الجزائر

وهران المربون يطالبون بتوقيف استيراد مسحوق الحليب



وهران                                    المربون يطالبون بتوقيف استيراد مسحوق الحليب
أعرب العديد من منتجي الحليب ومربي الأبقار الحلوب بولاية وهران، عن أملهم في أن توقف الدولة عملية استيراد “مسحوق الحليب” الذي أصبح يشكل عبئا كبيرا على فاتورة الاستيراد، إلى جانب فرضه منافسة حادة غير شريفة على المنتجين المحليين الذين لم يتمكنوا من التأقلم مع السوق، في ظل الدعم الكبير الذي يستفيد منه هؤلاء المستوردين مقابل وفرة الحليب بكثرة في السوق المحلية, وأكدت التقارير أن “مسحوق الحليب” أصبح يوجه إلى أغراض أخرى بدل تلك التي استُورِد من أجلها؛ كصناعة “الأجبان” و«الياغورت”، وحتى إرضاع العجول، وهو الأمر الذي يتنافى أصلا مع سياسة الدعم الفلاحي التي تخصص لها السلطات العمومية العليا أغلفة مالية طائلة على مدى السنين الماضية.
من هذا المنطلق، أكد العديد من الخبراء أن الدعم المالي المتواصل الذي تمنحه الدولة لفرع الحليب، لاسيما تلك الموجهة لإنتاج الحليب الموضب، ينبغي أن تكون أكثر دقة من أجل تشجيع تربية الماشية من جهة، وتقليص فاتورة استيراد مسحوق الحليب من جهة أخرى، خاصة وأن إنتاج الحليب عرف خلال السنة المنصرمة ارتفاعا في الإنتاج قدر بأزيد من 40 في المائة، حيث تم جمع 560 مليون لتر من الحليب مقابل 395 مليون لتر خلال عام 2010، وهو ما يؤكد أن سياسة التجديد الريفي والدعم الفلاحي المعتمدة منذ 2008، بدأت تعطي ثمارها، كما أن التوقعات الخاصة بالسنة الجارية تؤكد إمكانية إنتاج أكثر من 700 مليون لتر من الحليب، وهو ما سيؤدي إلى إمكانية بل حتمية التخلي عن عمليات الاستيراد بصفة كلية في القريب العاجل.
يذكر أن الدولة تدعم منتوج الحليب المعقم والموضب في الأكياس بما يعادل 50 بالمائة من قيمته الأساسية، وهو ما يعني أن الدولة تتكبد خسائر جسيمة جراء هذا الدعم الذي أصبح يعرقل المنتوج المحلي بسبب المنافسة غير الشريفة التي يفرضها المستوردون على المربين.
من جهة أخرى، يعتقد المختصون أن هذا الدعم لن يعمر طويلا بسبب سعي المربين إلى ترقية نشاطهم إلى إنتاج الأجبان وبقية المشتقات الأخرى المختلفة من الحليب الطازج، حيث يلجأ بعض الخواص إلى استعمال المسحوق في إرضاع العجول وتصنيع المواد المشتقة منه، أو حتى بيعه خارج الحدود والتجارة فيه بطرق غير قانونية.
وفي هذا الإطار، يعمد العديد من المتهمين والمختصين إلى إيجاد آليات جديدة بإمكانها مساعدة الفئات السكانية ذات الدخل الضعيف، وذلك من خلال وضع سياسة اقتصادية واجتماعية أكثر دقة من خلال توزيع الحليب مجانا في المدارس من أجل المساهمة في التوازن الغذائي لدى الأطفال، كونهم في أمس الحاجة إلى مركبات الحليب في سنهم المبكرة، إضافة إلى توجيه المبالغ المالية الضخمة المخصصة للواردات، إلى دعم مربي الماشية وتطوير الإنتاج المحلي والوطني، خاصة وأن الدولة تمكنت من التوصل إلى تحقيق التغطية الكاملة فيما يتعلق بمتطلبات السوق الوطنية في مجال الحليب ومشتقاته، وكذا القضاء النهائي على مشكل التوزيع الذي كان يمثل العائق الكبير في حلقة إنتاج الحليب.
وعلى هذا الأساس، قدرت مصالح وزارة الفلاحة فاتورة استيراد مسحوق الحليب لهذه السنة بأنه فاق 4000 مليار سنتيم، في ظل الدعم المستمر لهذه المادة الحيوية ذات الاستهلاك الواسع، وعليه فإن إحصائيات الديوان الوطني للحليب المستورد الحصري لمسحوق الحليب، أكد توزيع 1.4 مليار لتر من مسحوق الحليب سنة 2011، مقابل 1.2 مليار سنة 2010 من نفس المسحوق، كما وضعت السلطات العمومية استراتيجية لتحفيز المنتوج الوطني، من خلال تقديم منحة مالية تعادل 12 دينارا عن كل لتر للمربي، 7 دينار لجامع الحليب و4 دينار للتر المحوّل الذي يدمج الحليب الطازج في إنتاج حليب الأكياس، ليتم بعده تحديد السعر الحالي للحليب.
ومن أجل وضع حد نهائي لهذه الإشكالات، أجمع المهتمون بالشأن الفلاحي في الجزائر والمختصون في إنتاج الحليب، بضرورة دعم تربية الماشية كونه المخرج الوحيد، للحد من التبعية الغذائية، وتكون بداية ذلك بتشجيع إنتاج الأعلاف والتوصل إلى تخفيض سعر تكلفة الحليب عند الإنتاج، حيث يتراوح ما بين 50 و55 دينارا للتر الواحد، من خلال تشجيع زراعة ذرة الأعلاف والبرسيم بما يعادل 300 قنطار للهكتار، خاصة وأن الماشية الجزائرية تتغذى بشكل أساسي من الأعشاب الطبيعية لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر فقط بسبب قلة تساقط الأمطار، مما يفرض حتمية وضع سياسة منهجية في “ميدان الري”، مع توفير المساحات المسقية بوفرة لتحقيق الأهداف المسطرة.
وفي هذا الإطار، فإن وضع الآليات التي تشجع المنتجين على توفير العلف من أجل التوصل إلى الاكتفاء الذاتي في مجال وفرة الحليب ومشتقاته، تتطلب اللجوء إلى التقنيات الجديدة المبتكرة في مجال الري والمياه، خاصة وأن التصنيف العالمي للجزائر في مجال استهلاك الحليب يضعها في المراتب الأولى، كون الفرد الجزائري يستهلك ما لا يقل عن 120 لترا من الحليب سنويا، وهو ما جعل السلطات العمومية تضع في حساباتها هذه المعلومة المهمة لوضع مخططات إنتاج جديدة تعتمد على الحداثة، منها وضع إجراءات تحفيزية بالنسبة للمربين والمنتجين على حد سواء، علما بأن عدد العجول التي تم استيرادها خلال الثلاثي الأول من هذه السنة بلغ 5703 عجلا، مقابل 7158 عجلا خلال نفس الفترة من السنة الماضية، ويعود سبب هذا النقص إلى العديد من الأمراض التي تم تسجيلها في البلدان المصدرة للماشية نحو الجزائر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)