الجزائر

هو أوّل أستاذ عربي يدرس بجامع الأزهر



زاوية سيدي بهلول تستحضر مآثر العلامة الشرفاوي الزواوي الازهري
احتضنت مؤخرا زاوية سيدي بهلول نشّرفة التابعة لمدينة أعزازقة بولاية تيزي وزو، أشغال الملتقى الوطني حول “العلامة الشيخ أرزقي الشرفاوي الزواوي الأزهري” تحت شعار؛ “يمضي الرجال ويبقى النهج والأثر”، التظاهرة التي دامت يومين متتاليين نظّمت تحت رعاية وزارة الشؤون الدينية وعرفت مشاركة أساتذة ورجال دين من ولايات المسيلة، قسنطينة، بجاية، العاصمة وتيزي وزو.
افتتحت أشغال الملتقى في يومه الأوّل، بتدشين منزل الشيخ أرزقي الشرفاوي الذي خضع لأشغال إعادة الترميم بمبلغ مالي قدره 41 مليون سنتيم، وذلك تحت إشراف ممثل عن وزارة الشؤون الدينية، مدير الشؤون الدينية والأوقاف للولاية، السلطات المحلية وأفراد عائلة العلامة، إلى جانب حضور كبير لمشايخ ورجال دين وسكان قرية شرفة، كما تمّ وضع إكليل من الزهور على قبره الواقع بالقرب من زاوية سيدي بهلول.
وتطرّق المشاركون في أشغال هذا الملتقى إلى حياة ومسيرة هذه الشخصية الدينية والثورية التي قدّمت الكثير لأبناء الجزائر من علم الفقه والتربية وكذا توعية وتحسيس بأهمية النضال والكفاح من أجل إخراج فرنسا من أرضنا، حيث تمّ تناول محاور منها؛ البيئة الاجتماعية، السياسية والثقافية في عهد الشيخ أزرقي الشرفاوي وكذا جوانب من حياة الشيخ وشخصيته التي قدّمها الأستاذ محمد الصالح الصديق، تلميذ العلامة وصاحب 106 كتب، وأوّل من كتب عن الشيخ أرزقي الشرفاوي، كما أنّه صهره.
كما تناول المحاضرون نشاط الشيخ في صفوف الحركة الوطنية، حيث كان عنصرا فعّالا ونشيطا، إلى جانب كونه رجل دين كان يجمع طلبته ويحثّهم على مواجهة الاستعمار، المقاومة والصمود في وجه العدو وعدم الاستسلام إلى غاية إخراجه من أرض الوطن، كما أنّه استدعى السيد حسين آيت أحمد ليتحاور معه حول كيفية مواجهة الاستعمار، وكان ذلك عام 1943، حيث كانت بداية الحياة السياسية لآيت احمد مع هذا الشيخ.
وساهم العلامة أرزقي الشرفاوي ليس فقط بالكلام واللسان وإنّما بالقلم أيضا، حيث كتب عدّة مؤلّفات وكتب دينية، علمية وثقافية ومقالات صحفية نشرت بجرائد وطنية ومصرية، ولقد كان محطّ أنظار القوات الفرنسية التي كانت تراقب نشاطه وتحرّكاته، وكانت تستدعيه لأكثر من مرة إلى مركز الشرطة للتحقيق معه فيما يتعلّق بنشاطه بالزاوية، ولقد حكم عليه بمدينة اعزازقة وتيزي وزو ودفع غرامة مالية.
وذكّر المتدخّلون في أشغال الملتقى المخصّص للحديث عن شخصية العلامة أرزقي الشرفاوي بجهود هذا الرجل، رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها، غير أنّه تحصل على شهادة عالمية، أي ما يعادل شهادة الدكتوراه الآن، حيث رحل إلى مصر عام 1907 أين تحصّل على مجموعة شهادات، وأعلاها الشهادة العليا التي تحصّل عليها من جامع الأزهر.
