أمهات يتحولن إلى سيدات أعمال وريفيات ينقذن الفلاحة
تمكنت الكثير من النساء من الخروج من دائرة الفقر واليأس بالمكابدة وتحدي الظروف، بتحويل حرف بسيطة إلى مهن تعيل عائلات وتنتشلها من الفقر، فيما تصنع فتيات وسيدات بسيطات التميز بالوقوف جنبا إلى جنب مع الرجل في بيئة ريفية معزولة لم تمنعهن من أن يكن عاملا أساسيا في التوازن المعيشي و الأسري، كما صنعت أخريات من جحيم البطالة قصص نجاح بخوض مغامرات استثمارية لم تثنهن عن القيام بأدوارهن كأمهات. هي تجارب مشرقة عن قدرة المرأة على الأخذ بيد العائلة وإثبات ذاتها، لكن في الجهة المقابلة هناك من اخترن الجري خلف السراب بالإبحار في مياه لم توصلهن إلى بر الأمان، بل وضعتهن في خانة « حراقات» غير قادرات على العودة إلى الحياة السابقة، لأنهن بكل بساطة كن يبحثن عن الحل الأسرع. النصر وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة تنقل صورا مختلفة عن واقع المرأة في ملف يغوص في عوالم نسائية مختلفة.
التقتهن النصر في معرض بولاية باتنة
شابات واجهن الظروف الاجتماعية الصعبة بحرف يدوية
نظمت غرفة الصناعة التقليدية لولاية باتنة بالتنسيق مع جمعية «إفاسن» التي تعني الأيادي، بعين التوتة، معرضا للصناعات التقليدية بمناسبة عيد المرأة، وكانت هذه المناسبة فرصة التقت فيها النصر بشابات وسيدات من مختلف مناطق الأوراس صنعن التميز لأنفسهن بفضل حرف يدوية تعلمنها وورثنها عن الأجداد، فجسدن بذلك المثل القائل «حرفة اليد مستقبل الغد»، فقد استطاعت حياة من عين التوتة نفض الغبار عن عائلتها بفضل انفرادها بصناعة كسكسي البلوط، وطورت السيدة فتيحة من بريكة حرفة صناعة القشابية التي أحبتها، بينما تميزت الشقيقتان لويزة وسمية ببلدية الجزار، في صناعة ألبسة النسوة لمختلف الطبوع التراثية الجزائرية.
صانعة العجائن التقليدية حياة جبابلية
الحرفة أخرجت عائلتي من ورطة
استطاعت الشابة حياة جبابلية ابنة عين التوتة اقتحام عالم الشغل، بفضل حرفة يديها في صناعة العجائن الغذائية التقليدية التي ورثتها عن والدتها وجدتها، وهي الحرفة التي لم تكن تعلم بأنها ستكون في يوم من الأيام الملجأ والمنفذ لها ولعائلتها في الظروف الصعبة، فحياة التي التقيناها خلال المعرض كانت تبدو مفعمة بالحياة في حركيتها ومهارة ما تصنعه يداها.
و لم يكن ولوج هذه الشابة لعالم الشغل من بوابة مسابقة توظيف أو اختبار مهني، وإنما من باب فرضت عبره نفسها ولم يكن للحظ فيه سبيل، بفضل حرفة أحبتها منذ طفولتها وتفننت وأبدعت يداها فيها، وهي صناعة مختلف العجائن الغذائية التقليدية، و تؤكد حياة أنها فخورة اليوم لما حققته في ظرف سبع سنوات، بعد أن قهرت عراقيل اعترضت طريقها لتصبح على ماهي عليه اليوم مستقلة ماديا.
ولولوج ابنة عين التوتة عالم الشغل قصة، فهي لم تكن تظن في يوم من الأيام بأن حرفة يديها هي مفتاح فرج ومهنة مستقبل، إلى غاية أن جاء يوم سحِبت فيه رخصة السياقة من والدها الذي يشتغل سائقا إثر حادث مرور، وقد تزامن ذلك وشهر رمضان وهنا تقول حياة في حديثها إلى النصر، بأن عائلتها وجدت نفسها في ورطة كون والدها هو معيل العائلة الوحيد.
وتضيف الشابة بأنها قررت أن لا تبقى مكتوفة الأيدي وخطر ببالها مباشرة فكرة إعداد خبز القمح "الكسرة" التي تتقنها من أجل بيعها، وفعلا باشرت تجسيد فكرتها بإعداد الكسرة وإرسالها لسوق الرحبة بعين التوتة رفقة شقيقها، و قدكان ما تصنعه يجد إقبالا من الزبائن، فاستطاعت أن تجني نقودا، الأمر الذي شجعها على مواصلة العملية وهكذا تمكنت من إعالة عائلتها وتجاوز محنة توقف والدها عن العمل.
وتتقن حياة صنع كل أنواع العجائن الغذائية التقليدية، على غرار الشخشوخة والمحاجب والكسكسى بمختلف أنواعه وهي تنفرد بصناعة كسكس البلوط الذي قلما يُعرف، و كذلك سميد البلوط الذي تقول حياة بأنها تقوم باستخلاصه وصنعه من البلوط البري بعد تجفيفه وطحنه إلى دقيق تحوله إلى كسكسي فيما بعد.
وأكدت حياة بأن كسكسي البلوط يجد طلبا من عديد الزبائن نظرا لثبوت فوائد صحية يمتاز بها، وعن أصل هذا النوع من الكسكسي، أوضحت محدثتنا بأنها تعلمت إعداده عن جدتها التي روت لها بأن ابتكاره جاء نظرا للظروف القاهرة التي عاشها سكان المنطقة أثناء الاحتلال الفرنسي، وخاصة خلال تنفيذ سياسة الأرض المحروقة التي نجم عنها عزل الجزائريين بالقرى والمداشر، ليجدوا أنفسهم دون تموين غذائي، وهي الظروف التي حتمت على المرأة في ظل تلك المعاناة، ابتكار صنع الكسكسي من البلوط البري الذي كان حينها الغذاء الوحيد المتاح.
هذه المرأة النشيطة العصامية، وبعد أن اكتشفت إمكانياتها ووثقت في قدراتها، راحت تطور وتضاعف جهودها لإعالة عائلتها بعد أن وجدت التشجيع من غرفة الحرف والصناعة التقليدية لولاية باتنة التي مكنتها من بطاقة حرفي، وأتاحت لها الفرصة للمشاركة في مختلف المعارض، ولم تيأس حياة بعد فتحها لمحل تجاري سرعان ما أغلقته بسبب صعوبات على رأسها مشكلة التسويق، حيث واصلت مجهودها داخل المنزل بصناعة المواد الغذائية وتسويقها لزبائنها، داعية كل النساء إلى فرض أنفسهن وتعلم مهن تساعدهن على مواجهة صعاب الحياة.
لويزة سي عبد الله
أمتهن الخياطة رفقة شقيقتي خريجة الأدب العربي
تمارس الشابة لويزة سي عبد الله من بلدية الجزار الريفية، حرفة خياطة الملابس التقليدية والعصرية وتجهيز العرائس منذ أزيد من 15 سنة، بعد أن أحبتها منذ صغرها ووجدت فيها مصدر دخل، كما أوجدت لها مكانة في المجتمع.
لويزة أصبحت معروفة بالجزار وما جاورها بمهارتها في الخياطة المميزة، حيث تمارس الحرفة في ورشتها رفقة شقيقتها الجامعية سمية الحاملة لشهادة ماستر في الأدب العربي والتي لم يسعفها الحظ بعد في التوظيف لتجد من الصناعة التي علمتها إياها شقيقتها متنفسا.
لويزة أو هاجر كما تُعرف وسط زبائنها، استطاعت أن تطور نفسها من حرفية بسيطة إلى امرأة تحترف صناعة ألبسة من مختلف الطبوع الجزائرية من الشاوي، إلى العاصمي، والنايلي والتلمساني، وقد مكنها نيل قرض عبر وكالة "كناك" من تجسيد حلمها في تحقيق استقلاليتها بعد أن اقتنت التجهيزات والوسائل اللازمة للخياطة.
الحرفية فتيحة براهمي
مرض زوجي جعلني أتعلم صناعة القشابية
تعد الحرفية فتيحة براهمي المختصة في صناعة الألبسة التقليدية من مدينة بريكة، نموذجا للمرأة التي ترفع التحدي، فقد استطاعت قهر ظروف عائلية صعبة بعد مرض زوجها، بتعلم حرفة أجدادها المتمثلة في صناعة القشابية، لتخرج عائلتها إلى بر الأمان.
