السيدات الفاضلات المنكوبات بساسة العصر .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
أرسل لجمعيتكم الموقرة بعض الأفكار التي تدور حول حقوق المرأة والطفل وأرجو أن أن تجدن فيها ما ينفعكن وينفع الناس , وهي رسالة نستشرف بها المستقبل المشرق بإذن الله تعالى , واسأل العلي القدير أن يوفقكن إلى ما يحبه ويرضاه ويجعلكن من مغاليق الشر ومن مفاتيح الخير والنهضة الإسلامية الإنسانية الحديثة .
قال تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71 ) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) " الأحزاب
الحرم السياسي في دولة العدل .
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
تعيش السلفية الملكية أو السلطانية ورطة وحالة انشقاق بين مؤيد للاختلاط وبين معارض له ، وهم لازالوا في حيرة من أمرهم , أين يضعون المرأة ؟ , في المنزل , أم كما فعلت بعض الدول العربية المقلدة للغرب وخلطت الحابل بالنابل , أم يدسونها في التراب ( ولا نفس ) ؟ , فالمرأة في دولنا العربية والإسلامية – وبشكل عام - أصبحت بين نارين ، نار العادات والتقاليد القبلية التي تحد من نشاطها الاجتماعي والسياسي وتكبل حركتها وتمنعها من أداء دورها في الحياة وواجبها تجاه الأبناء والمجتمع باسم الدين ، وبين نار "العلمانيين" الذين وجهوا المرأة الجهة الخاطئة وظلموها واستغلوها أبشع استغلال وشغلوها عن نفسها وبيتها وأبنائها وخالقها وعن مصيرها الموعود بعدما حرموها من ( الأمن الفكري ) , وسلفية السلطة - وكما يبدو - ستسير على خطى العلمانيين في الاختلاط وإشراك المرأة في الحياة السياسية وبصورة خاطئة , وهو نفس الطريق الذي سلكه أتباع المدرسة التقليدية الشيعية القائمة على التقليد والتلقين والحفظ والاستظهار .
فباسم الحقوق السياسية يراد حرمان المرأة من حقوقها الشرعية وضرورات حياتها الإنسانية ، بل وحرمان الأبناء والمجتمع ككل من إمكاناتها وقدراتها وطاقاتها وجهودها وتأثيرها الفعلي ودورها في صناعة الحياة ، فأقصى ما يقدمه الساسة للمرأة هي دعوى باطلة خادعة يتم بها استمرار تحييدها عن ممارسة دورها الحقيقي باسم "الديمقراطية" والمشاركة السياسية المزعومة ، رغبة في تقليد الدول الغربية المتقدمة تقنياً ومادياً - والذي جعلها البعض مثله الأعلى- توهماً منهم بأن ذلك من أسباب التقدم والرقي ومظهراً من مظاهره ووجهاً من أوجه الحضارة ، فالمرأة بالنسبة لسدنة الحضارة الجديدة - وكما يقال - هي ( نصف المجتمع ! ) ، إنها مقولة من ينظر إلى أفراد المجتمع كمجموعة من العمال والموظفين ، نصفهم من الرجال والنصف الآخر من النساء ! ، فتلك نظرة "الرأسماليين" والماديين الذين يصب اهتمامهم على مضاعفة الإنتاج المادي وجني الأرباح والمكاسب المادية حتى لو كان على حساب ارتقاء وبقاء النوع البشري وعلى حساب وعي المرأة وصلاح حالها وأحوالها واستقرارها وأمنها ، فالمرأة بالنسبة لهم ( نصف قوة العمل ) ، وفي الحقيقة إن المرأة هي من ( يصنع المجتمع ) ، المجتمع الإنساني ، وهي من يصنع الحياة . قال تعالى: " ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85)" (هود).
