ومرت أربعون سنة...؟

 تناولت برقيات الوكالات العالمية وصفحة ''أحوال الناس'' في جريدة ''الخبر'' أمس مقالا حول ''اعتقال أمريكي بالبرتغال بعد 40 سنة من الفرار''.. المعلومة تبدو لأول وهلة مجرد حدث خارج عن المألوف، لكن استوقفتنا هوية الموقوف ''جورج رايت 68 سنة'' المتهم باختطاف طائرة بعد هروبه من السجن رفقة أعضاء من ''جيش تحرير السود'' وتوجهوا بها نحو الجزائر في سنة 1972 حاملين معهم مليون دولار من الفدية وطلبوا اللجوء السياسي. وهنا يتبين الخيط الأبيض من الأسود، بحيث وبعد مرور 40 سنة على الحادثة لا يزال نفس وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة الذي فاوض مختطفي الطائرة، ووافق على مطلب اللجوء مع إعادة الفدية للولايات المتحدة الأمريكية يترأس الجزائر، وكأن عقارب الساعة توقفت عن الدوران منذ تلك الفترة، وبقي النظام يعيد نفسه رغم رحيل بومدين، وكأن الجزائريات عجزن عن إنجاب خليفة للحكام الحاليين، بعد تطبيق سياسة تحديد النسل. 
فارق من الزمن لا يستهان به في حياة الأمم، شهد سقوط القطب الاشتراكي، وتعاقب ثمانية رؤساء على أول قوة في العالم منذ نيكسون، كما أثمرت نضالات ''البلاك بونترز'' والسكان السود باعتلاء ''أوباما'' لسدة الحكم في البيت الأبيض في سابقة ثورية أولى في العالم. لا شك أن ''جورج رايت'' يجهل بأن ''مكة الثوار'' التي اختارها مع رفاقه كوجهة لطلب اللجوء السياسي مع رفاقه، والتي سلمت ''تشومبي'' قاتل المناضل ''لومومبا'' للسلطات الكونغولية،  أصبحت لا تسع حتى أبنائها الأحرار، وتتردد في مساندة الشعوب الثائرة ضد أنظمتها الجائرة. ومازالت الجزائر تعيش بمداخيل المحروقات التي أممها بومدين ذات يوم من 24 فيفري 1971 وتستورد القمح والسيارات من فرنسا، واليد العاملة من الصين الشعبية، والأسلحة من روسيا...إلخ. وفي الأخير وبعد أن كانت جزائر الثورة قبلة لثوار العالم لطلب اللجوء السياسي، انعكست الآية وتحولت السواحل الجزائرية إلى محطة لانطلاق آلاف الحراقة على ''زوارق الموت'' للالتحاق بالضفة الأخرى أو ''بالعالم الآخر''، هربا من بلد يرفض حكامه إطلاق سراح ''34 مليون'' مختطف إلى غاية استنزاف كل الثـروات.