فالسيدة فتيحة التي التقيناها بمعرض الصناعة التقليدية بعين التوتة لا تختلف قصتها في تعلم واستغلال حرفتها عن الشابة حياة، بإيجاد المنفذ في إعالة عائلتهما في حرفة اليدين، حيث تروي فتيحة التي كانت تعرض ألبسة تقليدية متنوعة منها القشابية، قصتها في تعلم صناعة تقول بأنها مهنة أجدادها التي وجدت فيها الملجأ في الظروف الصعبة لإعالة عائلتها، وتضيف محدثتنا بأن سر نجاحها بعد أزيد من 15 سنة في ممارستها لصناعة الألبسة التقليدية والقشابية بصفة خاصة، هو حبها للحرفة لدرجة كبيرة تضاهي حبها لأولادها، كما قالت.
وتقول الحرفية بأن حبها لصناعة القشابية، جعلها تقول فيها الشعر، فلم يقتصر إبداعها على ما تنسج أناملها وتعداه إلى ما تبوح به من شعر فتقول "لوكان ما القشابية ما تنحى الهم عليا"، و قد جعل حب السيدة فتيحة لصناعة القشابية، تبدع وتطور الحرفة حتى أنها صنعت ألبسة تشبهها للفتيات.
الحرفية شرحت لنا أنواع القشابية ومميزات نوعية كل منطقة، كما تقول بأن تطويرها لم يمس بخصوصية قشابية مناطق الأوراس والحضنة التي تتميز عن غيرها في شكل المثلث الموجود في الكتف، إذ تعتبر تلك المصنوعة من الوبر والصوف أصعب أنواع صناعة القشابية، بالإضافة للمعروفة بالبرشماني التي تصنع باليد، مشيرة إلى أنها استفادت من قرض من وكالة "أونجام" وقد استطاعت تسديد قيمته بعد أن أتاح لها اقتناء ما ترغب من آلات خياطة.
ومهما بلغت صعوبة صناعة بعض أنواع القشابية، إلا أن ذلك لم يكبح إرادة السيدة براهمي في التفنن في صناعتها، حتى أنها أرسلت عينات شاركت بها في معرض دولي بدبي، مضيفة بأنها لقيت إعجابا كبيرا وصدى لدى زائرين للمعرض، حيث تطمح اليوم إلى توسيع صناعتها وتعليمها، لكنها تتأسف لقلة من يمارس هذه الحرفة المهددة بالزوال وتدعو الشباب والشابات إلى تعلمها، كونها حرفة الأجداد و من شأنها تمكين من يتعلمها كسب قوته منها. رصدها: ياسين عبوبو
فتيات يجرين وراء السراب وأمهات يلاحقن أبناءهن
نساء يرمين بأنفسهن في مغامرة «الحرقة»
إن الحديث عن «الحراقة» اليوم قد لا يفرق في مفهومه المجرد بين المرأة والرجل، فكلاهما رمت به ظروف قاهرة لخوض التجربة ومواجهة مصير مجهول محفوف بخطر الموت، لكن بالنظر لتركيبة المرأة العاطفية بالفطرة، فإن مغامرتها في قوارب الموت، أمر لا يمكن تصوره في مجتمع تغافل عن كونه هو من جردها من طبيعتها الأنثوية ورمى بها في غياهب البحر، وقد تستعيد أمل إعادة بناء ذاتها، إذا نجحت في طرق أبواب الآخر، وقد يموت الأمل في أعماق اليم الأبيض، أو قد تعود للسواد الذي انطلقت منه قبل أن تكسر حاجز الخوف والهوان.
وقد تتجلى بعض الحقائق من خلال ما استقته النصر من اعترافات الموقوفات أمام المحاكم وتصريحات بعض العارفين بدائرة «الحراقة»، في أن رحلات الموت التي أصبحت تسوق الجنس اللطيف للهجرة غير الشرعية، تختفي وراءها أسباب متعددة ومختلفة ، بعضها حقيقية وأخرى من تأليف «الحراقات» لتبرير خوضهن تلك المغامرات الخطيرة.
تتلخص هذه الأسباب في الظروف الاجتماعية ، خاصة طلاق الوالدين الذي يجعل الفتاة تتأرجح بين والدها و والدتها إلى أن تقع في أيادي «الذئاب البشرية»، و نادرا ما تنجو من قبضتهم، إلا إذا نجحت في «الحرقة» لتباشر العيش في عالم بعيدا عنهم، بينما العديد من الحالات تختفي وراء العاطفة وعلاقات تسميها «الحب»، حيث أن كثيرات لجأن للسطو على أموال أو مجوهرات العائلة، لدعم من وعدها بحياة زوجية سعيدة أو عشيقها، والمغامرة معه في رحلة «الحرقة»، بدليل أن بعض الفتيات اللائي يمثلن أمام المحاكم، بعد اعتراض حراس السواحل للرحلات التي يكن على متنها، دائما يحاكمن بعد الجلسة المخصصة «للحرقة»، بتهمة السرقة.
أمهات يشاركن أولادهن في «رحلات الموت»
ربما تعودنا خلال السنوات الماضية على سماع أن الأمهات يحترقن شوقا على أبنائهم «الحراقة»، ولكن جولتنا في الكورنيش الوهراني مؤخرا ، جعلتنا نكتشف أن هناك أمهات أصبحن يشجعن أولادهن على الهجرة غير الشرعية.
من بينهن خالتي فاطمة، ذات 60 سنة، التي تسكن أيضا قرب البحر في إحدى شواطئ وهران، والتي أصبح ولدها من منظمي رحلات «الحرقة» من كثرة مشاركته سابقا في تلك الرحلات، لكنه فشل فيها بعد إعتراض حراس السواحل في كل مرة للقوارب التي كان يتواجد على متنها، وبالمقابل اكتسب أحمد خبرة في العملية، جعلته ينقل زوجته وابنيه في رحلة «حرقة» أوصلتهم لإحدى الشواطئ الإسبانية، و يدرس حاليا ابنيه في إحدى المدارس الكتالونية، لكن هو أعادته السلطات الإسبانية لوهران.
لم تكن عودته مؤلمة بالنسبة إليه، بل شجعته على تنظيم رحلة أخرى رفقة والدته خالتي فاطمة التي التحقت بأحفادها، وتمكن أحمد من البقاء في الضفة المقابلة للمتوسط.
أما السيدة عائشة فعاشت مع البحر ، كون مسكنها يقابل المتوسط مباشرة ، تزوج أولادها واستقروا في الضفة المقابلة، كل ليلة تجلس أمام باب بيتها وتنظر إلى البحر وكأنها تكلمه ، وتبعث مع الأمواج رسائل شوق و حنين لفلذات أكبادها.
السيدة عائشة البالغة من العمر 56 سنة، تعيش وحيدة، لكن يرافقها في مناجاتها للبحر أغلب شباب الحي الذين تعتبرهم أولادها، تعودوا عليها وعلى الجلوس معها في سهرات صيفية خاصة، لكن حديثهم كان يتمحور حول كيفية الهجرة غير الشرعية بتبريرات مختلفة، تتباين من شاب لآخر، ولم ينتبهوا أن الفكرة بدأت تختمر في ذهن خالتي عائشة التي فاجأتهم ذات ليلة بمساعدة مالية لشراء العتاد «القارب المطاطي والمحرك»، و اشترطت عليهم أن تذهب معهم، وعندما حان موعد الإقلاع وزعت خالتي عائشة أقفاص العصافير التي كانت تؤنس وحدتها ومجموعة القطط التي كانت ترعاها على جيرانها ليتكفلوا بها، وكانت أول من ركب رحلة «الحرقة» لتلتقي بأبنائها في جنوب فرنسا، أين تعيش حاليا في وضعية غير قانونية.
ظروف عائلية وأحوال عاطفية وراء هجرة الفتيات
أحلام، 20 سنة، تبخرت أحلامها في «الحرقة» بعد أن أوقفتها هي و من معها دورية حراس السواحل بشواطئ وهران، لقد كانت رفقة 5 فتيات ينحدرن من منطقة واحدة بضواحي إحدى الولايات الغربية، أين كن يعشن ظروفا قاسية جعلتهن شبه متشردات، فأقنعهن أحد منظمي رحلات الموت بمرافقته على متن قارب مطاطي، ليوصلهن إلى إسبانيا على أمل الخروج من بوتقة الفقر والتشرد و رسم لهن صاحب القارب عالما ورديا سرعان ما تبخر بعد فشل الرحلة، و لم تتوقف أحلام عن البكاء والحسرة بعد إعادتها إلى اليابسة، لأنها فعلا اقتنعت بأن «الحرقة» السبيل الوحيد لخلاصها من الواقع المر الذي كانت تعيشه وعادت إليه.
