هو سؤال روحانيّ فلسفيّ مجتمعيّ اجتماعيّ نفسيّ فكريّ، سؤال عميق عُمق أزمتنا، عميق عمق عراقة الأندلس و الشّام وبيروت و القاهرة و بغداد و مراكش و القيروان و نواكشوط و الجزائر وكلّ ذلك الجمال و الإبداع و الاخضرار و التّطوّر الرّائع الضّائع..
هو سؤال قد يتبادر لذهن أي شخص يعيش حاليا في المجتمع العربي أو يزوره و يرى حالة المحيط و الفرد و المجتمع العربي وما آلت إليه الأوضاع من تردّي و تقهقر حضاري وفي مختلف المجالات، تلك الحالة الّتي تنمّ عن وجود خلل ما، تلك الحالة الّتي تنمّ عن تناقضات كثيرة ..
إنّنا إن بذلنا جهدا و بحثنا في الموضوع فسنجد أنّ الأمر له علاقة بالأخلاق و التّربية و التّعليم و الأسرة و الحالة المعيشية و الاجتماعية والاقتصادية والسّياسية العامّة للفرد و المجتمع ككلّ، و سنجد أنّنا كلّ ما تساهلنا و تهاونّنا و تخاذلنا فإن الأمر سيزيد و سيتعمّق و سيستفحل بشكل أكبر و أبعد و أعمق ممّا هو عليه..
ليس هذا فقط بل الأمر يخضع لعدّة توازنات و مؤثرات و مصالح و تدخّلات أقاليم و دول و إمبراطوريات حُكم و مال و أعمال..
الأمر له علاقة مباشرة و غير مباشرة بصراع الحضارات..
يمكن أن يكون ذلك حقيقة - مشكلة العربيّ مع التّحضّر- لكن ليس لكلّ تلك الدّرجة، ليس لدرجة أن يصبح الفرد المواطن العربيّ البسيط هو المتسبّب و المتّهم الوحيد و الأوحد، ليس لدرجة أن نعطي الحقّ لأنفسنا بجلد و اتّهام الفرد المواطن العربيّ البسيط و جعله مشجبا نعلّق عليه جميع المشاكل، و ليس لدرجة أن نجعله الدّوحة و الشّجرة الّتي تغشى و تغطّي الغابة..
بل الأمر تتمّ تغذيته، ويتمّ استغلاله بطريقة ما و لأهداف ما، نعم الحقيقة أنّه إذا ما بحثنا و تمعّنا في الأمر و تتبّعنا الأحداث فسنجد أنّه يتمّ تضخيم و تعميق الأمر أكثر ممّا هو عليه، و ذلك لاستغلاله و الاتّجار به لصالح الانتهازيين و عبيد المال و الأعمال و الثروات و السّلطة و الإقطاعية و البورجوازية و العولمة و التّطبيع..
كما كلّ الكائنات الحيّة و الجمادات، فقد خلقنا الله على سنّة الاختلاف و التنوّع، و في كلّ مجتمع هناك فئات و أنواع و مستويات و طوائف من النّاس، و لكي يتّم تسيير هذا التنوّع والتحكّم فيه و استغلاله و الاستفادة منه وتجنّب سلبياته و تبعاته لابدّ من سنّ قوانين و شرائع تخضع للدّين و العقل و الأغلبية و المصلحة العامة - كما أمرنا الله تعالى بالتزام شريعة الإسلام- ..
ففي بلداننا المتخلّفة :
* يتمّ التلاعب بكل ذلك..
* يتمّ القفز على القوانين و الشّرائع..
* تتمّ تصفية و إضعاف شريعة الإسلام و شرائعه و أصوله و جمالياته..
* يتمّ اللّعب على وتر الطائفية و الفئوية..
* يتمّ تجنيب و تحييد المجتمع و الدّول عن الوحدة و التوحّد..
* يتمّ احتكار الثروات..
* يتمّ تهجير و محاصرة العلماء و الموهوبين و الصّالحين و المصلحين -المخلصين- ..
* يتمّ تهجير وامتصاص الأدمغة و العقول..
و في خضمّ كلّ هذا يجد الفرد نفسه ضعيفا تائها في عمق جماعة غير متناسقة، يجد الفرد نفسه ضائعا مفتقرا لأهمّ الحوافز و هي القيادة الرّشيدة و التّوجيه و التّحفيز، يجد الفرد نفسه ضائعا تائها مفتقرا لأهمّ عنصر و هو الانتماء..
و ذلك ليس عيب و لا جريمة، بحيث أرض الله واسعة، و ذلك ما حدث لسيّدنا محمّد صلّى الله عليه و سلم، إذ خرج من مكّة بعد ما عانى فيها ما عانى و تعرّض منها و فيها لويلات المحاصرة و الاتهام و أشدّ التّحامل و التهجّم و الإيذاء - فقط جحودا و تحجّرا و محافظة على الجاه و العرش و السّلطة و الوجاهة العربية القبَليّة- ، بينما هاجر للمدينة المنوّرة فلاقى و لقيَ هناك من أول وهلة الشّوق و الانتظار و التّغنّي الحبّ و الاستقبال و الدّعم و البَيْعة..
الوطن مع مجموعة من المتواطئين الفاسدين و الهمجيّين و المتعصّبين و الإقطاعيّين البورجوازيين و المتزلّفين و غير المدركين يصبح أكبر من مجرد حدود زائفة و أكبر من مجرّد قطعة أرض هي ملك لله و سيأتي يوم و تَفنى..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/07/2021
مضاف من طرف : tashfin01
صاحب المقال : محمد الأمين زريفي
المصدر : فكر و واقع