الجزائر

هكذا يواجه أصحاب المهن الشاقة فصل الصيف



- مهن شاقة يرفع أصحابها التحدي في فصل الصيف
- ورشات البناء لا تتوقف وبناؤون يعملون تحت حرارة 40 درجة
- فلاحون لا يكترثون بالحرارة في موسم الحصاد
- وفاة عامل ورشة متأثرا بضربة شمس بباتنة
رفع عدد من ممارسي المهن الشاقة التحدي من خلال مزاولة نشاطهم خلال فصل الحرارة الشديدة، التي تعرف ارتفاع درجات متفاوتة أين يخاطرون بحياتهم وبصحتهم في سبيل توفير لقمة الخبز وتجنب تعطيل المصالح العامة للمواطنين الآخرين على حساب سلامتهم وصحتهم.
من أهم الأعمال الشاقة التي لا تتوقف على مدار فصول السنة، هي مهنة البناء وعمل الورشات والتهيئة العمرانية، حيث يزاول البناؤون أشغالهم منذ بداية النهار إلى ساعات متأخرة منه، تحت أشعة الشمس التي تتجاور الأربعين درجة في أغلب أيام فصل الصيف الحار، حيث يرفض ممتهنو هذه المهنة المتعبة الركون للراحة بالنظر إلى الطلب الكبير على أشغال البناء عبر مختلف الورشات التي تبني سكنات وعمارات جماعية، أو تلك الورشات الصغيرة التي تقوم بتشييد مساكن وفيلات لخواص، حيث تشهد ورشات البناء حركة عادية كتلك التي تكون في الفصول معتدلة الأجواء كالخريف والربيع، إذ لا يستثنى عمال البناء من مواجهة الحرارة والمكوث تحتها طوال ساعات وفترات عملهم، ويفضّل البناؤون وأعوانهم بداية العمل مبكرا ابتداء من الساعة السادسة صباحا عادة، من أجل الإنتهاء مبكرا في حدود الواحدة أو الثانية زوالا، وهي الساعة التي تصل فيها درجات الحرارة إلى ذروتها وتبلغ أوجها، ويواجه البناؤون ومساعدوهم أوقاتا عصيبة طيلة فترات عملهم التي تتطلب منهم البقاء تحت أشعة الشمس، بحيث تتطلب مجمل الأعمال البقاء لساعات طوال تحت أشعة الشمس الحارقة، باعتبار أن بعض الأعمال تكون خارجية على غرار بناء الأسوار والأعمدة وتلبيس الجدران وطلائها وغيرها من التفاصيل التي تستوجب تعرض العمال لأشعة الشمس والبقاء تحتها، وهو ما يزيد من متاعب هذه الفئة، التي تعاني الأمرين طيلة فصل الصيف، ولأن بعض الأعمال والأشغال المتعلقة بالبناء لا تحتمل التأجيل أو التأخير، فإن العمال يكدون ويجدون في عملهم ويضاعفون في المجهودات ما يزيد من إرهاقهم وتعبهم وإصابتهم بالانهيار، وبين هذا وذاك، فإن الكثير منهم لا يتخلف عن أداء أعماله ومهامه لنجدهم يتصببون عرقا وآثار الإرهاق والتعب بادية على محياهم، غير أن ذلك لا يوقفهم عن عملهم بسبب ارتباطاتهم والتزاماتهم المحفوفة بالمخاطر والمشاق والتي تتجلى في أداء عملهم على أكمل وجه حتى لو كلفهم ذلك سلامتهم، ويستعين عمال الورشات كغيرهم من العمال بالمستلزمات التي تساعدهم على مجابهة الحرارة، على غرار الماء الذي لا يفارقونه باستعمالهم إياه في الاغتسال والشرب، كما نجدهم يتسلحون بالقبعات لمنع أشعة الشمس من التسلل إلى رؤوسهم وإصابتهم بالصداع الشديد والانهيار، ويصاب عادة عمال الورشات بالانهيار والإرهاق الشديدين، جراء تعرضهم المطول لأشعة الشمس بحيث طالما يصابون بالإعياء الشديد دائما ونجدهم أيضا دائمو تناول أقراص الصداع لإزالة آثار الصداع الناجم عن الحرارة، حيث يعاني عمال الورشات معاناة حقيقية لعل أبرزها الإرهاق الشديد مع انتهاء ساعات العمل لنجدهم يتوجهون إلى منازلهم مباشرة للحصول على قسط من الراحة التي لا تخلو من تناولهم للفيتامينات والأقراص الخاصة بالصداع للقضاء على مظاهر التعب والمشقة التي واجهتهم طوال اليوم.
