يتعرض أكثـر من 22 ألف مخبري بين بيولوجيين وصيادلة وشبه طبيين
وملحقي مخابر بقطاع التربية، إلى عدة مخاطر بسبب احتكاكهم بالمواد
الكيميائية أثناء إجراء التحاليل أو عند أخذ عينات بيولوجية من المرضى،
الأمر الذي يجعلهم عرضة لفيروسات مميتة كالسيدا والكبد الفيروسي، إضافة
إلى الحروق الناجمة عن احتكاكهم بالمواد الكيميائية، يحدث هذا في الوقت
الذي لا تتعدى أجورهم الـ26 ألف دينار. يؤدون مهامهم دون توفر وسائل الحماية
المخبريون تحت رحمة مواد كيميائية محظورة
ذكرت المنسقة الوطنية للبيولوجيين، آمال موسي، أن 3 آلاف بيولوجي يعملون حاليا بالمخابر، أغلب هذه الأخيرة، حسبها، لا تتوفر على وسائل الحماية من المخاطر أثناء تأدية المهام، لأنها تتواجد في أماكن غير معرضه للتهوية، ما يسمح بانتشار البكتيريا، بالإضافة إلى نقص وسائل العمل. وهنا أشارت المتحدثة إلى أن أبسط اللوازم غير موجود كالمآزر التي يضطر العمال لاقتنائها من الأسواق، بالإضافة إلى أن هناك مخبريين يجرون تحاليل دون ارتداء أدوات الوقاية وعلى رأسها القبعة والقفازات والنظارات والقناع.. رغم أنهم يتعاملون وبشكل يومي مع أكثر من 100 مادة كيميائية لإجراء التحاليل البيولوجية، وهي مواد من شأنها إلحاق ضرر واسع بالمخبري، مستدلة بمادة ''ايفزيلان'' التي تستعمل في التدقيق في تركيبة الأنسجة والخلايا أثناء تحليل أجزاء من جسم الإنسان، وهي مادة قوية بإمكانها إلحاق أضرار تنفسية عند استنشاقها ويمكن أن تسبب أمراضا سرطانية إذا لم يستعمل المخبري المواد الواقية.
وعادت المتحدثة إلى الحديث عن القفازات التي قالت إن هناك مخبريين يعملون دونها وآخرين يرتدون أنواعا رديئة تسبب الحساسية وسريعة التلف، ما يسمح بمرور عينات دم المرضى إلى جسم المخبري، وهنا تحدث إصابتهم بأمراض تكون مميتة لأنه لا يكتشفها في وقتها، كالإصابة بالسيدا والكبد الفيروسي والسل وغيرها من الأمراض المتنقلة والجلدية، موضحة بأن عدم وجود أرقام لعدد الإصابات ناتج عن عدم وجود طب العمل بأغلب المخابر، إضافة إلى أمراض موازية كنقص النظر بسبب جهاز الميكروسكوب الذي قالت عنه محدثتنا إنه يفترض أن يكون لكل تحليل جهازه الخاص، إلا أن المعمول به حاليا هو العمل بجهاز واحد لكل أنواع التحاليل، ما يؤثر على النظر. يضاف إلى كل ذلك كراسي العمل غير المؤهلة التي تسبب أمراض الدوالي وانحناء الظهر، وصوت الآلات الذي يتسبب في ضعف السمع.
من جهتها، طالبت نقابة شبه الطبي التي يعمل بها 6 آلاف منهم في المخابر، وزارة الصحة بضرورة الإفراج عن منحة ''العدوى'' التي تحتاجها هذه الفئة المعرضة لأخطار واسعة، بسبب التحاليل التي يجرونها بشكل يومي داخل المخابر وكثرة الحالات وضغط العمل والتي تتسبب في إصابات بأمراض خطيرة، خاصة في المناطق المعزولة التي تفتقد للإمكانات، يضيف رئيسها لوناس غاشي.
