الجزائر

واقع التهرّب اللغوي في الجزائر



مسألة شائكة يصعب تحليل مضمونها ومعالجتها
واقع التهرّب اللغوي في الجزائر
اللغة العربية الفصحى هي حاملة وعاء أفكارنا وهويتنا الناطقة عن تراثنا العربي الإسلامي وحاملة حضارتنا وانتمائنا فالعربية هي الضامن الأساسي للهوية وهي في نفس الوقت علم هويتنا وذات قوميتنا.
ق.م
الحديث عن واقع التهرّب اللغوي في الجزائر هو حديث عن واقع مرير ومسألة شائكة يصعب تحليل مضمونها ومعالجتها إلاإذا كانت يد عليا وأقصد هنا أصحاب القرار السياسي الذين هم في المحصلة الأولى لأن الدولة وحدها تستطيع دفع عجلة اللغة العربية لتساير الركب الحضاري بالرغم من الواقع الذي يعيش ركودا لغويا بين كيد أعدائها ووهن أبنائها وذلك اعتمادها في كل من المحيط والتعليم بسن القوانين وفرض ضريبة على كل من يتهرّب من التحدث باللغة العربية ويستعمل غيرها من اللغات الأجنبية في شتى القطاعات والمجالات ويمكن أن نعطيه مصطلحا لسانيا هو الضريبة اللغوية فريضة مالية تستوفيها الدولة بصورة إلزامية على كل من يستعمل لغة أجنبية بقصد أو بدون قصد .
وبالرجوع إلى قانون تعميم استعمال اللغة العربية بالجزائر الموافق ل16 جانفي 1991 والذي نجد فحواه خاصة في الفصل الرابع منه (الأحكام الجزائية) وذلك في أحكام المواد الجزائية في المواد (31 32 33) والتي فحواها كل مخالفة لما نصه قانون التعميم يعاقب بمبلغ مالي لما نصصته المواد (17 18 19 20 21 22) إلا أنّ هذا القانون اغفل شيئا مهما وحساسا هو فرض ضريبة لغوية على كل من يستعمل لغة غير اللغة العربية وهذا ما نجده في قانون توبون (04 أوت 1994) الذي استوحى قانونه من قانون تعميم استعمال اللغة العربية وذلك بتعميم الفرنسة إلا أنّ قانون توبون كان متميّزا في فرضه غرامات مالية على منتهك اللغة الفرنسية .
وضع آل إليه المجتمع الجزائري
ومن يلقي نظرة عن واقع اللغوي الجزائري يجد أن أقطاب لغوية (لغة عربية- لغة امازيغية-لغة عامية-لغة فرنسية) عجّلت بميلاد تهرّب لغوي من قبل متحدثي اللغة العربية وهو وضع آل إليه المجتمع الجزائري بالرغم من القانون الذي نص على استعمال اللغة العربية في المحيط والإدارة والتعليم ولكن ثمة فجوة بين ما ينص عليه القانون وما يمارسه المجتمع الجزائري على ارض الواقع ألا وهو التهرّب اللغوي ونعني به التهرب من استعمال اللغة الأم أي اللغة العربية الفصحى وتهميشها وزحف الناطقين إلى استعمال اللغة العامية التي أضحت ظاهرة تجوبها الشوارع والمدارس والمساجد.
فاللغة العامية والتي نستطيع أن نعطيها مصطلح اللهجة وهذه الأخير نجدها تختلف من منطقة إلى أخرى في الوطن الجزائري فلهجة الشرق تختلف عن لهجة الغرب ولهجة الوسط تختلف عن لهجة الجنوب وكل منها تتفرّع إلى لهجات مختلفة إذ تجد في المنطقة الواحدة تتحدّث بأكثر من لهجة وأما العامل الآخر الذي عجّل بدحض اللغة العربية الفصحى والتهرّب من استعمالها.
وما أدى إلى التهرّب من استعمال اللغة العربية والاستغناء عنها كونها ليست لغة السكان الأصليين للجزائر بل اللغة الرسمية والوطنية للجزائر هي اللغة الأمازيغية وهذا الهاجس والعقيدة المتّبعة هي من صنع فرنسا وعربوفونيين يريدون طمس اللغة العربية بطرق شتى وأساليب تجعل من اللغة الفرنسية هي الحاضرة في شتى المجالات حتى في كتابتها عن طريق فكرة ضع صراع عربمازيغي تجني لغة حرب(لغة فرنسية) فاللغة المستعملة من قبل الجزائريين اليوم هو اللغة الفرنسية التي عدّت غنيمة حرب والتي يحرص على استعمالها كل متحدّث ليزكي نفسه بأنه يتقن التحدّث بها وذلك بدمج مصطلحات فرنسية باللغة العامية أو لغة فرنسية باللغة الأمازيغية.
اللغة الفرنسية لها مرتبتها الخاصة في الواقع الجزائري
وأضحت الفرنسية لها مرتبتها الخاصة في الواقع الجزائري مما أدى إلى تهرّب لغوي من قبل الفرد الجزائري وهو تهرّب من استعمال اللغة العربية الفصحى في تعاملاته اليومية وحتى في استخدامه لشبكة التواصل الاجتماعي بهندام فرنسي إضافة إلى ذلك تبرير موقفه من اللغة العربية الفصحى لغة صعبة كونها جامدة ومعقّدة بل هي لغة متحفية وظاهرة أنثروبولوجية تدرّس وفقط وهذا هو بيت القصيد الذي ولّد تهرّب لغوي من طرف الفرد الجزائري والإعجاب باللغات الأوربية والتأثّر بها والاقتباس منها بمناسبة وغير مناسبة.
ونجد أن النتيجة الحتمية للتهرب اللغوي في الجزائر هي الإيقاع بالجزائريين في بوتقة صراعات هوياتية الذي يؤدي لا محالة إلى طمس اللغة العربية الفصحى وإلحاق الضرر بها وحرمانها من تداولها واستعمالها ذلك أنّ التهرّب اللغوي وكثرة العزوف عن استعمال اللغة العربية الفصحى تدفع بالمنظّمات الفرانكفونية (عربوفيونية) والانجلوفونية بعرقلة رسم تخطيط واضح المعالم باستعمال اللغة العربية الفصحى لتعوّض عمّا فاتها.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)