الجزائر

والجامعة ليست حقيبة..



في الhبتدائي نلت جوائز تتحدث عن "صلاح الدين الأيوبي" و«عبد الرحمن الداخل" وقصص أخرى.. وفي المرحلة المتوسطة، كان تشجيع الأستاذ بوزيدي نجيب أفضل جائزة، لأنه عندما تكتب نصا جميلا في حصة الإنشاء، يقدمك إلى القسم الأعلى مرتبة لتقرأه على التلاميذ لأنك النموذج الأدنى الذي تفوق عليهم. وفي مرحلة الثانوية كان الأستاذ بن ميمون رحمه الله مدرسة في التكريم عندما يذكرنا بوصية عبد الحميد الكاتب ونصائح البشير الإبراهيمي وقصائد الشابي وغيرها من التوجيهات التي أثمرت المرتبة الأولى في ثانوية بن زرجب ومنح لي كتاب "مفكرو الإسلام".وفي الجامعة، كنا من المتفوقين في مرحلة الليسانس فتّم تشريفنا بمجموعة من الكتب باللغتين الفرنسية والعربية وشهادة تقدير وقعها الأستاذ مباركي محمد مدير جامعة وهران آنذاك. وعندما نلنا مرتبة أستاذ محاضر كرمنا مدير جامعة وهران الأستاذ العربي شاهد بمحفظة وشهادة تقدير، وها هو يمنحنا في الذكرى الواحد والخمسون للاستقلال حقيبة وشهادة تقدير بعدما نلنا درجة الأستاذية.
إن هذا المسار عادٍ جدا، لولا رسالة مجهولة تحتج على الحقيبة وتدعونا لإرجاعها، وبالتالي أقول إن صاحب هذه المبادرة لا يستحق هذه المرتبة، لأنه بعيد عن روح المسؤولية وجرأة الموقف التي تقتضي الالتزام بأخلاقيات المهنة التي تحدث عنها المدير في كلمته، والغائبة حقا في وجودنا الجامعي. ألم ينتبه زميلنا للروح الأكاديمية عند الأطباء عندما تقدموا باللباس الرسمي؟ كيف لا نتذكر في هذا اليوم الزملاء الذين فقدناهم خلال هذا الموسم الجامعي؟ كيف لا يحتج صاحب الرسالة المجهولة على ثقافة التزوير والغش والتوريث في الجامعة؟ وبعبارة بسيطة أقول: هناك الأستاذ الذي ينتصر للحق والحقيقة وأستاذ القرار أو الكرتون الذي لا يراعي إلا مصالح الحقيبة الفارغة.. عفوا ماذا لو كانت الحقيبة مملوءة بجواهر نفيسة، هل سيعيدها لأهلها أم يعتبرها هدية؟
إن التكريم انتقل من إرسال المتفوقين للدراسة في الخارج إلى الهدايا الرمزية أو إلى الاستفادة من رحلة سياحية، وهذا التراجع في تقدير الجهد الإنساني قد يعود إلى غياب البناء المعرفي للمؤسسات التي تنتج الأستاذ الذي لا يعلن موقفه ويختفي وراء اسم مجهول.
ألم يقرأ هذا الأستاذ ما كتبه بلقاسم بن عبد الله عن الشاعر مفدي زكرياء الذي مجد الثورة عندما قارن خبر وفاته الذي ظهرفي سطور محدودة يوم 17 أوت 1977 مع خبر وفاة الفنان ألفيس برسلي، الذي خصصت له صفحات وصفحات؟
ألم يقرأ عن معاناة التكريم مع أحد مؤرخي الجزائر الأستاذ يحيى بوعزيز؟
ألم يشاهد عبقرية وزارة الثقافة عندما توفي الفنان الهاشمي قروابي بينما الأستاذ الجامعي من بيته إلى مثواه الأخير، وكأن الجامعة لم تكن من صميم حياته لتترحم عليه؟
ماذا لو كان التكريم ببرنوس جزائري تدعيما لصناعته أو على الأقل بطباعة مقالات الترقية في كتاب؟
وفي الختام، سأقول على طريقة محمود درويش: إني مسافر وجامعتي ليست حقيبة..
*جامعة وهران


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)