الجزائر

ولايات الشرق تفتح أبوابها للسياح.. ونقص الهياكل يقلق المسؤولين


بين السفح والجبل، البحر والشاطئ، الواد والبحيرات حكاية جمال طبيعي أخاذ يأسرك في الجزائر ويأخذك إلى عالم مليء بالأحلام لكن سرعان ما يتكسر على صخور الواقع المليء بالتناقضات والمفارقات .. بالجمود والركود وباللارغبة في تحقيق المستحيل، قد تكون محاولات عديدة سيسجلها التاريخ يوما ولكن تبقى ضعيفة للنهوض بأهم قطاع منتج للثروة.. قطاع السياحة الذي مازال رهين اهتمامات المستثمرين الخواص حيث لا يزال يسجل ضعفا في عدد المشاريع المسجلة رغم الإمكانيات الطبيعية الكبيرة والتسهيلات الكثيرة الممنوحة من قبل الحكومة في هذا المجال، ناهيك عن ذهنية الجزائري التي لم تتكيف بعد مع متطلبات السياحة العالمية لأسباب يمكن ربطها بمخلفات العشرية السوداء وغياب ثقافة المواطنة.لا نريد رسم صورة سوداء عن واقع السياحة في الجزائر، فرغم كل النقائص توجد مبادرات تستحق التشجيع والثناء تقوم بها الوزارة الوصية في السنوات الأخيرة لاستدراك التأخر في هذا القطاع، وهو ما لاحظناه خلال جولتنا السياحية والاستكشافية التي نظمها الديوان الوطني للسياحة للوفد الصحفي الممثل لمختلف وسائل الإعلام الوطنية من 23 إلى 26 جوان الجاري لكل من ولايات ميلة، سكيكدة، قسنطينة، قالمة، الطارف وعنابة، جولة سمحت لنا بالاطلاع والتعرف على الموروث السياحي والطبيعي والثقافي والتاريخي والحضاري التي تزخر به المناطق الشرقية للبلاد وجعلتنا نقف على الإمكانيات المادية والبشرية والهياكل الفندقية المسخرة لاستقبال السياح سواء المحليين أو الأجانب.
كنا إذن من بين المشاركين في «دورية نحو الشرق» -ليست دورية عمار العسكري الثورية- وإنما دورية سياحية استكشافية الغرض منها التعرف على المخزون السياحي والإمكانيات الطبيعية اللامتناهية التي تتمتع بها الجزائر عن غيرها من دول المعمورة، وتقديمها للقارئ سواء كان سائحا يبحث عن مكان يقضي فيه عطلته الصيفية أو مستثمرا يرغب في الاستثمار في القطاع، ويجهل الأماكن الصالحة لذلك.
في ضيافة مهد الأديان
بدأنا رحلتنا السياحية، من ولاية ميلة مهد الأديان والحضارات، فالتاريخ يشهد أن هذه المنطقة التي حكمها «ملو» الرجل الصالح الذي جاء إلى ميلة هربا من الايطاليين، تعاقبت عليها مختلف الحضارات من رومانية، بيزنطية، وندالية، وصولا إلى الحضارة الإسلامية التي أرست مبادئ التسامح والحوار بعد أن شهدت المنطقة لسنوات حروبا ونزاعات كانت تنتهي في كل مرة بإسقاط الحكم القائم وإقامة حكم جديد على أنقاضه ينتهي في غالب الأحيان بطمس المعالم الحضارية والثقافية لسكان المنطقة.
وبساحة جامع أبو المهاجر دينار، وسط المدينة القديمة بميلة غصنا رفقة الوفد المرافق لنا مع عمار نوارة المرشد السياحي في أغوار التاريخ القديم وقد ساعدنا في العودة إلى ذلك الزمان الآثار التي مازالت قائمة رغم مرور سنوات طويلة، وتمثال «ملو» المصنوع من الرخام الأبيض في كتلة واحدة أحد تلك الشواهد التي تغوص بالباحثين إلى حقيقة الوجود الأمازيغي بالمنطقة قبل وجود الرومان وهي الحقيقة التي حاولت الأبحاث الفرنسية طمسها.
ومقابل التمثال الرخامي لأحد ملوك ميلة القدامى، لازال أول مسجد بني في الجزائر شامخا يحكي قصة الصحابي أبو مهاجر دينار الذي جاء إلى ميلة سنة 59 للهجرة الموافق ل 579 ميلادي واستقر بها وجعل منها عاصمة للمغرب الإسلامي آنذاك في عهد الفتوحات.
