نظمت الجمعية الوطنية لمساعدة الأشخاص المعاقين ‘'البركة'' زيارة تضامنية لذوي الإعاقات بولاية باتنة، وقد استهدفت الزيارة عدة دشرات في بلدية بأريس المتواجدة بذات الولاية من خلال إمدادهم بمساعدات مادية، في محاولة لسد حاجياتهم اليومية ورفع روحهم المعنوية، هي عائلات مختلفة لكن ما جمع بينهم صفة مشتركة كون أحد أفرادها يعاني من الإعاقة وكذا من الظروف القاسية.
شهدت بلدية أريس الواقعة بولاية باتنة لفتة نوعية لشريحة منسية داخل المجتمع الجزائري من خلال زيارة تضامنية لذوي الإعاقة، قامت بها الجمعية الوطنية لمساعدة المعاقين البركة الكائن مقرها بحي الأمير عبدالقادر بدائرة عين التوتة ولاية باتنة، تحت قيادة ممثلها عبد الله بوخالفة وبالتعاون مع فريق من المتطوعات الذين رفعوا شعار “معا من أجل مساعدتهم، حيث شملت الزيارة عشرين عائلة يعاني أفرادها إعاقة بدنية أو ذهنية، وقد تفقدت متطوعات البركة العائلات ذوي الإعاقة وقمن بإمدادهن بالمساعدات الغذائية، الألبسة والأغطية، كما عملن على غرس البسمة على وجه المعاق وعائلته في محاولة منهن لزرع جو من المرح والفرحة داخل تلك البيوت، حتى تنسيهم الظروف الاجتماعية القاسية التي يعيشها المعاق وذويه في الجزائر وسط صعوبة اندماجه في محيطه المعيشي والدراسي، لتبقى وضعيته رهينة الوعود التي مازالت في خبر كان .
ممثل البركة يجسد ل”السلام” معاناة المعاق الجزائري
في اتصال قامت به “السلام” مع السيد عبد الله بوخالفة ممثل الجمعية، أعرب لنا عن شدة فرحته لمشاهدته ردة فعل عائلات المعوقين وسعادتهم العارمة لزيارة البركة ولفتتها العظيمة إلى هذه الشريحة من المجتمع، خاصة وأنها تمثل فئة مهمشة إلى أبعد الحدود، رغم المواد التي نص عليها القانون والوعود الكثيرة التي قدمت لهم، لكن لم يوف بها إلى حد اليوم، كما وصف لنا ظروفهم المادية القاسية وكذا المعنوية المحطمة وكذلك بالنسبة لعائلاتهم اللائي يشاهدن أولادهن أو أقاربهن المعاقين يعانون الإنزواء والفشل الدائم، في محاولة للإندماج في المجتمع، خاصة وأن أكثريتهم من الذين يعانون من الإعاقات العضوية البليغة، حيث ليس بإمكانهم العيش إلا بوجود رفيق دائم يلازمهم يوميا لقضاء جل حاجياتهم، أما بالنسبة للإعاقات الذهنية فهي تلزم المتكفلين بهم مراقبتهم المستمرة خوفا من هروبهم إلى الشارع الذي لا يرحم .
وعن الأجواء التي ميزت الزيارة فقد أكد لنا السيد بوخالفة أن جمعية البركة حظيت باستقبال بهيج من طرف الأهالي في مقدمتهم السلطات المحلية لبلدية أريس وكذا براعم الكشافة الاسلامية الجزائرية، كما نوه ممثل الجمعية بالمجهودات التي يبذلها السيد الوالي الحسين مازوز من أجل دمج الأشخاص المعاقين في المجتمع.
إعاقة ذهنية لطالبة جامعية وأخرى عضوية لعجوز منسية
قصص المعاناة هذه هي لأسر تعيش تحت وطأة الفقر، وتحتضن بين جدران منازلها أطفالاً وشباباً في مقتبل العمر من ذوي الحاجات الخاصة، تتفاقم أوضاعهم باستمرار في غياب من يرعاهم ويتابع قضاياهم ويتحسس طموحاتهم وآمالهم، وهو بسبب عدم وجود مراكز للتربية الخاصة، وهم يطالبون باستمرار بمراكز إيواء تلفهم تحت جناحيها، بدل تشردهم في الأزقة وكروم الزيتون وشقوق الصخور.
