وداعا للجمهورية اللائكية التي ما زالت تدعي تعليمنا أسس الديمقراطية والقيم الحضارية، ها هي جمهورية التنوير، تسير ببطء على طريق الظلام، وهي التي تدعي الحرب على الإرهاب والراديكالية.المجلس الوطني الفرنسي نظر أمس، بتمثيل مغارة الميلاد في المدارس الفرنسية اللائكية، في خطوة أثارت جدلا وسط المجتمع الفرنسي، والمصيبة أن اتخاذ هذا القرار جاء في زمن حكم الاشتراكيين المحسوبين على اليسار.ومن المنتظر أن يفصل المجلس الوطني في هذا القرار الأسابيع المقبلة، رغم معارضة فيدرالية المفكرين الأحرار التي ترفض أن يكون هناك أي تمثيل ديني في المباني العمومية.من جهة أخرى ظهرت شخصيات سياسية، من بينها آلان جوبيه وساركوزي، من أيام ترتدي القلنسوة (الكيبا) اليهودية في معبد يهودي.أليست هذه راديكالية وسلفية دينية يراد من ورائها مواجهة التطرف الإسلامي، أي مواجهة التطرف بتطرف آخر.وكانت فرنسا الصائفة الماضية تراجعت عن قرار منع "البوركيني" في الشواطئ خوفا من موجة احتجاجات الإسلاميين هناك، وما زالت قضية منع الجلباب تثير جدلا في الأوساط السياسية الفرنسية، كثيرا ما يستغلها الرجل المثير للجدل رشيد نكاز، الذي يخرج في كل مرة يساند المتجلببات ويدفع محلهن الغرامة، في استعراض سياسي يحاول من ورائه كسب الإسلاميين.ماذا بقي من فرنسا، قيم التنوير التي قامت عليها الثورة الفرنسية، الثورة التي حادت عن طريقها وجعلت من فرنسا دولة استعمارية ظالمة، أبادت شعوبا بكاملها ودمرت ثقافات وثروات واستباحت حقوق الشعوب وخيراتها؟فرنسا التي تدعم داعش في سوريا تحت مسمى القبعات البيض، وتنتقد التدخل الروسي في سوريا باسم حقوق الإنسان والديمقراطية، وترفع صوتها بالصراخ وإدانة الإرهاب عندما يستهدف نيس وباريس، لم تعد تعرف الشرق من الغرب، وقد أضاعت البوصلة بسبب تناقضات الخطاب والمواقف اتجاه القضايا الراهنة.قد يستعصي علينا فهم السياسة الخارجية الفرنسية وسقطاتها، بينما يمكن فهمها من خلال ما جاء في كتاب صدر من يومين في باريس يفضح العلاقة بين العديد من الشخصيات السياسية وإمارة قطر، ومنهم الرئيس هولاند وقبله ساركوزي، تحت عنوان "أمراؤنا الأعزاء". وكان للزميل "نيكولا بو" و"جان ماري بورجيه" تحت عنوان:"Le vilain petit qatar: Cet ami qui vous veut du mal"وهما الكتابان اللذان كشفا بالتفصيل كيف يحج السياسيين الفرنسيين إلى إمارة الغاز، مرورا بسفارتها في باريس، وكيف ينسجون المديح ويدافعون على مصالحها، ولما لا يحركون حلفا مثل الناتو تلبية لرغباتها ومخططاتها، مثلما فعل ساركوزي مع ليبيا.فالإسلاميون معتدلون عندما ترضى عنهم قطر، ويجندون للإطاحة بالأسد، وإرهابيون عندما يستهدفون المصالح الفرنسية، وثوار وأصحاب حق عندما يستهدفون الجمهورية الجزائرية ويسعون لضرب الدولة الوطنية.هذه فرنسا الغارقة في الفوضى والمتناقضات اللاهثة وراء المصالح، ما زالت تحاول استغباءنا وتسوق لنا قيما لم تعد، بل لم تكن يوما تؤمن بها!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 24/10/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : الفجر
المصدر : www.al-fadjr.com