وقد بني مسجد أبو مهاجر دينار على أنقاض الكنيسة الرومانية لقديسها بوليانوس ميلوفيتانوس الذي مثل المدينة وشارك نيابة عنها في مؤتمر القديس سيبيريان في قرطاجة في 01 سبتمبر 256 ميلادي يعني قبل روما في حد ذاتها التي لم تعرفها إلا منذ 326 م ويعد بوليانوس أحد مؤسسي المذهب الكاثوليكي الإفريقي وكان مناهضا للكنيسة الدوناتية الإفريقية (المذهب الشيعي المسيحي) حيث حارب هذا المذهب.
عرجنا بعدها على المدينة القديمة، أو ما يصطلح على تسميتها مدينة «ميلاف» التي مازالت تشكل موردا سياحيا لا مثيل له باعتبارها تحمل بصمات حضارية أثرت على تاريخ الجزائر لاسيما سور المدينة حيث نجد بها عدة بنايات رومانية، بيزنطية، إسلامية تركية وفرنسية.
ووسط الحارات وأزقة ضيقة رحنا نستكشف بقايا حضارات متتالية، فالمدينة القديمة أقيمت على أنقاض 12 مدنية منها المدينة الرومانية، وتحمل المدينة القديمة خصوصيات البنايات المشرقية كونها تعود إلى العهد الوسيط فتجد الحارات مقسمة حسب المهن على غرار حوانيت الزوادرة، حي النحاسين، حي الحمامات وغيرها من الأحياء التي استغل بناؤها حيز المدينة البيزنطية لتوزيعها.
ولأن التاريخ لا ينفصل على الجغرافيا، لم نكن لنغادر ميلة دون أن نزور موقع بني هارون، المتواجد ببلدية حمالة، دائرة قرارم هذا الموقع الخلاب الذي يحتوي على عدة مواقع جميلة من شأنها أن تصنع بهجة الزائرين، تدعمه منطقة التوسع السياحي ذات مساحة تتعدى 1000 هكتار مؤهلة لاستقبال كل أنواع المشاريع السياحية.
جمال ساحر..
غادرنا ولاية ميلة، في حدود الساعة الرابعة والنصف مساء باتجاه مدينة الرمال الذهبية أو لؤلؤة الساحل الجزائري «سكيكدة» أو روسيكادا الإسم القديم للمنطقة وعبر طريق محفوف بالأشجار تارة وتنتشر على جانبيه الأراضي الفلاحية الخصبة تارة أخرى وعبر تضاريس جبلية آية في الجمال راحت الحافلة التي كانت تقلنا تشق طريقها في هدوء وتحت «نسمات مكيف الهواء الباردة» واصلت المسير باتجاه المدينة التي طالما سمعنا عن جمال حدائقها وشواطئها الساحرة.
مررنا بجان دارك أو بلدية العربي بن مهيدي حاليا إحدى المناطق التي تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة، لنحط الرحال بعدها بشاطئ فليفلة هذا الأخير يشهد إنجاز هيكل فندق من الدرجة الخامسة ينتظر دخوله حيز الاستغلال الموسم القادم.
اضطررنا لمغادرة الشاطئ والتوجه إلى فندق السلام للمبيت، فساعات السفر الطويلة من العاصمة باتجاه ميلة ومن ثم إلى سكيكدة أرهقتنا وعجلت بدخولنا غرف النوم، رغم عجزنا عن مقاومة سحر طبيعة المنطقة، لنستيقظ صباح الغد الموالي على صوت صفارات سفن الشحن، وهي تغادر الميناء المقابل للفندق وكأنها تدعونا للرحيل نحن كذلك، وهو ما فعلناه بعد زيارة خاطفة للمدينة القديمة التي خيل إلينا وكأننا نقطع أحياء وأزقة ساحة الشهداء بالعاصمة أو باب الوادي نظرا للتشابه الكبير بين بناياتها الكولونالية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، ومن ثمة إلى مدينة القل حيث تناولنا وجبة الغذاء بفندق بوقارون الواقع وسط طبيعة خلابة يتعانق فيها الجبل بالبحر والغابة في منظر يعجز اللسان عن وصفه.