من بين العائلات المستفيدة من تلك الإعانات عائلة فتاة في ربيع العمر تعرضت بعد سنة من إنهائها دراساتها العليا إلى صدمة نفسية، أودت بعقلها ومستقبلها إلى الهلاك، تعاني الشابة من اضطرابات ذهنية معقدة بعدما كانت من بين الأوائل في دفعتها حتى أنها كانت تتهيأ للذهاب إلى الخارج من أجل إتمام دراستها، بعدما قدمت لها الدولة منحة دراسية لتفوقها الدائم، لكن القدر أبى إلا أن تبقى طريحة الفراش وقد ذهب عقلها عنها وسط محدودية دخل والدها الذي يعتبر أن مستقبل ابنته وما يخبئه القدر لها هو كل ما يشغل تفكيره، حالة الطالبة الجامعية هي حالة من بين آلاف حالات المعاقين في الجزائرالتي تثير كثيرا من الأسى والحزن، بسبب الإقصاء والحرمان الذي يتزعمه غياب شبه تام للتكفل بالمعاقين، حيث نجد نسبة كبيرة من المعاقين من ذوي الشهادات العليا والكفاءة يعانون من البطالة لسنوات طويلة، مما ينعكس سلبا على معنوياتهم، حيث وصل البعض اليأس في الحصول على منصب عمل في يوم ما يحفظ كرامتهم ويخلصهم من التباعية الكلية للأهل، وعدم استقلاليتهم ماليا واجتماعيا والطامة الكبرى تضاف إلى هذه المعاناة هو حرمان نسبة كبيرة من المعاقين من حقوقهم المادية المتمثلة في منحة المعاق أصلا غير كافية لتغطية مصاريف النقل.
إن حقوق المعوق في الجزائر مهضومة من طرف الجميع وحتى من طرف الأهل، حيث كثيرا ما يتعرض المعاق للإهمال من طرف أقرب الناس إليه لكن هذا الأمر لم يحدث مع عجوز قامت البركة بإمدادها بالإعانات، وهي تعاني من إعاقة حركية كاملة مئة بالمئة، حيث عبرت عن ما حملت لها زيارة الجمعية من فرحة وأنه مازال الخير في هذا البلاد على حد تعبيرها، فهي امرأة في سن الشيخوخة تعيش مع زوجها الذي يقوم بالتكفل التام بها، فهي لا تستطيع خدمة نفسها فهو يقوم بالمكوث معها طوال اليوم ردا على متطلباتها الأساسية، خاصة بعدما ذهب عنها الكل فما بقي لها في هذه الحياة إلا شريكها ورفيق دربها الذي وقف معها في محنتها، ولم يتخل عنها يوما رغم إمكانياته المادية المحدودة جدا وحاجاتها الأساسية لبعض المتطلبات كالحفاظات التي تباع بأثمان باهضة، إلا أنه دائما يحاول توفيرها بمساعدة بعض المتطوعين وهو راض عما كتبه الله له والحمد والشكر الكثير له.
أهداف الجمعية من المبادرة التضامنية
تهدف الجمعية من خلال هذه المبادرات يقول السيد عبدالله بوخالفة إلى زرع قيم التكافل الإجتماعي بين أفراد المجتمع الجزائري، من خلال توعيتهم بمسؤولية الجميع نحو مساعد هذة الشريحة الهامة من المجتمع، سواء كانت عن طريق تدعيمات مادية لتوفير مستلزمات المعاق من كراسي متحركة،حفاظات، أسرة خاصة وغيرها من الحوائج التي تعتبر باهضة الثمن بالنسبة لهذه العائلات المحتاجة، كما تهدف إلى تحسيسهم بضرورة تكاتف جهود الجميع من أجل التخفيف من المعاناة المعنوية لأشخاص المعاقين بمحاولة إدماجهم بالمجتمع والنظر إليهم على أنهم أفراد عاديون، بل فاعلين في هذا المجتمع وأن بقاءهم فيه مصلحة كبيرة للبلاد، كما وجه ممثل البركة رسالة إلى رجال الأعمال من خلال “السلام” مفادها أن مساعدة المعاقين والتكفل باحتياجاتهم الضرورية يعتبر أعظم استثمار.
وفي أثناء تلك الزيارة التقت الجمعية بأشبال الكشافة الاسلامية الجزائرية وأفراد جمعية أغزر أملال، حيث لم تفوت البركة فرصة مشاركتهم في الحملة التطوعية للتشجير التي قاموا بتنظيمها. وفي الأخير اغتنمت الجمعية هذه الفرصة للترحم والعرفان على شهدائنا الأبرار، حيث اختتمت ا زيارتها بزيارة الموقع التاريخي لمقر اجتماع الشهيد مصطفى بن بولعيد في دشرة أولاد موسى الذي يعد منعرجا حاسما لثورة التحرير العظمى، أين وضعت فيه آخر اللمسات وأعطىت أدق التعليمات ووزع السلاح للأفواج الأولى المكلفة بتفجير الكفاح المسلح بين المجاهدين، إيذانا بانطلاق الرصاصة الأولى لثورة نوفمبر بالأوراس الأشم.
تاريخ الإضافة : 25/02/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : وهيبة ق
المصدر : www.essalamonline.com