ولم يختلف وضع وسيلة عن أحلام، فقط أن وسيلة كانت حاملا في شهرها الرابع، تركها زوجها و اختفى، لم تكن تفكر في «الحرقة» بل في لقمة العيش، بعد أن تخلى عنها الجميع، ذات يوم تعرفت على شاب أوهمها بمساعدتها ورافقته ذات يوم إلى وهران، و أخبرها أنه سيغادر تلك الليلة إلى إسبانيا ونصحها بمرافقته، راسما لها حياة الرفاه والعيش الرغيد وراء البحر، خاصة بعد أن تضع مولودها هناك، وافقت فورا و التحقت بالقارب المطاطي دون تفكير، ولم تستفق من غفوتها ، إلا وهي في طريق العودة من حيث بدأت ، لأن حراس السواحل كانوا بالمرصاد «للحراقة».
أما فريدة فقالت أنها تعلقت بشاب، لكن هو كان متعلقا بأحلام «الحرقة»، فساعدته بمالها الخاص، كونها تنحدر من عائلة ثرية، وقررت الرحيل معه وتحقيق كل أمنياتها معه بعد الوصول إلى الضفة المقابلة من المتوسط، لكن فشلت الرحلة وعادت فريدة من حيث أقلعت، لم تفكر في عتاب والديها أو فقدان عشيقها أو كيفية عودتها للعمل والحياة العادية، فقد أصيبت بنوع من الانهيار العصبي، لأنها عندما كانت على متن القارب المطاطي، لم تجد سبيلا لقضاء حاجتها البيولوجية، فاضطر عشيقها إلى حجبها عن باقي «الحراقة».. و حز في نفسها كثيرا، أنها تعرضت لهذا الموقف، و هي التي تتوفر على كل ضروريات الحياة الكريمة في بيت أهلها.
إنها نماذج من قصص فتيات غامرن بحياتهن وعدن لأرض الوطن، لكن هناك فتيات انتهت أحلامهن وحياتهن في عرض البحر، ومنهن من لفظ البحر جثثهن، ومنهن اللائي أصبحن طعما لحيتان المتوسط، و هن اللائي اعتقدن يوما أنهن سينجون من حيتان جنوب المتوسط.
زهية كانت الفتاة الجميلة التي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي، صورتها و تغنى الجميع بجمالها، لكن في الواقع، لم تجد زهية من يتغنى بها، عندما كانت تحترق شوقا لفلذة كبدها الذي أخذه والده إلى فرنسا بعد طلاقهما، لم تتلق زهية مساعدة من أحد، بينما تحدث عنها الجميع بعد غرقها، مثلما تغنى الجميع بأمينة التي رمتها أمواج البحر ذات يوم في إحدى شواطئ وهران، معلنة وفاة حلم إلتحاقها بخطيبها الذي ضحت من أجل توفير المال له، ليهاجر بطريقة غير شرعية على أمل الالتحاق به ذات يوم، بعد أن يتزوجها، لكن هاجر بمالها وتزوج بأجنبية وخاض تجربة أخرى هناك في شمال المتوسط ، بعد رحلة «حرقة» أحرقت قلب أمينة و بخرت كل أمنياتها لتجد نفسها، مغيبة الفكر، أثناء ركوبها «البوطي» .
لم تتمكن أن تشفي غليلها، بل مثلما يقول المثل الشعبي «شربت من البحر» ، وغادرت عالمنا، الأمثلة كثيرة عن هؤلاء الفتيات «الحراقات» اللائي غرقن، و لكن العبرة في ضرورة وجود إرادة قوية لدى كل المعنيين للحد من هذه الظاهرة. إستطلاع : خيرة بن ودان
قوار سيدي محمد الأمين رئيس الجمعية الجزائرية – الفرنسية لنورماندي
نسعى لتزويج الفتيات "الحراقات" لحمايتهن
من جهة أخرى، أكد السيد قوار سيدي محمد الأمين، رئيس جمعية «الإتحاد الجزائري- الفرنسي لنورماندي، أن الجمعية تستقبل النساء المهاجرات غير الشرعيات، «الحراقات» وتسعى لمساعدتهن على تحسين وضعيتهن غير القانونية، من خلال تزويجهن.
من بين أعضاء الجمعية إمام يشرف على عقد القران الشرعي «الفاتحة» التي تبرم في مقر الجمعية، أو في أحد بيوت الجالية، لأن مساجد المنطقة يشرف على تسييرها أئمة غير جزائريين وبالتالي يضعون عراقيل أمامهم.
وأبرز السيد قوار، أن هؤلاء « الحراقات» يصلن إلى شمال فرنسا في نورماندي، سواء لوجود أهل أو أقارب لهن هناك، و كذا لأن المنطقة بعيدة عن هرج باريس والمدن الكبرى، فتستطيع الفتيات الاستقرار هناك إلى غاية تسوية وضعيتهن، وخلافا للفتيات، فإن النساء «الحراقات» اللائي يأخذن أولادهن معهن في رحلة الموت، عند وصولهن تتكفل بهن السلطات الفرنسية، خاصة الأطفال.
كما تتكفل الجمعية، حسب محدثنا ، بفئة أخرى من النساء الجزائريات، خاصة غير المتزوجات اللائي انتهت مدة صلاحية تأشيراتهن أو جوازات سفرهن وهن في وضعية غير قانونية، حيث يتم السعي لتحصيل وثائق إدارية من أجلهن، حتى لا يتعرضن للطرد، في إنتظار تسوية وضعيتهن، سواء بعقد عمل أو قران.
الباحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية الأستاذ قاسمي بو عبد الله
عوامل كثيرة حولت المرأة من أنثى إلى مجرد فرد في المجتمع
الأستاذ قاسمي بوعبد الله، باحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية بمركز «كراسك» وهران، أنجز بحثا عن الدوافع الإجتماعية «للحراقة»، قال للنصر، بأن أغلب النساء المرشحات للهجرة غير الشرعية، تمكن من كسر طابوهات الأعراف والعادات وقيود المجتمع المختلفة، لدرجة أنهن فقدن الإحساس بالخوف على مصيرهن ومستقبلهن.
تتشابك عدة عوامل وراء هذا الوضع، من بينها أن أغلبهن ينحدرن من طبقات مجتمعية ما بين البسيطة والفقيرة، و يصعب عليهن احتلال مرتبة «امرأة» وسط مجتمع مارس عليها كل طقوس الإقصاء والتهميش،، فيبدأ بحثهن عن القالب المجتمعي الذي تعتبرنه مناسبا لتحقيق وجودهن، فوجدنه عند الآخر وراء البحر، لأن القوالب المحلية اختصرت المرأة في كونها فردا في المجتمع، مع إلغاء كل مزاياها الأنثوية ودورها المميز في المجتمع، مما أخل بميزان القيم، و ضاعف شعورها بفقدان استقلاليتها وحريتها، خلافا للمرأة الأوروبية التي تصبح في نظر «المرأة الجزائرية الحراقة»، نموذجا للمرأة التي تملك حرية التصرف في مسارها الحياتي، وتصدر قراراتها الخاصة بها، دون تدخل من أحد ودون تهميش أو إقصاء.
هذه الصورة التي تتشكل مسبقا لدى المرشحات للهجرة غير الشرعية، هي التي تقوي الدافع الداخلي لديهن لخوض المغامرة، دون وضع في الحسبان العواقب التي تنجم خلال أو بعد رحلة الموت.
وأكد الأستاذ قاسمي الذي ينحدر من منطقة ساحلية بالغرب الجزائري، تعد من أهم نقاط «الحراقة» الذين يعرف أغلبهم، خاصة من أبناء المنطقة، أن المرشحين للهجرة غير الشرعية، هم أساسا من الشباب أو النساء الباحثين عن ملء فراغات عاطفية وهوياتية، يرون أنها تتوفر لدى الآخر، فيغامرون بحياتهم ويواجهون الموت، من أجل إعادة تشكيل البعد الهواياتي الذي يبحثون عنه، لكن سيكون حتما، وفق ما يرسمه الآخر.