استعجلنا المسؤولون عن الوفد للصعود إلى الحافلة، لمواصلة رحلتنا السياحية حتى لا يداهمنا الوقت ونضطر لإلغاء جزء من برنامج الرحلة، ركبنا الحافلة وبدأت المسير مجددا ولكن هذه المرة باتجاه ولاية داخلية وليست ساحلية ولكن لها من المقومات والجمال ما يسحر به العقول وتذهل لها العيون، قسنطينة أو مدينة الجسور المعلقة، أو مدينة الخيال والأحلام كما يحلو للبعض تسميتها تلك المدينة الشامخة شموخ صخرة الغرانيت المبنية عليها، والتي أعطتها منظرا فريدا يستحيل أن يوجد مثله عبر العالم في أي مدينة، فللعبور من ضفة إلى أخرى عليك قطع الجسور المشيدة خلال فترات مختلفة، وعددها 7 جسور كل واحد يتميز بخصائص هندسية رائعة تجعل أي زائر يقف مشدوها أمام سحرها وطريقة إنجازها فبعض الجسور يفوق علوها 200 متر.
كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة مساء حينما استقبلنا مدير السياحة بالولاية السيد عمار بن تركي وبعض المسؤولين المحليين وفي جولة خاطفة بالحافلة قدم لنا نبذة تاريخية عن قسنطينة ونحن نمر بشوارعها وأحيائها بعد أن تجاوزنا جسر سيدي راشد العملاق حيث يبلغ طوله 474 متر وارتفاعه 105 متر، مررنا بعد ذلك على المدينة القديمة التي تسمى السويقة وهي من بقايا المدينة القديمة التي ترجع للفترة العثمانية والشاهدة على وجود العثمانيين بقسنطينة ثم مررنا بنهج الولايات المتحدة الأمريكية سابقا ومن جهة اليمين اقتربنا رويدا إلى تمثال كوستونتا الإمبراطور الذي أعاد بناء قسنطنية سنة 306 وبسببه سميت قسنطينة التي كانت تحمل قبل هذا الاسم اسم سيرتا أو كيرتا.
توجهنا بعد ذلك إلى نصب الأموات ومن جهة اليسار كانت تتراءى لنا بعض الجسور باب القنطرة سيدي مسيد والشلالات، ونصب للأموات الذي تم تدشينه من طرف السلطات الفرنسية في نوفمبر 1934 وهو يخلد الأموات الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى 1918 بني النصب على شكل قوس روماني يعتقد أنه طبق للأصل للقوس الروماني الموجود في تيمقاد ويعلو النصب تمثال يرمز للنصر امرأة ذات جانحين وهي نازلة من السماء جالبة للنصر وفق كتابات بعض المؤرخين الفرنسيين أمثال رافوازين ومورلي، وقد نحت التمثال من طرف الفرنسي أبستان وهو موجود في مكان مميز أي زائر يمكن أن يشاهده من قريب أو من بعيد.
تركنا آثار الحرب العالمية الأولى، واتجهنا صوب قصر أحمد باي، وعبر جسر سيدي راشد العملاق راحت تسوقنا خطواتنا إليه بعد أن مررنا وسط أحياء قسنطينة القديمة .. وجدنا القصر قد أغلق أبوابه في وجه زواره فالساعة كانت قد قاربت الثامنة مساء ورغم ذلك لم يدعنا المسؤولون المحليون نغادر القصبة دون أن نرحل إلى عالم الأمراء والملوك من خلال الهندسة الفريدة للقصر حيث فتحت لنا أبوابه على مصرعيها لنتفاجأ بقصر يعود بنا إلى حكايات ألف ليلة وليلة، حكايات الملوك والأمراء فالقصر الممتد على مساحة 5600 متر مربع، يتكون من عدة طوابق وبه عدة أبواب بها رسومات تخلد رحلات الباي إلى اسطنبول وإلى الحج، وبين الطوابق والغرف توجد أروقة بها أقواس وأشكال هندسية وتتوسطه حديقة غناء شهدت الكثير من الحفلات والساهرات في أيام الأعياد والمناسبات، ويمتاز القصر باتساعه ودقة تنظيمه وتوزيع أجنحته التي تؤشر على العبقرية في المعمار والذوق معا.
