الجزائر

يتمنون أن يكونوا طبيعيين مثل كل أقرانهم منسيون لا يملكون أي وثيقة رسمية تثبت وجودهم في الحياة



عندما تتحول المادة20 / 70 التي تمنح فرصة 05 أيام لتسجيل المولود إلى نقمة هم يعيشون في الواقع، يتزوجون ويلدون، يتاجرون ويكسبون، بل يؤثرون ويتأثرون بما في حياتنا اليومية. هم أيضا بالمئات إذا لم نقل بالآلاف، لكنهم رغم كل هذا لا يملكون أي وثيقة رسمية  واحدة تثبت وجودهم في الحياة وهو ما يطلق عليهم في مصطلح الحالة المدنية بالمنسيين. يكثر تعداد هذه الفئة بولاية الجلفة، خاصة لدى سكان البدو الرحل الذين لا يقوم الغالبية منهم بتسجيل أبنائهم ساعة ولادتهم، وإذا ما أرادوا تسجيلهم بعد ذلك يصطدمون  بكون الموعد قد فات بحكم المادة 70/20 التي تمنح فرصة 05 أيام فقط للتسجيل، فتجدهم يسلكون طرق أخرى للتسجيل مرورا بالطبيب والبلدية والشهود ثم المحكمة، وهو ما لا يطيقه الكثير منهم لما فيه من متاعب ومشاق بيروقراطية لم يألفوها ولا يستطيعون تحملها، لتكون النتيجة التخلي عن التسجيل نهائيا، لتجد ولاية الجلفة في المدة الأخيرة نفسها أمام مشكل عويص جراء ذلك. والنتيجة اليوم أن الآلاف من هؤلاء موجودون على مسرح الحياة ولكنهم غير موجودين على الدفاتر والوثائق الرسمية في الإدارات. فهؤلاء نزحوا شيئا فشيئا نحو المدن وبات أبناؤهم يدخلون المدارس، حيث لا يجدون في أول الأمر متاعب في التعليم الابتدائي والمتوسط، ولكن حين يدخلون مرحلة التعليم الثانوي تبدأ متاعبهم في التعقد، خاصة أثناء استخراج الوثائق اللازمة لهذا الطور. أكثر من ذلك، فإن الوثائق الرسمية وعلى رأسها شهادة الميلاد وإن وجدت، فإن شهادة ميلاد الأب أو الأم أو عقد زواجهما قد يكون في غالب الأحيان غير موجود، وهو ما يحرمهم مرة أخرى من الجنسية بل وحتى من الفريضة والميراث في حال وفاة أحد الأبوين، لتبقى الحلقة تدور على نفسها كما هي إلى اليوم.ونحن نتحدث إلى أحد الثانويين الذين يعيشون المشكل بسبب عدم تسجيل والده، مما نتج عنه عدم توفر عقد زواج  للوالدين، صدمنا بقصة كهل صدمته سيارة، إذ لم يعثروا على أي وثيقة لتعويضه. والأمثلة كثيرة وهي بالآلاف في إقليم الولاية التي حين تسمع قصصهم تجد أن إدارتنا بعيدة عن واقع هؤلاء.    وعندما تحدّث لنا العديد من الشباب عن هذا المشكل وكيف أنهم يعيشون هذا الواقع المرير بكل حيثياته، تمنى محدثونا أن يكونوا مواطنين طبيعيين مثل كل أقرانهم ولم لا، يقولون، تجد لهم الدولة حلا كما كان معمولا به لدى مصالح البلدية عندما كانت تقوم بإحصاء المنسيين كل سنة، وتضع لهم قائمة جماعية تقدم للمحكمة وبالتالي القضاء على المشكل من أساسه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)