الجزائر

وإذ قال بلخادم لربه..



 نهاية عام آخر على وقع الضرب والاحتجاج.. وبداية عام لا يحمل معه من الوعود ما هو أفضل من مناجاة بلخادم لربه، إذ قال له: ربي اجعلني في الحكم إلى غاية . 2030حالات حب الحكم، من أجل الحكم، في عالمنا العربي، ليست بعيدة عن حالة كوت ديفوار. فأطراف البلاد العربية وعمقها عرضة لاهتزازات متفاوتة الخطورة، أقصاها حاليا ما ينتظر العراق والسودان من تقسيم. فلا توجد منطقة ولا بلد ينعم بالهناء والطمأنينة، داخليا أو على حدوده. هناك احتقان، وشعور بالغبن.. وهناك تعميم في قلب القراءات، وتأويل الغضب الشعبي على أنه تعبير مطلبي عن حاجيات الخبز. والحقيقة المؤجلة، أو المغيبة، أو المنبوذة، أو المعترف بها شكليا (كل بلد عربي وحالته)، تكشف بأن القاسم المشترك الذي يجمع المواطن في تونس أو الجزائر هو التخلف عن مواكبة احتياجات المواطن. وعلى مستوى الداخلي لكل دولة، تعجز الحكومات عن نشر الرضا عنها. وإقليميا، لا نعثـر في مسيرة الاتحاد المغاربي، مثـلا، على مشاريع مشتركة، تجلب إليها اهتمام المواطن، وتزيده في الإيمان بمشروع الاتحاد، درجات. بل ربما تكرار الخطاب الوحدوي واستمرار عقم التجربة له مقاصد تمزيق صورة لمشروع لم ير النور. فقد كان من الطبيعي أن تبرز مشاريع، ولو صغيرة، تكون القاطرة التي تجرّ اتحاد المغرب العربي. لكن، وبعد أكثـر من عقدين من توقيع اتفاقية وجدة، أصبحت تجربة الاتحاد عنوانا لتجربة أريد لها أن تفشل.نهاية عام آخر على وقع المظاهرات والغضب.. وبداية عام تحمل من الوعود.. وعود بـ مستقبل أفضل و حياة أفضل ..في جهة الجنوب، تجري تجربة، هي بمثـابة الدرس لدول جامعة الدول العربية، ولمجتمعات هذه الدول، وهي ما سيجري في السودان. فما أصر عليه ولسنوات الحكم الديمقراطي الشعبي في الخرطوم على تسويقه، من انفتاح ومن ديمقراطية وتعددية وحريات وحقوق وتماسك داخلي.. ما كان إلا ليغطي حقيقة تفسخ العقد الاجتماعي، بسبب تعنـّت سياسي وتكبـّر من فتح أبواب المشاركة والتشاور. فالسودان يسير منذ سنوات بخطى ثـابتة نحو الانقسام. وما كان يعتبره نظام الخرطوم مستحيلا ومن أعمال شياطين الأيادي الخفية الأجنبية ، هو اليوم حقيقة. فمنذ سنوات قليلة، كان انفتاح النظام على ممارسة ديمقراطية سليمة كافيا لجبر جروح حروب أهلية. لكن التعنت في استغلال السلطة وعدم الرغبة في تركها، يقود البلد الكبير بمساحته وبأدبائه ليهوى إلى غياهب المجهول. فانقسامه قد يكون بداية الانحدار، وعدواه لا يوجد من يطمئن على أنها لن تنتقل إلى باقي أعضاء جسد الجامعة العربية.دعوانا لا نكررها لمسايرة مناجاة بلخادم لربه للبقاء في الحكم. ولكن لينتقل أساس الملك ـ الحكم من المزاجية إلى العدل.لقد صنعت جماعات الحكم وجماعات الضغط مجدا لنفسها، يقوم على معادلة الولاء يصنع حلفا ثـم صداقة .. صداقة، ولو كانت غير صادقة. وانتشر وباؤها ليصبح الحاكم ضحية هذه الصداقات، وهذا الشكل من التحالفات..أما المواطن، فيمكن قراءة رسائله عبر شبكة الأنترنت، وما ينتظره وما يتمناه بمناسبة العام الجديد، والأعوام المقبلة، وهو أن تقترب وعود الخطاب والبرامج السياسية من حياته. فهناك شعور بأن الخطاب السياسي الرسمي يتعمد الهروب من الواقع من خلال تسويق البرامج، ومن خلال التعتيم على حقيقة الأشياء.. فصمت التقرير السنوي لمرصد حقوق الإنسان، والموجه إلى رئيس الجمهورية، عن تناوله لحالتي الحريات والتعددية، يقلص من قيمة رأسمال مؤسسة ينتظر منها أن تكون فاعلا مؤثـرا.فالواقع في حاجة إلى حلول واقعية عملية، وليس إلى تقارير انتقائية، تختار ما تريد الوقوف عليه.   


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)