الجزائر

هوامش تلمسان.. سؤال الثقافة الإسلامية -2-


هوامش              تلمسان.. سؤال الثقافة الإسلامية -2-
في مقاله الأسبوعي المنشور منذ أسبوعين بجريدة "ليبرتي"، تحت عنوان "ثقافة إسلامية، أم ثقافات إسلامية" في زاويته "أنفاس"، يذهب الدكتور أمين الزاوي إلى أن تسمية تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية تنطوي على نوع من المغالطة، ذلك أن الثقافة الإسلامية ليست واحدة موحدة لدى جميع المسلمين  فهي تختلف من بلد إلى آخر، لاسيما تلك الأمم التي لا تنتمي إلى حظيرة الدول العربية كإيران وتركيا وأفغانستان، بما ينطوي عليه هذا التعدد من تمايزات تجعل الاتفاق على مفهوم موحد للثقافة الإسلامية أمرا صعب المنال.هذا التنوع في الثقافة الإسلامية يمكن أن يشكل عامل إغناء لها، كما يمكن أن يفهم على أنه اختلافات جوهرية لثقافة يفترض أن تكون موحدة في المظهر والجوهر..تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية تأتي في سياقات إقليمية وعالمية حسّاسة تطبعها "الإسلاموفوبيا" بكل ما تحمله من توجس من كل ما يحمل دمغة الإسلام، وفي وقت يزداد فيه التخوف من صعود الإسلام ومدّه، كما يزداد الجدل حوله. ذلك أن ساركوزي قد  قرر فتح نقاش حول الإسلام في فرنسا العام المقبل من أجل محاولة وضع الظاهرة الإسلامية في إطارها المراد لها لكي لا تكون تهديدا لقيم الجمهورية المبنية على فكرة اللائكية..وبالعودة إلى تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، يفترض أن تدشن لنقاشات حول المسائل المتعلقة بالفهم الجديد للثقافة الإسلامية، تقدم أطروحات  وتفكيرات جديدة مستمدة من النظرة الجديدة للإسلام، في ظل السياقات والأحداث المستجدة والتي أدت إلى اختزاله في الحركات الأصولية، وربطه عضويا بالعنف الدموي والتطرف، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر. وهو ما يضع هذه التظاهرة، على الأقل في جزء منها، أمام مسؤولية تصحيح هذه النظرة المغلوطة التي أصبحت كليشي لصيقا بكل ما يتصل بالإسلام سواء كان ثقافة أوإبداعا أو فنا. فلم يعد الغرب يعترف إلا بالكتابات والأفكار التي يسيء فيها أبناء الإسلام إلى دينهم وهويتهم، وعلى كل من يريد افتكاك اعتراف الغرب وكسب ودّه أن يثبت ولاءه له من خلال مهاجمته للإسلام  ضمنا أو صراحة.. وبنفس الوقت لا يمكن اختزال نظرتنا  للإسلام في جانبه الصوفي الطرقي التي يبدو أنها ستكون رهانا مهما لهذه التظاهرة، التي تسعى إلى تسويق صورة مختلفة عن الإسلام السياسي. هي صورة إسلام الروحانيات والسلام والتأمل، بشكل يبتعد عن حقيقة الظاهرة الصوفية كلما اقترب من الفرجة والفلكلور والغرائيبة والروحانيات المفتعلة..لقد صار الاهتمام بالتصوف والصوفية منذ سنوات موضة ومجالا متاحا لكل من هب ودبّ من الوصوليين والطفيليين الذين أدركوا أن لا مكان لهم إلا في جمهورية الزوايا التي جعلت من هذه المؤسسات حصونا وقلاعا لمحاربة الإسلام السياسي والتطرف الديني، ما أدى إلى ظهور التصوف السياسي الذي انخرط في مهمات جديدة هي الدفاع عن النظام القائم وتبرير مشاريعه وخياراته، ما جعل التصوف والزوايا  تحيد عن منطلقاتها الأولى ومبادئها الجوهرية لتتحول إلى سلاح في يد السلطة القائمة. إن ظاهرة التصوف على أهميتها لا تمثل إلا وجها من الوجوه المتعددة لفهم حقيقة الإسلام ككل، ولا يجب أن تغطي على كثير من القضايا الراهنة التي تنتظر من يتصدى لها بالدرس والتحليل ومهما يكن اعتزازنا بماضينا وإرثنا وتراثنا وآثارنا الدالة على عمق هويتنا وتجذر انتمائنا الحضاري، فإن ذلك لا يعفينا من مسؤولية مواجهة مشكلاتنا الجديدة بكل جرأة، والتطلع إلى المستقبل بكل ثقة وأمل بشكل يؤكد للآخر أن الإسلام هو دين الحياة لا الفناء، ودين الحاضر الغد المقبل لا الأمس الغابر.. أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)