فلاحون لا يكترثون بالحرارة في موسم الحصاد
تتزامن بعض أشغال الفلاحة الموسمية، وجني المحاصيل مع فصل الحرارة الشديدة، ومع انطلاق موسم الحصاد في قطاع الفلاحة، وهو الأمر الذي أدخل عددا من الفلاحين في نشاط دؤوب من أجل جمع المحصول الذي زرعوه خلال الأشهر الفارطة، والخاص بمحصول القمح بنوعيه الصلب واللين وكذا الشعير، حيث انطلقت عمليات الحصاد عبر عدد من ولايات الوطن خلال الأيام الفارطة في عز أيام الحر، إلا أن هذه العوامل لم تعرقل الفلاح الذي تحدّى ظروف الطبيعة وخرج إلى الحقل تحت أشعة شمس حارقة، وكله عزم ومثابرة من أجل الحصول على قوت عائلته من جهة، ومن جهة أخرى، المساهمة في ضمان الاكتفاء الذاتي للمواطن وعدم عرقلة مصالح الوطن والمواطن، وفي ظروف أقل ما توصف بها أنها قاسية ومضنية، يقضي الفلاحون ساعات النهار الطويلة تحت أشعة الشمس التي تفوق الأربعين فما فوق في بعض الأحيان، لأجل القيام بالأشغال المتعلقة بأعمال الفلاحة على غرار جني المحاصيل من خضر وفواكه، ولأن الخضر والفواكه التي تجهز لا تنتظر تأخير جنيها، فإن الفلاحين تنتظرهم يوميا أعمالا شاقة ومهاما كثيرة لتوفير المحاصيل وإمداد المخازن بالتموين وضمان الوفرة للمواطن، حيث لا يتوانى الفلاح عن أداء مهامه منذ أولى ساعات الصباح، أين يتوجهون إلى حقولهم لتنتظرهم هناك مشقة العمل ومتاعبه وشمس حارقة فوق رؤوسهم تتوعدهم بالصداع والانهيار وضربات الشمس، وبالرغم من أن الفلاحين يضعون قبعات على رؤوسهم لتقيهم من أشعة الشمس، غير أن الأمر لا يفلح في الكثير من الأحيان، بسبب الارتفاع المتفاوت لدرجات الحرارة، إذ يقوم الفلاح بأداء عمله تارة، وأخذ قسط من الراحة تارة أخرى، للتمكن من استرجاع الطاقة واستئناف العمل مجددا، كما يتسلحون بالأكل والمياه لإمداد أجسامهم بالطاقة والقوة التي تكفيهم لمجابهة مشقة العمل وأدائه في ظروف حسنة.
عمال المخابز يتحدّون حرارة الصيف لتوفير الخبز للمواطنين
يعتبر عمال المخابز من بين العمال الذين يقدمون تضحيات كبيرة خلال فصل الصيف الحار، وذلك بالنظر إلى أجواء الحرارة التي تميز الفصل، تضاف إليها الكميات الكبيرة التي يحضّرونها من الخبز لتلبية طلبات المواطن وتجنب الوقوع في الندرة، ويبدأ عمال المخابز في تحضير الخبز في أول ساعات الفجر، أي قبل أن تشتد درجات الحرارة وتزيد أكثر، حيث يتم عجن الخبز بكل أنواعه قبل وضعه في الأفران التي ترفع من درجة حرارة المكان إلى أكثر من 50 درجة مئوية، ورغم هذه الظروف الصعبة والشاقة، إلا أن الخبازين يقومون بعملهم على أحسن وجه ودون تقصير أو تكاسل، مما يجعلهم يستحقون الثناء لما يقدموه من مجهودات على حساب صحتهم وسلامتهم، وبين هذا وذاك، فإن أصحاب المخابز يواجهون ظروفا صعبة خلال فصل الصيف، بحيث تدفع الظروف المصاحبة لفصل الحرارة بعزوف العمال عن العمل وتركه هربا من مشقته وحرارة الفصل، لتواجه بذلك المخابز عجزا ونقصا عدديا في العمال، غير أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يواصل أصحاب المخابز عطاءهم وإمداد المواطن بمادة الخبز وسط أجواء لا تخلو من المتاعب والمشقة التي تعكسها حرارة فصل الصيف الحارقة، بحيث يضاعف العمال مجهوداتهم، ليؤدي عامل واحد عدة مهام لضمان القضاء على العجز وسد الثغرات التي تتعلق بمادة الخبز.
