنها الحقانق على قدر القرب من الله
عزوجل .
وقال في مناسبة أخرى
عالم واحد أشد على إبليس من كذا وكذا عابد فإذا كان العالم وارث النبي صلى الله عليه وسلم في العلم
والتقرير فأين ينجح معه الشيطان .
الشيخ على السومى
قد ذكر عبد الرحمان اليعقوبي في سيرة ابن أبي زيان الفقيه العلامة المحقق السالك ناسك وهي كلمات
ونعوة تدل على رفعة مكانته وعلو شأنه في عالم العلم والفقه ، وكان أخص أصحاب الشيخ ومن أقرب
ملازميه وشهرته قد فاقت حدود الزاوية والمنطقة .
الشيخ إدريس المنجرة
الشريف ، القدوة ، المخبت الورع ، المتبت القانع ، الحافظ لسره الضابط لجهره ، المعترف بذنبه ، الفقير
الى ربه كان في ما سلف يطلب أن يلاقيه الله بوالي من الأولياء يأخذ عنه الطريقة وكان يتردد بين هذا وهذا
الى أن وصل الى الشيخ بن أبي زيان فأخذ عنه السر وظفر بالمقصود والمرغوب في طريقه الى القنادسة
ولما غلبه بعدها وقلة ماءها وشدة حرها وقسوة طبيعتها كان يقول لأصحابه ومرافقيه من المريدين .
إن وجدت ما تقولون في هذا الرجل أي امحمد بن أبي زيان فما يضرني من هذا كله
شيء وأن حدث خلاف ذلك فلن تلموا الا أنفسهكم .
قدم على الشيخ وتكلم معه وما لبث الا وقد خرج من عنده كالأسد وجعل يحمد الله تعالى ويشكره ويثنى عليه
ويقول :
هذه السرية النبوية وهذه الأخلاق الزكية وقد كتب يقول
الشيخ الإمام الفقيه أبو الأقبال الحاج الأبر صاحب الكرامات وحال في التصوف سيدي امحمد بن أبي زيان نزيل القنادسة ، لقيته فى بلدته استفدت منه ، ولقننى وواعدني وصرح لي بما أرجوا
الله في حصوله وأكثر ووقعت بيني وبينه أشياء لا تفشى .
~
وتعددت زيارته لشيخه وكانت آخرها سة 1136ه سة قبل وفاته .
الشيخ محمد بن عبد الله التلمساني
العالم الفاضل بالفرع والأصل والنطق والبيان أحد المدرسين البارزين بحاضرة تلمسان كان يشد الرحال الى القنادسة لزيارة شيخها والتدريس بها وقد صاحب في إحدى رحلاته أربع وعشرين فقيه من المدرسين بالجامع الكبير بتلمسان .الشيخ الحاج محمد اله قيوقكان من العلما ء المدرسين اللأين كثر ترددهم على الشيخ طالبا للرضى والبركة
قال له يوما
جنتك اليك هذه ست مرات فهل من بشارة ا
فأجابه الشيخ :
قد أعطاك الله مكان كل واحدة ثواب حجة الى جانب هذه الطانفة من العلماء المدرسين نذكر آخرون كالفقيه سيدي محمد بن عبد العزيز الإسحاقي وأبي القاسم الحجري والسيد هاشم والسيد محمد بن ورد وبعض الشعراء كإبراهيم الزموري والحاج أحمد بزوبع ومحمد بن عمرو الذين مدحوا الشيخ سيدي محمد بن أبي زيان
رفع المظالــم
هي إحدى المهام الأساسية والمهمة التي قام بها الشيخ في زمان كثرت فيها الأزمات والمظالم من جهة وفقر الرعية من جهة أخرى، ولما كان لسيدي امحمد القوة الروحية والمادية للوقوف في وجه العديد من المظالم بالموعضة الحسنة تارة وبردع تارة أخرى فقد احتمى به الناس واستنجدوا به
يقول ابن خلدون في مقدمته