الحمامات المعدنية والبحيرات وجهان آخران للسياحة الحموية والبيئية
من قسنطينة إلى قالمة ومن إبداع يد الإنسان إلى روعة الخالق في أرضه، واصلنا رحلتنا وسط طبيعة جبلية غاية في الجمال انتهت بنا أمام حمام المسخوطين أو حمام دباغ كما يحلو للسلطات المحلية تسميته، ويتميز هذا الحمام بالهدوء والجمال والمنظر الطبيعي الخلاب حيت يقع وسط الطبيعة الخضراء الخلابة، والسلاسل الجبلية وتعتبر منطقة حمام الدباغ حسب الشروحات المقدمة لنا منطقة بركانية حيث تقع فوق بركان راكد (غير نشيط)، وهو مشهور عالميا لأنه منطقة سياحية فريدة جدا ويقع في مكان رائع يمكن للناس التجول في أرجائه لأن مياهه تجري على مجرى صغير متصل بجبل كلسي، ومياهه الطبيعية تنبعث من باطن الأرض بدرجة حرارة تقدر ب 96 درجة مئوية وتتجاوز 6500 لتر في الدقيقة الواحدة، ولهذا فهي ساخنة جدا وذلك لانبعاثها من باطن الأرض ومن المنابع البركانية.
غادرنا حمام دباغ، باتجاه ولاية الطارف وبالضبط منطقة القالة، إحدى المناطق الرطبة المصنفة عالميا لاحتوائها على 7 بحيرات أهلتها لأن تكون في مصف الولايات السياحية الكبرى، والمناطق الواجب حمايتها نظرا للثروات النباتية والحيوانية التي تزخر بها حطينا الرحال، فبعد مرورنا ببحيرة الطيور التي تستقطب أكثر من 50 ألف طائر في السنة عرجنا على بحيرة طونقة إحدى أكبر البحيرات بالمنطقة حيث تتربع على مساحة 2600 هكتار ووسط منظر طبيعي خلاب حيث يتمازج اللون الأخضر للغطاء النباتي ولأشجار الفلين المنتشرة بكثرة بالمنطقة بلون البحر والماء رحنا نكتشف أنواع الحيوانات والأسماك التي تعيش بالمنطقة ابتداء من سمك الحنكليس الذي يقطع مسافات بعيدة من أمريكا اللاتينية باتجاه البحيرة للعيش فيها، وصولا إلى البط والإوز الذي بات بيضهما صيدا سهلا للعديد من العائلات.
وبالجهة الشمالية للولاية، توقفنا عند آية من آيات الله شاطئ مسيدة حيث تتناقض وتتكامل الطبيعة فيه فهو يضم شاطئين بلونين مختلفين أحدهما ذو رمال ذهبية وناعمة والآخر رماله رمادية، ويعد هذا الشاطئ من أكبر الشواطئ الموجود بالمنطقة ويستقطب آلاف الزوار سنويا.
أنهينا رحلتنا بعنابة أو بونة الاسم القديمة لهذه المدينة التاريخية التي أسسها الفينيقيون وحكمها الرومان واستولى عليها الفندل عام 431، وعنابة تتمتع بجمال طبيعي أخاذ، فعلى مرتفعاتها توجد مرافق سياحية تضم منتجعا للاستجمام وممارسة الرياضة، وتعززت بهياكل فندقية جديدة على غرار فندق صبري المصنف في الدرجة الرابعة.
كما يوجد بها معالم تاريخية على غرار كنيسة القديس سان أوغسطين الفيلسوف الذي ولد وترعرع بالجزائر قبل أكثر من 1500 عام.
نقص الهياكل الفندقية يدفع العائلات إلى كراء منازلها
بجميع تلك الولايات التي زرناها في إطار الجولة السياحية المنظمة بمناسبة اليوم الوطني للسياحة المصادف ليوم 25 جوان، تقاطعت انشغالات القائمين على السياحة في نقطة واحدة نقص الهياكل الفندقية وإحجام المستثمرين الخواص على الاستثمار في القطاع، وهو ما بات يرهن عملية تطوير السياحة بشكل يسمح بجلب عدد أكبر من السياح خاصة الأجانب ويوقف نزيف «الهجرة الصيفية» للجزائريين باتجاه الدول المجاورة وحتى تلك البعيدة.
وسواء كانت مدن داخلية أو ساحلية، لاحظنا أن المشكل نفسه يتكرر بكل منطقة فمن ميلة إلى سكيكدة إلى الطارف، أعرب مدراء السياحة لتلك الولايات عن تخوفهم من موسم الاصطياف ليس بسبب عدم القدرة عن استقطاب السياح ولكن بسبب عجز الهياكل المتوفرة عن استيعاب كثافة السياح المنتظرة خلال هذا الموسم.
وقال مدير السياحة لولاية ميلة ميلود جغام في تصريح ل «الشعب»، إن المنطقة إضافة إلى مشكل نقص الهياكل الفندقية تعاني من بطء إنجاز المشاريع المسجلة وعددها 17 مشروع كلها تابعة للخواص، وقد تراوحت نسبة الإنجاز ما بين 5 إلى 95 بالمائة.
