الجزائر

وزارة التجارة تفتح تحقيقا لكشف المضاربين



وزارة التجارة تفتح تحقيقا لكشف المضاربين
فتحت مصالح وزارة التجارة تحقيقات معمقة لكشف ملابسات ندرة مادة الإسمنت ومتابعة أصحاب الشركات والورشات الوهمية والمضاربين بهذه المادة، فيما قررت، من جهة أخرى، إيفاد أعوان إلى مصانع إنتاج الاسمنت لمراقبة وجهة الاسمنت بعد خروجه من وحدات الإنتاج. وكشف مدير الرقابة الاقتصادية وقمع الغش بوزارة التجارة أن العدالة تنظر حاليا في ملفات عديدة تتعلق بالتلاعب بالاسمنت والغش والمضاربة، منها 13 ملفا تخص مؤسسات محلية وأجنبية بما فيها ملفات بعض مدراء مركبات الإسمنت الذين تورطوا في صفقات مشبوهة.‏
وتعرف الفترة الحالية وككل سنة اضطرابات وتذبذبات في تموين السوق بمادة الإسمنت بسبب ارتفاع أسعار هذه المادة الحيوية، حيث تضاعف سعر الكيس الواحد ثلاث مرات عن السعر الرسمي المحددة ب300 دينار، وبلغ ألف دينار في بعض ولايات الوطن. وتضاف إلى هذه الوضعية التجاوزات والخروقات التي سجلها سوق الإسمنت، حيث تعرف معاملات غير مشروعة وصفقات مشبوهة تتم في وضح النهار وأمام مصانع إنتاج الإسمنت، حيث يتلاعب المضاربون بوصولات الاقتناء فضلا عن ظهور ما يسمى بالشركات الوهمية التي تدعي ورشات وهمية للظفر بكميات هائلة من الإسمنت تحول مباشرة بعد الحصول عليها إلى السوق الموازية.‏
وتؤكد المؤشرات الحالية على انعكاس هذه الأزمة على المشاريع الكبرى، حيث قدر المقاولون نسبة الركود بها ب90 بالمائة، فيما اضطر المواطن البسيط إلى توقيف البناء إلى إشعار آخر بعد أن أصبح اقتناء كيس الاسمنت بالسعر الرسمي بعيد المنال في الظرف الحالي.
وترجع وزارة التجارة السبب الرئيسي لهذا الوضع إلى نقص العرض وانعدام الوفرة بالكمية اللازمة في السوق، حيث يؤكد مدير المراقبة الاقتصادية وقمع الغش عبد الحميد بوكحنون أن ما ينتج حاليا محليا لا يلبي الطلب، علما أن الاحتياجات الوطنية ارتفعت حاليا إلى 21 مليون طن، نظرا للمشاريع الكبرى الجارية في حين لا يتعدى الإنتاج الوطني حدود ال14 مليون أي بتسجيل عجز ب7 ملايين طن. وبما أن الندرة هي التي تغذي المضاربة – يضيف المتحدث – فإن النقص في مادة الاسمنت كشفت عن بعض الممارسات تورط فيها بعض المقاولين، مؤكدا أن جمعيات المقاولين تتحمل جزءا من المسؤولية خاصة وأن 85 بالمائة من كمية الإسمنت التي تخرج من وحدات الإنتاج تذهب إلى المقاولين ما يطرح حسب المتحدث أكثر من سؤال .‏

تدابير مدققة تكشف عن مؤسسات وهمية
وتؤكد مصالح من وزارة التجارة، من جهة أخرى، أن مصالح الرقابة تلقت منذ أكثر من شهر أوامر بفتح تحقيقات دقيقة ومفصلة حول جميع مصانع الإسمنت، مشيرة إلى وجود عشرات المؤسسات متابعة قضائيا حاليا. كما أوضحت أنه سيتم البحث في كل الملفات الموجودة على مستوى هذه المصانع خاصة وأنه تم الكشف عن وجود مؤسسات وهمية تقوم بتقديم وثائق مزورة وتسويق كميات من الإسمنت في السوق السوداء، مؤكدة على متابعة كل هؤلاء المضاربين وإحالتهم على العدالة.‏
وتظهر الشركات الوهمية، حسب المطلعين على الملف على مستوى وزارة التجارة، بعد إيداع بعض المتعاملين ملفات على مستوى مجمعات إنتاج الإسمنت بكل ما يلزم من وثائق ليصبح لها الحق في الحصول على وصلات بصفة منتظمة لاقتناء الإسمنت على أساس أن لديها مشاريع والتي تعتبر هي الأخرى وهمية لتذهب في الأخير كميات كبيرة من المادة إلى السوق الموازية، حيث المضاربة بالأسعار.‏
وقد تم اكتشاف الشركات الوهمية بعد تحقيق قامت به مصالح وزارة التجارة عبر 13 مصنعا، حيث ثبت أن بعض الوثائق المودعة على مستواها مزورة.‏
جمعية المقاولين׃ الندرة، انتعاش الورشات وغياب الرقابة وراء الأزمة
من جهتها، نفت جمعية المقاولين الجزائريين مسؤولية المقاول فيما يحدث في سوق الإسمنت من فوضى ومضاربة انعكست على الورشات الوطنية، حيث أرجع رئيسها السيد عبد الكريم سلمان التذبذب الحاصل إلى الندرة وانتعاش الورشات في هذه الفترة وعلى الخصوص هذه السنة، مشيرا إلى أن المقاولين تضرروا كثيرا من هذه الوضعية التي تتكرر في كل سنة، حيث تكثر المضاربة. ودعا المتحدث مصالح وزارة التجارة إلى ضرورة تكثيف المراقبة وتشديدها لوضع حد للمارسات التي عطلت بنسبة كبيرة ورشات البناء سواء تعلق الأمر بالمشاريع الكبرى أو بمشاريع بناء المواطنين.‏
ونفى المتحدث أن تكون أشغال صيانة مصانع الإسمنت والوحدات في هذه الفترة هي سبب الندرة والوضعية التي آلت إليها سوق الإسمنت، مؤكدا أن الأمر يتعلق بضرورة الإسراع في اتخاذ تدابير ناجعة لتفادي تكرار «الفخ الذي تقع فيه كل سنة».
ودعا المتحدث المصالح المعنية إلى القيام برصد الحاجيات من الإسمنت خلال هذه الفترة من السنة وتدارك النقص لتفادي سيناريو يتكرر في كل سنة وكسر الأسعار والمضاربة. وحسب ممثل المقاولين فإن الاحتياجات الوطنية في الظرف الحالي تجاوزت ال23 مليون طن.‏

