الجزائر

“يا ليل”.. كوميديا تفضح المتسوّل المزيف والتجار باسم الدين



حظي عشاق الفن الرابع، السبت، على خشبة "بشطارزي" بمتعة كبيرة صنعتها مسرحية كوميدية "يا ليل" التي عرضت ضمن منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته ال13، فكان المخرج هارون الكيلاني في الموعد كالعادة وقدم واحدة من روائعه. عرض كوميدي ودرامي ناقد للمدينة بكل تناقضاتها سواء في الليل أو النهار.غاص الكيلاني في المسرحية التي أنتجها مسرح "قسنطينة الجهوي" عن نصّ الكاتب المغربي عبد الكريم برشيد في حياة الليل والنهار بالمدينة، عبر قصص مختلفة، اجتمعت كلها في فضاء يطلق عليه المدينة، المدينة الحضرية والعصرية، ولكن داخلها سيء ومتعفن.
في العمل يفضح المخرج عصابات السرقة عن طريق التسوّل الذي أصبح آفة اجتماعية وظاهرة خطيرة في المجتمع الجزائري، فلا يعرف من هو المحتاج الحقيقي؟، كما ينتقد صاحب العمل جملة من الظواهر الأخرى كالتشدد والتطرف والتجار باسم الدين والنفاق الاجتماعي والعنف ضد المرأة والتحايل والاحتيال تحت أسماء ومفاهيم مختلفة.
في العمل لا توجد قصة واحدة، يجب الوقوف عندها، بل قصص كثيرة تحمل تناقضات تلخص ما يحدث في المجتمع الجزائري وحتى العربي، بل وما ينتشر من صور سوداوية في مجالات عدّة، ولعل قصة الصافية امرأة متزوجة، لديها رضيع، وتركها زوجها عبد الهادي، الذي احتار الهجرة بحثا عن العمل، ولكن انتهى به المطاف إلى رجل متشدد فهم تعاليم الدين بالخطأ، وفي فترة الفراق عاشت الصافية الويلات في مجتمع لا يرحم المرأة ولا يرأف بها، ليلها كنهارها، انتظرت طويلا حتى يعود عبد الهادي ولكن العودة صدمتها، تغير الرجل وأصبح متشددا.
ومقابل حكاية الصافية يصوّر المخرج كيف احترف بعض البشر التسوّل كوسيلة سهلة للعيش لكونها مربحة، تارة بالتحايل على المارة كأنّهم "عميان" وتارة أخرى بتوظيف الدين أي التشبه بهيئة رجال متدينين ونساء متدينات لطلب الصدقة، كما سلط الضوء على التنقل باسم الدين من خلال عبد الله الذي فجر نفسه في فضاء عام، أمّا السلطة فلخصها في رجلي مخابرات تخليا عن مهمتهما والتحقا بحياة "النساء" و"الملاهي".
واعتمد المخرج على سينوغرافيا متحركة ومتناسقة مع المشاهد وحركات الممثلين فوق الخشبة تدل على مدينة مجهولة، يتغير الوضع بها بحسب حياة الناس، كما رافقت مشاهده الممتعة موسيقى تنوعت بين العصرية والراي الجزائري والتراث.
وجسد أدوار "يا ليل" كل من "البحار" (أدى دوره حمودي حمزة)، "دنينير" (رمزي لبيض)، "النمس" (أحمد عمراني)، "قنفوذ" (مهدي عبار)، الرواي "عبد الله" (وحيد عياش)، "عضو الجوقة (زهرة شبانة)، عضو الجوقة (زليخة بلحاج)، معلم الجوقة (محمد العايب)، "الصافية" (هاجر سيراوي)، "عبد البصير" (أحمد حمامص)، "لالة الحاجة" (ياسمين عباسي)، "عبد الهادي" (عادل حملاوي)، "معروف" (إلياس عطاش) وعضو الجوقة (بلال بن عميرة).
وقال الناقد لمين بحري عن العرض: "عرض "يا ليل" لمسرح قسنطينة، إخراج هارون كيلاني، دراما اجتماعية ناقدة للمدينة وكائناتها الليلية، وما يعرفه ليلها من ظواهر وبؤس وجرائم واختلاسات بكل الأسماء. تمثل ما تدبره كائنات الليل في المدينة لكائنات النهار كوميديا بسخرية سوداء. تتناول الكثير من المسكوتات والطابوهات لكن بشكل رمزي".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)