حسب المتحدث، فإنه عند دراسة ظاهرة «الحرقة»، يجب الأخذ بعين الإعتبار كل التفاصيل الحياتية للحراقة المغامرين، حتى نتمكن من فهم خلفيات الظاهرة ودوافعها، خاصة مع تأثيرات شبكات التواصل الإجتماعي التي قصرت المسافات وألغت الحدود وجعلت الاتصال مباشرا، صوتا وصورة. ب. خ
الملازم الأول سوسن العايبي للنصر
انتساب المرأة لجهاز الشرطة لم يعد «طابو»
ترى الملازم الأول سوسن العايبي أن مقولة «وراء كل رجل عظيم امرأة»، تنطبق بصورة عكسية على مسيرتها ضمن جهاز الشرطة التي تمتد إلى 14 سنة ، كانت أولى خطواتها سنة 2004 بتشجيع من والدها مفتش الشرطة المتقاعد، قبل أن تستمر بفضل تفهم ومساعدة زوجها التي ترى نفسها مدينة له بعد أن ضحى بجهده وأُجبر على تقمص في كثير من الأحيان دورين متزامنين لتغطية غيابها عن البيت بسبب ظروف العمل، جعلت منها كما قالت مثالا لنجاح المرأة، وصورة تعكس المكانة الحقيقية التي وصلتها في المجتمع الجزائري، مضيفة في لقاء بجريدة «النصر» أن المكتسبات المحققة بعد سنوات من النضال، حوّلت واقع المرأة من ضحية لمجتمع ذكوري إلى شريك فعّال استطاع فرض مكانته وتحسين واقع المرأة.
يعود تاريخ انضمامك لجهاز الشرطة، لعام 2004، في وقت كان يشكل الأمر «طابو» داخل المجتمع الجزائري، كيف تمكنت من تخطي هذا الحاجز «الاجتماعي»؟
علاقتي مع جهاز الشرطة، لم تبدأ بعد مباشرتي تحضير ملف دخولي لمسابقة توظيف مفتشات شرطة، بل تمتد لسنوات طفولتي بحكم مهنة والدي رحمه الله، الذي بعد مسار طويل أنهى الخدمة بهذا الجهاز كمفتش شرطة هو الآخر ، وأستطيع القول أن نهاية مشوار والدي كانت بمثابة نقطة انطلاقتي، ولم أجد صعوبات بل بالعكس حظيت بتشجيع كبير من كل أفراد العائلة الذين ينتسب الكثير منهم لهذا الجهاز، وأولهم والدي و عمي ، لكن هذا لا يمنع كما قلت من بعض مظاهر الاستغراب وخاصة من بعض صديقاتي وكذا بعض أقاربي الذين استغربوا كيف تنتهي مسيرة مهندسة في الهندسة المدنية إلى مفتشة في جهاز الشرطة.
والدي شجعني وزوجي كان أقوى
سند
وهو نفس التساؤل الذي ننتظر منك تفسيرا حوله، كيف لمهندسة تفضل هذا الجهاز على تحقيق ربما أحلام اكتسبتها من طبيعة تكوينها الأكاديمي؟
تفكيري في مشوار مهني بجهاز الشرطة، يعود لسنة 1997، وهو تاريخ حصولي على شهادة البكالوريا ، حيث ناقشت مع والدي أمر التحاقي، غير أنه طلب مني إكمال الدراسة أولا ، وهو ما تم، و حتى بعد تجاوزي لمرحلة الجذع المشترك في فرع التكنولوجيا الذي اخترته في الجامعة، فقد توجهت لفرع الهندسة المدنية، بعد أن استشرت والدي حول مدى مطابقته للمواصفات والشهادات الواجب توفرها في راغب بالانتساب لهذا الجهاز.
نفهم من كلامك أن خيارك كان تحديا رغم الظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها البلاد وخاصة منتصف التسعينات؟
نعم وأقولها و بكل فخر، لأني تحديث رفقة كامل أفراد عائلتي الخوف، لقد عشت ككل العائلات الجزائرية تلك الفترة الصعبة، و ربما أكثر بالنظر لمهنة والدي، حيث امتدت تهديدات الدمويين حتى لعائلات رجال الأمن والشرطة، وكنت أقطن بحي مخصص للمنتسبين لهذا السلك ووصلت التهديدات حتى ل»نسف» كامل الحي، لكن رغم ذلك تولدت في نفسي قناعة كبيرة بتحقيق حلمي، الذي باشرت بتنفيذه عند أول فرصة وكان ذلك بعد نهاية مشواري الدراسي في الجامعة.
كنت ولمدة 6 أشهر المرأة الوحيدة في المركز العملياتي
خيارك لاقى ترحيبا في العائلة، فهل تكرر المشهد حين باشرت رفقة زوجك مشروع تكوين عائلتك الصغيرة؟
صدقني تقريبا نفس المشهد تكرر، فزوجي لم يكن لديه أدنى تحفظ على طبيعة عملي كمفتشة شرطة وحتى عائلته، ولاقيت قبولا من الجميع وأعتقد أن وظيفة والده السابقة كشرطي ساهمت في تسهيل الأمور، و الحمدلله أني أحيا حياة سعيدة بعد 12 سنة زواج، كان نتاجها طفلين الأولى تسمى مريم وتبلغ من العمر 10 سنوات، وابني الثاني لبيب 5 سنوات، وهنا أريد أن أضيف أمرا....
.... تفضلي...
مقتنعة جدا أن المرأة تستطيع النجاح في أي مجال إذا تصالحت مع نفسها وتعاملت على طبيعتها، لكن بشرط توفر الظروف المناسبة في الوسط العائلي، وقد كنت محظوظة ربما مقارنة بنساء أخريات، حيث في البداية كان والدي أكبر داعم لي، وبعد الزواج وجدت رجلا متفهما أدين له بكل ما وصلت إليه، خاصة وأنه وجد نفسه مجبرا على تحمل الكثير في سبيل مساعدتي، حتى أنني ما كنت أستطيع عام 2015، المشاركة في تربص الارتقاء على أساس الشهادة والحصول على رتبة ملازم أول، لولا إصراره وصبره لمدة سنتين كاملتين متحملا مسؤولية مزدوجة ما بين وظيفته الأساسية كإطار بمؤسسة عمومية وبين واجب تغطية فترة غيابي خاصة بالنسبة لابنتنا الأولى مريم التي رغم انشغالي عنها لقرابة السنتين غير أن سند والدها غطى على الأمر ولم تتأثر حتى بالنسبة لنتائجها الدراسية وبقيت متفوقة.
الشرطية وصلت إلى مسؤوليات كانت حكرا على الرجال
إذا كان هذا الأمر في محيطك، فكيف ترين وجود المرأة ونظرة الرجل الشرطي لزميلته المرأة؟
نظرة الرجل الشرطي لزميلته المرأة مغايرة تماما للصورة النمطية التي يحملها بعض أفراد المجتمع الجزائري، فالمرأة في جهاز الشرطة تحظى باحترام كبير، وتعززت مكانتها كثيرا بعد قدوم اللواء الهامل، وتبوئه لمنصب المدير العام للأمن الوطني، حيث تمكن من خلق توازن في الجانب الاجتماعي والجانب المهني، ما انعكس جيدا على حياة المنتسبين، وهذا عن تجربة شخصية، فالمرأة الشرطية تستطيع الوصول لأبعد المناصب وتناط لها أصعب المهمات وأكثرها حساسية بشرط وحيد هو معيار الكفاءة، وحدث معي أن وظفت في بداياتي بمصلحة التوثيق والمحفوظات على مستوى المفتشية الجهوية للشرطة بالشرق، وهو قلب المفتشية لما تقوم به هذه المصلحة من مهمات و مسوؤليات، ثم تنقلت للمركز العملياتي وكان لي الشرف أن أكون المرأة الوحيدة بهذه المصلحة، في وقت كانت مقتصرة فقط على الرجال، حيث عملت بها لستة أشهر قبل مغادرتها بسبب التحول لتربص الارتقاء لرتبة ضابطة، وأستطيع القول أنه وقبل فترة وكما قلت سلفا منذ قدوم اللواء الهامل، فالنساء داخل الجهاز أصبحن يقمن بمهمات كانت حكرا على الرجل على غرار عضوية بعض الفرق التفتيشية، وهي تجارب جيدة.