وأمام هذا الوضع وقفت الفنادق الناشطة حاليا وعددها 6 فنادق عاجزة عن استيعاب أعداد السياح القادمين من مختلف الولايات المجاورة أو من الخارج.
وأقر مدير فندق أقرون بالقل ولاية سكيكدة السيد حسين بوقربة بصعوبة التكفل بجميع السياح المنتظر استقبالهم بشواطئ القل، نظرا لضعف هياكل الاستقبال ففندق أقرون يتوفر على 150 سريرا فقط في حين أن عدد السياح يتجاوز 2600 سائح في الشهر الواحد، وهذا ما يدفع بسكان المنطقة إلى كراء منازلهم، مثلما يفعل القاطنون بمنطقة القالة الساحلية بولاية الطارف حيث أكد مدير السياحة بالولاية السيد عبد النور ياحي أن ثلاثة أرباع سكان الولاية يؤجرون منازلهم خلال موسم الاصطياف للسياح القادمين للمنطقة.
وأضاف ذات المسؤول أن ضعف مرافق الاستقبال والإيواء تبقى العائق الأكبر الذي يرهن السياحة في المنطقة فطاقة الاستيعاب المقدرة حاليا 1600 سرير لا تسمح باستيعاب كل الزائرين ما جعل مديرية السياحة تفكر في الاستنجاد بالمخيمات المتواجدة بإقليم الولاية لرفع طاقة الاستيعاب إلى 2000 سرير ومع ذلك تبقى هذه النسبة ضعيفة.
وبولاية قسنطينة أوضح مدير السياحة للولاية أن مصالحه تنتظر استلام 5 مشاريع هي في طور الانجاز، تخص فنادق من صنف نجمة واحدة إلى 5 نجوم ستسمح برفع الطاقة الاستيعابية إلى 2500 سرير.
فنادق 4 نجوم خارج مجال الخدمة والأطباق التقليدية الغائب الأكبر
رغم أن نوعية الخدمات المقدمة على مستوى الفنادق تعد أحد الأولويات الواجب ضمانها لاستقطاب عدد أكبر من الزبائن وتشجيعهم على العودة مرة أخرى لزيارة المنطقة إلا أن بعض الفنادق للأسف لا تضمن تلك الخدمات وإن ضمنتها ستكون بنقائص كثيرة تزعج السائح وتجعله ينفر منها في حال إذا ما ساقته الأقدار مرة أخرى إلى نفس المنطقة.
تنقلنا خلال جولتنا السياحية ما بين فنادق مصنفة في الدرجة الثالثة وأخرى مصنفة في الدرجة الرابعة جعلنا نقف على نوعية الخدمات المقدمة سواء على مستوى الاستقبال أو المطاعم، وقد ذهلنا لما لاحظنا التفاوت الكبير بين تلك الفنادق لا سيما تلك المصنفة في درجة أكبر حيث تقدم خدمات لا ترقى إلى خانة تصنيفها ولا تتماشى مع المقاييس العالمية المعتمدة في هذا المجال، ففندق السلام مثلا بولاية سكيكدة رغم أنه مصنف في درجة 4 نجوم إلا أن الزائرين له يجمعون على رداءة خدماته لا سيما في الإطعام وهو ما وقفنا عليه حيث استغربنا لنوعية وجبة العشاء المقدمة لنا في الليلة التي قضيناها فيه حتى أن بعض الزملاء في الوفد رفضوا تناول ما تم إعداده وطالبوا بوجبة أخرى قد ترتقي للوجبات العادية.
وبالمقابل توقفنا عند فنادق مصنفة في الدرجة الثالثة قدمت لنا أحسن الخدمات ما جعلنا نطرح تساؤلات لم نخفيها على المسؤولين المرافقين لنا وكذا مسؤول أحد الفنادق بالمنطقة والذين أرجعوا السبب إلى تنازل الدولة على تلك الهياكل للخواص ما جعلها تلقى ذلك المصير.
وبفندق صبري أحد الفنادق التابعة للخواص بعنابة، والمصنفة في الدرجة الرابعة تفاجأنا بنوعية الاستقبال الذي لم يرق إلى فخامة الفندق فيما انتظرنا ساعة من الزمن لتناول وجبة العشاء رغم أننا كنا الوحيدين بالمطعم، تأخر برره مسؤول بالوزارة الوصية إلى حداثة النادلين بالمكان كون أغلبهم متربصون ولم ينهوا تكوينهم بعد.
