كم كانت سعادتي كبيرة وأنا أقرأ ملحق النصر "كراس الثقافة" ليوم الثلاثاء 30 مارس 2010. وقد كان غنيا بمادة ثقافية جعلتني في حيرة من أمري بأي موضوع أبدأ قراءتي. فهناك متابعة لحوار أدونيس المطول الذي أثار زوبعة جديدة في الساحة الثقافية، صرح فيه بأن درويش كان صديقا لكل الأنظمة العربية وهناك حوار شيق مع الكاتب والمحرر بصحيفة لوفيغارو الفرنسية سيباستيان لوباك يؤكد فيه أن قضية كامو عفا عليها الزمن وعلى الجزائريين ألاّ يرفضوا الكنز الذي خرجوا به من الحرب. وذلك يعني أن كامو هو غنيمة حرب ..مثله مثل اللغة الفرنسية كما قال كاتب ياسين ..وهناك موضوع عن كتاب "مجد الأمكنة" لجمال فوغالي، وهناك موضوع عن بيت الروائي العالمي غابريل غارسيا ماركيز ..كان أطول المواضيع هو آخر ما قرأت في "كراس الثقافة"، وكان بقلم الدكتور يوسف وغليسي، بعنوان "رحلتي إلى الخليج"، يسرد فيه جوانب من رحلته إلى الإمارات التي قادته إليها لاستلام جائزة الشيخ زايد للكتاب "... كانت الرغبة في الاكتشاف مضاعفة، وكان بريق الخليج يستهويني أكثر من أي وقت مضى...الخليج وما أدراك ما الخليج، فثمة آل زايد، وثمة الإمارات العربية التي رصّعتني بتاج خرافي وطوّقتني بجميل لن أنساه ما حييت، فلست بالجاحد حتى آكل الغلة وأسبّ الملة، لأن فضل هذه الجائزة عليّ وعلى ذوي القربى مني أغلى من كل غال ...".كان المقال مقسما إلى أحد عشر عنوانا فرعيا على التوالي : جنة الدنيا، الإماراتيون غرباء في بلادهم، شبح أم درمان يلاحقنا، سعد مصلوح الصديق الكبير، الغذّامي والزغرودة الجزائرية، نسيمة بوصلاح تجنح للصلح، مع أصغر كاتب عربي، مع المسدي، أحلام مستغانمي نجمة خرافية، ليلة واحدة في قصر المارات مقابل 2 مليار سنتيم، لا يعرفون عن الجزائر سوى مقابلة مصر..شدّني العنوان الفرعي التاسع "أحلام مستغانمي نجمة خرافية "وكان مفاجأة صادمة لي، لأنني في البداية لم أفهم ما كان المقصود بالخرافية، ..ومما جاء في كلام الدكتور يوسف وغليسي : "الغريب في أمر الندوات المرافقة للمعرض أن مرتاديها كانوا قلّة من الحضور، رغم ثقل الأسماء العلمية والإبداعية التي كانت تنشطها، لكن الجلسة المخصصة للروائية أحلام مستغانمي كانت استثناء جماهيريا صارخا، كنت أشعر بالزهو والفخر وأنا أرى هذه الجموع الغفيرة تجتاح جلسة أحلام، جنسيات وملامح عربية وأجنبية متفرقة تتصارع على الكراسي ..الواقفون أضعاف الجالسين..عليك أن تميل يمينا أو يسارا، وأن تتحايل في الانحناء كي تتبيّن وجه أحلام..التصفيق يهز الفضاء..السفير الجزائري كان طيبا وكريما جدا إلى درجة أنه حجز مقعده الأمامي قبل ابتداء الجلسة بوقت غير قصير، يداه لا تكفان عن التصفيق، وهو لا يكف عن النظر إلى إعجاب الحاضرين بنشوة وطنية لا ريب فيها..بالمقياس الجماهيري كانت أحلام نجمة النجوم. اكتشفت بيني وبين نفسي لماذا كتبت أحلام كتابها (نسيان كوم). رغم قناعتي المطلقة بأنه كتاب هابط لا يكاد يختلف عن كتب (الإيضاح في علم النكاح) و(رجوع الشيخ إلى صباه) و(الروض العاطر في نزهة الخاطر) و(تحفة العروس)..ويضيف يوسف وغليسي : لماذا إصرار أحلام على التضحية بجمهور محترم أغرم بثلاثيتها الروائية (المقدسة)؟ .. وأدركتُ أنها لا تقنع بملايين النسخ المبيعة من ثلاثيتها، كل ذلك الكثير صار قليلا عندها، في داخلها نار نجومية جهنمية تصرخ هل من مزيد؟!أجمل ما قالته في جلستها إنها لا تعد (نسيان كوم) ضمن كتبها الأدبية!..لكن أجمل ما غاب عن كلامها هو أنها لم تستثمر ذلك الحضور الخرافي لصالح وطنها! من لا يعرف عنها شيئا من قبل لا يصدق أن لها جذورا جزائرية، لأن الجزائر كانت الغائب الكبير عن كلامها. فهل يعقل أن نستثمر الوطن لصالح إنجاح المشروع الشخصي، ثم لا نستثمر نجاحنا الشخصي لصالح الوطن في حضرة الأوطان الأخرى !!! (لعل محاضرة إدريس بوذيبة عن الثقافة الجزائرية بصورة عامة أن تكون محاولة لترقيع هذا الخلل النرجسي!). ما لم يعجبني في جلسة أحلام أيضا هو أن الزلل اللغوي كان يتهددها باستمرار وكان الوقوع فيه أسهل ما يكون عليه ! فكيف غيّبت الرقيب اللغوي الذي كان حاضرا دوما في كتبها؟ لكن المغنية اللبنانية جاهدة وهبة غطت على كل نقائص أحلام. وأبدعت وتألقت بصوتها غير العادي وهي تؤدي قصائد أحلام العادية في أصلها!".عندما قرأت هذا الكلام تمنيت بيني وبين نفسي ألا يقرأه محبو أحلام ومريدوها الكثر، لأنه بالتأكيد سيثير حفيظتهم، مثلما أثار كتاب "خطاب التأنيث" حفيظة شاعراتنا بعد صدوره .. أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 12/04/2010
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com