فضلا عن كونه أوّل عربي - من غير المصريين- قام بالتدريس بجامع الأزهر، حيث كان آنذاك القانون أو النصّ يمنع منعا باتا على الأجانب التدريس بالجامع، غير أنّ الشيخ كان حالة استثنائية، نظرا لنبوغه وذكائه ومستواه العلمي، تمّ قبول تدريسه كونهم يدركون أنّ المصرين سيستفيدون منه، وسمح له بذلك من عام 1921 إلى غاية 1933، حيث عاد إلى أرض الوطن والتقى بابن باديس والطيب العقبي، ولقد أرسل طلبته -برواية سيدي عبد الرحمان الايلولي المدعو طيب بوعمار- لإخباره بأنّ طلبته ينتظرونه لتزويدهم بالمعارف التي تلقاها بالأزهر، فلبى الشيخ الدعوة كونه يدرك الجهل الذي يخيّم على المناطق الريفية والظلم والحاجة الماسة له، وظلّ بهذه الزاوية إلى أن توفي في 27 ديسمبر 1944، بعدما أصيب بحمى واستدعى أخاه بعزيز طبيبا فرنسيا فحصه وحقنه، ودقائق فقط بعد ذلك، تغيّرت حالة الشيخ وأصبح يتقيأ دما.
وحسب رئيس اللجنة الدينية لقرية شرفة السيد لعربي محند السعيد، تقرّر تنظيم هذا الملتقى في نوفمبر الماضي، حيث اجتمعت اللجان الفرعية بما فيها الاتصال، التوثيق، الثقافة وغيرها للتحضير للتظاهرة، وقال السيد بويزري في هذا الشأن؛ إنّ الهدف من تنظيم هذا الملتقى هو إظهار اهتمام الأمة بأعلامها، وكذا ضرورة دراسة ميراث العلماء ونشره، علما أنّهم تركوا علما وفضائل يجب الحفاظ عليها، كما أنّه من واجبنا الاهتمام بالمرجعية الدينية في بلادنا وإبراز الرموز العلمية والدينية وغيرها للجيل الصاعد بغية زرع الثقة والأمل.
وحسب الشهادة التي قدّمها رفيق درب العلامة وعضو بالكشافة الإسلامية المدعو رامي أعمر، فإنّ الشيخ قازو أرزقي المدعو أرزقي الشرفاوي - نسبة إلى قريته - مفكّر معروف اعتبره مثل بن باديس، هو من أسس الكشافة الإسلامية بمدينة اعزازقة سنة 1943، وكانت تضمّ آنذاك 50 عنصرا، ولقد سقط منهم 18 شهيدا إبان حرب التحرير، تنقّل إلى الأزهر للتزويد بالمعرفة والعلم، وأصبح مدرّسا هناك، أوقف عدّة مرات من طرف الاستعمار الفرنسي بسبب وطنيته وتوعيته لشعبه بضرورة الكفاح والحرية، وكان يحب فعل الخير وإعانة الفقراء والمعوزين ويحترم الجميع، كما أنّه كان يقدّم دروسا تطوّعية مجانا بزاوية سيدي بلوى وسيد عبد الرحمان الايلولي، وأضاف السيد رامي بأنّ رحيل أرزقي الشرفاوي كان صدمة للكلّ، فلقد فقدت الجزائر رجل ثورة، عليما ومفكّرا، حيث ألّف عدّة كتب منها؛ “الخلاصة والمختارة في فضلاء الزواواة” و«الرسالة الفقهية في الأعمال الجيبية” وغيرهما.
تجدر الإشارة إلى أنّ الملتقى ليس المبادرة الأولى التي تقوم بها القرية لتتذكّر أحد أعلام الجزائر، حيث بادرت سنة 2006 بلدية أعزازقة بالتنسيق مع مديرية الشؤون الدينية إلى تنظيم المبادرة الأولى.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)