نعم .. إن المرأة هي من يصنع المجتمع الإنساني وهي من يصنع الحياة ، فلذلك يجب أن تمكن من أداء دورها الاجتماعي والسياسي وبصورة صحيحة وبما يحقق الهدف الصحيح , وهو إيجاد أسرة مترابطة مستقرة أمنة وإيجاد أبناء لهم بناء فكري وبدني سليم ونفس مطمئنة بعد ما تسمو بأرواحهم ومجتمع آمن ودولة تسير باتجاه صحيح نحو الآفاق الفسيحة الرحبة ، فالمرأة إذا ما مكنت من أداء دورها الطبيعي ستساهم بقدر كبير في صناعة وصياغة الإنسان صياغة تجعله أهلاً لأداء الأمانة التي حملها ودور الاستخلاف في الأرض وفي صناعة وصياغة الحياة ، ولا يجب أن تنهك وتشتت جهودها وتهمش وتستغفل وتستغل ، فالمرأة في الوقت الحاضر تعيش وهي محرومة من أداء دورها الأساسي الفعال في المجتمع ، فلابد من إعادة ترتيب شبكة العلاقات الاجتماعية السياسية الإسلامية والبيت المسلم ترتيباً صحيحاً يحفظ للمرأة خصوصيتها وكرامتها ويضع كل جنس في مكانه المناسب والصحيح ، ومثلما يجب أن يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، كذلك يجب أن توضع المرأة المناسبة في المكان المناسب ، وهكذا سيصلح المجتمع وستعدل الموازين المقلوبة وأولها ميزان العقل الذي اختل بسبب ذهاب الدين مروراً بالموازين الأخرى وانتهاءَّ بميزان القوة العالمي ليكون من صالح المسلمين والمستضعفين والإنسانية بشكل عام .. قال تعالى: " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً(1) " (النساء) .
فساسة هذا الزمن إذا ما أرادوا الارتقاء بالمجتمع الإنساني وبعث الروح فيه لا مفر من تقديم الاعتذار الواضح والصريح للمرأة بعد الاعتراف بسوء تقديرهم وفهمهم لمكانتها ولقيمتها ولقدراتها وإمكاناتها وخواصها وحاجاتها وضرورات حياتها الإنسانية ولدورها في الحياة ، فيجب رفع الظلم عنها وإعلان التوبة النصوح ( عملياً ) من خلال تمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي تجاه المجتمع دون حيل فكرية وسياسية ودون استغفال واستغلال ، فوضع المرأة في مكانها المناسب والصحيح والاعتراف بدورها المهم والأساسي في صناعة المجتمع وصناعة الحياة هو أحد أهم مفاتيح الإصلاح والنهضة ، فضياع الأمم من ضياع المرأة وتهميشها وتشتيت جهودها ، ولا إصلاح إلا بصلاح حال وأحوال المرأة " الفكرية والروحية والنفسية والمادية " ولا إصلاح إلا بتمكين المرأة من أداء دورها الطبيعي.
في حقيقة الأمر – أنا لا أبالغ – إذا ما ذكرت بأن المرأة هي الرقم الصعب في معادلة الإصلاح , فأحوال المجتمع السياسية والاقتصادية والصحية والأمنية والتربوية والتعليمية والفكرية والروحية والنفسية والمادية ...الخ , لن .. ولن .. ولن تصلح ما لم تصلح أحوال المرأة وما لم تجد أمنها التام الفكري والنفسي والروحي والمادي , فالأمن للمرأة يقابله الإصلاح والسلم الاجتماعي , أي هي أساس ضبط حركة المجتمع المسلم , ومن غير ذلك ( لا حركة موافقة للشرع ولا بركة في الحركة والحياة ) , والواقع خير دليل وبرهان , فلسان حال الواقع هو الناطق الرسمي الصادق الذي يفند كل نظرية ويرد على كل صاحب هوى , ولكن قراءته أو سماعه وفهمه بحاجة لقلب لم يجعله صاحبه مسكنا لهواه وأمانيه الباطلة , ولحواس لا يتجاهل صاحبها ما يدركه بها , ولعقل يتجاوز المعالم والمسارات الفكرية التي حددتها ورسمتها القوى العلمانية ليبحث عن المعالم والمسارات الفكرية التي حددتها وأوضحتها بصائر الوحي ونطق بها واقع الحال .
