الجزائر

يناير.. عنوان الأصالة الراسخ في التاريخ


نورة القطني: ارتباط الجزائري بالأرض.. لا يحول ولا يزولفاتن خلوات: الأدب الأمازيغي له جذوره في الثقافة الشعبية
يعتبر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أحد الاحتفالات المميّزة في الجزائر، ويمثل رابطة بين الجزائري وأرضه التي افتداها بالغالي على مدى التاريخ، وعلى هذا، يقدّم مادة ثريّة للكتّاب والأدباء والشعراء بما يمنح من العمق لأصالة الروح الوطنية.
ولقد سلّطت الكاتبة نورة القطني الضوء على جوانب مهمة تخص السنة الأمازيغية التي تشكّل مادة دسمة للبحث وإثراء الموروث الثقافي الذي تزخر به الجزائر، حيث دعت إلى ضرورة إبراز أهمية الاحتفال بيناير باعتباره رافدا للتراث الثقافي للهوية الجزائرية.
وأوضحت الكاتبة نورة القطني في حديثها مع "الشعب" إنّ الاحتفال بيناير يحمل من الدّلالات ما يروي عن حضارة أمة ممتدة الجذور في التاريخ، وهو يستدعي تنظيم ندوات علمية تبحث في تاريخ الثقافة الأمازيغية وواقعها واستشراف مستقبلها والاعتماد على المشاريع العلمية، لإبراز الخصوصيات الثقافية الأمازيغية، لتتابع قائلة: "رأس السنة الأمازيغية الذي تحتفل به الأسر الجزائرية عبر مختلف ربوع الوطن هو تعبير عن صور التفاؤل بسنةٍ خصبة، حتى ولو اختلفت العادات من منطقة إلى أخرى، إلا أنّ المغزى ثابت وهو الحفاظ على البعد الحضاري الذي تتميّز به الجزائر وتراثها المتوغّل في التاريخ لتبقى هذه العادات شاهدة عليه".
وتطرّقت القطني في معرض حديثها إلى أصل حكاية الاحتفالات والتي تعود – حسبها - إلى رؤية انقسم فيها المؤرّخون إلى قسمين، فريق يرى أنّ اختيار هذا التاريخ من شهر جانفي يرمز للاحتفال بالأرض والزراعة، ما جعلها معروفة باسم "السنة الفلاحية"، أما الفريق الثاني، فيربطها بالاحتفال بذكرى اليوم الذي انتصر فيه الملك الأمازيغي "شيشناق" على الفرعون المصري "رمسيس الثاني" في مصر، حيث لكلا الرأيين معطيات ولكن من منظورها، الرأي الأرجح هو الأول، وذلك وفق ما أثبتته المصادر التاريخية.
وعن النشاطات الثقافية الممارسة خلال هذه المناسبة، ذكرت المتحدّثة، أنّه جرت العادة أن يُحضّر للمناسبة بكثير من الأنشطة الثقافية والفلكلورية المتنوّعة، إذ يتجلّى دور الجمعيات الثقافية التي تهتم بالشأن الأمازيغي، بإقامة معرض للصور والألبسة التقليدية وبرمجة محاضرات للتعريف بالموروث التاريخي والثقافي للحضارة الأمازيغية على مستوى الوطن، وأنشطة أخرى تتضمن إقامة معارض للأواني التقليدية وإلقاء محاضرات حول التاريخ الأمازيغي، ينشّطها أساتذة ومختصون في التاريخ، إلى جانب عرض حيّ لمختلف تقاليد المنطقة للاحتفال برأس السنة الأمازيغية.
ودعت نورة القطني المثقفين والمختصين والمبدعين إلى نشر الوعي والتعريف بالحضارة الأمازيغية، كما شدّدت على ضرورة ضم الأصوات المنادية لجعل الاحتفال برأس السنة الأمازيغية عنوانا بارزا "لأنّنا نملك تراثا حضاريا زاخرا" تقول القطني
من جهتها، تعتبر الشاعرة فاتن خلوات المعروفة في الساحة الأدبية الوطنية والعربية باسم "فاتن أمازيغ" واحدة من الشاعرات الجزائريات اللواتي استطعن اقتحام الأدب الشعبي الأمازيغي بأعمال مميّزة، حيث تعدّ من أبرز الوجوه المبدعة في الفعاليات الثقافية الوطنية، في رصيدها العديد من القصائد الشعبية باللغتين العربية بما فيها العامية والأمازيغية، تغنّت فيها عن الوطن والأم والحب والجمال والعدالة.
وقالت فاتن أمازيغ ل«الشعب"، بأنّ الأدب الأمازيغي، ركيزة من ركائز الهوية الجزائرية المتينة، وأنّ الرسائل التي يوجّهها هذا الأدب، سواء كان شعرا أو نثرا، لا تختلف كثيرا عن الأدب العربي، فهو يملك نفس المقوّمات ونفس الأشكال، وذكرت، بأنّ الرواية الجزائرية عرفت خلال الأعوام الأخيرة قفزة نوعية، وباتت عدّة أسماء جزائرية رائدة في افتكاك الجوائز الأدبية على أكثر من مستوى، كما أضافت بأنّ الرواية الجزائرية تمكّنت من فرض وجودها بالمشهد الثقافي المحلي والقاري، لاسيما العربي والدولي باللّغة العربية وبالأمازيغية وتطلّ على القراء بعدّة إصدارات، وحقّقت نجاحا وتميّزا، تم الترويج لها عن طريق الكتاب الجزائريين المتخصّصين في الأدب الأمازيغي.
وفي حديثها عن تدوين الأدب الشعبي، قالت إنّ الغرب كان سبّاقا باهتمامه بالثقافة الشعبية، وذلك من خلال تكثيف الدراسات والجمع والتحقيق، وهو ما تحمله الرسالة العامة للأدب الأمازيغي الضارب جذوره في الرؤية الشاملة للثقافة الشعبية، وذكرت المتحدّثة، أنّها شاركت في العديد من اللّقاءات والفعاليات الثقافية، ونشطت أمسيات شعرية في عدّة فضاءات بالعاصمة مثل المركز الجزائري للإشعاع الثقافي، فيلا عبداللطيف، قاعة الأطلس.. وغيرها من ولايات الوطن، ولها مشاركات مع المحافظة السامية للأمازيغية، في معرض الكتاب كونها قامت بترجمة إلياذة الجزائر لمفدي زكريا إلى اللّغة الأمازيغية "شغلنا الورى"، وعن هذا الحدث قالت "كنت أول شاعرة تترجم الإلياذة كاملة من العربية إلى الأمازيغية".
من جانب آخر، تطرّقت الشاعرة إلى الحديث عن ثاني تجربة لها مع الترجمة إلى الأمازيغية، وذلك من خلال كتاب جامع لقصائد شعراء الملحون، الصادر عن دار خيال يحمل عنوان "مختارات من الشعر الشعبي"، وذكرت بقولها: "شاركت في هذا العمل الجميل إلى جانب ستة شعراء، حيث ساهمتُ بعملين من بينها قصيدة توحشتك، المطلوبة بكثرة في أغلب الأمسيات الشعرية، بينما قام كلّ من الشعراء صادق قدور، توفيق ومان، رشاد بلمومان، قاسم شيخاوي، نهاد بن عقيدة.. بالمساهمة بقصيدة واحدة لكلّ منهم".
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)