الجزائر

وفاة ميشلين بوتو آخر "حملة حقائب الأفالان"



وفاة ميشلين بوتو آخر
فيما كانت الجزائر تستعد لتنظيم الانتخابات التشريعية، لتحضر بعدها للاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لاستقلالها، انطفأت بباريس، خلال الأيام الماضية، إحدى آخر شموع النضال الإنساني والتحرري المساند لثورة التحرير الجزائرية.
رحلت عنا المناضلة ميشلين بوتو، في صمت، بعد حياة صاخبة ومليئة بالتضحيات والكفاح لمساندة الثورة الجزائرية، ضمن شبكة من المناضلين الفرنسيين والأوروبيين، التي تشكلت بفرنسا، لدعم جبهة التحرير الوطني تحت اسم "شبكة جانسون". وعلقت جريدة لوموند الفرنسية، في مقال لها نشر نهاية الأسبوع الماضي، بأن ميشلين بوتو تعد من بين آخر المناضلات اللواتي دعمن الثورة الجزائرية، ولكونهن نساء فإن كفاحهن مهدد بالنسيان رغم أنه كان كفاحا متألقا وعظيما.
ولدت ميشلين بوتو سنة 1931 بباريس، وكانت من أوائل الشابات الفرنسيات اللواتي تحصلن على شهادة الدراسات العليا للتدريس بالجامعة... ووفاء منها لمبادئ ومثل المقاومة التي ورثتها عن والدها، اعتبرت ميشلين أن الأساليب اللاإنسانية التي يستعملها الجيش الفرنسي المحتل، لقمع انتفاضة وثورة الشعب الجزائري ضد الاستعمار، خيانة لمبادئ الديمقراطية والعدالة الإنسانية، حيث قررت سنة 1958 الالتحاق بصفوف الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي كان يندد بالقمع والتعذيب السائد في الجزائر، لتغادر النشاط الحزبي وتختار العمل الميداني السري بالانخراط في أولى خلايا شبكة الدعم للثورة الجزائرية التي تشكلت تحت تسمية "شبكة جانسون"، حينها كان المناضلون والمناضلات من الفرنسيين والأوروبيين المنخرطين في هذه الشبكة يلقبون ب"حملة حقائب الأفالان".
وبعد عامين من النضال، ألقت الشرطة الفرنسية عليها القبض، في الفاتح من مارس من سنة 1960، حيث تمت محاكمتها، رفقة مناضلين آخرين من رفاقها ورفيقاتها، خلال جلسات شهيرة عرفت "بمحاكمة شبكة جانسون".
وخلال أطوار المحاكمة كتبت جريدة لوموند تعليقا حول شخصية ميشلين بوتو ، قالت فيه "إن جمال هذه الفتاة الخلاب الذي يجلب الأنظار، أبهر الجميع وتجلى معه صدق وتجذر قناعاتها"، لتعود ميشلين بوتو مجددا وتصنع الحدث، على الصفحة الأولى لجريدة ليبيراسيون، بتاريخ 25 فيفري 1961، بفرارها من سجنها "لا بوتيت روكات بباريس، رفقة خمسة مناضلات كن مسجونات معها، قطعن بالمنشار الحديدي قضبان زنزاناتهن وهربن، وهن، هيلين كوينا، جاكلين كاري، ديدار فوزي روسانو، زينة حرائيق وفاطمة حمود، في أنجح عملية هروب لسجينات سياسيات، لم تتمكن السلطات الفرنسية أبدا من القبض عليهن.
وبعد فرارها الناجح من السجن، التحقت ميشلين بوتو بالمناضلة الشهيرة المناهضة للاستعمار جانين كاهن، المقيمة بايطاليا، حيث قامتا معا بنشر شهادتيهما باللغة الإيطالية.
وإلى غاية سنة 1967 ظلت ميشلين بوتو مطلوبة من العدالة الفرنسية حتى صدور قرار من الرئيس شارل ديغول بالعفو عن المناضلين المناهضين للاستعمار، لتعود مجددا إلى فرنسا وتلتحق بأسرة التدريس، وظلت وفية لقناعاتها وكانت دائما تردد "إن ما قامت به ساعد الكثيرين على فتح أعينهم على ما كانت تقوله لهم دائما"، و"إن ما يحدث في الجزائر من جرائم هو يتم باسمكم".




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)