لقد تعرضت المرأة في الجاهلية الحديثة لوجهين رئيسيين من الخداع ، [ الوجه الأول ] : هو صرفها عن العلم والنور الأعلى الذي سينفعها وسيفيدها في ممارسة دورها الطبيعي وتحقيق ذاتها ، وهو الأمومة ورعاية الأسرة وتربية وصياغة الأبناء وصناعة الحياة ، فبدلاً من تعليمها من أجل إخراجها من حصنها ومملكتها لجعلها عاملة في آلية وماكينة الإنتاج المادية العالمية وجعل مهمتها الأولى تحصيل المال والشراء والإنفاق والتبذير والاستهلاك واللهث في دروب الحياة كان من الأجدر عدم حرمانها من العلم الذي يعينها على صناعة الحياة من خلال إدارة الأسرة ورسم وتنفيذ سياستها الاقتصادية والغذائية والصحية والفكرية والنفسية والروحية والاجتماعية ...الخ ، فصناعة الحياة وصناعة الإنسان وصياغته بصورة صحيحة بحاجة لأم متعلمة متنورة بالنورين , النور الأعلى والنور الأدنى - نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ - وواعية ومتمكنة من إدارة أسرتها لبناء أبنائها بناءً فكرياً وبدنياً سليماً وصياغتهم صياغة روحية ونفسية مثالية ، وهو بحاجة لأم متفرغة لتلك المهمة الإنسانية الراقية .
فهناك نورين , نور أدنى ونور أعلى , وأعني بالنور الأدنى , النور الذي ينير العقل بالعلوم التطبيقية المعروفة للمؤمنين ولغير المؤمنين والناتجة عن التجربة والمشاهدة والبحث العلمي وهي تدرك بالحواس والعقل وهو نور يختلف عن نور بصائر الوحي , وهو نور لا يسمو بالروح ولا يحي الحس وإدراكات العقل ولا يرتقي بالفكر , وهو النور الذي تنشره الحكومة العلمانية المنظمة والحكومة التي تستعمل الدين في الحكم والسيطرة , وذلك من أكبر الجرائم المنظمة التي ترتكب ضد الإنسان .
والإسلام إضافة إلى النور الأدنى يقدم النور الأعلى , الذي يسموا بالروح إلى الأعلى ويجعلها روح تتطلع لله المثل الأعلى فيرتقي الفكر فتصبح النفس نفس مطمئنة , والنفس تصبح نفس مطمئنة عندما يتحصل صاحبها على إدراكات العقل وهي أعلى مراتب الإدراك , وعندما يتذوق المؤمن نعمة الله تعالى سيتذوق معاني سورة الفاتحة ويدركها وعند ذلك يطمئن بأنه على الصراط المستقيم وبذلك يزيد ثباتا على المنهج القويم الذي ارتقى به إلى الدرجات العلا وهو يزيد يقينا على يقين , وبالشكر وبالتأمل وبالتدبر تزيد النعم والفيوض والفتوحات والأنوار الربانية .
قال تعالى " اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) " النور
ومن استشعر بحاجته للإرواء الروحي وإدراكات العقل من الذين سوقوا لنا ما يحسبه الظمآن ماء بدئوا ومنذ فترة البحث عن الإرواء الروحي بعد ما أصابهم الظمأ الشديد .
فالإنسان له أن يختار , بين أن يكتفي بالنور الأدنى الذي يكفل له المعيشة والارتقاء المادي فقط ليعيش وكما تعيش الأنعام بل أضل , وهو يعتبر لا شيء , لأنه لا يرتقي بإدراكات العقل , لذلك هو لا شيء , وهو النور الذي تقدمه المدرسة اللادينية - العلمانية - التي تفصل شعور وعقول وقلوب الدارسين عن بصائر وحي الله تعالى وأنواره وفيوضه , أو أن يكرم نفسه وأبنائه ويحسن إليهم بالنورين , فالنورين يكفلان المعيشة الراقية التي تليق بإنسانية الإنسان بعد ما تسمو روحه ليتحقق له الأمن الفكري والاطمئنان النفسي والثبات على الصراط المستقيم . " نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور . فالعلم نور وحياة والجهل ظلمة وممات .