المرأة تنجح إذا تصالحت مع نفسها
تقلدت عدة مناصب ومسؤوليات خلال مسيرتك، ما هي التجربة التي تركت أثرا في نفسيتك؟
كل منصب أو مسؤولية تبوأتها أضافت لي الكثير واستمتعت بها، غير أن أحسنها يبقى تعييني عضوا في لجنة خاصة تولت مهمة تنظيم خرجات تفتيشية لمختلف مقار أمن الولايات بشرق البلاد، وهذا من أجل إعداد تقارير حول الطبيعة العمرانية لتلك المقرات بهدف تغيير النظرة النمطية حول مراكز الأمن، تجعل كل زائر أو مواطن يحس بنوع من الراحة عندما يلج أي مقر أمني، وصراحة سعدت كثيرا بهذه المهمة لأنها أوكلت لي عملا يدخل ضمن نطاق تكويني الأكاديمي كمهندسة مدنية وسمحت لي بتوظيف إلى جانب الخبرات المكتسبة خلال فترة التربص الأولى سنة 2004 والثاني عام 2015، تلك المعارف والمعلومات المحصلة من مدرجات ومخابر و ورشات الكلية التي درست بها.
قلت في بداية الحديث أنك عايشت العشرية السوداء بكل مآسيها رغم سنك الصغير ووضعك كطالبة ثانوية، ما هي الأحاسيس التي راودتك خلال الفترة ما بين نهاية عام 2016 وبداية 2017؟
ربما تقصد تلك الأحداث التي شهدتها ولاية قسنطينة، وعرفت استشهاد حافظ الشرطة «عمار بوكعبور»، وكدا محاولة تفجير مقر أمني بحي باب القنطرة، وككل مواطني ولاية قسنطينة فقد استرجعنا ذكريات سنوات التسعينات، فيما كان لابد تبعا لتعليمات المسؤولين تغيير نمط المعيشة، وكنت محتاطة مستعيدة سيناريو والدي، الذي كان مضطرا لتغيير مواعيد دخوله وخروجه، كما لجأت أيضا حتى لتغيير مسلك ذهابي وعودتي للعمل.
مكتسبات المرأة الجزائرية تضاهي ما حصلت عليه الأوروبيات
بعيدا عن عملك في الجهاز وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، كيف تقيمين وضع المرأة الجزائرية؟
المرأة الجزائرية أصبحت رائدة في كل مجال، بعدما وصلت لتبوأ مناصب عليا على غرار وزيرة، والية، عميدة في الجيش، ومن وجهة نظري فالمرأة اقتحمت عدة مجالات وفرضت نفسها، مثبتة جدارتها على مختلف المستويات، كما تمكنت خلال العشريتين الماضيتين من الارتقاء كثيرا، واكتسبت الكثير من الحقوق تعدت حتى تلك التي تفتخر بها المرأة في الضفة الأخرى من المتوسط، وهذا نتيجة تضحيات نساء وقرارات شجاعة وخاصة تلك التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كما أن تغير نمط معيشة وظهور كل هذه الوسائط الاجتماعية والانتشار الكبير للشبكة العنكوبتية، ساهم في مساعي المناضلات في مجال حقوق المرأة وعملهم الميداني في تقريب الرؤى وتبسيط الأمور.
بعد مرور 14 عاما على مسيرتك المهنية هل أنت راضية بحصيلتها؟
جد راضية ومقتنعة، توصلت لقناعة أني اخترت الخيار الأحسن، رغم أني في الكثير من الأحيان اضطر للتضحية على حساب عائلتي وأبنائي، خاصة في حالات طارئة أين أكون مجبرة على مغادرة مكتبي بعد الساعة السابعة مساء، لكن أحاول تعويض ذلك من خلال تخصيص عطلة نهاية الأسبوع أو حتى العطل الخاصة للبقاء بجانب عائلتي الصغيرة وتعويضها نوعا ما عن ما اسميه تقصيرا في حقهم.
كلمة أخيرة..
أحيي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كل نساء وحرائر الجزائر سواء من الماكثات بالبيت أو العاملات والمكافحات، كل على مستوى تخصصها ومجال عملها، كما أوجه تحية خاصة لكل سيدة شرطية وخاصة زميلتي أمال. حاورها : كريم - ك
النصر تنقل صوّرا عن تجارب ناجحة من مداشر جيجل
المرأة الريفية ..سيّدة البيت والحقل
لطالما وقفت المرأة الريفية بجيجل الند للند أمام الرجل، فكانت تعينه في الكثير من الأعمال، وأزالت عن كاهله العديد من المسؤوليات، لدرجة أنها شاركته في أعمال شاقة كانت حكرا على الرجل، و هي ببساطتها ورباطة جأشها رمز للمرأة المكافحة.
النصر تنقلت إلى ريف ولاية جيجل ، من أجل نقل جزء من الحياة اليومية للمرأة الريفية المكافحة ، فالتقت بالسيدات فتيحة، مسعودة، سامية، فاطمة،و لكل منهن حكاية عن معاناة بطعم الكفاح، لكنهن يتشبثن بالأمل في غد أفضل ، يكون لهن فيه نصيب من الراحة و لما لا الرفاهية.
الجميل في حديثهن أنه مليء بالصبر و الإصرار، مع مسحة حياء مهيمنة، و هي مزايا اكتسبنها عن الأمهات و الجدات و سيورثنها لبناتهن .
لكن لا تزال النساء الريفيات، يتخبطن في عدة مشاكل تقف حجر عثرة أمام طموحات العديد منهن، لكنهن في نشاط مستمر، و يشكلن نسبة معتبرة من اليد العاملة في قطاع الإنتاج الزراعي والحيواني، وكذا الحفاظ على الموروث الثقافي عبر ممارسة الحرف التقليدية.
اليد العاملة التي أنقذت الحقول
تنقلت النصر إلى مناطق ريفية بالجهة الشرقية من ولاية جيجل، و استعننا بمرشد يعرف المنطقة جيدا، توجهنا في البداية إلى منطقة سيدي عبد العزيز، أين التقينا هناك بالسيدة مسعودة بمنزلها العائلي، أخبرتنا بأن الجو الممطر منعها من الخروج إلى الحقل، من أجل ممارسة نشاطها الفلاحي، و طلبت من ابنها أن يتصل بجارتها فتيحة، من أجل المشاركة في الحديث الذي سيدور بيننا، لأنها و جارتها و رفيقتها في المجال الفلاحي، فقالت لنا « توجد بالمنطقة العديد من النسوة اللائي يمارسن النشاط الفلاحي، ويقدمن الدعم الكافي للرجل».
و ذكرت المتحدثة بأنها بدأت زرع الخضر منذ الصغر، و علمها والدها الاعتناء بالخضر المزروعة في أنفاق أو غرف بلاستيكية، على غرار عملية إعداد و تجهيز الأرض للزراعة أو التسميد، و أضافت السيدة فتيحة « المرأة بالمنطقة، لا تزال تحافظ على وصية الآباء و الأجداد، حيث توجد العديد من النسوة يمارسن النشاط الفلاحي، و يقمن بالحرث و استصلاح الأراضي، رفقة أزواجهن أو أشقائهن، من بينهن من يمارسن الزراعة من أجل تزويد العائلة بالخضر و الفواكه، لإعداد الوجبات اليومية، أو تعويض قفة الأسبوع».
و أكدت السيدتان بأن التعب لحد الإرهاق هو عنوان يومهن، حيث أنهما تنهضان باكرا ، لتحضير فطور بنكهة تقليدية لأفراد عائلتيهما، و القيام بأشغال البيت ، و بعد صلاة الفجر مباشرة، تقومان بحلب الأبقار، و تفقد الدجاج و جمع البيض، و ذكرت المتحدثان، بأن جل الحقول بعيدة عن المنزل، ما يجعلهما، تتنقلان مسافات طويلة، لبلوغها.
السيدة مسعودة أكدت بأن عددا معتبرا من نساء المنطقة يقمن بجني المحصول الفلاحي ، مقابل أسعار يتم الاتفاق عليها مسبقا مع أصحاب المزارع و الحقول، و أشارت إلى أن العملية تعرف إقبالا كبيرا في فترة جني الفراولة و الفلفل، حيث تتوزع النسوة عبر مساحات شاسعة ، و تحصل كل واحدة على مبلغ ألف و 400 دج بعد ست ساعات من جني الفراولة، أو 50 دج لصندوق بوزن5 كلغ.