وهو ما ذهب إليه رئيس نقابة الصيادلة الخواص، مسعود بلعمبري، الذي ذكر أن 3 آلاف من الصيادلة يعملون في المخابر، مؤكدا على دورهم الرائد خاصة أن الصيادلة أصبحوا، وفق ما ينص عليه القانون، يقومون بتحاليل طبية على مستوى الصيدليات، مشيرا إلى دورهم في المناطق النائية، حيث لا توجد مخابر كبرى وهو ما دفعهم اليوم إلى الدخول في مفاوضات مع وزارة الصحة لتحديد قائمة التحاليل التي ينبغي أن يقوم بها الصيدلي داخل الصيدلية، لأن هناك تحاليل دقيقة كتلك المتعلقة بالهرمونات التي ينبغي أن تجرى في مخابر متخصصة.
10 آلاف مخبري في قطاع التربية مهددون بفقدان مناصبهم
يواجه قرابة 10 آلاف مخبري في قطاع التربية خطر فقدان مناصبهم، حيث إن كل المؤشرات دالة على أن هذه المهنة ''في طريق الزوال''، والشاهد في ذلك تغيير تسميتهم في القانون الأساسي لمستخدمي القطاع إلى ملحق وملحق رئيسي بالمخبر، وهو ما يعتبره المعنيون بمثابة ''قهقرة'' لهذه المهنة التي لم يتغير منها إلا الاسم، أما بالنسبة لظروف العمل فهي نفسها، إذ يقضي المخبري معظم أوقاته في المؤسسة التربوية بمعدل 40 ساعة في الأسبوع ولا يسمح له بمغادرتها حتى وإن أمضى الفترة الصباحية أو المسائية بلا عمل، نتيجة عدم برمجة أعمال تطبيقية. ولم تنجح الاحتجاجات التي شنتها هذه الفئة، في الفترة الأخيرة، في الحصول على بعض المطالب، على رأسها مطلب الإدماج في السلك التربوي وحق الاستفادة من منحة الأداء التربوي واحتساب منحة المردودية بنسبة 40 بالمائة عوض 30 بالمائة. ويترقب المخبريون أن تنظر وزارة التربية في قائمة المواد الكيميائية المتداولة في مخابر القطاع بحكم أن معظمها ممنوع من الاستخدام في العديد من الدول. ويلحّ هؤلاء على ضرورة تجهيز المخابر بأجهزة خاصة لامتصاص البخار المنبعث من تفاعلات المواد الكميائية، لكونه المتسبب الرئيسي في المشاكل الصحية التي يعاني منها السواد الأعظم من منتسبي هذا السلك.
بورتريه
أرملة وأم لثلاثة أطفال تروي معاناتها إثر حادث بالمخبر
تكاليف العلاج تحمّلتها عائلتي بعد أن تخلت عني الوصاية
مخبرية في سن الستين، أرملة وأم لثلاثة أطفال، مارست هذه المهنة بعدد من ثانويات ولاية وهران لمدة تقارب 30 سنة، تبقى لها سنوات عمل فعلية في القطاع، قبل أن تحال على التقاعد براتب لا يتجاوز عتبة 26 ألف دينار.. هي السيدة ''م. س'' التي رفضت نشر صورتها أو أن يذكر اسمها بالكامل في هذا الركن، لكنها وافقت على سرد معاناتها كمخبرية والحادث الذي تعرضت له منذ 23 سنة. عادت المتحدثة بذكرياتها الأليمة إلى العام 1988، عندما كانت ذات يوم بصدد تحضير محلول خاص في المخبر متكون من حمض الكبريت، ودون أن تشعر انقلبت قارورة الحمض وتوزع الحمض على أجزاء مختلفة من جسمها، الأمر الذي تسبب لها في حروق من الدرجة الثانية والثالثة، لم تفلح المصالح الطبية بمستشفى الولاية في معالجتها. وازدادت أوضاعها الصحية سوءا، حيث إنها كانت تتعرض للتخدير من أجل تغيير الكمادات. وبعد مرور عشرة أيام لم تتحمل المعنية هذه المعاناة ونقلت إثرها إلى مستشفى بفرنسا، وقالت إن تكاليف التنقل والإقامة في الخارج لمدة 4 أشهر كانت على حساب عائلتها، لأن الوزارة الوصية لم تتدخل لحل المشكل. وأضافت ''م. س'' أنها توقفت عن العمل لمدة عام كامل بعد عودتها إلى الجزائر، ورغم استئنافها العمل وجدت صعوبات نفسية في التأقلم من جديد مع المخبر، خاصة أنها واصلت العمل بنفس المواد الكيميائية الخطيرة، وإلى حد الساعة لا تزال تستعملها.
