الجزائر

هوامش أسئلة ما بعد الثورة..



هوامش              أسئلة ما بعد الثورة..
مازال مصطلح النخبة يُسيل الحبر، ويثير الأسئلة في كل مناسبة أوأزمة، ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر، وفي كل ملمّة يتساءل الجميع عن دور المثقف، ومدى مساهمته فيها سلبا أوإيجابا، فعلا أو تنظيرا..وقد كثر الحديث بعد ثورات "الربيع العربي" عن غياب دور المثقف وانتفاء أي دور أو مساهمة له فيها، من قريب أو بعيد، ما أراه كلاما مجانبا للصواب، منافيا للحقيقة، بل إن هناك من يذهبون أبعد من ذلك بنفي أي وجود للنّخب أصلا في نسيج المجتمعات العربية..قد نختلف حول طبيعة هذه النخب  وتركيبتها ومراحل تشكّلها أوسقف تطلّعاتها، ومدى مساهمتها في والتحوّلات التي يعيشها العالم العربي اليوم، لكننا قطعا لن نختلف في وجود هذه النخب، ونمسحها من الوجود بجرّة قلم.. إن المراجعة النقدية لدور النخب العربية لا يجب أن يتّخذ مطيّة للتقليل من شأنها  أو نفيها، لأن وجودها على علاّتها أفضل من عدمه، ولأن الطبيعة تأبى الفراغ..وتقتضي المراجعة أوّل ما تقتضي أن نتأملها في ضوء ما حدث من مستجدات، ونعمل على تشخيص ثغراتها، وتبيان ارتباكها وعدم قدرتها على استباق أو مواكبة الأحداث. وإذا كان ثمّة من دروس يجب استخلاصها من ثورات الربيع العربي، فإن أولى الناس بها هم النخب المثقفة التي أُسقط في يدها، وهي تفاجأ وترى رأي العين ثورات جديدة تقودها نخبة جديدة من الشباب من خريجي الجامعات الذين وجدوا أنفسهم فريسة للبطالة والمحسوبية ويأسهم من الوعود الكاذبة في ظل الانعدام التام لوجود العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة مع عدم وجود ديمقراطية حقيقية. وكان عليهم أن يتحركوا، ليس للمطالبة بالخبز، ولكن للمطالبة بالحقوق والحريات وإعادة أمل المستقبل. الربيع العربي جاء قبل أوانه، بكل تلقائية، بدون زعامات أو تأطير سياسي أو حزبي، بدون أعلام حمراء أو خضراء، نظّم الشباب العربي نفسه عبر الشبكات الاجتماعية الفيسبوك وتويتر.. التي أصبحت الفضاء الوحيد للتعبير، تلك التي لم تستطع الأحزاب السياسية القديمة، المقطوعة عن الواقع والمنشغلة  تماما بالتفاوض على تقاسم السلطة، أن توفرها لهم. هذا الشباب المهمّش الذي أحس أنه كان مُحتقرا، جعل من هذه الشبكات منبرا لتبادل الآراء والمناقشة بكل حرية تتجاوز هموم أولئك الذين يرفضون الرضوخ إلى أهمية المطلب الديمقراطي.لقد جاء ثورات الربيع العربي في وقت "كان يقال إن العالم العربي يعيش نهايته بفعل الاستبداد والفساد. وقيل إن "الإنسان العربي" خرج من التاريخ منذ فترة طويلة  جدا للدخول مرة أخرى. كما قيل عن الشعب العربي إنه متجذّر في استثناء ثقافي شبه أنطولوجي يتنافى مع المثل العليا للحرية والديمقراطية. وقد شلت هذه اليقينية مثقفينا أمام الثورة العربية، حيث أدت موجات المد العاتية الناجمة عن انتفاضات الشباب العربي إلى نهاية هذه الأفكار النمطية.لقد اكتشفنا بين عشية وضحاها، في لحظة مواجهة مع الحقيقة، أن الشمولية والظلامية والبؤس ليست قدرا أبديًا لصيقا  بالشعوب العربية، وأن الإنسان هو سيّد مصيره..  إن الربيع العربي يفرض علينا اليوم  أسئلة جديدة عن دور النخب والمثقفين في مرحلة ما بعد الثورة ..ويبدو أن هناك تحدّيات جديدة أمام مثقفينا عليهم أن يواجهوها بكل جرأة ، لأن الظاهر أن هناك مشروعين سياسيين متضادين: الإسلام كدين  لشعوب المنطقة، والتطلّعات المشروعة للشباب المتعطّش للحرية والتحرّر وقيم العلمانية الغربية.. وهي القيم التي تتقاسمها تونس ومصر ودول عربية أخرى.أحمد عبدالكريم Hachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)