نتيجة للتحولات السياسية والاقتصادية وما لها من تأثيرات وانعكاسات على مؤسسات الدولة وعلى التسيير العمومي، عمدت الدولة إلى البحث عن طرق جديدة لتسيير المرافق العمومية من شأنها ضمان فعالية أكثر في التسيير وتحسين نوعية الخدمة العمومية، الأمر الذي وضعها أمام خيار تحرير النشاطات العمومية وإشراك القطاع الخاص، زيادة على ما لذلك من دور في خلق موارد مالية جديدة، بعيدا عن الخزينة التي أصبحت تئن تحت وطأة التراجع المستمر للعائدات المتأتية من الجباية البترولية، وهو ما تم تكريسه في النص الجديد المنظم للصفقات العمومية وتفويضات المرافق العامة، الذي حمل في طياته تعديلات جوهرية ذات أثر اقتصادي ومالي بخلفيات اجتماعية.
لذلك أضحى من الضروري البحث عن مدى تأثير طرق التسيير في صورها الجديدة الموضحة في المرسوم الرئاسي رقم 15/247 على مردودية المرافق العامة، بشكل من شأنه الحفاظ على المال العام وصيانة المصلحة العامة، في مقابل ترقية حقوق المتعاملين الاقتصاديين الراغبين في دخول ميدان التسيير العمومي.
وبالتالي، فإن النظام القانوني الحالي لتفويض المرافق العامة رغم حداثته يمكن أن يكون موضوع العديد من التساؤلات فيما يخص قدرته على الاستجابة لانشغالات فعالية هذا النمط من التسيير، إذ تلعب حرية المنافسة نظريا دور الكاشف الأساس للتوازن الاقتصادي المثالي، وهو ما يفسر أهمية التركيز على إشكالية مرحلة منح التفويض والتي تحدد الاقتصاد العام للعقد والتسيير المستقبلي له.
فالقواعد المنظمة لهذا النوع من العقود يجب عليها أن توفق بين أمرين متميزين: منح الشخص العام نوعا من الحرية في تسيير المرافق العامة، واحترام المقتضيات المتعلقة بمجال المنافسة، خصوصا وأن المرفق العام لم یعد یعرف بالرجوع فقط إلى طبیعة الهیئة المكلفة بتسییر نشاط ذو منفعة عامة، بل یتطلب قبوله تحدید الهدف المتوخى، بغض النظر عن الطبیعة القانونیة للشخص، عام أو خاص، المكلف بأدائه.
وبالتالي السؤال الذي يطرح يتمحور حول مدى فعالية كيفيات تفويض المرافق العامة وموازنتها بين تحديث القطاع العام وحماية المصلحة العامة من جهة، وتوسيع حقوق المتعاملين الاقتصاديين في الترشح لنيل هذا النوع من العقود من جهة أخرى؟.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/05/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - محمد زكرياء رقراقي
المصدر : مجلة الدراسات الحقوقية Volume 4, Numéro 2, Pages 57-75 2017-06-30