وما تقدم يوضح بأن حالة الشيطنة التي يعيشها الصغار والشباب والكبار حدثت بسبب المدرسة اللادينية العلمانية التي أفقدتهم أول مراتب الإدراك , وهو الحس , فلا أمل في أن يعلموا ولا أمل في أن يعقلوا إلا من هداه الله تعالى إلى صراطه المستقيم ورفعه من الظلمة ومن أسفل سافلين إلى أعلى عليين وبجهده وعمله الصالح الصحيح بعد توفيق الله له , وذلك يفسر المظاهر والظواهر السلبية التي انتشرت في المجتمعات عموما , وعلاج تلك الحالة سيكون بواسطة المدارس الإسلامية وهي مدارس العصر القادم بإذن الله تعالى ( مدارس النورين - نُورٌ عَلَىٰ نُورٍ ) التي ستكفل لهم السمو الروحي والارتقاء الفكري والبناء البدني السليم والاطمئنان النفسي وبواسطة الإعلام الهادف البناء الذي سينير العقول والأفئدة ببصائر وحي الله تعالى ويحيي إدراكات العقل .
إن الجواهر الملقاة في الوحل إذا ما أردنا تنظيفها وغسلها يجب أن نرفعها من الوحل حتى تغسل بالماء وتنظف , ولكن صب الماء عليها وهي في الوحل لن ينظفها .
و[ الوجه الثاني ] : هو خداعها بما يسمى المشاركة السياسية باسم "الديمقراطية" ، فعند التطبيق الفعلي لن نجد لتلك المشاركة المزعومة أي أثر يذكر على تحسين أحوال المرأة بشكل خاص وأحوال المجتمع بشكل عام ، وهذا ما يلمسه النساء والرجال الذين سلمت فطرتهم وأحسنوا قراءة الواقع , فها هي المرأة في الدول الديمقراطية "العلمانية" أو الدولة التي حكمت باسم الدين ما زالت تعاني من الاستغلال وسوء الرعاية والاهتمام ، وها هي مجتمعات " العلمانية الديمقراطية" المزعومة تعيش بحالة تفسخ وانحلال . قال تعالى: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم (71) "(التوبة).. فحاجة المجتمع لجهود المرأة الفعلية تلزمنا استحداث دائرة سياسية نسائية خاصة لإدارة شؤون الفتيات والمرأة والأسرة ، بإدارة نسائية صرفة من النساء الصالحات المصلحات الواعيات المدركات دون وصاية من الرجال وبميزانية مستقلة ، وهذا وجه من أحد أوجه تطبيقات الجهاد التنظيمي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتكامل والتعاون على البر والتقوى ، وتلك الدائرة السياسية النسائية ( أو الحرم السياسي ) تكون مهمتها الآتي:
أولاً: إيجاد فتيات يتمعن بأعلى مراتب الإدراك والوعي متعلمات ومتمكنات من رسم سياسة الأسرة وإدارة شؤونها " الاقتصادية والغذائية والصحية والفكرية والنفسية والروحية والاجتماعية..الخ " وقادرات على صناعة الحياة ، قال تعالى: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون(21) " ( الروم ) ، فمهمة صناعة الحياة وإدارة شؤون الأسرة ورسم سياستها لضبطها ليست مهمة وضيعة وهامشية كما يصورها من لا يعيش تفاصيل الحياة بوعيه الكامل ، أو من يريد للمجتمع أن يعيش في ظل الفوضى بعد تحييد ( الأم المتعلمة المدركة الواعية المتمكنة المتفرغة الآمنة المطمئنة ) حتى يتسنى له تصريف بضائعه الفاسدة التي تفسد الحياة ، من قيم وأفكار ومفاهيم وغذاء ودواء أو سموم ومصنوعات وسلع مختلفة دون رقيب وحسيب ، بل إن مهمة إدارة الأسرة ورسم سياستها وضبط حركتها وصناعة الحياة من أصعب المهمات وأهمها وأشرفها في الدولة الإسلامية الناهضة بإذن العلي القدير ، فضبط الأسرة هو ضبط للمجتمع والدولة ، فمن الأسرة التي تديرها الأم المتعلمة الواعية المتمكنة المتفرغة يخرج أفراد المجتمع الصالحون المصلحون يخرج صناع الخير وصناع الحياة ، فتلك هي حقيقة دور ومهمة المرأة في المجتمع المسلم المثالي ، فإذا صلحت الأسرة والخلية الأولى للدولة صلح النسيج الاجتماعي وصلحت الدولة وصلحت الدنيا والحياة .
" عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرأة رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " (صحيح البخاري) .
ثانيـاً: تهيئة الكوادر الفنية والإدارية من أجل إدارة شؤون النساء بشكل عام "الفكرية والروحية والنفسية والمادية والصحية والاجتماعية والوظيفية ...الخ" وخدمة المجتمع وتوفير فرص عمل مناسبة لمن رغبت أو اضطرتها الظروف للعمل – ضمن الدائرة السياسية النسائية - وبما يحفظ كرامتها من الامتهان سواء كان ذلك بناء على حاجتها للعمل أو حاجة المجتمع .
ثالثاً: التنسيق مع مجالس الرجال أو دائرتهم السياسية الكبرى للاتفاق على آلية التشاور وحدود ومجالات المشاركة في إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية .
وأمام هذا الوضع المأساوي للمرأة ، وأمام هذا الخلل والاضطراب الذي أصاب المجتمعات بسبب تحييد وتهميش المرأة ومنعها من أداء دورها ومهمتها في صياغة الأبناء وصناعة المجتمع وصناعة الحياة تقدمُ حلولا تزيد الواقع سوءًا ، فالمشاركة السياسية للمرأة لا تكون بدخولها في حلبة الصراع السياسي باسم "الديمقراطية" والتعددية ولا توضع كزينة يسترضى بها الغرب في مجالس الشورى ، فهذا الأمر لا يصلح من حال وأحوال المجتمع المسلم بتاتا ، ومن المحال ذلك ، فالمجتمع الإسلامي الإنساني لا يصلح حاله ولا تصلح أحواله إلا بإعادة ترتيب شبكة العلاقات الاجتماعية السياسية على أساس صحيح من أجل إيجاد بيئة اجتماعية وسياسية صالحة مربية ومزكية بعد استحداث دائرة سياسية خاصة بالنساء هو جانب من الأسس السليمة والصحيحة التي ستعمل على عودة الروح والحياة للمجتمع .
لقد أصبحنا مخدرين ومسلوبي الإرادة ليس لنا إلا السير على خطى الآخرين في النظرة إلى الحياة والبقاء في أفقهم وجحورهم الضيقة ، " قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ ".. ألا يجب أن ننتبه إلى أنفسنا ونتأمل ونتفكر في حالنا وأحوالنا ونتدارس أمرنا ونراجع أفكارنا ومفاهيمنا وتصوراتنا ورؤيتنا للحياة ؟.. هل هي رؤية عميقة وصحيحة تسترشد ببصائر الوحي ومتطلبات الحياة ؟ أم هي رؤية سطحية أثرت بها أعمال المكر والدجل والحيل الشيطانية إضافةَّ إلى الإلف والعادة وبسبب تسلط "العلمانيين" وقوى التخلف والانحطاط على الأمة بعد تحييد العلماء الربانيين ؟..
