الجزائر

هوامش رسالة إلى سموراي..



هوامش              رسالة إلى سموراي..
صديقي س... في آخر حديث دار بيننا، بدوت لي يائسا من نفاق الوسط الأدبي والإعلامي في عاصمتنا، متبرّما من قتامة المشهد وسواده وضحالته..  صديقي س...في آخر حديث دار بيننا، بدوت لي يائسا من نفاق الوسط الأدبي والإعلامي في عاصمتنا، متبرّما من قتامة المشهد وسواده وضحالته.. لمست في كلامك نبرة يأس أحسست من خلالها كأنك تريد أن تنسحب من وسط يقتات على النميمة والغش والخداع، والمكيدة والصراع.. وكان الأحرى والأولى بهؤلاء المثقفين العاطلين أن يملأوا فراغاتهم بالاهتمام بمشاغل الكتابة وهموم الأدب. ومع أنني أشاطرك رأيك، وأشاركك ما ذهبت إليه جملة وتفصيلا، إلاّ أنّني لا أشجعك على الانسحاب والعودة من حيث بدأت الحلم في مكانك القصيّ، وأنأى بك أن تفكّر في ذلك، بعد السنين التي سلختها في مدينة أكلت من أعصابك، ومن قوت يومك، جعت فيها وتشردت، وقاسيت ما قاسيت من محن هي أكبر من عمرك الغض، وقلبك اليافع ..ما أسهل أن أقول لك اترك أحلامك هناك. وعد إلى هنا. إلى مدينتك القصية كي نتقاسم الرتابة والملل، والكلام الأجوف في زاوية مقهى قميء، لكنني لن أقول لك ذلك، لأنني سأكون أنانيا حين ذاك..إنني أرى فيك صورتي حينما قهرتني العاصمة، بصورتها الصادمة ومذاقها اللاذع لقلبي، فلم أتمكّن من تحقيق قليل أو كثير من أحلامي الصغيرة، بعدما حلمت بدخولها فاتحا..من خلالك أريد أن تتحقق أحلامي وتتجسد آمالي الضائعة مني ذات زمن.. لا أريدك أن تكون هشا هشاشة الرومانسيين، ولا طيبا طيبة البدويين، بل مقداما جسورا تتقحم الأهوال ولا يرف لك جفن، أو يهتز لك خافق ..كل ذلك من غير ما عنجهية أو غرور، لأن السنابل الممتلئة قمحا تنحني بتواضع بينما الفارغات رؤوسهن شوامخ..هذا زمن الأهوال والأغوال يا صديقي الطيب، وعليك أن تكون مثل الأيل، يقفز من الأعالي الشاهقة إلى الأغوار السحيقة، دونما تردّد أو وجل وحين يقال له "رفقا بنفسك"، يقول لهم "العظم الراشي الله يكسرو".. لا تعتقد يا صديقي أن انسحابك سيوقف دوران الأرض، أو أن أحدا سيعبأ بغيبتك أو يهتم لاحتجاجك، مهما كانت عبقريتك وموهبتك.حتى ولو كان احتجاجك على طريقة "الهاراكيري" أو الساموراي النبيل الذي يختار الموت الطوعي من أجل أن تنتصر قيم الحق والخير والجمال، لتحيا بعده أمة موات، هذا البلد انتفت فيه القيم وأفرغ كل شيء من معناه ومحتواه، فلا يجدي احتجاج أو ينفع إضراب عن الطعام أو الكلام، وعليك أن تفتكّ الاعتراف والتقدير من أفواه الوصوليين والمتسلقين بدم القلب ..الأرض أرضك والوطن لك فما ضر لو تكون سنمار مرة أخرى.. ثق دائما أن ثمّة هناك بارقة أمل، تومض في البعيد، وعليك أن تحيا بها ولها ومن أجلها، تعلّم أن تنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس،            وأن تنظر إلى البياض المحيط بالنقطة الصغيرة السوداء.. تعلم أن تغني مع درويش الخالد "على هذه الأرض      ما يستحق الحياة" ومع            الشاعر التونسي أولاد أحمد "لو شردونا.. لو هجرونا سنعود غزاة لهذا الوطن".  أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)