الجزائر

همس الكلام



همس الكلام
الرواية الجزائرية أو العربية بشكل عام بات لها قامات كبيرة تميزها رغم أنّها فن مستورد يضاف إلى التقصير والتهميش الحاصل لها فيما يخص قلة التقييم والدراسة والإشهار. وكل هذا يعود إلى قلة النقد وغياب مشروع نقدي عربيا على مستوى النظرية والتطبيق معا،باعتبارها أنّه لا تزال الرواية مجرد مشروع يتخبط بين عدة مدارس غربية أو ما يعرف بالمدارس المستوردة، أو من جهة أخرى بقي متقوقعا في شخصانية التناول الذي لا تحكمه الجدية من حيث جودة النص وإنمّا يخضع لمعايير العلاقات الشخصية.وللرواية العربية قامات لكن النقد تخلّف عن إعطائها حقها من التقييم والدراسة والإشهار. وأكيد أن الرواية الجزائرية انسحب عليها ما انسحب عليها من ضريبة هذا التقصير و في اعتقادي أن السبيل للخروج من هذه الإشكالية والأزمة التي تعيق تطور الأدب بمختلف ألوانه هو ضرورة تكثيف الجهود لبناء مشروع نقدي عربي، على مستوى التنظير بهدف التأسيس بشكل حقيقي لمشروع نقدي يستطيع معالجة الإبداع الخاص بالهوية والثقافة والخصوصية العربية.وكثيرا ما يحتاج الكاتب إلى دافع ومحفز يثير فيه الفضول وملكة الإبداع من أجل أن يصوغ عملا فنيا؛ فقد كانت الثورة الجزائرية بؤرة صراع وإبداع، حيث جعلت الكاتب يتفاعل والواقع، لينسج ببعض ذلك أدبا ثوري الصفة، وواقعي المحل، وفني الصياغة. لقد كانت الثورة الجزائرية ملهمة الشعراء والمبدعين في مختلف الفنون، وبشتى الألوان حتى أن الأدب الذي أنتج في هذه المرحلة سمي باسمها وكذا الشعراء والأدباء؛ فهذا أدب الثورة، وذاك شاعر الثورة...، فكان أدب هذه المرحلة وعاء تصب فيه مشاهد، ووقائع هذه الفترة.وشكّل الوطن بالنسبة للأديب الجزائري محورا رئيسا يستقطب وحدة الشعور والقلم، فأضحى الوطن بذلك بؤرة الاهتمام؛ فانطلق الأدباء يعانقون معطيات الحياة الجديدة، ويصورون قضايا الواقع ويعبرون عن تطلعات المجتمع، فكان العالم الذي يستولي على اهتماماتهم ويغلب على نتاجهم، إنما هو عالم الوطن، وعالم الأمة، وكل ما يتصل بهما ويتفرع عنهما من قيم ومقومات وقضايا واهتمامات، وكان صوت غيره في نفوسهم مما جعلهم يسخرون أعمالهم للنهوض بالواقع والتعبير عن قضاياه.والكاتب الجزائري كان ملتزما بقضية الوطن،ولم يحاول أن يخلق أدبا من أجل التنافس أو من أجل العمل الفني،أو التلويح بالموهبة والمُكنة الأدبية،بقدر ما كان أدبا من أجل الوطن،إذ كانت الثورة هي محل اهتمامه فكانت هي المنهل الذي ينهل منه الروائي والقاص والشاعر موضوعات أعمالهم وشخصياتهم الورقية، ولقد شكّلت الثورة نقطة تحول أساسية في مسار التجربة الروائية الجزائرية حيث أصبح الحديث عن الثورة والنهل منها اعتبارا ضروريا في الكتابة الروائية،سواء بسرد بطولاتها أم بتشكيلها، وحتى إن شكلت توجهات تنتقد منطقها ونتائجها وتطعن في إنجازات بعض القائمين بها،فإنها تجسد تصور البطل النموذجي وصناعة الوعي على الرغم من أن التعامل مع الثورة وُصِفَ بالسطحية أحيانا والمثالية والاحتفالية التي لم تتجاوز حدود الانعكاس.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)