في عزّ الندرة الحادة التي تشهدها سوق الأدوية بالجزائر، والتي وصلت إلى حد خروج أطباء بعض المستشفيات إلى الشارع تنديدا بالمعاناة التي يتكبدها مرضاهم بفعل انعدام الدواء اللازم لأوضاعهم الصحية، لم يتورع وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، جمال ولد عباس، أثناء زيارة ميدانية قادته لولاية معسكر قبل أيام، في الكشف عن إجراءات اتخذتها مصالحه من أجل استيراد كميات معتبرة من الفياغرا بأقل الأثمان من بلاد الهند.
كلام من هذا القبيل يصدر من وزير أوكلت له مهمة الإشراف على صحة الجزائريين، لا يمكن تصنيفه إلا في خانة الاستخفاف بانشغالات قطاع كبير من المواطنين، غابت عنهم العافية، وابتلاهم الله بالمرض من جهة، وانعدام الأدوية التي يحتاجونها من جهة ثانية. والأدهى والأمرّ من كل هذا وذلك، بلاؤهم بمسؤول أكلت في عهده الجرذان (طوبة) جثة مريض وُجدت ملقاة داخل دورات المياه التابعة لمصلحة الأمراض الصدرية لمستشفى وهران الجامعي، دون أن يترتب عن ذلك أي شيء، وكأن الأمر لا يتعلق بروح آدمية.
ويبدو أن قاعدة فقه الأولويات معطلة عند الوزير جمال ولد عباس، لأن المتمعن في خرجته الأخيرة يُخيل له بأن الشعب الجزائري برمته يعاني حالة قصور جنسي جماعي استدعت اعتماد برنامج استعجالي من الدولة للإسراع في استيراد الفياغرا بأسعار مخفضة، حتى تكون في متناول عامة المواطنين، ويتسنى لهم ممارسة حياتهم الطبيعية، أو على الأقل نجحنا في القضاء على كل أشكال الندرة التي تستأسد منذ أكثـر من سنتين في سوق الدواء إلى أن وصلت القائمة إلى حوالي 300 دواء تخص في أغلبها أمراضا مستعصية وخطيرة فاقمت من معاناة قطاع كبير من المرضى، بالرغم من أن دولتهم تنفق سنويا ملياري دولار لتوفير الدواء لمواطنيها.
والغريب في المبررات التي قدمها السيد الوزير لاستيراد الفياغرا، هو أنه يرغب بصفته مواطنا أن تصير الجزائر بمائة مليون نسمة مستقبلا بدل 35 مليون في الوقت الحالي. وأنا هنا أقول من هذا المقام، الحمد لله أن كثافتنا السكانية على الشاكلة التي هي عليها، لأنه إذا كان المسؤول الأول في وزارة الصحة بكل الأموال الضخمة التي تصرفها الدولة سنويا، لم يتمكن من توفير الدواء الضروري لـ35 مليون نسمة، فكيف سيكون الحال والمآل لو كنا مائة مليون مواطن مثلما تُناجيه أمنياته وتُراوده أحلامه. الإجابة حتما ستكون وفاة نصف تعداد الشعب بسبب انعدام الأدوية التي تستوجبها حالاتهم المرضية.. حقا رحم الله من قال شرُّ البلية ما يُضحك.
derkimed@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 03/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : محمد درقي
المصدر : www.elkhabar.com