و أوضحت بأنهن يمارسن هذا العمل، نظرا لعزوف الشباب عنه ، مشيرة إلى أن العشرات من النساء، يأتين من بلديات مجاورة و مناطق جبلية لجني المحاصيل الزراعية، خصوصا في هذه الفترة، التي يكثر فيها العمل، و ذلك من أجل مساعدة عائلاتهن المعوزة، خاصة في ظل نقص المداخيل و فرص التوظيف بالولاية.
و أضافت محدثتنا بأن الحياء هي السمة الغالبة بالمنطقة، حيث يمنع على الرجال الدخول إلى الحقول التي تعمل بها النسوة. مؤكدة " نحن نعاني يوميا، و طيلة فصول السنة، في غياب التهيئة و شبكة الطرقات نحو الحقول، فالجرار هو الوحيد الذي يستطيع المرور، في ظل كثرة الأوحال عند تساقط الأمطار، مثل اليوم".
توجهنا بعد ذلك نحو بيت عمي أحمد و هو فلاح مقعد منذ سنوات، جراء تعرضه لحادث وقع له، و لم يتحصل على تأمين، كما قال لنا، و أخبرنا عمي أحمد بعد أن استقبلنا بحرارة ، بأن بناته الثلاث، يتكفلن بمصاريف المنزل من خلال ممارسة حرفة الخياطة، و حرف تقليدية عديدة، و أكد " في الوقت الحالي، أصبحت البنت و الزوجة، خير ساند للعائلة، فأنا أشكر الله عز وجل على البنات الثلاثة اللائي رزقني بهن، فهن خير معيل و كفيل لي، حيث أن ابني الوحيد، يقضي نهاره في المقهى،و يعمل في الليل كحارس بإحدى المؤسسات التربوية، و لا أتذكر بأنه سبق له، و أن أحضر خبزة للمنزل"، و يصمت عمي أحمد قليلا و قد احمرت عيناه من شدة التأثر، ثم يتابع حديثه "نحن بالمنطقة و منذ القدم، تتكفل النساء، بكافة شؤون العائلة، فالمرأة، تربي، و تغسل، و تطبخ، و تساعد الرجل في عمله اليومي.
المرأة و شجرة الزيتون.. قصة حب
توجهنا إلى ضواحي بلدية تاكسنة الجبلية، فلاحظنا بأن النساء الماكثات بالبيت، يقمن بتربية الأبقار و الأغنام، من أجل الحصول على الحليب اليومي.
التقينا هناك بالسيدة فاطمة، فقالت لنا بأنها تقوم بتربية الأبقار و الاستفادة من حليبها و مشتقاته ، ثم يتكفل شقيقها ببيع بعضها من حين لآخر ، خصوصا للراغبين في إقامة الأعراس، لضمان دخل يسد احتياجات عائلتها.
و قد قامت مؤخرا ببيع عدد معتبر من الأبقار، ما جعلها تتحصل على مبلغ مالي يتجاوز 100 مليون سنتيم، مكنها من إكمال بناء منزلها العائلي، و دلتنا السيدة فاطمة على منزل جارتها السيدة عائشة، و عندما وصلنا قالت لنا بأنها تحترف صنع الطواجن من الطين ، وفق طلبيات مسبقة، ثم تبيعها مقابل 600 دج للطاجين الواحد.
و أضافت محدثتنا ، بأنها تقوم بعدة أعمال موسمية ، على غرار جني الزيتون، حيث تتكفل بجني غلال أزيد من 200 شجرة خلال موسم الجني، مقابل الحصول على نسبة معينة من الزيت لتقوم ببيعها، الأمر الذي يسمح لها، بتحقيق مداخيل إضافية لعائلتها، مشيرة إلى أن العشرات من نساء المنطقة الجبلية، يشاركنها ممارسة هذا النشاط كل موسم، لسد احتياجات أسرهن .
و لدى تجولنا بأعالي بلدية تاكسنة، التقينا بالشيخ عمار، فأكد لنا بأن نساء المنطقة، يعتبرن خير معين لأزواجهن حيث يغرسن بمزارع عائلاتهن الخضر، على غرار البطاطا، البصل، الخس و البقدونس، و غيرها لضمان احتياجاتهن و تكليف أبنائهن ببيع كميات منها في الأسواق، لتحصيل مبالغ مالية إضافية.
و بينما نحن نسير ، شاهدنا امرأة تتجه نحو منبع من أجل جلب المياه، و أكدت لنا بأنها تقطع مسافات طويلة يوميا لهذا الغرض، بسبب عدم تزويد مسكنها بشبكة المياه الصالحة للشرب.
حرفة في اليد للوقاية من الفقر
سامية ماكثة في البيت، تبلغ 45 عاما ، و تقطن ببلدية الطاهير، و هي من بين النساء اللائي يسعين ليكن عناصر فعالة في المجتمع ، قالت للنصر بأنها لم تكن تفكر في العمل خارج البيت من قبل، لأنها متزوجة و أم لثلاثة أبناء، أصغرهم يدرس في الطور الابتدائي، و أضافت «بعد مرض زوجي، أصبحنا دون دخل ، فكرت مليا في ممارسة مهنة أعيل بها نفسي و أطفالي»، و أضافت « النشاط الذي اخترته و هو تحضير العجائن التقليدية و بيعها للزبائن و المحلات ، لم يكن سهلا ، لكن لم يكن لدي خيار آخر، انطلقت في تجسيد مشروعي سنة 2003، و رفعت تحديات كبيرة، خصوصا نظرة مجتمعي المحافظ لامرأة عاملة و رهانه على فشلها، بدأت العمل، بوسائل بسيطة تملكها كل امرأة في مطبخها ، و بمرور الوقت اكتسبت سمعة جيدة». و ذكرت المتحدثة بأن الكثير من نساء المنطقة، يقمن بإعداد و بيع العجائن التقليدية ، على غرار الرشتة، الشخشوخة، الرفيس، الفطائر، الكسرة، لكنها رفعت رهان الجودة و التميز. ك طويل
الملاكمة مسلم زينب للنصر
كسرت كل الطابوهات وأحلم بالمشاركة في أولمبياد 2020
هذه الرياضة أعادتني إلى الدراسة
كشفت الملاكمة الشابة مسلم زينب صاحبة 17 ربيعا بأنها كسرت كل الطابوهات و تحدت الصعوبات التي واجهتها من أجل ممارسة هوايتها المفضلة بحثا عن تحقيق النجومية و الوصول إلى العالمية، حيث اتخذت من الدعم العائلي مصدرا لقوتها، كما تحلم زينب بالتواجد في أولمبياد 2020.
كيف كانت بدايتك مع رياضة الملاكمة؟
وجدت صعوبات كبيرة في البداية، لأنه من الصعب على المجتمع تقبل ممارسة الفتيات لعبة الملاكمة، لكنني كنت متعلقة بهذه الرياضة، وقررت الانضمام إلى نادي مولودية علي منجلي تحت إشراف المدرب لعجل فوزي، الذي يقوم بعمل رائع معنا، كما أننا لا نشعر أبدا بأننا في نادي عادي رغم قلة الإمكانيات الموجودة، لكننا نعيش كعائلة واحدة.
و ما هي الصعوبات التي واجهتك في بداياتك؟
أعتقد بأن أبرز الصعوبات التي صادفتني، هي عدم تقبل المجتمع بصفة عامة لفكرة ممارسة رياضة الملاكمة النسوية، و لكن الحمد لله وجدت كل الدعم من طرف أفراد عائلتي، الذين ساندوني، ما جعلني أكسر كل الطابوهات و لا أفكر سوى في كيفية تحقيق نتائج إيجابية، كما حاولت إقناع عدة بنات بالانضمام إلى فريقي و لكن دون جدوى والملاكمة ثقافة رياضية
وهل لك أن تحدثينا عن النتائج التي تمكنت من تحقيقها؟
الحمد لله أنا في سن 17 سنة وتمكنت من تحقيق عديد الألقاب من بينها ثلاث ميداليات فضية في كأس الجزائر صنف الأشبال في دورة نظمت بمدينة العلمة، إضافة إلى ميدالية فضية في صنف الأواسط في منافسة كأس الجزائر.
و ما هي الأهداف التي تطمحين للوصول إليها مستقبلا؟
لدي عدة أهداف أطمح للوصول إليها، أبرزها دخول عالم الملاكمة الاحترافية، خاصة و أنني مولعة بهذه الرياضة، التي بفضلها تغيرت عديد الأمور في حياتي، كما أنني أضع أولمبياد 2020 كأبرز أهدافي المستقبلية على المدى المتوسط.
