الجزائر

واقع يُنطق ''البكوش''


جسّد احتجاج الصم والبكم ، نهاية الأسبوع، في العاصمة للمطالبة برحيل رئيس الفيدرالية الذي يشغل المنصب منذ 32 سنة، ذروة حالة الاحتباس التي يعانيها المجتمع الجزائري بمختلف شرائحه. ليصدق المثل العامي القائل واقع ينطّق البكوش ، وضع مترد جعل المناضل مهري يرحل بغصة في قلبه ، لأن استقلال الجزائري لم يكتمل، بل وعرف تراجعا في العشرية الأخيرة، بدليل مشهد تدافع مسؤولين لتحية شقيق رئيس الجمهورية طمعا في قضاء المآرب، متناسين واجب العزاء في جنازة مناضل وهب حياته من أجل الجزائر، تحوّل بقدرة قادر من منبوذ إلى رمز للوطنية والحوار، لأن النظام يحب الأبطال موتى وليس أحياء، وسارع الأفالان إلى استغلال تركة الرجل ورصيده الوطني لصالح حزب طارده بالأمس القريب.
فكيف لقيادة كرست مثل هذه السلوكيات السياسية المقززة والمشينة وتتفنن في شراء الذمم بأموال الريع، أن تقوم بالإصلاح وتقود الجزائر إلى بر الأمان. ولنا في نشرة الثامنة خير مرآة عاكسة على صدق نوايا النظام في رفض التغيير بتغييب انشغالات المواطن واحتجاجاته، وفي المقابل، بث رسائل الرئيس بخصوص أعياد دول لا نعرف لها موقعا في خريطة العالم وتجمعات لنفس الوجوه المألوفة لسنوات. وحتى الحصص التلفزيونية يسمح فيها كل شيء، من انتقاد البرلمان والإدارة والجهاز التنفيذي ماعدا رئيس هذا الجهاز والمسؤول الأول عن البرنامج المطبق وهو رئيس الجمهورية بمقتضى شرط ضمني غير مكتوب، يعاقب كل من يخالفه بحرمانه من الظهور على الشاشة، ويجاز كل من يعلن تأييده له بمنح الاعتماد ونقل نشاطاته في التلفزيون، فهل من أجل هذا استشهد مليون ونصف مليون جزائري و200 ألف ضحية خلال العشرية السوداء؟
فالمتتبع للحراك السياسي الراهن في الجزائر يقتنع بأن الجزائر سائرة لا محالة نحو انفجار لا يبقي ولا يذر، وتكرار سيناريو مصر بعد تزوير التشريعيات. كيف نفسر اعتماد أحزاب يترأسها أشخاص تابعون للنظام ومتهمون في قضايا فساد، غايتهم تمييع الفعل السياسي والاستفادة من الريع، يتسابقون هذه الأيام لتشكيل القوائم. وكأننا أمام مشاهد من نفس المسرحية التي ألفها النظام بعد الانفتاح الديمقراطي الذي عاشته الجزائر سنوات التسعينات من القرن الماضي.


lalousalah2000@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)