مؤسسات الإنتاج غير مسؤولة عما يحدث خارج أسوارها
ويؤكد مديرو مصانع إنتاج الإسمنت أن التلاعب بأسعار الإسمنت خارج عن إرادتهم، من بينهم مدير مؤسسة إنتاج الإسمنت بولاية الشلف الذي نفى مسؤولية مؤسساته عما يدور من صفقات مشبوهة خارج أسوار المصنع، مؤكدا أن مهمة إدارة المصنع تتمثل في استلام الملفات ودراستها وتحديد كميات الإسمنت وشحن السلع. كما أوضح المتحدث أن إنتاج هذا المصنع يوزع كما يلي: نسبة 80 بالمائة منه تذهب إلى المشاريع الكبرى لرئيس الجمهورية، تموين 9 ولايات فضلا عن تخصيص 20 بالمائة لمؤسسات التوزيع العمومية ونقاط البيع عبر 10 ولايات عبر الوطن بما فيها منطقة الجنوب.‏
وكشف المتحدث، من جهة أخرى، أن إدارة المصنع قررت توقيف تموين معيدي البيع المقدر عددهم ب1277 بائعا فور إسناد مهمة تموين المشاريع الكبرى للمصنع كمشروع ميترو الجزائر والسدود والموانئ وال35 ألف مسكن، إضافة إلى مشروع المسجد الأعظم بالعاصمة مما يفسر ظهور جو من الفوضى والتلاعب بوصولات الاقتناء أمام المصنع على غرار مختلف مصانع الإنتاج عبر الوطن.‏
وبخصوص ما يحدث من صفقات إعادة بيع شاحنات بأكملها من الإسمنت في السوق السوداء فور خروجها من وحدات الإنتاج وعلى بعد مسافات غير بعيدة، أكد المتحدث أنه من غير المعقول أن يقوم مسؤولو مؤسسات الإنتاج بمطاردة أو حتى مراقبة الزبائن خارج المصنع.‏

لابد من مراقبة محيط المصانع والمواطن هو الضحية
أما جمعيات حماية المستهلك فتوجه أصابع الاتهام إلى مؤسسات الإنتاج والمقاولين ومصالح الرقابة فالمسؤولية مسؤولية الجميع، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك لولاية الجزائر السيد زبدي الذي أكد أن الفوضى عمت جميع هذه المستويات معتبرا ذلك عوامل ساعدت على وجود تذبذب في السوق والضحية حسب المتحدث هو المواطن الذي وجد نفسه أمام سعر تضاعف بثلاث أو أربع مرات. وطالب في هذا الصدد بإجراء تحقيقات على مستوى مصانع الإنتاج ومحيطها لكشف المسؤولين عما يحدث من خروقات.‏
وأشار إلى ظاهرة تضخيم الاحتياجات من قبل بعض المقاولين بالتواطؤ مع مكاتب دراسات والتي تنتهي بتحويل كميات كبيرة من فائض الإسمنت نحو السوق السوداء.
وتعمل وزارة التجارة على حل أزمة التهاب أسعار الإسمنت والتصدي للمضاربة من خلال الإجراءات الصارمة المتخذة مؤخرا وكذا السعي إلى تحقيق أهم العناصر الضرورية لتحقيق ذلك والمتمثلة في تعويض النقص في العرض من هذه المادة الحيوية على أن يتحقق ذلك من خلال الإسراع في إنجاز المشاريع الاستثمارية لإنجاز مركبات إسمنت، عدم برمجة أشغال الصيانة على مستوى مصانع ووحدات الإنتاج خلال فترات الذروة(فيما يخص الطلب) وتحفيز الاستيراد من طرف المجمع الصناعي لإسمنت الجزائر «جيكا» والخواص وحتى المقاولين، علما أن الاستيراد لا يتطلب رخصة معينة وإجراءاتها الإدارية سهلة ومخففة.‏




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)