ماذا تقصدين بالضبط؟
بفضل رياضة الملاكمة عدت للدراسة و لو عن طريق المراسلة، لقد توقفت عن الدراسة من قبل، لكن بعد مرور الوقت و من أجل أخذ نظرة أكبر عن رياضة الملاكمة النسوية أيقنت بأنه من الضروري رفع مستواي التعليمي و هو ما جعلني أقرر العودة للدراسة، خاصة في ظل وجود إمكانية إتمام تعليمي عن طريق المراسلة، لأنه لا يختلف اثنان بأن الدراسة أساس النجاح، كما أود أن أتطرق إلى نقطة مهمة.
تفضلي...
فريقنا مولودية علي منجلي يعاني من عديد المشاكل المادية و غياب الإمكانيات، حيث نتدرب بدار الشباب بمدينة علي منجلي دون حلبة ملاكمة. حاورها: بورصاص.ر
أعدن نسج قصة الكندية « ساندرا ويلسون»
نماذج ناجحة ل " الأمهات المقاولات" بقسنطينة
قد يكون الشعور بالفشل أول خطوة للنجاح، هكذا هو حال سيدات حولن اليأس إلى مشاريع ناجحة ليصبحن مقاولات ويكررن قصة الكندية «ساندرا ويلسون»، التي أدخلت القاموس عبارة « الأم المقاولة». النصر التقت هؤلاء السيدات على هامش يوم دراسي حول دور النساء في عالم الاقتصاد نظمته أمس كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير بجامعة قسنطينة 2 ، ونقلت تجارب ملهمة حول الجمع بين دور الأم وسيدة الأعمال.
شافية عبد النور صاحبة مخبر تحاليل ميكروبيولوجية
نجاح أهلها لعضوية لجنة افريقية للأمن الغذائي
أكدت السيدة شافية عبد النور صاحبة مخبر «كتاليز لاب» المختص في التحاليل الميكروبيولوجية والكيميائية، أن ظروفا خاصة أرغمتها على تطليق وظيفتها الأولى التي مارستها لسنتين، قبل أن تقرر البحث عن نفسها وذاتها عبر خلق مشروع يتلاءم ودراستها الجامعية التي أنهتها سنوات التسعينات بشهادة من معهد البيولوجيا، وكانت البداية بمخبر صغير تطور مع مرور السنوات، وسمح لها النجاح المحقق على الصعيد المهني بتحقيق نجاحات أخرى تعدت تطويرها لمخبرها الرائد الذي تعدت سمعته حدود ولاية قسنطينة و الجزائر، حتى أنها أضحت مسؤولة بالمنظمة الجزائرية لحماية المستهلك لناحية الشرق، كما كانت عضوة في لجنة خاصة إفريقية تعني بالأمن الغذائي، مضيفة أن نجاحها لم ينسها ما عانته في بدايتها، في مجال الاستثمار وخاصة ما قالت عنه أنها عراقيل بعضها تتقاسمه مع الرجل المستثمر وخاصة ما يتعلق بالمعوقات الإدارية والبيروقراطية والتي تعتبرها نتاج عدم توفر مناخ ملائم للاستثمار بالجزائر، متمنية تغير الدهنيات مستقبلا خاصة وأن الجزائر وفي ظل ما تعانيه من أزمة مالية بسبب تدني أسعار النفط ومخلفات الأزمة المالية بحاجة لمستثمرين لهم المقدرة على مسايرة توجهات الحكومة في مجال خلق الثروة، مضيفة أن تسييرها لمخبر كبير لم يثنها عن أداء دورها كربة بيت وأم لطفلين، بل بالعكس ترى نفسها حققت نجاحا آخر وخاصة عندما ساعدت ابنها الأول على نيل شهادة البكالوريا بتقدير جيد وولج معهد العلوم الطبية في انتظار تخرجه كطبيب، فيما ترافق ابنتها الصغرى صاحبة ال14 ربيعا في دراستها لتحذو حذو شقيقها وفي رياضتها للمحافظة على لقبها الأخير كبطلة الجزائر في رياضة الشطرنج.
محبوب خديجة صاحبة مخبر لمراقبة الجودة ومؤسسة تصنيع مواد التنظيف
أنشأت أول مخبر بقسنطينة و انتقلت للتصنيع
حرصت السيدة محبوب خديجة، في عرض تجربتها أمام طلبة معهد كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، على التأكيد أن حاجتها للتفوق في المجال المهني على غرار ما ميز مسيرتها التعليمية منذ أول يوم من المرحلة الابتدائية لغاية تخرجها عام 1998 من معهد البيولوجيا بجامعة قسنطينة المتوج بدبلوم دراسات عليا في تخصص ميكرو بيولوجيا، دفعها للتفكير في خلق مشروع تتمكن خلاله من تعويض الرحلة الفاشلة في البحث عن وظيفة وكذا إثبات جدارتها داخل مجتمع لا يؤمن كثيرا بإمكانات المرأة، يكون خير محصلة لمجموعة المعارف المكتسبة في رحلة طلب العلم، السيدة خديجة محبوب بدأت مسيرتها في عالم الاستثمار بإنشاء مخبر لمراقبة الجودة، عام 2002 كان الأول بولاية قسنطينة، قبل أن يتطور وتتمكن من توسيعه عام 2011 لوحدة تتولى تصنيع مواد التنظيف و منتوجات شبه صيدلانية، يشغل حاليا عددا من الإطارات والمتخرجين من الجامعة وخاصة في تخصصي الميكروبيولوجيا والكيمياء الحيوية، وقد أكدت أنها و إضافة لبعض العراقيل الإدارية، عانت بعد زواجها نوعا ما، وخاصة في ما يتعلق ببعض تفاصيل عملها التي كانت تفرض عليها تنقلات حتى لخارج الولاية، لكن بمساعدة زوجها ووالدها تغلبت على الأمر وفرضت اسمها واسم مؤسستها التي توسعت كثيرا، وعن فكرة تصنيع مواد التنظيف وبعض المنتوجات شبه الصيدلانية، فقد أكدت المتحدثة أنها بلورتها متأخرة نوعا ما ، بسبب وضعيتها الاجتماعية كأم وربة بيت، حيث أن زيادة طلبات زبائنها بالمخبر ، دفعها للتفكير في بادئ الأمر لخوض دورات تكوينية بكل من تونس ومصر ثم المغامرة بالشروع في إنتاج نوع خاص بها يتم مراقبته دوريا بمخبرها وعكفت على جعله المنتوج الأحسن في السوق الوطني، وهو ما كان وتفتخر به كثيرا، حتى أنها ختمت حديثها لجريدة «النصر» بالقول :» كنت أبحث عن نفسي، وهذا الشوق للمرأة الناجحة الذي كان بداخلي مكنني من الوصول لمرتبة أعتقد أنها ستجعل أبنائي يفخرون بي كثيرا مثلما أنا اليوم فخورة بنجاحي».
بوطبة سامية صاحبة شركة لصناعة الصابون ومواد التنظيف ومواد التجميل
حصلت على براءة اختراع وأعاني كثيرا في تسويق منتوجي
تفتخر كثيرا السيدة سامية بوطبة صاحبة شركة لصناعة الصابون ومواد التنظيف ومواد التجميل، بحصولها عام 2014 على براءة اختراع والجائزة الأولى في مسابقة نظمتها الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بمشاركة 400 سيدة أعمال، وقالت في حديث لجريدة «النصر» أن تخرجها من جامعة قسنطينة بعد تتويج مسارها الدراسي بدبلوم مهندس دولة في اختصاص الكيمياء، جعلها تسارع للبحث عن وظيفة ككل شاب أنهى دراسته، غير أن غلق كل الأبواب في وجهها واقتصار مجال بحثها على مجال التعليم فقط، أحبط معنوياتها، خاصة وأن الظفر بمنصب عمل كأستاذة في تخصصها الكيمياء أو العلوم الطبيعية كان يجب أن يمر عبر مسابقة وصفتها ب»المعقدة»، لتلجأ لخيار الاعتماد على نفسها، كما أردفت، وتتجه سنة 2009 لميدان الاستثمار، بدلا من لعن الحظ العاثر، مضيفة أن شخصيتها القوية سمحت لها بتجاوز أولى النكسات، وبعد حوالي 10 سنوات تفتخر هي الأخرى أنها تدير شركة منتجة بالتزامن مع دورها كربة بيت وأم، وهو الدور الذي لم يعقها كما قالت في تطوير استثمارها بقدر ما تعاني من مشاكل إدارية على غرار بقية المستثمرين لغياب مناخ مساعد، حيث قالت أنها تجد صعوبة في تسويق منتوجاتها، بسبب العقلية والثقافة السائدة أن المنتوج المحلي رديء وأن كل ما يصل موانئ الجزائر من الضفة الأخرى أحسن بكثير من نظيره المصنع محليا.
