الجزائر

وقائع سنين الاستقلال



وقائع سنين الاستقلال
تزامنا مع احتفالات خمسينية ''استرجاع السيادة الوطنية''، تناقلت بعض الصحف مؤخرا خبر ''احتجاج سكان الشافية الجبلية بولاية الطارف، وطالبوا برحيل قائد فرقة الدرك''. سنياريو بات معهودا في عهد العزة والكرامة. لكن الخارج عن المألوف هو أن سبب ثوران السكان كان لمساندة ''راعي ماشية يكون قائد الفرقة قد جرده من ثيابه وتركه عاريا على قارعة الطريق لأن البذلة رسمية تابعة لجهاز الحرس البلدي''. لكن قائد الفرقة كذب الأمر وقال بأنه ''انتزع ثياب الراعي داخل مقر الفرقة وليس في الطريق، وأحضرت له عائلته ثيابا مدنيا''. وبغض النظر عن موقع الحدث وكيف وقع، لكم أن تتصوروا موقف ''راعي الماشية'' المسكين والأحاسيس التي خالجته عشية الاحتفال بخمسين سنة على استرجاع ''السيادة الوطنية'' لأنه ارتدى بذلة ''رسمية'' لحرس بلدي واجهته الدولة بالهراوات وخراطيم المياه الساخنة لأنه طالب بحقوقه المشروعة. ولا شك في أن عدة أسئلة تبادرت إلى ذهن المسكين حول معنى ''السيادة الوطنية''؟ وهل هي مرادف للكرامة الإنسانية؟ وهل الفرق بين الاستعمار والاستقلال يقتصر فقط في تباين الحروف واختلاف ترتيبها؟
وفي نفس اليوم، نشرت إحدى الصحف تفاصيل عن محاكمة 44 حرافا أو مهاجر غير شرعي بمحكمة عين الترك في وهران، وكان من بينهم ثلاث فتيات و8 قصر، وأدانتهم المحكمة بخمسة ملايين سنتيم غرامة مالية، لمحاولتهم ''الحرفة'' خلال الليلة التي توهجت فيها سماء الباهية بالألعاب النارية ودوت حناجر الشاب خالد ومامي والداودية والزهوانية لإحياء ذكرى'' استرجاع السيادة الوطنية''، صرفت عليها الدولة مئات الملايير. أي وطن هذا الذي يجرد مواطنيه من لباسهم على قارعة الطريق، ويحكم على أطفال قصر بدفع غرامة مالية لمحاولتهم الهروب من سجن نظام يرفض الرحيل. ولا أملك إلا أن أختم بكلام الشاعر محمد الماغوط ''كأسك يا وطن....''.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)