الجزائر

وأخيرا سينام ضحايا 17 أكتوبر بسلام!؟


اعترف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، "اعترافا لا غبار عليه" بجريمة الدولة التي اقترفتها الشرطة الفرنسية وعلى رأسها السفاح "موريس بابان" في 17 أكتوبر 1961 بباريس.
هذه الجرائم التي راح ضحيتها ما لا يقل عن ثلاثمائة جزائري بعضهم مات تحت التعذيب، والبعض الآخر ألقي بهم في نهر السين، وآخرون رحلوا إلى الجزائر، لا لشيء إلا لأنهم تظاهروا سلميا ضد حظر التجول الذي فرض عليهم، وتظاهروا مطالبين باستقلال بلادهم واسترجاع كرامتهم وحريتهم.
موقف فرانسوا هولاند لم يفاجئ أحدا، فقد سبق له أن وقف وقفة ترحم على أرواح ضحايا المجزرة السنة الماضية حيث وضع ورودا بجسر كليشيه على نهر السين وكان حينها مرشحا عن الحزب الاشتراكي للرئاسيات الفرنسية. كما وعد باعتراف الجمهورية بهذه الجريمة التي اعتبرها جريمة دولة وقال إنه على بلاده أن تعترف بمسؤوليتها في هذه الجريمة النكراء، وأن تفتح الأرشيف أمام الباحثين والخواص وأن تعتذر لذوي الضحايا.
لا أدري إن كان هذا الاعتراف الأول من نوعه سيفتح الباب أمام الاعتراف بجرائم أخرى من تاريخ فرنسا الاستعماري الطويل والمليء بالمجازر والمظالم.
فلا زالت مجازر الثامن ماي التي وصفتها فرنسا الرسمية بالأحداث المؤسفة، والتي راح ضحيتها قرابة 45 ألف ضحية، تنتظر الاعتراف من قبل فرنسا. وما زالت قضية الاعتراف بالجرم الاستعماري الفرنسي في الجزائر مطلبا من قبل الجزائريين حتى وإن تراجع الموقف الحكومي من هذا المطلب.
لكن لن يكفي الاعتراف بجريمة نهر السين، ما لم يسع هولاند إلى تجميد قانون 23 فيفري 2005 الذي صدر في عهد شيراك، وزاد تمسكا به سلفه ساركوزي، الممجد للماضي الاستعماري الفرنسي، الذي يعتبر الفعل الاستعماري فعلا إيجابيا نقل الحضارة والنور إلى البلدان المستعمَرة (بفتح الميم)، هذا القانون الذي أسال الكثير من الحبر وأحدث استياء لدى الأسرة الثورية ولدى الجزائريين بصفة عامة غداة المصادقة عليه من طرف الجمعية الوطنية الفرنسية، وكان سببا في برودة العلاقة بين البلدين طوال السنوات التي تلت ذلك.
لا أدري إن كان هذا الاعتراف عربون مودة يتقدم به هولاند من الجزائر التي سيزورها في ديسمبر المقبل، آملا في فتح صفحة جديدة من العلاقة بين البلدين ولتحقيق مكاسب اقتصادية، أم أنه نابع من قناعة الرجل، الذي يبدو أنه نجح حيث فشل سلفه ميتيران، الذي اكتفى في عهده رئيس حكومته الأسبق جوسبان، الذي طالب وقتها بفتح خزائن الأرشيف الخاص بهذه الجريمة، قبل أن تعود لتسقط في النسيان.
ومهما يكن، فهذا الاعتراف يعد خطوة إيجابية على طريق عودة العلاقات بين البلدين التي بدأت تعرف شيئا من الدفء، هذا إذا ما قبلت فرنسا بعلاقة شراكة مع الجزائر وأن تتخلى عن نظرتها الاستعلائية لمستعمرتها السابقة!؟
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)