بوحوش فضيلة صاحبة مؤسسة للإشهار والاتصال
فشلت في العثور على وظيفة ولم أستسلم لليأس
لم تمنع الالتزامات العائلية السيدة فضيلة بوحوش خاصة وأنها ربة بيت وأم لأربعة أطفال، من التألق وتطوير مؤسستها الناشطة في مجال الإشهار والاتصال، بقدر ما حرمتها العراقيل الإدارية وتعسف كما قالت المسؤولين، وتدير السيدة بوحوش مؤسسة «ميديا ماغ» التي دفعتها البطالة للتفكير في خلقها، مؤكدة أنها وبسبب شبح البطالة وفشلها في العثور على وظيفة في ميدان تخصصها الجامعي، لجأت لخلق مؤسسة مصغرة، طورتها حتى بلغ بها المطاف لتنفيذ مشاريع تفتخر بها، على غرار تجربة شراكة مع أجانب تعكف على تنفيذها في الوقت الراهن رغم كل المعوقات والعراقيل، وعن دورها المزدوج كسيدة أعمال وربة بيت، فقد قالت أن هذا الأمر لم يشكل لها البتة أي إشكال، خاصة وأنها ألفت التضحية واستطاعت بتجربتها الطويلة خلق توازن في دورها كأم مطالبة بالاعتناء ببيتها، زوجها وأبنائها وبين عملها على رأس شركة «ميديا ماغ». كريم - ك
الإطار بمؤسسة اتصالات الجزائر السيدة بوجلال آمنة
نموذج ناجح لامرأة تسلحت بالكفاءة والمثابرة في العمل
هي سيدة في 49 من العمر، رفعت شعار التحدي منذ التسعينات من القرن الماضي، واختارت ولوج عالم الإلكترونيك والعمل الميداني ، في تخصص يسيطر عليه الرجل عموما، إمرأة واجهت الصعاب بأنامل ناعمة ومضت شاقة طريقها بخطى واثقة، سلاحها الوحيد الكفاءة والمثابرة في العمل، إنها ابنة مدينة قسنطينة والمتخرجة من جامعتها، السيدة بوجلال آمنة حواء المولودة شلالي إطار بمؤسسة اتصالات الجزائر.
تقول السيدة بوجلال وهي تعمل حاليا كرئيسة دائرة الإستغلال والقيمة المضافة بمركز تجهيزات النفاذ «الأنترنت" بمؤسسة اتصالات الجزائر بقسنطينة، بأنها تخرجت من جامعة منتوري في دفعة 1992 بعد أن تحصلت على شهادة البكالوريا بتفوق واختارت تخصص الإلكترونيك عن حب و قناعة، لأنه مجال دقيق ويتطلب تدخلات ميدانية ومباشرة ويحس الإنسان بقيمته فيها.
وتشير المتحدثة بأنها أصرت على ولوج عالم الشغل من بوابة مؤسسة خاصة بوادي العثمانية، أين اشتغلت في مجال الإعلام الآلي باعتباره قريب من تخصصها، وكانت تقطع يوميا مسافة تزيد عن 40 كيلومترا، ذهابا وإيابا، ثم انتقلت إلى الأكاديمية الجامعية بقسنطينة، أين عملت لمدة 4 سنوات، من 1996 إلى غاية 2000 وبعد إلغاء العمل بهذا النظام تحولت إلى كلية الطب وعملت كأستاذة في تخصص الإعلام الآلي، إلى غاية 2006 ،كما ذكرت بأنها استفادت من دراسة ما بعد التدرج في الجامعة في تخصص الشبكات واتصالات البيانات، وهو ما ساعدها في العمل الميداني، لكنها لم تستطع أن تكمل في مجال التعليم وفضلت التوجه إلى مؤسسة اتصالات الجزائر.
وتسرد السيد بوجلال تفاصيل التحاقها بمؤسسة اتصالات الجزائر، حيث تقول بأنها وبعد هذه الخبرة الميدانية قدمت سيرة ذاتية إلى المؤسسة، حيث تم قبولها مباشرة والتحقت بمركز التضخيم في مارس 2006، وعملت به لمدة ستة أشهر ثم إلى المركز الجهوي لشبكة الأنترنيت «إيزي»، الذي انطلق ميدانيا في 2005 لكنها استطاعت أن تشارك في تجسيده بعد عام من التحاقها إذ قالت بأنها كانت من بين المشرفين على بداية توسيع شبكات الأنترنيت.
وتصف السيدة آمنة تجربتها الأولى بالجيدة قائلة، «حقيقة هي مدرسة حقيقية استفدت منها كثيرا فقد كنا نتابع الاتصالات وإصلاح الأعطاب والإشراف على كل صغيرة وكبيرة بشغف وإتقان كبيرين ، لاسيما وأن المكان الذي نشتغل به يعد مركز ربط جهوي وله أيضا اتصالات مع جميع مناطق الوطن.
و تضيف، بأنه وفي سنة 2007 استفادت المؤسسة من عتاد متطور آخر ، 80 k وهو مشروع لتوسيع الأنترنيت عبر 80 ألف مدخل لربط العديد من الولايات الشرقية باتنة ميلة أم البواقي خنشلة وقسنطينة، وقد كانت مسؤولة على ميلة وقسنطينة وجزءا من ولاية سكيكدة، بدءا من نشر وتركيب التجهيزات وبرمجتها وصولا إلى وضعها حيز الخدمة، كما أكدت بأنها تقوم بنفس الشيء وتتنقل مع العتاد إلى جميع الولايات، «لقد رفعنا التحدي وراهنا على إنجاح هذا المشروع وهو ما كان وتجربتي في هذا المجال أفادتني كثيرا وكل ما تعلمته لقنته ونقلته إلى العديد من زملائي» .
وبعد مرحلة إيزي، تقول المتحدثة بأن المؤسسة تبنت مشروعا طموحا لتوحيد شبكات إيزي فوري وأنيس، وأصبحوا تحت إشراف في مديرية نشر ومراقبة وصيانة شبكات النفاذ، كما تؤكد بأن اتصالات الجزائر لها كامل الفضل في التكوين، الذي استفادت منه .
وتبرز المتحدثة، بأن مسارها المهني في اتصالات الجزائر حافل بالنجاحات والتحديات وتقوم بأداء واجبها على أكمل وجه في كل يوم رغم الصعوبات الميدانية ، لكن يبقى الإشراف على إنجاز الشبكات الداخلية للمؤسسات «الأنرتنات»، التي أشرفت على إنجازها لأزيد من 30 مؤسسة وبنك من اهم نجاحاتها ، لاسيما وأنها انطلقت فيه من نقطة الصفر ونجحت برفقة الإطارات التي تعمل معها على رفع التحدي بخمس ولايات وتصف شعورها بالخاص كلما تقوم بوضع هذه الأنظمة المتطورة المسماة "في بي آن".
وعن التزاماتها العائلية تقول السيدة بوجلال، بأنه ليس لديها مشكلة مع التأخر رغم أنها أم لولدين وطالما عملت لساعات إضافية خارج المكتب، ولم تحس يوما بأنها قصرت اتجاه عائلتها، حيث تقول على سبيل المثال بأنها تتنقل إلى مواقع المشاريع خارج الولاية مع العتاد ثم تعود تأخذ أبناءها من الروضة ثم تذهب إلى البيت وتشرف على إطعامهم وتدريسهم .
وتضيف ، بأنها تشعر بفخر وفرحة كبيرتين كلما تتدخل لحل مشكلة أو تصلح عطبا لأي مؤسسة أو جهة فهي ترى سعادتها في وجوه الآخرين، كما تقول بأنها لا تحس بأي عقدة في التعامل والعمل مع الأوساط الرجالية، إذ أنها تعمل مثلهم إلى درجة أن بعض زملائها يمزاحونها و ينادونها باسم أمين.
لقمان/ق
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/03/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : facebook
المصدر : www.annasronline.com