لنبحث عن الأفق الفكرية والحياتية الرحبة الفسيحة بعيداً عن هذا الجو من الضنك والعنت والمعاناة ، لكي نعيد ترتيب شبكة علاقتنا الاجتماعية السياسية الإسلامية والبيت المسلم وفق المنهج الصحيح ووفق سنن ونظم وقوانين الكون والخلق حتى يهيأ المجتمع والبيت المسلم للتصدي لواردات الفتن القادمة وحتى تعود للدنيا الحيـاة . وبالله التوفيق ,,,
السياسة الشيطانية
في فترة ماضية سمعت وشاهدت أحد علماء السلطة في أحد القنوات الفضائية وهو أستاذ معروف في أحد فروع علوم الدين يعمل في أحد الجامعات الإسلامية المعروفة حيث كان يقول . ( إن الداعية المسلم أشبه بعازف آلة موسيقية من ضمن جوقة أو فرقة موسيقية متعددة الأصوات , فهو يجب أن لا يخرج عن النوتة أو النص المرسوم له وإلا سيكون صوته صوت نشاز لا يتوافق مع بقية الأصوات ولا يحقق سياسة الحكومة , فهو يجب أن يلتزم بزمن وبموضوع وبجانب يحدد له . ونحو ذلك المعنى ) وللعلم الحكومة حكومة علمانية لا تقيم للدين وزنا وهي تحارب الدين في السر والعلن .
وأنا بذلك العرض أدعوكن للسير على الطريق السالك الموصل للهدف الصحيح ولا تلتزمن بالنوتة أو النص العلماني أو السلطاني , وبداية الطريق هو إعداد وكتابة ونشر ما ترونه يحقق مصالحكن المشروعة الكاملة ويرد لكن كامل الحقوق وضرورات الحياة الإنسانية , دون التنازل عن أي حق أو عن أي ضرورة من ضرورات الحياة لأن التنازل لا يمكنكن من أداء المسؤوليات والواجبات الطبيعية الملقاة على عاتقكن والتي لا يشعر بها بعض الرجال , فمن الظلم مساواتكن بالرجال مع القيام بمسؤوليات الزوجة والأم وبأعباء ومسؤوليات الرجال ! , والتجربة خير دليل وبرهان , فهل كتب الله عليكن هذا الشقاء لكي تتحملن تلك الأعباء ؟ ! , أم هو بضغط وبتزيين وبخداع من الرأسماليين والعلمانيين وقوى التخلف والانحطاط التي لا تهتم إلا بجمع المال وكنزه وبناء العمارات والفنادق والمنتجعات , وأما الإنسان فليس هناك من يقوم ببناء شخصيته وصقلها وصياغته الصياغة المثلى , فستتكفل به الخادمات والإعلام الفاسد والشارع المنفلت بما حوى , ( وحظك نصيبك ) , والمسألة ليست مساواة كما يصورها مسوق الأحلام والأوهام بل هي تكامل , فالحركة الصحيحة المباركة ستتبع الفكرة الصحيحة المباركة وستجدون ورائها وبإذن الله النصرة الربانية بعد طرق باب النصر بقوة وإصرار , ثم ستجدن , فتح من الله ونصر قريب .
منا المال ومنك العيال .
لقد كان يقال للرجل قديما في حال زواجه ( منك المال ومنها العيال ) , وأما الآن أصبح المال من الرجال والمرأة , فهذا ما تريده الرأسمالية , مجتمع للعمال والكادحين , فحتى الدراسة للفتيان والفتيات دراسة عمال وكادحين , فنتائج دراستهم وحركتهم في الحياة تصب في جيوب أصحاب رؤوس الأموال , والمرأة تزيد على الرجل بالعيال وما يحتاجه العيال والرجال من رعاية واهتمام , وهذا ليس من العدل , إلا عند من فقد أو مراتب الإدراك وهو الحس أو الشعور , فالعدل يقتضي أن تعين الدولة الرجال ماديا وتكفي المرأة بالمال حتى تتفرغ لتربية العيال وتركز دراستها وتصب اهتمامها عليهم لتحميهم وتحفظهم من كل ماكر ومحتال ومن واردات الفتن والشبهات , أي يجب أن تدرس وتتعلم المرأة العلم الذي يعينها على إدارة الأسرة وتربية العيال وأما توفير المال يجب أن يكون من مسؤولية الرجال والدولة بالإضافة إلى الاهتمام بالعيال أيضا , فالمهم هم العيال وليس المال , فالمال وسيلة وليس غاية , فالمال غاية عُبَّاده يعبث به السفهاء دون حسيب ولا رقيب حيث تركوا المرأة والعيال بلا حماية ورعاية , فهكذا يسوء الحال , حال الرجال والمرأة والعيال والدولة وحال الدنيا بما فيها .