عمال البلديات.. حديث آخر عن مواجهة مشقة فصل الحرارة
من جهتهم، يقوم عمال البلديات عبر مختلف أنحاء الوطن، خاصة الذين يتكفلون بالعناية بالمساحات الخضراء أو إصلاح الطرق أو حتى النظافة، بالعديد من الأشغال بشكل عادي خلال فصل الصيف الحارق، ورغم ارتفاع درجات الحرارة المتفاوتة، تصادفك على الأقل ولو مرة واحدة في اليوم مجموعة من هؤلاء العمال الذين يضعون صدريات باللونين المعهودين؛ البرتقالي أو الأخضر، وهم يقومون بأشغال السقي أو الترميم والتنظيف عبر الشوارع والطرقات الرئيسية خلال ساعات اليوم، فرغم أجرتهم الضعيفة وما يقابلها من أعمال شاقة، إلا أنهم يجتهدون خلال فصل الصيف لتقديم الأحسن، شأنهم شأن مختلف عمال الورشات بمختلف القطاعات، بحيث أنهم لم يفوتوا أداء مهامهم على أكمل وجه، ولأن ظروف عملهم قاسية وشاقة، نجدهم يستعينون بالمياه المعدنية التي ترافقهم أينما ارتحلوا وأينما حلوا، إذ نجدهم يشربون تارة، ويغتسلون تارة أخرى لإزالة آثار الحرارة، شأنهم في ذلك شأن عمال التزفيت الذين يواجهون مرارة العمل تحت أشعة الشمس الحارقة، بحيث يتطلب عملهم المكوث لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة لوضع مادة الزفت على الطرقات وتسويتها، إذ يتطلب الأمر مجهودا ودقة متناهية لتسوية الزفت وجعله يبدو في مظهر لائق، وإضافة إلى حرارة الأجواء وأشعة الشمس التي تفوق ال40 درجة مئوية، يواجه عمال التزفيت حرارة الآلات والمعدات المستخدمة في التزفيت، على غرار الماكينات الضخمة التي تنفث الحرارة وآلات تذويب مادة الزفت التي تحتوي على درجات حرارة كبيرة لتقضي هذه الفئة أوقاتا عصيبة وهي تقوم بتزفيت الطرقات وبصفة يومية دون انقطاع وبضمير حي من طرف العمال الذين لا يتخلفون عن أداء مهامهم على حساب سلامتهم وصحتهم وطاقتهم التي تستنزف يوميا وهم يجابهون مشقة العمل والحرارة الشديدة في الوقت الذي يقضي فيه عمال آخرون ساعات عملهم بمكاتبهم وبأماكن تتوفر على المكيفات الهوائية وتحت سقف يقيهم درجات الحرارة المتفاوتة.
..وعمال محطات الوقود يؤدون مهامهم بكل مسؤولية
لا تخلو الأعمال من المسؤولية والتحلي بالضمير المهني، وهو ما ينطبق على مهنة العمل في محطات الوقود، حيث يقضي مؤدوها أوقاتهم في توفير الوقود لأصحاب السيارات والمركبات، شأنهم في ذلك شأن المهن الأخرى، فعملهم شاق ومضني باعتباره يجري في الميدان، فبينما يقضي عمال أوقاتهم بالمكاتب مقابل مكيف الهواء، فإن هذه الفئة تقضي ساعات عملها كاملة تحت أشعة الشمس، لنجدهم يقومون بمجهودات جبارة أمام طوابير السيارات التي لا تنتهي بانتهاء اليوم لأجل ملأ خزانات وقودها، وتحت أشعة شمس حارقة تفوق ال40 درجة، يقف عمال محطات البنزين وهم يتصببون عرقا ومظاهر التعب بادية على وجوههم، يثابرون في سبيل توفير الخدمات للمواطنين دون انقطاع، إذ نجدهم واقفون على قدم وساق طيلة ساعات العمل، مقابل توافد مئات أصحاب السيارات الذين لا ينقطعون عن التردد على محطات الوقود لملأ خزانات السيارات، ليكون في استقبالهم العمال الذين يقومن بتأدية واجبهم وإرضاء الزبائن وخدمتهم في كل ما يحتاجون إليه.
