الجزائر

هوامش رسالة في زجاجة..



هوامش               رسالة في زجاجة..
  وأنا أسترجع حصيلة العام الثقافي المنصرم أصبت بالإحباط، لا سيما وأنني من المثقفين المتشائمين بالطبيعة، الذين لا يرضيهم الرضي نفسه. هالني الخراب الثقافي الذي يبتدئ مني وينشر ظلاله من حولي، ينطلق من حلقتي الضيقة ليمتد إلى أوسع نطاق ممكن، أفجعني أنني مسؤول بشكل ما عن كل هذا، تزاحمت في رأسي أسئلة كثيرة، ما معنى أن تكون مثقفا؟، وماذا يمكنك أن تصنع إزاء خراب بهذا الحجم؟ فكرت بداية في أسهل الحلول التي طالما راودتني، وهي أن أنشر بيان اعتزال بطريقة من الطرق، التي أستبقيها سرّا بيني وبين نفسي، لكي لا يقال بأنني أستنسخ طريقة فلان أو علان، ولكي لا يفهم بعض الكتّاب المعتزلين بأنني أقصد الإساءة إلى الكيفيات التي غادروا بها عالم الأدب والثقافة.. لكنني تراجعت لأنني لن أجد من يصدّقني، ثم إنني أنا نفسي لن أصدّقني فما بالك بالآخرين، ثم ما جدوى أن أعلن براءتي براءة الذئب من دم يوسف، ومن كل خرابات الثقافة وما يحدث باسمها من عذابات وإساءات لا يغفرها التاريخ، بهذا الشكل الاستعراضي لكي ألفت الانتباه، وأشد الأنظار، واستدرّ تعاطف المتعاطفين، لعل شيئا يحدث، وعسى أن يحدث التغيير، لكنني ألغيت الفكرة لأن كثيرين من المثقفين والكتّاب لم يفلحوا في لفت الأنظار بالانتحار، ولم يلتفت أحد إليهم. قفزت إلى رأسي فكرة أخرى، حسبتها للوهلة ألأولى أروع وأنجع، لكنني سرعان ما عدلت عنها وهي أن وهي أن اكتب رسالة إلى من يهمهم الأمر، أضيف إليها بعض توابل المبالغة والتهويل كما هي العادة في لعن الظلام وجلد الذّات، أحمّلهم فيها المسؤولية التاريخية للخراب الثقافي الذي أصاب الأمّة، أقول لهم فيها صراحة، بأنني أنا الهامشي المهمش، العبد الفقير إلى ربه وإليكم، الساكن في دشرة ..... أجد نفسي في أحيان كثيرة في مواقف محرجة أمام مواطنين بسطاء، يسائلونني عن وضع ثقافي أكبر منّي، ولا يد لي فيه، بطريقة أعنف وأشرف من مساءلتكم أنتم النواب والوزراء والمدراء ، لا لشيء إلا لأنهم من سذاجتهم يعتقدون بأن كاتب هذه الحروف مثقف بيده سلطة الحل والربط مثلكم، ولذلك أرجو من سياداتكم النزول إلى الشارع وتنوير الناس بالسياسات الثقافية التي تنتهجونها، والرؤية الاستراتيجية البعيدة المدى التي تتبعونها .. لأنني لست قادرا على تحمّل المساءلة نيابة عنكم، والدفاع عنكم بدون وكالة .. ضحكت بيني وبين نفسي، و أنا أتذكّر ديباجة رسائل زمان، تصوّرت نفسي أكتب رسالة إلى وزيرة الثقافة بنفس الصيغة القديمة التي كنا نكتبها نحن المتعلمين بطلب ممن لهم أهل في غربة المهجر ، "السلام عليكم، وبعد، فإننا بخير فردا فردا، ولا يخصّنا سوى الملاقاة معكم في ساعة الخير، البشير يقول لك أبعث لي صباط 41، ونورة راها نجحت في السيزيام وقالت لك أبعث لي كتاب انتاع ميكيات ...والسلام ختام.." في النهاية عدلت عن فكرة الرسالة، لأنها لن تصل، حتى ولو حملها الحمام الزاجل، أو وضعتها في زجاجة ورميتها في شط "الصنوبر البحري". قلت في نفسي "إذا كان مدير الثقافة بالولاية، لا يعرفك ولا يعيرك اهتماما فما بالك بالوزيرة، انتبه أيها الغافل، واصح أيها الحالم... كل عام ونحن وأنتم بخير جميعا...  أحمد عبدالكريم  Hachimite5@yahoo.fr  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)