بلغ عدد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم في النصف الأول من السنة الجارية 100 إرهابي، حسب بيان لوزارة الدفاع، التي نصحنا قائد أركانها أن لا ننشر أخبارا دون التأكد منها من مصادرها الرسمية.الرقم مهم جدا، ودليل على أن المؤسسة العسكرية ساهرة حقا على أمن البلاد، وأننا لا خوف علينا من داعش التي تتوعدنا من ليبيا ومن سوريا ومن كل مكان.لكن ماذا عن الإرهابيين الذين بيننا، هؤلاء الذين يحملون سلاحا، لكنهم يستهدفون المجتمع في الصميم؟ ماذا عن هذا الإرهاب الذي ضحك على الدولة وعلى الجزائريين باسم المصالحة ويواصل هدمه للبنية الاجتماعية وبإغراق المجتمع في مشروعه المهرب من القرون الوسطى؟ ماذا تفيد ملاحقة الإرهابيين في الجبال، إذا لم نتصد لأفكار داعش في وسائل الإعلام وعلى منابر المساجد وفي الشارع وحيثما اتجهنا؟مدني مزراق يتحدى الجميع، ويدعو منتقديه من الدفاع الذاتي ومن الإعلام وكل من يقف ضد خرجاته الأخيرة إلى مغادرة البلاد. وكأنه يخيرنا بين الكفن أو تذكرة الطائرة، تماما مثلما كان خيار الآلاف من الجزائريين، بل من لم يكن لهم خيار، وراحوا ضحية مشروع مزراق وعلي بلحاج وعباسي مدني الذي هدم البلاد ورجع بنا عشرات السنين إلى الخلف، اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، وقطع كل أمل لبناء مجتمع يعيش أفراده في وئام ومودة، لا يتربص أحدنا للآخر بالشر.الحرب على الإرهاب لن تنجح وستكون كمن يسكب الماء في الرمل، مادام هناك تواطؤ سياسي مع الفكر الداعشي وسط الأحزاب، والمجتمع.داعش لن تكون في حاجة لاختراق الحدود للوصول إلينا، فهي موجودة في كل شارع، وفي كل حي، وهناك من هو مستعد لتنفيذ توجيهاتها في أي لحظة. ألم يبارك صحفيون من بيننا عملية حرق الكساسبة، وتداولوا صوره مكبرين، ومهددين لكل من انتقد هذه العملية البشعة؟ما الفائدة من تجنيد قوة عسكرية لملاحقة الإرهاب المسلح، والإرهاب الفكري يتربص بنا جميعا في كل يوم، فهذا خطيب مسجد من أيام من ولاية سطيف ينهال انتقادا للمصلين الذين لا يلزمون نساءهم ارتداء الحجاب، وهذه إذاعة القرآن الكريم الرسمية، تنصح الآباء في أحد برامجها لاختيار مراكز اصطياف إسلامية “شرعية” لأبنائهم؟! فما معنى شرعية، إن لم يكن معناها غير ذلك الذي فرق بين أفراد المجتمع الواحد، وكفّر بعضنا وأهدر دم البعض؟داعش لن تكون في حاجة لبذل أي مجهود لتجنيد أتباع لها هنا، هم موجودون ومدججون بالأفكار السوداء، وقد خرجوا في جانفي الماضي حاملين الأعلام السوداء مهددين المجتمع ومتوعدين، وكل يوم يكسبون المزيد من المساحة في المجتمع والمدرسة ووسائل الإعلام الصفراء، وما الحرب الأخيرة على وزيرة التربية بن غبريط واتهامها بأنها تستهدف اللغة العربية ومن خلفها الإسلام إلا دليل على أن الإرهاب الفكري يعيش أكثر مراحله ثراء ويوشك على كسب المعركة النهائية ضد الفكر التنويري، وبتواطؤ من السلطة الغارقة في صراعات الحكم.كنت سأفرح كثيرا وأنا أقرأ عن القضاء على هذا العدد من أعداء الجزائر والجزائريين، لو لم يكن كل شيء ملغما ويوشك على الانفجار، ولو لم يكن هناك من يريد للبلاد أن تغرق في الفوضى حتى لا يكون هناك من يحاسبهم على ما ألحقوه بالبلاد من أذى!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 21/08/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com