إن السياسة الشيطانية التي يوحيها الشيطان لعبده المال ترتكز على إشغال الرجال والنساء بكسب وبجمع المال وجعله شغلهم الشاغل , وهو بذلك يصرف انتباههم عن عيالهم حتى يصفوا له الجو ليلتف على العيال لكي يفسد فطرتهم ويخرب عقولهم ويطمس بصائرهم , وهذه السياسة بحاجة لسياسة تقابلها وتتفوق عليها , فسياسي العصر لا يهمه ذلك فهو له اهتمامات أخرى يمارس من أجلها الحيل والكذب والدجل وتعبيد الناس للمال والأشياء , وهذا هو مراد إبليس .
وبناء على ما تقدم يجب أن تطالب المرأة برسم وبتنفيذ سياسة توفر لها المال والعلم والمعرفة التي تمكنها من أداء مهمتها ومسؤولياتها الطبيعية في التربية والتعليم والرعاية لحفظ نفسها وأبنائها وإدارة الأسرة عدى العلوم الأخرى التي تدير بها دائرتها السياسية النسائية , فالإنسان هو الأهم وهو المستهدف في صراع الحياة الدنيا .
فلسان حال الرجال المؤمنين بإقامة دولة العدل يقول , يا امرأة ( منا المال ومنك العيال ) أي من الرجال والدولة المال ومن تحت يديك يخرج العيال المحصنين المدركين لحقائق الأشياء .
التغريد خارج السرب
الأخوات الفاضلات الناشطات , في الختام , أحب أن أنبهكن وأوضح لسيادتكن ضرورة العمل على تجاوز المعالم وتخطي المسارات الفكرية التي حددتها ورسمتها القوى العلمانية بمساعدة القوى السياسية التي تحكم باسم الدين من أجل البحث عن المعالم والمسارات الفكرية التي حددتها وأوضحتها بصائر الوحي ومتطلبات وضرورات الحياة , فبها ستجدن ما علمتن من الحقوق وما غفلتن عنه , كما عليكن حث الجمعيات النسائية في العالم ودفعهن لارتياد الآفاق الفكرية الإسلامية الرحبة حيث سيجد النساء ما فكرن وما حلمن به وما تحدثن عنه يتجلى على أرض الواقع - وبالتدريج - وكما تشرق الشمس في الفجر الصادق , فبقاء أفكاركن تدور في النطاق الضيق المحدود التي وضعت معالمه ورسمت مساراته الفكرية القوى العلمانية وبأفكار شيطانية سيجعلكن في حيرة دائمة وتدورون في حلقة مفرغة ولن تجدن التحرر والخلاص من حالة الرق النفسي والاجتماعي .
أحلمن وغردن خارج السرب وتفلتن من الحصار وأخرجن من الأسر والمعتقلات الفكرية واهدمن الحوائط التي بنيت أمام العقول وأخرجن عن النوتة واعزفن نغمة سياسية جديدة تزعجون بها المايسترو - إبليس- وكاتب النوتة وأعوانه وانشرن أحلامكن وبصور فكرية تتوافق مع بصائر الوحي ومتطلبات الحياة السعيدة وستجدن بإذن الله ما حلمتن به يتجلى على أرض الواقع وبروح جديد وبصورة مشرقة , فبالحركة الصحيحة نحو الهدف الصحيح تسخر لكن الأشياء وتسموا الأرواح وترتقي المدركات لتعود للدنيا الحياة وتعود لها البركة من رب منعم طيب كريم عزيز عفو غفور رحيم .
اطلبن النصرة وأستعن بالله العلي القدير وببصائر ووحيه على أعدائكن وأعداء الدين والإنسانية وستجدن الله معكن . وبالله التوفيق ...
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " هل تُنصَرون وتُرزَقون إِلا بضعفائكم " أَخرجه البخاري.
إلى الجمعيات والتجمعات النسائية , في الحركة نصر وتمكين وبركة واسألوا الله العون والهدى والسداد والتوفيق .
محمد العلي
محمد العلي - الكويت - الكويت
07/12/2010 - 9009