إن المجاهدة والخلوة والذكر يتبعها غالبا كشف حجاب الحس والإطلاع على عوالم من أمر الله ، ليس لصاحب الحس إدراك شيه منها ، والروح من تلك العوالم ، وسبب هذا الكشف أن الروح إذا رجع عن الحس الظاهر الى الباطن ضعفت أحوال الحس وقويت أحوال الروح غلب سلطانه وتجدد نشوه وأعان على ذلك الذكر، فإنه كالغداء لتنمية الروح ، ولا يزال في نمو وتزايد الى أن يصبح شهودا بعد أن كان علما ، ويكشف حجاب الحس ويتم وجود النفس التي لها من ذاتها وهي عين الإدراك فيعترض حينند للمواهب الربانية والعلوم والفتح الإلاهي، وتقرب ذاته من تحقق حقيقتها في الأفق الأعلى، أفق اللامكة وهذا الكشف كثيرا ما يعرض لأهل المجاهدة فيدركون من حقائق الوجود ما لا يدرك سواهم ، وكذلك يدركون كثيرا من الواقعات قبل وقوعها ويتصرفون بهمم وقوى نفوسهم في الوجودات السفلية وتصير طوع ارادتهم
أما ابي حامد الغزالي فقد قال في كتابه ´´النقد من الضلال ، وكرامات الأوليا ء على التحقيق هي بدايات الأنبياء، وكان ذلك أول حال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل على جبل حرا ء حين كان يخلو فيه بربه ويتعبد حتى قالت قريش ~إن محمد عشق ربه ~ وهذه حالة يتحققها بالذوق من سلك سبيلها ، فمن لم يرزق الذوق فيتقنها بالتجربة ... ومن جالسهم فهو منهم ، هذا الإيمان فهم القوم الذي لا يشقى جليسهم فهم السابقون لطريق الله تعالى خاصة وأن سيرتهم أحسن السير وطر يقهم أصون الطرق وأخلاقهم أزكى الأخلاق . بل لو جمع عقل العقلاء وحكمة الحكما ء وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلما ء لن يغيروا شينا من سيرهم وأخلاقهم ، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم في ظاهرها وباطنها مقتبسة من نور مشكاة النبوة وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به ومن أول الطريقة تبتدء المشاهدات والكاشفات حتى أنهم في يقضتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبمس منهم فوائد تم يرتقي الحال من مشاهدة الصور والأمثال الى درجات يضيق عنها نطاق النطق فلا يحاول معبر أن يعبر عنها الا إذا اشتمل لفضه على خط صريح لا يمكن الإحتراز عنه .
الانتعاش الاقتصادي
إن القنادسة قبل ظهور الشيخ كانت مجرد قرية صحراوية نائية وكانت تسمى العوينة يعيش أهلها فقرا وحرمانا على جميع الأصعدة .
ومن التحولات التي طرأت على هذه المنطقة بعد ظهور امحمد بن أبي زيان جانبا أساسيا من عناصر الاقتصاد ألا وهو الرواج التجاري ذلك أن هذه القرية التي تطور سكانها وسكناتها استقطبت متنوعة النوع والعدد من الزوار والأتباع والتي أصبحت إلى جانب هذا نقطة جديدة لاستراحة القوافل التجارية وقوافل الحجيج ذهابا وإيابا إلى جانب الضروريات التي كانت تقدمها لهم الزاوية كالمأكل والشرب والمبيت .
ووجد التجار في هذا التجمع البشري مجالا لترويج بضانعهم والتزود بأخرى وأخذت القوافل تعرج على القنادسة حتى أصبحت نقطة رسمية للتوقف وللإنطلاق عبر رحلات إلى مناطق مختلفة سرعان ما استهوت السكان فشاركوا فيها وأصبحوا يسافرون إلى المغرب والى السودان والى نقط التجارة المشهورة كتموكتوا وخبرها وصارو بعد الفقر أغنياء تغير حالهم وولي زمن بيع الملح .
أما أولاد الشيخ فقد إستهوتهم التجارة والزمتهم ضرورة تزويد الزاوية بالحاجيات التي تتطلبها حسنالضيافة فشاركوا التجار في عملياتهم التجارية . إلى جانب هذا أصبح سوق القنادسة مركزا من المراكزالكبرى لبيع وشراء الصوف لوجودها في منطقة يتعاطى أهلها من قبانل دوي منيع ، وأولاد جرير،وحميان، تربية الأغنام بشكل واسع.
تاريخ الإضافة : 01/10/2013
مضاف من طرف : mortada