شاهدمن أهلها
رئيس النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة لقطاع التربية علي بحاري
نطالب بجميع المنح التي يتقاضاها العمال
يبرز علي بحاري، رئيس النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين لقطاع التربية، في هذا الحوار، معاناة فئة المخبريين اليومية مع المواد الكيميائية الخطيرة وكيف أنها تسببت للكثير في إصابات بأمراض السرطان. ودعا المتحدث وزارة التربية إلى الالتفات لهذه الفئة التي تشكو ضعف الأجور، بسبب حرمانها من مجموعة من المنح، وعبر عن أهم مطلب يناضل من أجله المخبريون وهو الإدماج في السلك التربوي.
كيف تقيّمون أوضاع المخبريين في القطاع وكم هو عددهم؟
هناك ما لا يقل عن 10 آلاف مخبري على المستوى الوطني، يعملون في قطاع التربية وأنا واحد منهم.. حقوقهم مهضومة لأسباب معروفة لدى الوصاية وهي عدم تقاضيهم عددا من المنح، منها منحة الخطر ومنحة العدوى ومنحة الأداء البيداغوجي، مع العلم أن العمل التطبيقي في المخابر يعتمد أساسا على الاحتكاك المباشر بالتلاميذ، وبالتالي نحن أحقّ بهذه المنح من أسلاك أخرى في القطاع مهامها بسيطة جدا ومع ذلك تحتج دوما على أجورها.
فإذن، ما هي مطالبكم؟
نحن لا نقول هذا من باب المقارنة بيننا وبين باقي مستخدمي القطاع ولكن حرمان المخبري ظلما من هذه المنح جعل أجره دائما متدنيا، فراتب مخبري مبتدئ لا يتجاوز 18 ألف دينار ولا يكاد يتجاوز حدود 26 ألف دينار عند إحالته على التقاعد، لذلك نحن نطالب بإدماج المخبريين في السلك التربوي وتمكينهم حقوقهم الضائعة.
ما هي مخاطر التعامل اليومي مع المواد الكيميائية؟
توجد مواد كميائية ''قاتلة'' وأخرى تعرّض صحة المخبري للخطر عند تفاعلها وتبخرها، وأنا شخصيا أصبت بمرض بصق وسعال الدم من جراء استنشاقي للبخار، وثمة عدد من الزملاء يشتكون من سرطان الجيوب الأنفية وسرطان الألياف البصرية.. بعض تلك المواد محظورة الاستعمال في دول أخرى نظرا لأضرارها، إلا أنها مستعملة في قطاع التربية بالجزائر على سبيل المثال أذكر ''السيانير'' و''الكلور''. والمفروض أن هذه المواد تحفظ في مكان آمن ومعزول عن المخابر، ومنها مادة الكبريت والمواد المؤكسدة والصوديوم، حيث إن تفاعلها يؤدي أحيانا إلى الانفجار''.
هل توجد حماية في الوقت الحالي من مخاطر التعامل مع هذه المواد؟
الأغلبية الساحقة للمخبريين تعمل دون وسائل وقاية وأتحدى الوزير في إثبات عكس ما أقول. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن المؤسسات التربوية الكبيرة والمشهورة أكثر حظا من باقي المؤسسات من حيث توفرها على ظروف العمل الآمنة في المخابر، لكن الجميع يعمل 8 ساعات يوميا، وحتى عندما لا تبرمج حصص أعمال تطبيقية فإن المخبري مطالب بالبقاء داخل المؤسسة وكأنها عقوبة تضاف إلى الإقصاء من السلك التربوي. لذا، فنحن ندعو الوزارة الوصية إلى التدخل لتصحيح هذا الإجحاف والتعسف في حق منتسبي هذا السلك.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/01/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: رشيدة دبوب / آمال ياحي
المصدر : www.elkhabar.com