وبجميع الفنادق التي نزلنا فيها، غابت الأطباق التقليدية الخاصة بكل ولاية من قوائم الأكل، وقد برر لنا مدير فندق الربيع بولاية سطيف غياب ذلك إلى تخوف مسيري الفنادق من إحجام الزبائن أو السياح على هذا النوع من الوجبات على اعتبار أن أغلبهم يفضلون الوجبات الأوروبية حسبما تبينه طلباتهم عند كل زيارة.
وزارة السياحة تتوعد بحذف نجمة من الفنادق المخالفة للقواعد
رفع رهان تطوير قطاع السياحة، ليس بالشيء السهل فالمهمة تقتضي تضافر جهود الجميع ابتداء من أول مسؤول عن القطاع إلى المديرين الولائيين، مصالح الأمن، الجمارك وصولا إلى أبسط مواطن إذ يكفي أن يساعد بالتنظيف أمام بيته وبعدم ابتزاز أي سائح أو التعرض له في حال إلتقاه بأحد الأزقة أو المواقع السياحية فالسياحة «مهمة الجميع» مثلما أبرزه شعار الوزارة الوصية المرفوع خلال هذه السنة.
وأقر المستشار لدى وزير السياحة والصناعات التقليدية السيد سعيد بوخليفة بأفول السياحة في الجزائر، لاسيما بعد أن تنازلت الدولة عن تسيير الفنادق للخواص حيث راح هؤلاء يبحثون عن الربح السريع دون الاهتمام بتطوير القطاع ما جعل مستوى الخدمات يتأرجح بين المتوسط والبسيط دون أن يرقى إلى المقاييس العالمية المعتمدة في هذا المجال.
وتأسف ذات المسؤول لتأخر بعض الفنادق وعدم احترامها لشروط الخدمة وحتى النظافة، الأمر الذي جعل الوزارة الوصية -يقول- تقرر ابتداء من سنة 2012 تسليط عقوبات على الفنادق التي لا تحتفظ بمكانتها وذلك بحذف نجمة منها مثلما هو الحال بالنسبة لفندق السلام المهدد بهذا العقاب نظرا لتراجع خدماته.
وأشار السيد بوخالفة إلى أن 10 بالمائة فقط من الحظيرة الفندقية المقدرة ب 90 ألف سرير تستجيب للمقاييس العالمية، معترفا بعدم إتقان المضيفين بالفنادق والنادلين لعملهم مبرزا الحاجة للتكوين وتفعيل المدارس المتخصصة في هذا المجال عبر مختلف ولايات الوطن، مشيرا إلى وجود 90 ألف مقعد بيداوغوجي لتكوين الموارد البشرية وتأهيلها إلى غاية 2030.
تخفيضات في الأسعار تصل
إلى 50 بالمائة في رمضان
ولأن شهر رمضان المعظم، يأتي في ذروة موسم الاصطياف تتجه مؤسسة التسيير السياحي للشرق إلى اعتماد تخفيضات على أسعار الإيواء المعتمدة في الفنادق التابعة لها، قد تصل إلى 50 بالمائة خلال هذا الشهر الفضيل في خطوة منها لجلب السياح والراغبين في قضاء أيام العطلة على شواطئ البحر.
وأوضح سعيد بوذراع المدير العام للتسير السياحي للشرق في تصريح ل «الشعب» بمدينة قسنطينة، أن الأسعار المطبقة خلال شهر رمضان ستخفض بنسبة 50 بالمائة مع ضمان وجبة الفطور والسحور بكل المطاعم التابعة للفنادق، كما ستوفر كل الفنادق حافلات لنقل السياح إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.
وبفندق أقرون بمدينة القل، قررت إدارة الفندق تخفيض أسعار الإيواء إلى 2100 دينار للشخص الواحد وهذا طيلة شهر رمضان، فيما تصل أسعار الشقق الخاصة بالعائلات إلى 9000 دج للغرفة في نفس الشهر و خلال شهري جوان -جويلية وتقل عن 6000 دج بين الفاتح و 21 جوان.
أما بالمركب المعدني حمام الشلالة بقالمة، فيصل سعر الإيواء في غرفة لشخص واحد إلى 4040 دينار جزائري و إلى 4050 دينار بالنسبة لشخصين، في حين يقدر سعر الإيواء بشقة لشخص واحد ب7070 دينار وب10100,00 دينار لشخصين.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)