الجزائر

يفضّلون الفضاءات المفتوحة على الشواطئ



يفضّلون الفضاءات المفتوحة على الشواطئ
تزخر الجزائر بعدة مناطق سياحية تعد قبلة لعدد كبير من الزوار والسياح، الذين يأتون إليها من كل فج عميق بحثا عن الراحة والاستجمام، ورغبة في اكتشاف المناظر الخلابة والطبيعة الجبلية الحية الناطقة بكل شيء جميل، حيث يزداد إقبال الزائرين على هذه المناطق لا سيما مع عودة الاستقرار والأمن اللذين أعاد لها وجهها السياحي السابق. ومن بين المناطق السياحية الجبلية التي يفضل زيارتها معظم الجزائريين على غرار جبال الشريعة بالبليدة، غابات العوانة بجيجل. نجد غابات وجبال منطقة القبائل الكبرى بولاية تيزي وزو، وبالتحديد منطقة أزفون الساحلية، بني يني المشهورة بصناعة الحلي التقليدية، ومنطقة ياكوران بغاباتها الكثيفة الساحرة التي تكاد أشجارها تعانق السماء. وتعرف منطقة اعكوران إقبالا للزوار متميز عن غيرها من المناطق المجاورة، باعتبارها نقطة عبور ومفترق طرق للعديد من الولايات الأخرى كبجاية، سطيف وغيرها. وهذا بشهادة الجميع، سواء تعلق الأمر بالزوار أم بسكان المنطقة في حد ذاتهم.ديكور سياحي ممتازيتمتع القاصد لهذا المكان بسحر المناظر الخلابة للغابات المحاذية للطريق الوطني رقم 12 الرابط بين تيزي وزو وبجاية، الذي يعد هو الأخر سبيلا تسلكه العائلات القادمة من الولايات الداخلية لتتوقف للراحة من عناء السفر، والانتعاش بمياه الينابيع الطبيعية المتواجدة بالمنطقة والتي ذاع صيتها خارج الولاية. بسبب ما تحتويه من أملاح معدنية تفيد صحة الجسم، بالإضافة الى برودتها الطبيعية التي توحي للوهلة الأولى أنك أمام ماء تم تبريده اصطناعيا، ويعد المنبع المنعش أو لافونتان فراش كما يحلو للكثيرين تسميته، هو المنبع الطبيعي لهذه المياه المتدفقة من باطن الأرض الذي أصبح يشهد توافد الكثير من الزوار وحتى المغتربين القادمين من مناطق نائية جدا طلبا لهذه المياه. ولا يفوت قاصد المكان أن يرى الدلاء ،القارورات والأدنان البلاستيكية تصطف لساعات طوال على طول الرصيف المحاذي للمنبع، التي ينتظر أصحابها حلول الدور الخاص بكل واحد للاستفادة من هذه الثروة المعدنية. وشغلت هذه الظاهرة بال السلطات المحلية لبلدية ياكوران التي قامت بتهيئة المنبع وبنائه وتقيمه الى ثلاثة منابع فرعية. بالطريقة التي تسهل الحصول على الماء في أقل وقت ممكن وبدون حدوث مشاكل بين المواطنين. وقد لاق هذا الأمر ارتياح الزوار لا سيما مع تخصيصهم مقاهي ومحلات الإطعام التي توفر الراحة للزبائن. والى جانب المنابع المائية التي تزخر بها المنطقة، تصنع معارض الأواني الفخارية ومستلزمات الزينة المنزلية مشهدا فنيا وسياحيا يسجل هو الآخر حضوره بقوة مع دخول فصل الصيف، حيث يتفنن أصحاب المعارض في عرض مختلف الأواني والجرار والحلي والأدوات الفخارية والتذكارات المعبرة عن عادات وتقاليد منطقة القبائل. لتلبية أذواق الزبائن الذين يعج المكان بهم طلبا للحصول على تحفة فخارية من المنطقة. حتى قردة الماغو حاضرةاعتاد الوافدون الى غابات اعكوران ومستعملو الطريق الرابط بين ولايتي تيزي وزو وبجاية على رؤية قرد الماغو المميز والمنتمي الى فصيلة الثدييات والذي يظهر فجائيا على قارعة الطريق لتحية المسافرين والسياح على طريقته الخاصة والبشوشة التي تجعل المعجبين يلقون إليه بقطع الخبز والمكسرات والفواكه وغيرها من الأطعمة مما يشتهي، والتي تقيه عناء البحث عن الأكل عبر أرجاء الغابة الواسعة. فيما يفضل آخرون أخذ صور تذكارية واللهو معه، ويتغذى هذا الحيوان الذي ينتمي إلى فصيلة الثدييات، حسبما أكده أحد المرشدين بالمنطقة على أوراق الأشجار بالغابة وثمارها كالبلوط، والجذور واللوز، كما تزداد فرص الأكل عند الماغوى بحلول فصل الربيع، حيث تكثر الديدان على سطح الأرض وجذوع الأشجار والاخضرار، ويستطيع هذا الحيوان أكل ما يقارب ال50 دودة في الدقيقة الواحدة، وهو بذلك يساهم في الحفاظ على الغابات والإبقاء على تنوعها البيولوجي وتخليصها من الحشرات والطفيليات الضارة. ويعيش قرد الماغو الذي يعد من بين 15 فصيلة من الثدييات التي أحصتها الجزائر في أعالي الأشجار التي تعد ملاذه بالليل. وحسب العارفين بهذا الحيوان الذي يتخذ من الجزائر والمغرب موطنا له، فإنه يتكاثر في الربيع المتميز بالطقس الملائم ووفرة الغذاء والمناخ الملائم، ويصل صغير الماغو عند الولادة 800 غرام. ويصنف هذا الحيوان من بين الثدييات المهددة بالانقراض بسبب الحرائق المتكررة التي تأتي على الغابات والإتلاف الرهيب الذي يطال محيطه البيئي والتي باتت تهدد سلامته، وهو الأمر الذي يقلص من أعداده ويجبره على الهجرة للجبال والمناطق الوعرة بأماكن تضمنه الأمان والاستقرار التي لا تطالها يد الإنسان. والى جانب هذا التنوع السياحي الذي يميز منطقة ياكوران بقلب القبائل الكبرى، تبقى السياحة الجبلية تنافس شواطئ البحر في عز الصيف بالنظر لما توفره من لوحات سياحية للزائر قد لا يجدها في الأماكن الأخرى. ومن هنا، يستوجب الرعاية بهذا الموروث البيئي خدمة للتنمية السياحية المستديمة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)