عمال المناجم وحقول البترول لا يخرجون عن الاستثناء
الحديث عن المهن الشاقة يحتم التطرق إلى عمال المناجم بمختلف ربوع الوطن وكذا عمال حقول البترول الذين يجوبون مختلف الصحاري والمدن والمناطق، من أجل ضمان الإمداد بمادة البترول أو بمختلف المواد المنجمية التي لا تخلو ممارستها من مظاهر الشقاء والتعب، حيث يصارع هؤلاء كل الظروف الطبيعة الصعبة وظروف الحرارة المرتفعة للقيام بعملهم على أحسن وجه ودون تقصير منهم، فرغم درجات الحرارة التي تتعدى ال50 درجة في حقول البترول الموجودة بعمق الصحراء الجزائرية، إلا أن عزيمة العمال والمؤسسات المنجمية الأخرى قوية ولا تتأثر بأجواء الحرارة بل بالعكس، تزيدهم همة لتقديم جهد أكبر في هذا الفصل الحار لتقديم خدمة للوطن والمواطن، إذ ورغم قساوة الفصل وحرارته المتفاوتة، نجدهم يثابرون لتأدية مهامهم، وبما أن حقول البترول والمناجم تتواجد بأعماق الصحراء الجزائرية، فإن هذا يوحي حتما إلى الحرارة الملتهبة بهذه المناطق الحارة التي تفوق بها درجات الحرارة ال50 درجة مئوية تحت الظل، لنجد هذه الفئة تواجه العوامل الطبيعية القاسية في سبيل استمرار المصلحة العامة للوطن والمواطن بصفة عامة. عمال آخرون في مواجهة ضربات الشمس
يواجه مئات العمال، إن لم يكونوا بالآلاف، حرارة وأشعة الشمس الحارقة، باعتبار أن جل أعمالهم تقام تحت درجات حرارة عالية ومتفاوتة، إذ أن الكثير منهم معرض للإصابة بأعراض ضربات الشمس التي تشمل عدم القدرة على التركيز وارتفاع درجة الحرارة بالجسم وخاصة بمنطقة الرأس والعرق الشديد والشعور بالغثيان والقيء والصداع وصعوبة في الكلام وقلة درجة الوعي والشعور بالهبوط وعدم القدرة على التنفس والالتهابات الجلدية والاحمرار الشديد، إذ طالما كانت هذه الأعراض والميزات مصاحبة للعديد من العمال الذين يعملون خارجا وتحت درجات حرارة شديدة ومتفاوتة على غرار عمال البناء وعمال البلديات وعمال محطات الوقود وغيرهم من العمال الذين يقضون ساعات طوال تحت درجات حرارة عالية.
وفاة عامل بولاية باتنة جراء تعرضه لأشعة الشمس
من جهته، لقي عامل حتفه بسبب تعرضه لأشعة الشمس، يذكر أن هذا الشخص عامل بورشة بناء، إذ قضى ساعات طوال وهو يعمل تحت درجات حرارة متفاوتة التي كانت كافية لإصابته بأعراض ضربة الشمس والانهيار إلى المستشفى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بضربة الشمس.
الحماية المدنية: نتدخل يوميا لإسعاف المصابين بضربات الشمس
وفي خضم هذا الواقع الذي يفرض نفسه على عمال المهن الشاقة الذين يفترض عليهم العمل تحت أشعة الشمس بصفة يومية، أوضح كمال صادق، المكلف بالإعلام على مستوى الحماية المدنية بالعاصمة، بأن الحماية المدنية تتدخل بصفة يومية لإجلاء المصابين بضربات الشمس سواء من عمال أو مواطنين وغالبيتهم العمال الذين يقضون ساعات طوال تحت أشعة الشمس، بحيث يتم إسعافهم ونقلهم نحو المستشفيات ليتم التكفل الشامل بهم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)