فرنسا جهزت جائزة بعشرات الملايين لمن يقبض عليه حيا أو ميتا .هو المجاهد وادي محمد المدعو سي عبد المؤمن صنعت منه ثورة التحرير الكبرى المباركة رجلا ذا شأن مغوارا، يسخر من المخاطر والأهوال مهما كانت طبيعتها ، فهو يتمتع بفطنة وفراسة لا تخفي خلقه المتميز بالكرم والصبر والإيثار ، فهو صادق الحديث لا يعرف للهزل معنى ، وعندما يضحك فمعنى ذلك أنه أفلح في تحقيق مراده ، والمراد هنا هو القضاء على عساكر فرنسا وأذيالهم من الخونة والمتخاذلين .مجاهدنا تجتمع فيه كل خصال الرعيل الأول من الخيرين إكتسبها من الأحداث التي عاشها والمحن التي كابدها وهو صبي إذ وقف على عدة تصرفات مشينة للعسكر ضد أقربائه وبني دواره ' عبد الوادي ' جنوب سجرارة ، فكان لما يرافق والده الشهيد' بن عودة وادي ' إلى أسواق معسكر ويحضران حلقات ' المداحين ' بالساحات العمومية ، وحكايات المبارزة بين سيدنا علي كرم الله وجهه ورأس الغول وكل الجبابرة ، كان سي محمد يغلي حماسة في كل بدنه ، يتأثر كثيرا ، ويتصور أن فرنسا يجب ان تحارب بهذا الشكل ويكون هو البطل في هذه الحكايات والقصص التي كان المداحون ينسجونها ويتفننون في تركيبها بغية زرع الحماس بين المواطنين الجزائريين .( عائلة شهيدة )هذا الحلم بدأ يكبر عند سي محمد وادي خاصة وأن بلوغه سن الرشد تزامن مع اندلاع ثورة التحرير الكبرى ، فأخذ والده منه ومن اخوته الثلاثة الشهداء موثقا من الله في مسجد العلامة الشيخ سي ادريس أن لا يهنوا ولا يتخاذلو في مجابهة فرنسا .وشاءت الأقدار أن يستشهد الأب بن عودة عن 55 سنة في رمضان 1958 بعد تعذيب دام 10 أيام ، والإخوة الثلاثة إبراهيم وبوعلام وحمادوش،وبقي مجاهدنا وحيدا إلا أن الفراغ زاده إصرارا على الأخذ بالثأر خاصة وأنه في تلك اللحظات المشحونة بالغضب منح له لقب عبد المؤمن بعدما استشهد عبد المؤمن الأول ولا يعرف أحد من رفاقه اسمه الحقيقي ، فكان يترصد جنود العدو ويفتك بهم واحدا واحدا ، فجن جنون فرنسا فأطلقت حملة للبحث عنه وتوقيفه حيا أو ميتا ، ولما فشلت محاولاتها جهزت جائزة مغرية بعشرات ملايين الفرنكات ، إلا أن هذه المكائد باء ت كلها بالفشل ، فكان الموت نهاية كل من يدنو من سي عبد المؤمن .أسد سجرارة هذا زرناه مؤخرا ببيته ببلدة عين النويصي بولاية مستغانم وهو يبلغ 86 سنة من العمر ، كان يجهش بالبكاء عندما يتحدث عن رفاقه الشهداء والمصائب التي كانويواجهونها ليل نهار ، و الفترات العصيبة التي مروا بها خاصة لما شرعت فرنسا في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة. ويروي سي عبد المؤمن أن بيت والده بن عودة بعبد الوادي جنوب سجرارة التي تقع شرق مدينة المحمدية على الحدود مع ولاية غليزان كانت ترتاده كتائب جيش التحرير ، وأقام العديد من قادة الثورة أمثال بومدين لمدة 08 أيام مع رفاقه المجاهدين كسي عثمان ، وزغلول ، سي عبد المؤمن ، سي بوخاتم....( بطل ميداني )سي عبد المؤمن هوإبن منطقة بني شقران يعرفها شبرا شبرا إلى غاية الرمكة شرقا وعلى امتدادها غربا ، فهذا جبل الريح، وجبل الجمر الطويل ، وجبل كرناف ، ومغارة سيدي أحمد ، ومغارة فرعون ، ومغارة البابور ، وابن السلطان ، والكهف الابيض ، ودار الثلج ...وهي كلها معالم تاريخية لها قيمة ثمينة في تمويه المجاهدين وإيوائهمويذكر لنا سي عبد المؤمن أنه طيلة ثورة التحرير كان يقف مع الفقير والمظلوم لكنه لا يتوانى في القضاء على الخونة و عساكر فرنسا دون شفقة كما كان يخالف أوامر المسؤولين ببقاء يده على الزناد والرصاصة في بيت النار كونه من طبعه أنه لا يثق في أحد .وبعد الإستقلال تقلد سي عبد المؤمن مسؤولية على رأس بلدية الغمري ، ونظرا لمشاكل طارئة مع القيادة العليا للبلاد رحل إلى منطقة عين النويصي ومكث بها إلى حد الآن .وقد خصص له الأستاذ العيد أحمد كتابا بعنوان : 'عبد المؤمن بطل سجرارة ' ضمنه سيرة هذا المجاهد المتشبع بالوطنية والشهامة ، وينوي أستاذنا ،وهو مشكور، التوسع أكثر في خبايا وأسرار حرب التحرير في هذه المنطقة المناضلة بإنجاز كتاب آخر ، فتحية إجلال وإكرام لهذا المجاهد ولمن خط مذكراته التي تعد المبادرة الأولى التي نتمنى أن تتبع بكتابات أخرى تنقل لنا الأحداث التاريخية التي عاشتها سجرارة بين أحضان جبال بني شقران .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/11/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م عدة
المصدر : www.eldjoumhouria.dz