الجزائر

هل كان تتويج صوفيا كوبولا "مغشوشا"؟



هل كان تتويج صوفيا كوبولا
ظل اسم المخرجة الأمريكية صوفيا كوبولا منذ اليوم لمهرجان "كان" الأكثر ترددا على لسان الجميع، فقد انتظر الجميع فيلمها "المغشوش" المشارك في المسابقة الرسمية، من بطولة نيكول كيدمان والنجم الأيرلندي كولين فاريل، وكان الترقب وسط اعتقاد سائد بأنها الأوفر حظا بين مخرجي التسعة عشرة فيلما المتنافسة على السعفة الذهبية، فقد كانت الأجواء تؤشر إلى أن المرأة هي التي ستخطف سعفة الدورة 70 بلا منازع، وقد زادت البرمجة من حماس الصحافة الذين انتظروا فيلم صوفيا بفارغ الصبر، فقد تفطن القائمون لأهمية الفيلم، ولم تتم برمجة عرضه ضمن الأفلام الأولى، وتُرك إلى المربع الأخير من العروض من أجل مزيد من الإثارة والحماس.بعد 13 عرضا من العروض السينمائية والتنافس في مهرجان كان، خرجت تنهيدة واحدة من حناجر عشرات الصحافيين الذين كانوا يتابعون حفل الاختتام في قاعة الصحافة، تلك التنهيدة حملت ملامح عدم الرضا بفوز صوفيا كوبولا بجائزة أحسن إخراج، فمعظم من شاهد الفيلم خرج بقناعة واحدة: إنه عمل عادي جدا، والإخراج أبسط من العادي! وصوفيا لم تكن تستحق جائزة الإخراج رغم ما تتمتع به من صيت في حقل السينما العالمية، فما حكاية هذا الفيلم الذي استحقت عليه ابنة المخرج الكبير فرانسيس فورد كوبولا جائزة أحسن إخراج عن هذا الفيلم الذي لم تستغرق مخرجته كثيرا من الوقت من أجل تصويره، فقد أنهت العمل في أقل من شهرين ليكون جاهزا منتصف شهر ديسمبر الماضي.لا يقدم الفيلم قصة معقدة ولا حبكة عميقة، ربما هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل الكثيرين يشكلون وجهة نظر واحدة ضد الفيلم، رغم أنه عمل مقتبس من رواية شهيرة للكاتب توماس بي كولينان، فالعمل كان عاديا لمخرجة بارزة، قررت بعد إخراجها ل6 أفلام توصف بالناجحة أن تقتطع ميزانية متواضعة لإنجاز فيلمها السابع "المغشوش" الذي عرف الطريق سريعا إلى مسابقة "كان"، عبر حكاية المدرِّسة مارثا، جسدت دورها نيكول كيدمان، تعيش رفقة مجموعة من الفتيات يقعن في عشق الجندي جون، يجسد دوره الممثل الأيرلندي كولين فاريل، هذا الجندي الذي لجأ إلى بيت المدرسة مصابا في ساقه إثر معركة في الحرب الأهلية، تحول في النهاية إلى وحش يريد الجميع التخلص منه.كانت الصورة والألوان الأكثر تميزا في الفيلم، وهو يغوص عميقا في الماضي، فرغم ما يقال عن الفيلم إلا أن الصورة التي قدمتها كوبولا كانت جميلة جدا، وهي تتفنن في مغازلة ألوان القرن 18، يبدو الفيلم بسيطا لكنه دقيق في التفاصيل، ويقطع لنا تذكرة حقيقية للمرور إلى زمن قديم كانت فيه طبول الحرب تدق في أوروبا، غير أن كوبولا لم تلتفت إلى ذلك الألم وركزت في تفاصيل الطبيعة وملامح الأشجار والشمس، لتعطي صورا حية لحكاية الجندي والمدرسة والتلاميذ، وتنتهي بالفيلم إلى نهاية مفتوحة تفجر داخل المتلقي الكثير من الأسئلة.يذكرنا عنوان الفيلم "المغشوش" بأحد الأفلام البارزة في مسار النجم كلينديستود الذي أخرجه فيليب دافيد عام 1971، إذ تتقاطع الحكايتان مع بعض، ولكن الأداء مختلف تماما بين الممثلة جيرالدين بيج في الفيلم القديم ونيكول كيدمان في فيلم صوفيا كابولا، فقد كانت نيكول أكثر حدة في أدائها، بملامح شاحبة، ما جعل الفيلم أكثر برودة.عمليا تنافست صوفيا كوبولا مع المخرجة اليابانية نعومي كواسي بفيلمها "هيكاري" وليس مع 19 فيلما في المسابقة، فلم تكن الدورة 70 لتسدل الستار دون تتويج المرأة المخرجة، وذلك في ظل ارتفاع الأصوات المنادية بدعم المرأة في مهرجان كان، ولم يكن باستطاعة المخرج الإسباني بيدور ألمودوفار الذي ترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية أن ينتصر في كل الجوائز للرجال فقط، لهذا تم استحداث جائزة خاصة مُنحت للممثلة نيكول كيدمان، وعادت جائزة الإخراج لصوفيا كوبولا رغم أنف المعترضين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)