تتابع باريس الوضع في مالي عن كثب سواء تعلّق الأمر بالميدان و ساحات القتال أو الجانب الدبلوماسي الذي تقوده بعض دول المنطقة من أجل التوصل إلى حل سياسي يجمع فرقاء هذا البلد الإفريقي الذي تتنازعه حرب أهلية تتجدد بين الفينة و الأخرى و تغذيها حركات انفصالية في الشمال و دخلت على خطها جماعات إرهابية تنشط في الساحل مما زاد في تعقيد التوصل إلى حلول تنهي الحرب.و حسب الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند لنظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الأسبوع الماضي تحسبا للجولة القادمة من الحوار المالي الذي ترعاه و تتابعه الجزائر منذ عدة أشهر،فإنّ باريس أكدت مرة أخرى دعمها للجهود التي تبدلها الجزائر للم شمل الفصائل المتنازعة في مالي و التي أعطت لأعداء السلام لمالي مزيدا من مساحات المراوغة .وأكد الرئيس هولاند "أهمية أن تمتنع الأطراف عن كل أعمال العنف في الميدان و ان تحضر بنجاعة للمحادثات القادمة."وقد عبر الرئيس هولاند عن تفاؤله في أن "تمكن الجهود المشتركة التي يبذلها بلدانا من إنجاح المفاوضات " منوها ب"هذا العمل المشترك و بتطابق آرائنا"كما أبرز الرئيس هولاند "ضرورة مواصلة هذا التعاون بعد التوقيع على الاتفاق لأن متابعة تنفيذ هذا الاتفاق ضرورية للغاية.وصرح أن هذا التعاون الوثيق بين بلدينا "ضروري للغاية من أجل استقرار الساحل ومن أجل مكافحة فعالة الجماعات الارهابية التي تهدد أمن أوربا و افريقيا على حد سواء .و كانت فرنسا قد شرعت في تدخلها بطلب الحكومة المالية مساعدتها في مواجهة المسلحين الإسلاميين ، كما اتكأت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2085 الصادر في 20 ديسمبر ، الذي يسمح بإنشاء قوة دولية لدعم مالي في حربها لاستعادة الشمال ، هذا فضلا عن مبررات أخرى من قبيل منع قيام كيان سلفي إرهابي في المنطقة يشكل تهديدا للمنطقة والعالم بأسره.غير أن ثمة قراءة منطقية أخرى تعيد الأسباب الحقيقية للتدخل الفرنسي في مالي إلى حماية المصالح الفرنسية في المنطقة ، ومحاولة تعزيز الوجود الفرنسي في منطقة تعتبر تقليديا مركز نفوذ خاص بفعل سابقة الوجود الاستعماري
وتزداد أهمية المنطقة بالنسبة لفرنسا ، بما يحمله باطنها – وفق الخبراء من ثروات نفطية وغازية ومعدنية كبيرة تقع على مقربة من حقول النفط الجزائرية وعلى مسافة قريبة أيضا من أماكن التنقيب ذات المؤشرات الإيجابية في موريتانيا.غير أن هذه الحرب تعتبر في وجه آخر أول انتكاسة حقيقية لتعهدات الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا هولاند بانتهاء عصر ما يعرف بسياسية "إفريقيا فرنسا" التي مثلت امتدادا للهيمنة الفرنسية على وإذا كان الفرنسيون قد أعلنوا أن تدخلهم جاء حماية العاصمة المالية بامكو ومنعا لتكرار تجربة الصومال في مالي فإن دفعهم نحو حرب غير مضمونة العواقب إنما يمهد للخيار الصومالي في المنطقة ذلك أن إرسال قوات إفريقية غير مكتملة العدة والعتاد وغير مدربة بشكل جيد كان السبب الرئيسي لإطالة أمد الأزمة الصومالية وتعقيدها حيث فشلت تلك القوات الإفريقية في حسم المعركة مع المسلحين وأبقت على حالة الحرب قائمة حتى الآنويُخشى اليوم أن تتكرر التجربة الصومالية في مالي عبر إرسال قوات إفريقية غير جاهزة لحسم المعركة مع الجماعات المسلحة فتعلق - هي الأخرى - في المستنقع الأزوادي، كما علقت نظيرتها في المستنقع الصومالي وهو احتمال وارد إذا ما أخذنا في الحسبان أن القوات الإفريقية التي درجت على التدرب والقتال في الأدغال والغابات لا خبرة لها بالصحراء وتضاريسها بخلاف الجماعات المسلحة التي أقامت في تلك الصحراء سنوات طويلة وخبرت مناطقها .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/02/2015
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : ف شمنتل
المصدر : www.eldjoumhouria.dz